29/5/2009

تمعن السلطات، أشهرا قليلة قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبرمجة للخريف القادم في التضييق على كافة القوى السياسية والمدنية وفي انتهاك الحريات والفردية والعامّة، وهو ما يمثل مؤشرا لرغبتها في تكرار نفس السيناريوهات السّابقة وجعل الانتخابات المقبلة مجرّد مناسبة روتينية لإعادة إنتاج الحكم الفردي من خلال رئاسة مدى الحياة مقنّعة وتأبيد سيطرة “التجمّع الدستوري” على المؤسسات التمثيلية.

ـ 1 ـ ففي منطقة الحوض المنجمي تستمر الإيقافات والمحاكمات الجائرةّ فعلى إثر الاعتصام الذي نظّمته العشرات من النّساء اعتقل البوليس السياسي بالرّديف 7 شبان أحيلوا على المحكمة الابتدائية بقفصة بحالة إيقاف في ما أحيل آخر في حالة فرار، وقد صدر بشأن الموقوفين أحكاما تتراوح ما بين6 أشهر وعام سجنا علما وأن هؤلاء تعرّض جميعهم للتعذيب، ورفضت المحكمة عرضهم على الفحص الطّبي. وفي نفس السياق القمعي، قامت الإدارة العامّة للسجون بنقل رموز الحركة الاحتجاجية بالحوض المنجمي المحاكمين في ما سمي بقضيّة “الوفاق” إلى عدّة سجون بعيدة عن ولاية قفصة ) حربوب، رجيم معتوق، القصرين، سيدي بوزيد، صفاقس، تونس…( وذلك بهدف التنكيل بهم والتشفّي من عائلاتهم التي لا تقدر أحيانا على توفير معاليم النّقل، و”القفّةّ ّ” لأبنائها.

ـ 2 ـ وبمناسبة اليوم العالمي للصحافة شنّت السلطات وما تزال هجمة شرسة على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ) حصار مالي وإعلامي وأمني…( وذلك على خلفية التقرير السنوي الذّي أصدرته وتعرّضت فيه لجملة من الانتهاكات التي تتعرّض لها حرّية الإعلام والإعلاميون. وقد منعت العناصر الموالية للسلطة مكتب النقابة من مواصلة أشغال الندوة الصحفية التي عقدها لتقديم التقرير وحاولت الاعتداء على رئيس النّقابة وبعض أعضاء المكتب. وتحاول السلطة اليوم بكل الوسائل افتعال أزمة داخل النقابة وتهيئة الظروف للانقلاب عليها. وفي هذا الإطار انطلقت عريضة مشبوهة أجبر العديد من الصحفيين على إمضائها تحت التهديد بالطرد من العمل.

ـ 3 ـ وإلى ذلك ما انفكّت الضغوط على المناضلين من مختلف الأحزاب والجمعيات والمنظّمات والهيئات تتفاقم في لآونة الأخيرة. فمنزل السيد خميس الشماري عضو “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات” ما يزال يخض للمراقبة الأمنية بشكل منهجي كما تعرّضت الأستاذة راضية النصراوي لجملة من الاعتداءات والمضايقات ) إعتداء بالمطار ومحاولة إخضاع للتفتيش الجسدي، اقتحام المنزل في غيابها وغياب زوجها السيد حمّه الهمامي، اعتداء بقفصة ومنع من مقابلة حريفها السيد عمار عمروسية….(. وتعرّض السيد عمّار عمروسية للاعتداء، ثلاث مرّات متتالية خلال أسبوع واحد على يد مسؤولين أمنيين بقفصة لمنعه من الاتصال بعائلات مساجين الحوض المنجمي ومؤازرتهم في محنتهم. وأوقف البوليس السياسي السيد عبد الكريم الهاروني، السجين السياسي السابق، بالطريق الرابطة بين المحرس وصفاقس واحتجزه لمدّة ساعتين ومنعه من واصلة الطريق وفرض عليه الرّجوع إلى العاصمة. كما تمّ منع قادة لجنة مساندة الحوض المنجمي السادة مسعود الرّمضاني وعبد الرّحمان الهذيلي وسالم الحداد من حضور اجتماع تضامني مع معتقلي الحوض المنجمي بسوسة. وتتعرّض السيدة غادة الشرفي زوجة اللاجئ السياسي التونسي لوممبا المحسني، المقيم حاليا بفرنسا، لهرسلة أمنية خلال المدّة الأخيرة: اقتحام المنزل وتفتيشه، تحريض على طلب الطلاق الخ..

ـ 4 ـ كما يتواصل اعتقال السيد صادق شورو، الرئيس السابق لحركة النهضة، بعد الحكم عليه بعام سجنا إثر تصريح لبعض القنوات التلفزية بعد خروجه من السجن في العام الماضي. وقد أعلمته السلطات بأنه مطالب بقضاء عام آخر سجنا متبق من العقوبة الأصلية بدعوى أنه خالف مقتضيات السراح الشرطي الذي تمتّع به.

إنّ “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات” إذ تدين كل هذه الممارسات القمعية فهي:

ـ تطالب بإطلاق سراح كافّة المعتقلين في قضايا الحوض المنجمي دون قيد أو شرط ووضع حدّ لأعمال التنكيل بعائلاتهم وبالأهالي وفتح تحقيق محايد في ما جدّ من إحداث وإيجاد الحلول المناسبة لمشاكل الجهة ومطالب السكان.

ـ تعبّر عن مساندتها للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين من موقع الدّفاع عن حريّة الإعلام والإعلاميين، وتدعو كافّة مكوّنات المجتمع المدني إلى التضامن والتكتّل في وجه الاستبداد، خصوصا أنها تواجه نفس العراقيل.

ـ كما تعبّر عن مساندتها لكافّة ضحايا الانتهاكات الأخيرة، مؤكّدة أن القمع والترهيب بيّنا فشلهما، فلا هما مكّنا من حلّ المشاكل السياسية المستفحلة بالبلاد ولا هما صدّا مناضلات ومناضلي الحركة الديمقراطية عن مواصلة مسيرتهم نحو الحرّية التي تنشدها الأغلبية الساحقة من مجتمعنا.

ـ تستنكر استمرار اعتقال السيد صادق شورو وتطالب بإطلاق سراحه دون قيد أو شرط. كما تطالب بوضع حدّ للاعتقالات والمحاكمات الجائرة التي تجري تحت غطاء “مقاومة الإرهاب”…

هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات
تونس في 29 ماي 2009
عن السبيل اولاين