25/2/2008

تصادف هذه الأيام الذكرى 14 لمجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي نفذها الارهابي باروخ غولدشتاين بحق ابناء الشعب الفلسطيني الذين كانوا يؤدون صلاة الفجر، حيث ذهب ضحيتها 29 مصليا فيما اصيب قرابة 150 آخرون بجراح. ففي 25 شباط 1994 انطلق الارهابي غولدشتاين من مستوطنة (كريات اربع) التي أقامها الاحتلال على اراضي الفلسطينيين في مدينة خليل الرحمن ليفرغ نار حقده وكراهيته ضد ابناء الأرض الاصليين ليزهق ارواح الأبرياء الذين لم يقترفوا اي ذنب سوى انهم انتموا لشعب اسمه الشعب العربي الفلسطيني الذي يريد له الاحتلال الرحيل ليحل محله المستوطنين اليهود المستجلبون من شتى اصقاع المعمورة.

ومن المفارقة أن تهل الذكرى هذا العام مع تصاعد التصريحات والتهديدات من قبل الساسة الاسرائيليين وقادة الجيش بأنهم سيقدمون على تنفيذ عدوان واسع ضد الفلسطينيين وخاصة في قطاع غزة، مما يعني تواصل مسلسل المجازر المرتكبة ضد ابناء الشعب الفلسطيني وسط صمت عالمي غير مسبوق، مما قد يدفع بالاحتلال لأن يفسر ذلك على انه غض للطرف او ضوء اخضر لمواصلة قتل الفلسطينيين.

وإلا بماذا يفسر تواصل المجازر بحق الفلسطينيين وانتهاك المعاهدات والاتفاقات الدولية التي تدعو القوة المحتلة الى حماية المدنيين، حيث انه من واجب إسرائيل – حسب ما تنص عليه وثيقة جنيف الرابعة – احترام شخصية الفلسطينيين وكرامتهم وحقوق اسرهم ومعتقداتهم الدينية وتقاليدهم. كما عليها معاملتهم معاملة انسانية وعدم التمييز ضدهم او القيام بفرض العقاب الجماعي عليهم.

ويبدو ان قدر الشعب الفلسطيني المتطلع للحرية والاستقلال وتقرير المصير، ان يستمر في دفع ثمن ذلك من دماء ابنائه، في وقت يواصل فيه الجناة والقتلى الصولان والجولان في انحاء العالم، يتمتعون بالحصانة الأمريكية حيث أن أحدا لن يجرؤ على محاسبتهم أو محاكمتهم او مساءلتهم عما اقترفته أيديهم بحق الفلسطينيين. ونجزم انه لو قدم مجرم واحد من مجرمي الحرب الاسرائيليين الى العدالة لما تجرأ الآخرون على الإيغال في قتل الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم.

كما أن جريمة الخليل التي نفذها غولدشتاين القادم من مستوطنة (كريات اربع) سيئة الصيت، تؤكد مجددا على مدى الخطورة التي تمثله تلك المستوطنات التي تشكل الحاضنة للإرهاب الاسرائيلي بحق الفلسطينيين. ففيها ينشأ ويترعرع ويدرس فكر الكراهية والحقد على العرب الذين يوصفون بأسوأ العبارات التي تقشعر لها الأبدان. وهو ما يؤكد أنه اذا ما اريد حقا إقامة السلام الحقيقي في المنطقة، يتعين تفكيك تلك المستوطنات وإزالتها عن الوجود لما تقوم به من بث للسموم والكراهية في المنطقة.

ومع ذكرى كل مجزرة تحل بالفلسطينيين، يتعين بالضمائر الحية في هذا العالم، تجديد العهد والعزم على مواصلة الجهود الحثيثة لتعقب مجرمي الحرب الاسرائيليين وصولا لجلبهم للعدالة لينالوا ما يستحقوه من عقاب لما اقترفوه من القتل والتدمير والتخريب وذلك لردعهم عن المواصلة والتمادي في غيهم، حيث ان جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي يقوم بها الاسرائيليون لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن. وتقضي المادة 29 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي اعتمد في 1998 على أنه “لا تسقط الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة بالتقادم.” علما انه يدخل في اختصاص المحكمة: جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان.

فهل يتحرك ما يسمى المجتمع الدولي لوضع حد للمجازر المرتكبة بحق ابناء الشعب الفلسطيني أو انه سيواصل السكوت، او الاكتفاء بإصدار البيانات الهزيلة التي لا تضع حدا لنزيف الدم الفلسطيني والتي يفهم منها الجناة أنها ضوءا أخضرا لمواصلة جرائمهم؟!