26/3/2008

تشهد العاصمتين اليمنية والسوريّة نمطين متداخلين من أنماط الدبلوماسية الحديثة، دبلوماسية القمة بين الدول العربية في دمشق ودبلوماسية الأزمات بين الفرقاء الفلسطينيين في صنعاء.

أما في دبلوماسية القمة الدمشقية، فإن إدراج الملف الفلسطيني على أجندة المؤتمر ما هو إلا إجراء وتقليد روتيني متبع في كل قمة تعقد، يضع نفسه في بيانات القمة على هيئة المزيد من المساعدات الإقتصادية للشعب الفلسطيني دعماُ لصموده على أفضل التعبير. فقد أصبح الملف الفلسطيني ممل للغاية في حضور ملفات عربية أكثر سخونة وإغراء كالملف اللبناني. وأمّا في دبلوماسية الأزمات اليمنية، فالحديث يتّخذ منحى مصيري للفلسطينيين، الذين رأووا في “إعلان صنعاء” بعيداُ عن الخلاف حول بنود المبادرة اليمنية ومرجعياتها، هكذا بذاته المجرّدة، بارقة أمل للشعب الذين يفتش بين الأنقاض عن نافذة نور توحي، ولو من بعيد، بأن حل الأزمة ،وإن تأخر، فسوف يأتي وينقذنا جميعاُ من حالة الاستقطاب الحاد التي يمزقنا في كل بيت وحي ومدرسة وشارع.

إن الوفدين اللذين ذهبا إلى صنعاء، ذهبا بانتماءتهما وتعصباتهما وولاءتهما التنظيمية، دون أن يسقطا الحدس البسيط والفطري بأنه لا يمكن لهما أن يعودا إلى رام الله وغزة خاليي الوفاض دون اتفاق أو إعلان مبادىء. ولو لم يدرك الوفدان هذه الحقيقة، لكان الفلسطينيون في الضفة وغزة والشتات قد أصيبوا بخيبة جديدة من سوء إخراج المسرحية ورداءة السيناريو وضعف أداء الممثلين.

وعلى هذا، لا يمكن أن نسمح للانقسام الحاصل في حركة فتح حول صلاحيات رئيس الوفد، أن يطفىء تلك البارقة التي انتظرناها بصبر وتفانٍ كبيرين، ولا يمكن أن نسمح لقوى متردّدة أن لا تعترف بأننا قد جلسنا واتفقنا بالفعل، على طاولة الرئيس علي عبدالله صالح، بأن الوقت قد حان لتعود الأمور إلى نصابها.