5/5/2008

انتشرت قبل يومين أعداد جديدة من قوات الأمن الفلسطيني في محافظة جنين شمال الضفة الغربية، في مسعى منها لتطبيق خطة الحكومة الأمنية في القضاء على حالة الفلتان وضبط الأمن في المحافظة، فيما أعلن مسؤولون أن الحملة التي رفدت بنحو 600 عنصر امني وشرطي، هي استمرار للخطة التي طبقتها في نابلس سابقًا.

ورغم حالة التأهب والتفاؤل بتطبيق الخطة وإنجاحها، على غرار ما قامت به الأجهزة الأمنية في نابلس، إلا أن المخاوف لا زالت موجودة من تدخل الاحتلال، كعادته، في تخريب هذه الخطة، ومنع أي نجاح فلسطيني على مستوى ضبط الأمن، وهو ما كان الحال عليه إبان بدايات تطبيق الخطة الأمنية في نابلس.

فبعد النجاح اللافت التي حققته الحكومة في استعادة هيبة القانون والنظام في نابلس، واستحسان المواطنين واطمئنانهم وشعورهم بالأمن في المدينة، عادت قوات الاحتلال واقتحمت المدينة أكثر من مرة، وقامت باعتقال المواطنين وخاصة نشطاء الانتفاضة الذين التزموا بالاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي الخاص بهم، وكأن الرسالة الإسرائيلية هي أن هدف الاحتلال العمل على الحيلولة دون استمرار قوات الأمن والشرطة الفلسطينية من ممارسة دورها في حماية المواطنين الفلسطينيين وتوفير النظام والأمن وفرض هيبة القانون.

ورغم أن دخول 600 من عناصر الأمن إلى جنين، يأتي بعد تنسيق مع السلطات الإسرائيلية، إلا أن ذلك لا يعني أن قوات الاحتلال لن تفكر في اقتحام المدينة في أي وقت يحلو لها، وهنا تكمن الخطورة، فالجهود الحكومية الأمنية، ستصطدم من جديد بواقع الاحتلال وسياساته التخريبية، مما يتطلب تدخلا على المستوى السياسي والدبلوماسي والإعلامي تجاه المجتمع الدولي والقوى الدولية المؤثرة، وخاصة أعضاء اللجنة الرباعية الدولية، ووضعها في صورة الخطط الفلسطينية التي يسعى الاحتلال لإجهاضها، بهدف إقناع المجتمع الدولي بان الفلسطينيين غير قادرين على إدارة شؤونهم الحياتية، وخاصة الأمنية.

والى جانب الجهد الدبلوماسي المطلوب لإسناد الخطة وضمان نجاحها، فان التحرك على المستوى الشعبي، وحشد أوسع تكاثف ودعم جماهيري لجهود قوى الأمن، سيكون عاملا مساعدا في فرض القانون وتطبيقه وحماية المواطنين وممتلكاتهم، وكذلك الممتلكات العامة، والتي للأسف، استهدفت في أكثر من مرة، وكانت عرضة للمتعدين والمخالفين للقانون، في ظل غياب واضح للسلطة والأمن الفلسطيني.

ولن يكون غريبا أن تواجه خطة فرض الأمن في جنين، ببعض العقبات، فهناك من لا يرغب في استتباب الأمن والأمان، ويسعى كي لا يطبق القانون ويصبح الفيصل في حل النزاعات، كي يتمكن من مواصلة العبث بالممتلكات الخاصة والعامة، وليواصل تطبيق القانون باليد، إلا أن الالتفاف الشعبي من مؤسسات أهلية ومجتمعية وقوى وتعاون المواطنين مع رجال الأمن، سيحول دون انتصار إرادة العابثين بأمن المجتمع.

إن النجاح الأمني في جنين، إن تحقق، سيشكل عامل تشجيع إضافي، لتطبيق مماثل في مختلف محافظات الضفة الغربية، ففي نهاية الأمر، الأمن مفتاح التقدم الاقتصادي وصمام أمان للسلم الاجتماعي