21/7/2008
بقلم: مفتاح
عكف ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي ومنذ احتلال الأراضي الفلسطينية على تنبيه جنودهم بتنفيذ اعتداءاتهم على الفلسطينيين بعيدا عن الصحفيين وعدسات كاميراتهم، والتي قد تفضح ممارساتهم وتستجلب ردود فعل مناهضة لإسرائيل وتؤثر في الرأي العام الدولي الذي سيتعاطف مع الضحية الفلسطينية، وتجنبا لاستخدام ذلك كوثيقة تحاكم على أساسها المحاكم الدولية مرتكبي جرائم الحرب من الجنود الإسرائيليين.
وان حدث وان كشفت حادثة هنا أو هناك أمام أعين الكاميرا، فان الرد الإسرائيلي جاهز، وهو أن جيش الاحتلال سيحقق في الموضوع، أو انه أحال الجندي المسؤول عن الاعتداء إلى التحقيق، وهو ما حدث اليوم، بعد أن وزعت منظمات حقوقية شريطا مسجلا، التقطته إحدى الفتيات في قرية نعلين غرب رام الله، يوضح إطلاق جنود الاحتلال النار من مسافة قريبة جدا على شاب اعتقلته وكبلته وأغمضت عينيه بشريط اسود، إذ ادعى الجيش الإسرائيلي انه أحال للتحقيق الجندي الذي أطلق النار على الشاب اشرف أبو رحمة.
الاعتداء العنصري بدم بارد على الشاب أبو رحمة، يوضح مدى فداحة الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين على أيدي جنود الاحتلال، على الحواجز العسكرية وفي مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن ما يميز هذه الحادثة عن مئات مثيلة تحدث يوميا، هي أنها كشفت لوسائل الإعلام بطريقة موثقة، إذ لا يمكن أن ينكرها جيش الاحتلال، بينما الاعتداءات اليومية الأخرى، من اعتقال وضرب وتعذيب خاصة في مراكز التحقيق والسجون الإسرائيلية، يلا يمكن توثيقها بالصورة كما حدث في نعلين.
فالسواد الأعظم من اعتداءات جنود الاحتلال على المواطنين، لم تخضع السلطات الإسرائيلية مرتكبيها إلى التحقيق أو المسائلة، وذلك لأنها اعتداءات لم تفضحها أعين الكاميرا، وبالتالي فان هذه الاعتداءات في نظر قادة جيش الاحتلال، لا ضرر منها ما دامت طي الكتمان، أما وان حدث وفضح اعتداء هنا أو هناك بمحض الصدفة عبر الإعلام، فلا مانع من القول أن مرتكب الاعتداء قد أحيل للتحقيق أو المسائلة.
وأمام هذا الاعتداء الإسرائيلي الجديد المكشوف إعلاميا، فان على المؤسسات الحقوقية التي تدعو إلى احترام القانون الدولي ومواثيق جنيف، أن تعمل على الضغط على إسرائيل وعبر المؤسسات الدولية لمحاكمة جنود الاحتلال ومن أصدر إليهم الأوامر لممارسة أبشع سياسية عنصرية ممنهجة بحق المواطنين الفلسطينيين العزل، مع الإصرار على وضع رقابة دولية على ممارسات الاحتلال خاصة في مراكز التحقيق والسجون التي يتعرض فيها الفلسطينيين إلى تعذيب ممنهج.
كما أن على وسائل الإعلام التي لم تسلم هي أيضا من الاعتداءات الإسرائيلية، أن تكثف من تغطياها لهذه الممارسات على الحواجز وأثناء اعتقال المواطنين، لتوثيق الجرائم الإسرائيلية، لتكون اكبر برهان على فظاعتها حين يحين وقت محاكمة جنود الاحتلال أمام محاكم جرائم الحرب الدولي