18/2/2007

بومدرة: الإصلاحات في مجال العدالة الجنائية أنتجت تشريعات تصف الأطفال الذين لم يسعفهم الحظ بأطفال الشوارع واللقطاء

اختتمت في عمان ورشة عمل لتقييم التجربة العربية في مجال عدالة الأحداث، والتي نظمتها المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي بالتعاون مع مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان في الفترة ما بين 4ـ6/2/2007 في فندق القدس بعمان، وشارك في الورشة 15 أكاديمياً ومختصاً أردنياً وعربياً في العدالة الجنائية للأحداث من ست دول عربية هي: الجزائر، مصر، الأردن، المغرب، اليمن وفلسطين.

وقال الدكتور طاهر بومدرة، منسق المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي في الأردن، أثناء افتاح أعمال الورشة أن “الإصلاحات في العالم العربي في مجال العدالة الجنائية أنتجت تشريعات تصف الأطفال الذين لم يسعفهم الحظ بأطفال الشوارع واللقطاء وأطفال مجهولي النسب”، معتبراً أن هذه الأوصاف قاسيةً بحق الأطفال.

وتحدث بومدرة عن برامج المنظمة في مجال عدالة الأحداث موضحاً أن “المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي بعدالة الأحداث يقوم أساساً على إصلاح النظام الجنائي والسجني لجعله أكثر فعالية في مكافحة الجريمة، وأكثر إنسانية في معاملة الفرد من طرف الدولة، كما نوه على منع الاحتكاك المبكر للأطفال بالمحيط الإجرامي والجنائي، وبحيث يبقى المحيط الطبيعي للطفل هو الأسرة والمدرسة، منوهاً أن الدول العربية قامت بإدخال إصلاحات في هذا المجال تعتبر معظمها متقدمة نسبياً”.

وقدم د. بومدرة في بداية أعمال الورشة ورقة عمل حول برنامج المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي لتفعيل حقوق الطفل في مجال عدالة الأحداث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شرح فيها آلية عمل المنظمة وتطلعاتها وأهدافها.

وتحدث بعد ذلك المشاركون من الأردن حيث قدم د. محمد الطراونة ورقة حول “التجربة الأردنية في مجال عدالة الأحداث” قال فيها “إذا أدركنا، أنه يوجد في الأردن مليون ونصف طالب من أصل خمسة ملايين ونصف عدد السكان، على مقاعد الدرس، وأعمارهم أقل من 18 سنة، وعلى ضوء التطورات المتسارعة والمتلاحقة التي يشهدها العالم وخصوصاً في ظل ثورة الاتصالات والمعلوماتية التي انعكست في بعض مظاهرها -سلباً- على الأطفال، فإنه من الضروري إيلاء هذه الفئة العناية اللازمة، وتزداد الأهمية إذا كان الطفل في نزاع مع القانون.

وقدمت المحامية كرستين فضول ورقة بعنوان “مشروع العدالة الإصلاحية للأحداث في الأردن إنجازات … وتحديات”، شرحت خلالها أهمية المشروع والخطوات التي تم اتخاذها لغاية الآن والتحديات المستقبلية. وتحدث أ. محمد شبانة من الأردن عن “التجربة الأردنية في مجال عدالة الأحداث وعلاقتها بالمواثيق الدولية” ضمنها بتوصيات منها الإسراع في إقرار مشروعي قانوني حقوق الطفل وتعديل قانون الأحداث، وإيجاد إطار تشريعي يجيز اللجوء الى بدائل التحويل خارج النظام القضائي.

وقدمت أ.د. حورية شافعي صالحي من الجزائر ورقة حول العمل من أجل استئصال أسباب انحراف الأحداث، تلاها زميلها من الجزائر أ. شرفي مريم في مداخلة حول مشروع قانون حماية الطفل بالجزائر قال فيها ان “الطفل الجزائري قد حضي باهتمام السلطات الجزائرية من خلال النصوص الكثيرة التي اصدرها المشرع منذ فجر الاستقلال تنظم مختلف جوانب حياة الطفل وتحدد حقوقه سواء كان هذا الطفل في خطر معنوي او جانح و لعل ان تنوع هذه القوانين وكثرتها تعد من اسباب التفكير في وضع قانون حول حماية الطفولة”.

كما قدم المستشار د. عبدالكريم الشامي في ورقة بعنوان “العدالة الجنائية للأحداث في فلسطين” قال فيها أن “قوانين جناية الأحداث المعمول بها في فلسطين قديمة وتحتاج إلى تطوير وتحديث لكي تتماشى مع المعايير الدولية التي تتعلق بالأحداث خاصة اتفاقية الطفل وقواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث “قواعد بكين”1985 وغيرها من الاتفاقيات الدولية”.

وعرض كل من أ. نجاح محمود الحلو وأ. آمنه موسى أبوعين ورقة عمل بعنوان “إعادة وتأهيل الأحداث ضمن المجتمع الفلسطيني” جاء فيها أن “الآلاف من الأطفال الفلسطينيين قد تم اعتقالهم خلال حملات اعتقال تعسفية و عشوائية في غضون الأربع سنوات الماضية وغالبا ما تم استخدامهم كرهائن سياسيين خلال عمليات التفاوض ،لذلك فإن هؤلاء الأطفال يجب أن لا ينم استخدامهم كورقة تفاوض”.

ومن مصر قدم المستشار البشري الشوربجي حول “عدالة الأحداث فى مصر وآفاقها الإصلاحية” قال في خاتمتها أن “النصوص التشريعية الخاصة بالأحداث المنحرفين والمهددين بخطر الانحراف، التى صاغها المشرع فى مصر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 ولائحته التنفيذية والقواعد العامة فى قانونى العقوبات والإجراءات الجنائية أنها تتسق ولا تتعارض فى شئ مع أى نص من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وغيرها من الوثائق الدولية ذات الصلة بهذا الشأن، كما تؤدى إذا أحسن تطبيقها وأتيحت لها إمكانيات وضمانات النفاذ الأمثل ، إلى صلاح حال الأحداث وتأهيلهم وحمايتهم من شبهة الانحراف”.

وتلى الشوربجي زميله من مصر أ. هاني هلال في ورقة بعنوان “أوضاع عدالة الأحداث فى مصر” قال فيها ان “كافة القوانين التى تعاملت مع الطفل المعرض للانحراف تعاملت معهم لا بصفتهم معرضين للانحراف وفى حاجة للحماية من المجتمع بكافة صورها بل تعاملت معهم بوصفهم مجرمين فعليآ وهو ما عكستة فلسفة هذة القوانين”.

وقدم أ. مصطفى يرتاوي من المغرب ورقة حول “التجربة المغربية في مجال عدالة الأحداث: المستجدات والاكراهات” دعا في نهايتها التفكير في آليات لتكثيف الجهود بين جميع الفاعلين في حق الطفولة حتى يتم تفعيل مضمون قانون المحكمة الجنائية الجديد في الباب المتعلق بالأحداث والوقوف على الآمال المعقودة والنتائج المنشودة من التغيير التشريعي في هذا الباب.

ومن المغرب أيضاً قدم أ. يوسف مداد ورقة حول “نظام العدالة الجنائية للأحداث بالمغرب” تحدث خلالها عن القوانين المغربية الخاصة بمحكمة الأحداث وأشار إلى أن “من حيث التدابير المحدثة لمعالجة انحراف الأحداث، أعطيت الأولوية لإجراءات الحماية، حيث فوض المشرع للقاضي في قضايا الجنح أن يصدر أمراً يخضع بمقتضاه الحدث لواحد أو أكثر من تدابير نظام الحراسة المؤقتة”.

وقدمت ورقتين يمنيتين تحدثت الأولى التي قدمها كل من أ. عبد اللطيف علي الهمداني و أ. أفراح صالح بادويلان حول “تجربة اليمن في رعاية وحماية الأحداث” قالا فيها “أن المأساة الفعلية في اليمن هي معاناة الفتيات حيث يجابه في كثير من الأحيان رفض ذويهن استلامهن بعد انتهاء محكوميتهن ولا ترضى الجهات الرسمية الإفراج عنهن لان ذلك أما أن يعرضهن لأذى الشارع أو يسلمهن لأذى الأهل خصوصاً في البيئات التقليدية، ولكن من الناحية القانونية هو حجز على حرية إنسان”.

وقدم زميلهما أ. محمد صالح الوادعي بعنوان “قضاء الأحداث في اليمن” قال خلالها “يأتي الأطفال المخالفون للقانون من خلفيات اجتماعية مغايرة لخلفيات الموظفين الرسميين الذين يجب أن يتعاملون معهم. لذا يحتاج متخذي القرار إلى أن يتحسسوا لهذه الاختلافات الاجتماعية والثقافية وأن لا يكونوا محكومين بأي نظرة سلبية تجاه هذه الجماعات الاجتماعية”.

وفي نهاية الورشة أصدر المشاركون يبياناً ختاميا، وأعلنوا عن تشكيل شبكة عربية لعدالة الأحداث.