2/2/2009
لم تكن غريبة ردة فعل القوى والفصائل والاتحادات والمؤسسات الرسمية والأهلية والنقابية الشخصيات الوطنية والدينية الفلسطينية تجاه دعوة خالد مشعل لإيجاد بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تعد الجامع والمظلة الوطنية للفلسطينيين أينما كانوا. إذ أن خطورة دعوة مشعل تكمن في كونها دعوة لانقلاب سياسي جديد ابرز ما يستهدف وحدانية التمثيل الفلسطيني، على غرار ما أقدمت عليه حماس في قطاع غزة قبل عام ونصف، وتأتي لتعزيز الانقسام الحاصل، والذي كانت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بعيدة عنه إلى حد ما، إذ أن حماس كانت حتى دعوة مشعل تعترف بالمنظمة.
بغض النظر عن دوافع مشعل للعمل على إحداث شرخ جديد على الساحة الفلسطينية يمس بالمظلة الوطنية الفلسطينية الجامعة، فان الأهم الآن يتمثل في دور الفصائل والقوى السياسية والمجتمع المدني ومكونات المجتمع الفلسطيني، في كيفية التصدي لهذه المحاولات، التي لا يمكن أن يكتب لها النجاح، محليا أو إقليميا أو حتى دوليا، فهي تعبير عن إخفاق سياسي وعجز عن تقدير الموقف.
ان منظمة التحرير الفلسطينية التي انتزعت اعترافا عربيا ودوليا بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لا يمكن أن تلغيها مبادرات لإيجاد جسم بديل عنها، على رغم خطورة هذه المبادرات وانعكاساتها على الساحة الفلسطينية التي يعيش أصلا حالة انقسام تهدد قضيته الوطنية، ويواجه تحديات أبرزها إعادة اعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، وتحقيق المصالحة الوطنية.
إن الحديث عن خلق مؤسسات بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية لا يمكن أن تسهم في تحقيق المصالحة الوطنية، بل إن المصالحة والحوار الوطني هي التي يجب أن تقود إلى حوار حول تطوير مؤسسات منظمة التحرير بما يشمل مشاركة حماس والجهاد الإسلامي، وممثلي المجتمع المدني فيها.
إن المصلحة الوطنية، وفقط المصلحة الوطنية تتطلب الاصطفاف ونبذ الخلافات والالتفاف حول منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، التي أدت سنوات النضال والكفاح الوطني الفلسطيني إلى أن يعترف العالم بها كمرجعية وحدية وممثل للفلسطينيين أينما كانوا، بل وتطوير عملها ومؤسساتها واستراتيجياتها بشكل توافقي، على طريق تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستثقلة وعاصمتها القدس.
وربما كانت رسالة الشعب الفلسطيني واضحة، عبر مؤسساته وقواه وأحزابه بالرفض القاطع لأي مساس بالمنظمة وهيبتها وتمثيلها للشعب الفلسطيني أينما وجد، هو ابلغ رد على دعوات مشعل وحركة حماس، فالاختلاف في وجهات النظر والرؤى لا يعني بأي حال من الأحوال الخروج عن النظام السياسي الوطني الفلسطيني، بأجسام بديلة، فسنوات النضال والثورة الفلسطيني شهدت العديد من الخلافات والاختلافات في الاجتهادات والمواقف، بين مختلف قواها، ولا زالت، إلا أن ذلك لم يؤدي إلى انهيار المنظمة ولم يبحث المختلفون عن إنشاء أجسام بديلة.
إن هذه الدعوات والتي لن ترى النجاح، فالشعب الفلسطيني والإقليم العربي ودول العالم، سيبقى يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني ومرجعية له.
وأمام هذا التطور فان القوى والمؤسسات والمجتمع الفلسطيني، مطالبة الآن بالتحرك وبشكل قاطع، وعدم الاكتفاء ببيانات الرفض والاستنكار، بل اتخاذ خطوات عملية من شأنها إنقاذ الوضع الفلسطيني من دوامة الانقسام، والحفاظ على النظام الوطني الفلسطيني، من أي عبث أو مغامرات.
بقلم: مفتاح
المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية / مفتاح