26/11/2007
من المتوقع أن تبدأ أعمال مؤتمر أنابوليس في 27 من هذا الشهر بولاية ميريلاند في الولايات المتحدة الأميركية، في ظل فجوة كبيرة ما بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي بسبب التعنت الاسرائيلي الذي يرفض بحث القضايا الجوهرية ويصر على تناول قضايا ثانوية لا تمت لجوهر القضية بصلة. وهو ما دفع الإدارة الأميركية الى خفض سقف التوقعات من هذا اللقاء او المؤتمر الذي لربما سينتهي بإصدار ورقة تؤكد التزام الطرفين باقامة السلام في المنطقة ودعم اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الى جانب اسرائيل.
وهذا كل ما يمكن التوصل اليه خلال هذا اللقاء الذي لربما لن يطول اكثر من يوم او يومين، بخاصة بعد فشل الجانبين في التوصل الى إعلان مشترك قبيل انعقاد اللقاء بسبب الخشية من إنهيار الحكومة الاسرائيلية لو جرى تقدما في بحث القضايا الجوهرية. وما التشريع الاسرائيلي الأخير في الكنيست الذي يلزم الحكومة الاسرائيلية بالحصول على أغلبية 80 نائبا للمصادقة على اي حل يتعلق بالقدس، إلا خير تعبير عن عمق الأزمة التي تعيشها الحكومة الاسرائيلية التي تهرب من القضايا الجوهرية من خلال اطلاق وعود بالافراج عن بعض المعتقلين ممن اوشكت مدتهم على الانتهاء او إطلاق اولمرت لوعد السماح للسلطة بتلقي المدرعات من الاتحاد الروسي، او غيرها من الأمور الاجرائية.
المراقبون يدركون ان التركيبة الحالية للحكومة الاسرائيلية التي تضم متطرفين أمثال العنصري ليبرمان لا يمكنها ان تشيد سلاما. كما ان الصراع الخفي ما بين اولمرت وباراك الذي يتطرف بمواقفه بوما بعد يوم ويرفض ما قاله اولمرت حول تجميد الاستيطان، في اطار سعيه لكسب تأييد اوساط الناخبين من اليمين الاسرائيلي خلال الانتخابات القادمة التي يطمح فيها الى الوصول لكرسي رئاسة الوزراء، إلا خير دليل على عدم جاهزية الجانب الاسرائيلي لإقامة السلام العادل والدائم والشامل مع الجانب الفلسطيني.
وما الحديث والتصريحات الاسرائيلية التي تطلق هنا او هناك او تقال لهذا المسؤول الأممي أو ذلك العربي، الا ذرا للرماد في العيون ولا تخرج عن كونها جزءا من حملة العلاقات العامة التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية للادعاء بأنها حكومة سلام لا حكومة بطش وتنكيل وإرهاب للشعب الفلسطيني الذي تخضعه لحصار شديد ولعقوبات جماعية ولانتهاكات لحقوقه الانسانية على مدار الساعة امام سمع وبصر العالم الذي لا يحرك ساكنا لرفع الظلم والأذى عن هذا الشعب الذي يستحق حياة كريمة وحرة. وعليه، وفي ظل هذا التشاؤم بعدم تمكن لقاء انابوليس احداث اختراقة حقيقية في عملية السلام، لا يبقى غير الأمل بأن يتمكن هذا اللقاء والوجود والزخم الدوليين أن يضغط على الجانب الاسرائيلي ليتحصل منه على وعد بالانخراط في مفاوضات جدية لا تكن مهمتها ازاحة حاجز او الافراج عن بضعة اسرى او الحصول على عدة تصاريح بالتنقل او إدخال بضائع وغيرها من القضايا الثانوية، وإنما بحث السبل والطرق لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة لتمكين الشعب العربي الفلسطيني من تقرير مصيره من خلال اقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. فهذا هو المطلب الجدي الذي سيكون لتحقيقه الأثر البالغ في إحلال السلام في المنطقة، فهل يجرؤ اولمرت على القيام بذلك؟!