20/8/2008
الحديث الإسرائيلي المتواصل حول الالتزام بالعملية السياسية مع الجانب الفلسطيني والرغبة في التوصل إلى حل سلمي عبر التفاوض مجرد حديث إعلامي للاستهلاك الدولي، وما استمرار الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية اليومية ضد الشعب الفلسطيني من قتل واعتقال وتوسع وبناء استيطاني واستهداف القدس ومواطنيها، إلا دليل على النوايا الإسرائيلية الحقيقية، الهادفة إلى خلق وفرض حقائق على الأرض تحول دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967.
وحتى الالتزامات التي نصت عليها الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل وما تلاها من استحقاقات متمثلة بتطبيق خطة خارطة الطريق وتعهدات مؤتمر أنابوليس، فان إسرائيل تتفنن في الهروب منها، وفي ذات الوقت تدعي دعمها عملية السلام عبر الإفراج عن عدد محدود من الأسرى من سجونها، تحت عنوان “بادرة حسن نية”، تجاه الرئيس محمود عباس أو كإشارة إلى صدق نواياها تجاه السيرة السليمة.
وتتناسى إسرائيل انه هناك 11 ألف أسير يقبعون في سجون الاحتلال بشكل يتنافى والمواثيق والشرائع الدولية، سيما وان هؤلاء الأسرى، يعيشون ظروفا صحية واعتقالية غير إنسانية، فيما العديد في سجون داخل إسرائيل، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي، فهؤلاء الأسرى ليسوا مجرمين أو مرتكبين لجرائم، بل هم طلاب حرية ومناضلون دفعوا سنوات طويلة من عمرهم من اجل الدفاع عن قضية شعبهم العادلة، فيما كثير منهم من النساء والأطفال، والمرضى وكبار السن، وعدد آخر من المرضى الذين لا يتلقون العلاج اللازم، ويعانون ظلمة السجن وعذاباته.
ورغم أن قضية الأسرى ليست من ضمن قضايا الوضع النهائي الجاري التفاوض حولها حاليا، وان الإفراج عن جميع الأسرى بشكل فوري هو واجب على إسرائيل يتحتمه القانون الدولي والتزامات العملية السياسة، إلا أن إسرائيل لا تعير أي اهتمام لأي منها، فلا المجتمع الدولي حتى الآن قد مارس واجبه الأخلاقي والسياسي واجبر إسرائيل على الامتثال للقوانين الدولي، ولا حكام إسرائيل يعيرون الاهتمام المطلوب والمعلن تجاه العملية السياسية.
إن معاناة أكثر من إحدى عشر ألف أسرة فلسطينية، وشعب فلسطيني بأكمله، من الاحتلال الإسرائيلي، لا تنهيه “مبادرة حسن نية” إسرائيلية كالإفراج عن عدد من الأسرى، على الرغم من الأهمية البالغة للإفراج عن أي أسير فلسطيني، إذ أن إنهاء معاناة أسرة فلسطينية تنتظر بفارغ الصبر رؤية أسيرها، وتحقيق حرية أي فلسطيني هو مكسب وطني، إلا أن المطلوب من إسرائيل التي لطالما تشدقت بالقانون الدولي والحرية والديمقراطية أن تفرج عن جميع من تعتقلهم قسرا وتواصل باحتجازهم مخالفة أبسط قوانين حقوق إنسان.
أما فلسطينيا، فلا يجب الاكتفاء بما تصفها إسرائيل “ببوادر حسن النية”، فحسن النوايا يكون بتطبيق الالتزامات وعلى رأسها الإفراج عن الأسرى وإنهاء ملف اعتقال الفلسطينيين، والالتفات بجدية إلى مفاوضات الحل النهائي على طريق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن الأراضي الفلسطينية كافة، تمهيدا لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، والقبول بمبادرة السلام العربية التي أجمعت عليها جميع الدول العربية.