11/9/2007

خلال لقائهما الأخير في القدس، اتفق الرئيس الفلسطيني ايهود اولمرت مع رئيس الوزراء الاسرائيلي على تشكيل لجان وزارية وفنية لبحق نقاط الخلاف في وجهتي النظر الفلسطينية والاسرائيلية لغرض التوصل الى مسودة اتفاق مبادىء. وبرأي مستشار الرئيس الفلسطيني، نمر حماد فإن اسرائيل تريد اتفاق مبادئ عام في حين تصر السلطة على ان يكون اتفاق اطار يضع تفاصيل الدولة.

ومن جهتها أعلنت الناطقة باسم الحكومة الاسرائيلية ميري ايسن عن تفعيل لجان وزارية اخرى تعنى بالشؤون الحياتية اليومية للفلسطينيين، ويتولى الاشراف عليها مباشرة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي حضر لقاء عباس ـ اولمرت للمرة الاولى وشرح خلال غداء عمل اقامه اولمرت خطة وزارته الامنية والاقتصادية، وسبل تفعيل لجان الوزارات الفلسطينية ـ الاسرائيلية. هذا في حين اكد صائب عريقات مسؤول دائرة المفاوضات في منظمة التحرير ان اولمرت وافق على الافراج عن دفعة من المعتقلين في الاسبوع الاول من رمضان كما تعهد لعباس بانهاء ملف المبعدين الى غزة عبر ادراجهم على قائمة المطاردين الذين اوقفت اسرائيل ملاحقتهم في الضفة الغربية على ان تبحث قضية المبعدين الى دول اوروبية في وقت لاحق.

كما قال عريقات أنه تم الاتفاق على انهاء ملف الفلسطينيين المقيمين في أراضي السلطة دون هويات وعددهم اكثر من 54 ألف مواطن على ان تمنح التصاريح لـ5 آلاف منهم في المرحلة الأولى. وأضاف عريقات ان الرئيس تطرق مرة اخرى لقضية الحواجز الاسرائيلية، لكن اولمرت قال انه ينتظر خارطة ازالة الحواجز الاسرائيلية من وزير دفاعه باراك خلال ايام قبل بت الأمر.

واتفق الجانبان على اللقاء ثانية قبل أن يتوجه الرئيس الفلسطيني الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة التي ستعقد أواخر ايلول. وتشترط الحكومة الإسرائيلية مواصلة المباحثات مع عباس باستمرار القطيعة بين الضفة الغربية وغزة وفصلهما سياسيا، وترفض كل رأي يدعو لإعادة اللحمة بين الضفة وغزة، وهذا ما أوضحه أولمرت لضيفه وزير الخارجية الإيطالي، ماسيمو داليما، الأسبوع الماضي، وقال له إن إسرائيل تعترض على موقف الوزير الإيطالي الداعي الى العودة لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.

وعلى الرغم من كل تلك الوعود الا ان المواطن الاعتيادي لم يلمس اي شيء ذو دلالة على الأرض يوحي بأن اوضاعه الحياتية والمعيشية ماضية الى التحسن، فالحركة مقيدة بالقيود الاسرائيلية وما زالت الحواجز منتشرة في ارجاء الوطن تحاصر القرى والمدن الفلسطينية لتنغص على المواطن حياته الطبيعية ولتذله وتمتهن كرامته. كما ان الاجتياحات ما زالت متواصلة لكافة المناطق الفلسطينية في الضفة والقطاع لغرض القتل والاعتقال والتدمير. وما زالت حكومة الاحتلال، وبعد كل تلك اللقاءات ما بين الجانبين، ترفض الانسحاب من المدن الفلسطينية التي كانت تحت السيطرة الفلسطينية قبل اندلاع انتفاضة الأقصى، بحجة ان الفصائل الفلسطينية ما زالت تنشط في مجال التحضير والاعداد لهجمات ضد الاسرائيليين، وذلك بالعمل حسب مقولة نقل المعركة الى أرض العدو.

وفي اعقاب القصف الصاروخي الفلسطيني الأخير لقاعدة زيكيم العسكرية في النقب التي خلفت 67 جريحا من الجنود الاسرائيليين، فان الأمور تنذر بتصعيد اسرائيلي واسع النطاق ضد القطاع والقيادات السياسية هناك. أي ان الأمور آخذت بالابتعاد عن متطلبات السلام. وخلاصة القول، ان السلام الحقيقي لن يتحقق مع جزء من الشعب الفلسطيني في وقت يجري فيه محاربة الجزء الآخر. كما ان السلام يحتاج الى تآييد شعبي عارم وهو المفقود لدى الجانب الاسرائيلي الذي يميل نحو المزيد من التطرف والكراهية ونكران الآخر. هذا ناهيكم عن ان القيادة الاسرائيلية الحالية تفتقر لكل متطلبات المضي الجاد في العملية السلمية واحداث اختراقة فيها. ويتوقع للقاءات القادمة ان تستمر في اطلاق الوعود في الهواء والتي لا تنفذ على الأرض، وإلا بماذا يفسر تشكيل اللجان المشتركة لبحث قضايا المياه والبيئة والطاقة والاقتصاد فقط، علما ان القضية الفلسطينية قضية سياسية بحاجة لحلول سياسية محضة.

كما ان لقاء واشنطن القادم لن يكتب له النجاح ما دام يتجاهل لاعبين اساسيين في المنطقة.