19/3/2007
على الرغم من نتائج استطلاعات الرأي في إسرائيل التي تشير إلى أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون التفاوض مع حكومة الوحدة الوطنية، وكان آخرها الاستطلاع الذي نشر في “يديعوت أحرونوت” في 19/3/2007 والذي أشار إلى أن 65% من الإسرائيليين يوافقون على الحديث مع حكومة الوحدة الفلسطينية، إلى أن غالبية الساسة الإسرائيليين يصرون على سياسة مقاطعة الحكومة الفلسطينية الجديدة متذرعين بأنها لم تلب شروط الرباعية المتعلقة بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ونبذ الإرهاب واحترام الاتفاقات الموقعة ما بين منظمة التحرير والحكومات الإسرائيلية.
وفي حين يدعو نائب رئيس الوزراء، وزير الشؤون الاستراتيجية، العنصري أفيغدور ليبرمان إلى المقاطعة التامة للسلطة الفلسطينية، يرى وزير الدفاع الاسرائيلي عمير بيرتس بوجوب عدم مقاطعة الوزراء الذين لا ينتمون لحركة حماس في الحكومة الجديدة، كما يؤيد المباشرة في مفاوضات الوضع النهائي، إلا أن أولمرت وفي حكمه المسبق على هكذا اقتراح، عبر عن خشيته من أن الانخراط في تلك المفاوضات قد يؤدي إلى الفشل كما حدث مع محادثات كامب ديفيد الثانية واستئناف الانتفاضة، ويرى أن “فشل المفاوضات سيجر الطرفين إلى سفك دماء فظيع”.
ورغم التغير في الموقف الدولي إزاء الحكومة وبداية تصدع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني والذي توج بإعلان حكومة النرويج إنهاء الحصار وزيارة نائب وزير خارجيتها لمناطق السلطة ولقائه برئيس الوزراء إسماعيل هنية، إلا أن الساسة الاسرائيليين يصرون على عدم تعديل مواقفهم استجابة للمتغيرات الدولية، وإنتهاز هذه الفرصة التاريخية بخاصة بعد أن منحت الحكومة التفويض الكامل للرئيس لإجراء المفاوضات مع الحكومة الاسرائيلية، لغرض إنهاء الاحتلال ووضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني الذي أوشك على أن ينهي العام الأربعين من الظلم والضياع والتشريد والاحتلال بكل ما تعنيه تلك الكلمة من معاناة ومأساة.
وهذا ما يعكس حجم الخشية والخوف والارتعاب من الانخراط في العملية التفاوضية مع القيادة الفلسطينية، وهذا ما تجسد في لقاءات القمة الأخيرة التي جمعت الرئيس ابو مازن برئيس الوزراء الإسرائيلي التي لم تقدم أي أمل بالمباشرة في تلك المفاوضات. فأعضاء الحكومة الاسرائيلية الراهنة التي تضم وزيرا عنصريا مثل ليبرمان ما زالوا غير مستعدين لإنهاء احتلالهم والاقرار بحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة في حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف. فهم ينظرون في ذلك خطرا استراتيجيا على كيانهم، وإلا فلماذا الإصرار على ضم غور الأردن والقدس والكتل الاستيطانية الكبرى التي لن تبقى “للدولة” الفلسطينية المساحة الكافية من الأرض لتكون قابلة للحياة، كما أنها ستكون مقطعة الأوصال تشكل مجموعة من الجزر في البحر الإسرائيلي.
الحكومة الإسرائيلي مطالبة بالاستماع لصوت غالبية الجمهور الإسرائيلي الذي يؤيد الحوار لإنهاء النزاع والعيش حياة آمنة كريمة إلى جانب الشعب الفلسطيني، ومن بين هذا الجمهور مجموعة من المنظمات الإسرائيلية الرافضة للاحتلال والتي تسعى بمعية المنظمات الأهلية الفلسطينية إلى القيام بفعاليات مشتركة بمناسبة مرور 40 سنة على الاحتلال الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية المحتلة. فهل تسمع حكومة أولمرت هذا الصوت الإنساني أم ستمضي في غيها باختلاق الأعذار والشروط والحجج للتهرب من استحقاق التفاوض مع قيادة الشعب الفلسطيني؟