8/8/2009

تعتقد “إسرائيل” بأنّ العرب في مناطق الـ48 باتوا مشكلة يجب العمل على حلها في أسرع وقت.

“إسرائيل” تشغل العرب والعالم بقضية البؤر العشوائية، وبالبناء في المستوطنات ، لصرف أنظار العالم عمّا تقوم به ، وبصورة استباقية ، من إجراءات تستهدف إحكام السيطرة على فلسطين المحتلة 48 وقطع الطريق على حق العودة ، مستفيدة من مناخات الحديث عن تسوية ملتبسة و ” مفخخة”.

ويتفنن صنّاع القرار في تل أبيب من اجل إيجاد حلول ‘خلاقة’ لمشكلة المشاكل بالنسبة لهم ، أي العرب في “إسرائيل”، والتي يسميها رئيس وزراء الدولة العبرية، بنيامين نتنياهو” القنبلة الديمغرافية الموقوتة ” .

وفي هذا الإطار يجب التذكير بان وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، زعيمة حزب (كاديما)، قد صرحت أن الدولة الفلسطينية العتيدة ستكون لجميع الفلسطينيين، بمن في ذلك فلسطينيو الـ48 الآن، وفي ظل تنامي العنصرية الإسرائيلية المؤسساتية والشعبية، بدت تطفو على السطح برامج جهنمية لاقتلاع أصحاب الأرض الأصليين بالقوة عبر التهجير أو الترحيل بالقوة (الترانسفير).

تعرب لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية الفلسطينية في مناطق الـ48 عن خشيتها من ‘طوفان’ القوانين العنصرية التي يقوم الكنيست الإسرائيلي بسنّها ضد الفلسطينيين في ما تسمى بالدولة العبرية.

وقد كشف السفير المصري في “إسرائيل” عن معلومات تؤكد أن “إسرائيل” في ظرف من الظروف، قد تُقدم في عام 2010، على ترحيل الفلسطينيين الذين يعيشون في “إسرائيل” بالقوة إلى الضفة الغربية المحتلة أو إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك في إطار تهويد ما تسمى بالدولة العبرية.

وقد كشف مؤخرا النقاب عن وجود مخطط كبير للسيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، بهدف تغيير الميزان الديمغرافي لصالح اليهود. وقد بدأ تنفيذه بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، في آب (أغسطس) من العام 2005 . . حيث قال آنذاك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، ارييل شارون، ” على اليهود أن يقوموا بالاستيطان في الجليل والمثلث والنقب، في عكا وحيفا والناصرة “.

و للتعويض عن الأراضي التي خسرتها “إسرائيل” في غزة ؛ باشرت بعملية استيطان واسعة النطاق داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام48. و أقامت مدينة في قلب وادي عارة، بالقرب من مدينة الناصرة، ومعدّة لحوالي 150 ألف مستوطن من اليهود المتزمتين (الحريديم) الذين لا يخدمون في الجيش الصهيوني، ولكنّهم علاوة على ذلك يتلقون رواتب شهرية من حكومة الاحتلال التي تستعمل اليهود المتزمتين، لعدة أسباب أهمها :
أولا أنّهم لا يكثرون بالسكن جنب العرب .

ثانيا أنّ نسبة التكاثر الطبيعي لديهم تفوق العرب، وبالتالي فإنّهم سيشكلون” ميزان الردع ” مقابل النمو الطبيعي للعرب في الجليل والمثلث والنقب .

وقد شجّع شارون وحكومته اليهود المتدينين على إقامة المدارس الدينية المعروفة باسمها العبري (يشيفوت ههيدير) في المدن المختلطة مثل عكا وحيفا ويافا .و أعضاء هذه الحركات يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وهم من أكثر غلاة المتطرفين في الكيان.و الهجوم الذي تعرض له الفلسطينيون في عكا السنة الماضية، كان بسبب هؤلاء المستوطنين، الذين لن يتورعوا في المستقبل المنظور من تأجيج الصراع القائم أصلاً بين العرب واليهود في المدن المختلطة. أنّ نسبة الأرض التي يملكها العرب في الداخل الفلسطيني تصل إلى 2.5 بالمائة، و هذه الأراضي معرضة للسلب والنهب من قبل سلطات الاحتلال في إطار سياستها لتهويد كامل ارض فلسطين.

إن المخططات لترحيل ‘عرب 48’ بدأت تأخذ منحى عمليا، و انتقلت من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، و الحكومة الإسرائيلية العنصرية الحالية تنتظر اللحظة المناسبة للإقدام على خطوات التطبيق العملي لمخططات إبعاد العرب، سواء كانوا في الضفة الغربية أو داخل ما يسمى بالخط الأخضر.

كما وتشن حكومة نتنياهو حرب استئصال ضد الفلسطينيين ، وتعمل على تبديد هويتهم وتقليص وجودهم وعزلهم في غيتوات . وقد اتخذت إجراءات عملية تجسدت في خطوات عدة منها:

  1. حرب “إسرائيل” على “عرب – 48” بدأت قبل أن يلتئم شمل الحكومة، حين تقدم نواب إسرائيل بيتنا باقتراحات للحكومة والكنيست تقضي بتجريم إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية .
  2. تلا ذلك، تقديم نواب يهود مشاريع قوانين تفرض على الأقلية العربية ، أداء قسم الولاء لدولة إسرائيل اليهودية ، ولقيمها ورموزها، والخدمة في جيشها وقوات احتلالها، الأمر الذي قوبل باستنكار .
  3. أتبعت حكومة نتنياهو، محاولاتها تلك بخطوات عملية تستهدف التصرف بـ”أملاك الغائب”، حيث بدأت السلطات الإسرائيلية ببيع وتأجير الممتلكات الخاصة باللاجئين الفلسطينيين لغايات التوسع في الاستيطان والتهويد، لا سيما في الأماكن الحساسة كالقدس .
  4. القضية الأهم في هذا المخطط هو السيطرة اليهودية على مدينة القدس الشرقية المحتلة، إذ أنّ السلطات الإسرائيلية، تعمل للسيطرة على ما يُسمى بالحوض المقدس، وذلك من خلال هدم البيوت الآخذة بالازدياد، خصوصاً في منطقة البستان، الواقع في حي سلوان المقدسي . وتقود دولة الاحتلال حملة مسعورة على أحياء مدينة القدس تنفذ وفق مخططات معلنة بمصادرة أراضيها وإقامة المستوطنات حولها وهدم البيوت وتوجيه مئات الإخطارات لهدم المزيد منها ، وطمس معالمها الحضارية العربية والمسيحية والإسلامية ، وعزلها عن محيطها الفلسطيني بجدار الفصل ، وإفراغ المنطقة من أي تواصل مع المسجد الأقصى
  5. إصرار الحكومة الإسرائيلية الحالية على ضرورة اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية قبل الدخول في أي تسوية معهم، يؤكد أن النوايا الإسرائيلية بترحيل عرب فلسطين المحتلة عام 1948 إلى الضفة الغربية، أو حتى إلى الأردن قد باتت إستراتيجية شبه معلنة لهذه الحكومة ذات الطابع العنصري الصرف. فالحديث في “إسرائيل” عن ضرورة طرد العرب، والحفاظ على هوية الدولة اليهودية انتقل من الهمس إلى العلانية، في ظل انشغال القادة الفلسطينيين بخلافاتهم الداخلية و غياب أي تحرك عربي حقيقي للتصدي لمثل هذه المشاريع .
  6. إصدار قرار بشطب أسماء المدن والبلدات العربية، والاستعاضة عنها بالأسماء العبرية . ويشمل القرار تهويد الأسماء العربية و عبرنة 2500 اسم مدينة وقرية عربية داخل فلسطين المحتلة منذ عام 48.
  7. في مطلع آب المنصرم؛ صادق الكنيست الإسرائيلية على قانون لخصخصة الأراضي التي سبق للسلطات الإسرائيلية أن صادرتها. يتيح هذا القانون ” بيع أملاك اللاجئين الفلسطينيين والأراضي التي صودرت من فلسطينيي الداخل، في محاولة لقطع العلاقة بين المالك الأصلي وملكه، بعد تحويله إلى ملك خاص لمواطن أو طرف يهودي”. كما يسمح بخصخصة 800 ألف دونم من الأراضي غير الزراعية التي تملكها دائرة أراضي “إسرائيل” وبيعها. مع العلم أنه “حتى عشية النكبة عام 1948 لم يمتلك اليهود سوى ستة في المائة من ملكية الأرض التي باتت تدعى حسب قولهم بما تسمى بدولة “إسرائيل” … وخلال 60 سنة سيطرت الدولة العنصرية على أراضي اللاجئين والمهجرين والأراضي العامة والأراضي المشاع، وصادرت نحو 81 في المائة من أراضي الفلسطينيين الخاصة كأقلية عربية وسجلت هذه الأراضي باسم دائرة أراضي “إسرائيل” ونسبتها 94 في المائة من أراضي الدولة”. ولا تتجاوز أراضي الملكية الخاصة في “إسرائيل” ستة في المائة موزعة بنسبة ثلاثة في المائة من الأراضي ملكاً للعرب و ثلاثة في المائة ملكاً لليهود. وكانت دائرة أراضي “إسرائيل” تؤجر الأرض لمدة 49 سنة أو 99 سنة باعتبار “أن الأرض ملك للأمة اليهودية”. و خطورة هذا القانون تكمن في ” انه يشمل ويسري على أراضي الجولان السوري المحتل وأراضي القدس الشرقية المحتلة”.
  8. تحاول السلطات الإسرائيلية اسرلة أو عبرنة اللغة العربية داخل الخط الأخضر بإيجاد لغة جديدة أطلق عليها المختصون اسم «البعرية» وهى لغة هجينة من مفردات اللغتين العربية والعبرية . يقول الدكتور محمد أمارة، الباحث ورئيس مركز دراسات في شمال فلسطين المحتلة منذ عام 48 إن «المؤسسة الإسرائيلية تحاول تفصيل العربي الإسرائيلي الجديد، ومن ضمن مواصفاته انه يتكلم لغة عربية ثلاثة أرباعها عبري وتسمى «البعرية» ويقصد بها خلط المتحدث لكلمات عبرية مع كلمات عربية في نفس الجملة. هذه الحملة التهويدية للغة والمسميات تأتى كخطوة سياسية إيديولوجية تهويدية خطيرة تهدف إلى شطب الأسماء العربية للمكان الفلسطيني من الذاكرة وإجبار المواطنين العرب على التعامل مع أسماء صهيونية جديدة تحل محل الأسماء العربية التاريخية.

هذه بعض الخطوات لاستهداف ترحيل أهل فلسطين المحتلة عام 1948م، ضمن مخطط ” الترانسفير”. وهذه المؤشرات تدل على أن نتنياهو يسعى إلى فرض وقائع ميدانية على الأرض تساعده في أية مفاوضات لها علاقة بملف اللاجئين وحق العودة والاستيطان .

وإذا نجح هذا المخطط فسوف يحصل انفجار كبير في المنطقة، وعلى العرب أن يتحملوا المسؤولية التاريخية لما يحدث في أراضي فلسطين المحتلة .

ومن هنا تأتي المخاوف المشروعة من تحويل الأردن إلى وطن بديل للفلسطينيين. ويجب أن تحظى بالاهتمام من قبل جميع الحكومات العربية لبلورة جهد عربي موحد لمواجهة هذا الخطر . والإسراع في توجيه دعوة لعقد قمة عربية لمواجهتها، والقيام بجهد دولي لفضح جريمة ترتقي إلى مستوى التطهير العرقي .

سركيس ابوزيد
الإعلام المركزي