12/6/2007
يتواصل الصراع الدموي الفتحاوي الحمساوي رغم توقيعهما العشرات من اتفاقات وقف اطلاق النار، التي بات المواطن الاعتيادي لا يصدقها بسبب الخرق المتواصل لها. وتطور هذا الاقتتال الى حد الإقدام على إلقاء المواطنين من الأبراج ناهيكم عن تواصل أعمال القتل بدم بارد لعناصر الطرفين المتحاربين، اضافة الى مواصلة عمليات تخوين كل طرف للأخر وتواصل التحريض على العنف في وسائل الاعلام وبخاصة الاعلام الإلكتروني.
يتواصل كل ذلك برغم النداءات الصادقة والجهود المخلصة التي تبذلها مختلف الأطراف العربية والفلسطينية المخلصة لوقف نزيف الدماء الفلسطيني الذي يعرض القضية الوطنية برمتها الى خطر ماحق رغم انها من أعدل القضايا في العصر الحديث. وهي الأحداث التي وصفها الرئيس بأنها “مؤسفة ومسيئة الى نضال الشعب الفلسطيني وقيمه ومبادئه..وأن ما يحدث هو عيب بحق الشعب الفلسطيني وحضارته ومستقبله.”
وكان من آثار هذا الاقتتال الداخلي الفلسطيني، أن تعمق الانشقاق في المجتمع الفلسطيني وتصاعد الشرخ في النظام السياسي الفلسطيني وبخاصة ما بين مؤسستي الرئاسة والحكومة. وهو النظام الذي فرضه المجتمع الدولي على الشعب الفلسطيني تحت ذريعة الاصلاح، لكنه أثبت عدم جدواه وملائمته للواقع الفلسطيني، مما يتطلب العمل الجاد لاستبدال هذا النظام.
كما تراجع الاهتمام العربي والدولي بالقضية الفلسطينية وكذا الجهود الدولية لايجاد تسوية سلمية للنزاع العربي الاسرائيلي، حيث ان هناك حالة من الانتظار لحسم الأوضاع على الساحة الفلسطينية وحل الخلافات الداخلية الفلسطينية.
وهناك غياب شبه كامل لاستقلالية القرار الوطني الفلسطيني، بحيث تزايدت التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية الفلسطينية. وهناك دول تجاهر بدعمها لهذا الطرف الفلسطيني في حين ان جهات أخرى منافسة تدعم أطراف اخرى فلسطينية، مما جعل الساحة الفلسطينية ملعبا لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.
هذا اضافة الى ازدياد منسوب الهجرة الفلسطينية الى الخارج. وكانت آخر التقارير الأوروبية قد تحدثت عن هجرة 14 ألف فلسطيني منذ انسحاب القوات الاسرائيلية من قطاع غزة. وينذر تواصل الاقتتال بتزايد الفلسطينيين المهاجرين للوطن لأسباب لا علاقة لها بممارسات الاحتلال وانما بالاقتتال الداخلي الفلسطيني.
لقد وصلت الأمور في الساحة الفلسطينية الى درجة من الخطورة تنذر بتصفية هذه القضية المقدسة، الأمر الذي يستدعي من كل الشرفاء الفلسطينيين والعرب والدوليين التحرك السريع لوقف التدخلات الخارجية والعمل على تعزيز المصالحة الفلسطينية وتصليب وتوحيد الجبهة الداخلية وهو الشرط لتعزيز الجهود الدولية للعمل على محاصرة النظام العنصري الاخذ بالتلور في الكيان الاسرائيلي.
وهو النظام الذي وصفه رئيس الوكالة اليهودية والرئيس السابق للكنيست ابراهام بورغ في كتابه “أن تهزم هتلر” بأنه لا يختلف عن ألمانيا “عشية صعود أدولف هتلر إلى الحكم”. وأضاف ان المجتمع الإسرائيلي “عنصري قائم على الخوف المستديم”. وأن “الفاشية هنا الآن… إسرائيل هي دولة بلطجية ومستقوية وقاسية وامبريالية وسطحية فاقدة لأصالة الروح ومنطوية على نفسها… الدعوات المتتالية إلى قتل الفلسطينيين وهدم منازلهم وترحيلهم والقتل وشرعنة سياسة الترحيل “الترانسفير” من خلال مشاركة أصحاب هذه السياسة في الائتلاف الحكومي، دليل على انتشار الفاشية.. لقد تجاوزنا عدداً هائلاً من الخطوط الحمر في السنوات الأخيرة. لا أستبعد أن يشرّع الكنيست في السنوات المقبلة قوانين ضد العرب تضاهي بعنصريتها قوانين نورمبيرغ.” فهل يحسن الشعب الفلسطيني استخدام هذه التصريحات من هذا المسؤول الاسرائيلي السابق، لصالح حملته الدولية لتعرية وحصار نظام الفصل العنصري أم سيواصل أكبر فصيلين اقتتالهم على سلطة منقوصة السيادة وفي ظل احتلال آخذ بالتطور لنظام فصل عنصري!؟.