16/10/2007

خلال اللقاء المنفرد الذي جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) مع وزير الخارجية الأميركية كونداليزا رايس خلال زيارتها للمنطقة، كشف عن رزمة اجراءات طالب بتنفيذها بالتوازي مع محادثات الوضع الدائم تشمل وقف النشاطات الاستيطانية، والافراج عن الاسرى والمعتقلين، واعادة المبعدين، وفتح المكاتب والمؤسسات المغلقة في القدس الشرقية، وازالة الحصار والاغلاق، واعادة الوضع الى ما كان عليه قبل 28 ايلول عام 2000، وتنفيذ اعادة الانتشار الثالثة، لتكون كمكون اساسي لاعادة بناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وخلق افق سياسي حقيقي يعيد الطمأنينة، ويطلق عملية السلام بمصداقية.

وكشف النقاب خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الوزيرة الأميركية ان الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي بدآ العمل على الوثيقة المشتركة التي ستجهز قبل الذهاب الى انابوليس، في حين أن المفاوضات بعدها لن تكون مفتوحة الى الابد وستكون محددة بفترة زمنية. كما طالب الرئيس بوضوح جدول الأعمال، حتى لا يكون اللقاء مجرد فرصة لالتقاط الصور.

وهي المطالب التي يعارضها أقطاب الحكومة الاسرائيلية، فعلى سبيل فإن وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك يرفض حتى مجرد فكرة استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ويصر على عدم انسحاب الجيش الاسرائيلي من المدن الفلسطينية ويدعم بكل قوة عدم تسهيل حرية الحركة للشعب الفلسطيني، حيث يصر على ابقاء الحواجز العسكرية التي تذل وتمتهن ابناء الشعب الفلسطيني. كما انه لا يؤيد اتخاذ اية اجراءات على صعيد الملف الفلسطيني ارضاءا لرئيس اميركي لم يتبق له في الادارة اكثر من سنة بقليل.

وبدوره يعارض نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والتجارة والعمل ايلي يشاي، أي انسحاب للاحتلال الاسرائيلي من مدينة القدس العربية. وخلال لقائه مع وزيرة الخارجية الأميركية قال ان مؤتمر انابوليس يجب ان يؤدي الى مفاوضات دبلوماسية واذا عادت الأطراف مع اتفاق موقع، فإن ذلك قد يهز الحكومة ويسبب انهيارها.

وكانت وزير الخارجية الأميركية قد خفضت سقف التوقعات من زيارتها الى المنطقة حيث قالت لمرافقيها الصحافيين بأنه يتعين توخي الحذر الشديد اطلاق تصريحات قد تقلص الثقة في التزام الجانبين بحل الدولتين، كما قللت من فرص حدوث اختراق في جولتها الراهنة. وهناك في البيت الأبيض من يعتقد بأن مفاوضات التسوية الدائمة مع الفلسطينيين تشكل فكرة حمقاء، مثل اليوت ابرامز، مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.

كما ان السعوديين أعربوا عن رفضهم المشاركة في لقاء انابوليس اذا لم تقم الحكومة الاسرائيلية باتخاذ اجراءات تدل على حسن النوايا مثل التوقف عن مواصلة اعمال البناء في جدار الفصل العنصري ووقف الأنشطة الاستيطانية على سبيل المثال. وهذا ما ردت عليه اسرائيل بقرارها مصادرة 1130 دونم من اراضي قرى القدس، اضافة الى اتخاذ قرار باستئناف الحفريات في مدخل باب المغاربة، مما سيؤدي الى استفزاز مشاعر المسلمين.

هذا ناهيكم عن حالة الضعف التي تعيشها حكومة اولمرت الذي تطارده شخصيا تحقيقات الفساد، مما يجعله في وضع أضعف من ان يستطيع تقديم ما يسمونه “تنازلات” للجانب الفلسطيني، وبخاصة وأن هناك البعض من الساسة الاسرائيليين لا يؤيدون توقيع اي اتفاقية مع حكومة الضفة بمعزل عن حكومة غزة التي يعتقد البعض انها قد تصعد الأوضاع لاحباط اي تقدم على المحادثات في انابوليس.

خلاصة القول، ان كل تلك المواقف لا تشجع المراقب على التفاؤل بحدوث اختراقة في محادثات انابوليس وأن مآلها الفشل في احداث اختراقة على صعيد حل النزاع في منطقة الشرق الأوسط، وكل ذلك كون المواقف الاسرائيلية ما زالت متعنتة وبعيدة كل البعد عن استحقاق السلام، المتمثلة بانهاء الاحتلال، في حين انه ليس في وارد الولايات المتحدة الاقدام على فرض اي ضغوط على الجانب الاسرائيلي للحلحة مواقفه. وكأن هناك من خفض سقف التوقعات لجني الفشل المستقبلي.