6/3/2008

وُجِد جثةً متفحمة من أعلى الرأس حتى باطن القدمين في إحدى زنازين السجن الحربي .. ملامح الوجه اختفت تماما ولم تُبقِ النار منها ما يمكن لفنيي المباحث الجنائية أن يسجلوه.

على هذه الحالة انتهى الأمر بـ”محمد صالح علي الباكري” بعد حوالي سنتين من بقائه في الزنزانة التي استقبلته إثر عودته من جبال نشور التي كان يخوض فيها القتال مع زملائه ضد الحوثيين هناك.

تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية لم يجد مزيد من التفاصيل ليسوقها سوى أنه قدر عمر المتوفي بـ30عاما “متوسط الطول متوسط البنية”، التقرير الذي يسجل الفصل الأخير في مصير المواطن اليمني محمد الباكري قال إن الإدارة العامة للأدلة الجنائية تلقت البلاغ من عمليات مباحث الأمانة في 21.30 من ظهر يوم السبت 26-1- 2008م عن وجود جثة في المستشفى الجمهوري وفور البلاغ تم الانتقال إلى هناك، لم يكن البلاغ من قبل إدارة السجن الحربي أو النيابة العسكرية وكذلك النزول لم يكن إلى مكان الحريق.. في التقرير المرفوع من قبل الفريق قال إنه لم يعثر ولم يحرز أي شيء، والسبب أنه لم يكن النزول إلى مكان الحادث “السجن الحربي”.

ويوضح التقرير أن سبب الوفاة “سكب مادة مشتعلة على الجسم بالكامل ثم استخدام أداة اشتعال فاحترق الجسم بالكامل”.

تقريبا المعلومات السابقة هي كل ما احتوى عليه التقرير إلا أن فصولا سابقة من المأساة يسجلها ملف الوثائق التي حصلت عليها الصحوة من أقارب “المتوفي حرقا”.

حيث تشير المعلومات إلى أن محمد الباكري مسجون منذ أكثر من عامين في السجن الحربي بتهمة قتل أحد زملائه في أرض المعركة وأصدرت المحكمة العسكرية الابتدائية حكما بالدية على اعتبار أن حالته النفسية لم تكن طبيعية، وأيدتها بذلك محكمة الاستئناف قبل أن تعيد المحكمة العليا ملف القضية إلى الاستئنافية التي جاء حكمها التالي بالقصاص.

وفي الوقت الذي تؤكد إدارة السجن الحربي لأولياء دم البابكري أنه انتحر بصب مادة “القاز” وإشعال النار في جسده ، وبحسب ما يرويه أقارب القتيل فإن الجهة المختصة أكدت لهم أن محاولات انتحار سابقة سجلت عليه أثناء بقائه في السجن.

إلا أن بيان صادر عن أبناء قبيلة بني جبر – خولان الطيال يقول أن “أيادي آثمة وجبانة أقدمت على إشعال جسمه بمادة بترولية “كيروسين” أدى إلى إحراق جسمه بشكل كامل نتج عنها وفاته بعد إسعافه إلى المستشفى الجمهوري”.

وتناشد قبيلة بني جبر قادة ومسؤولي المؤسسة العسكرية ممثلة بوزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وقائد المنطقة الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن صالح –التي يعد الباكري أحد أفرادها- بالتحقيق في القضية وكشف ملابساتها.

وردا على إعلان نشرته النيابة في صحيفة الثورة بداية الأسبوع الحالي يطالب أولياء دم القتيل بدفن الجثة فقد اعتبر البيان محاولة دفن الجثة رغم حداثة الجريمة وعدم اتخاذ إجراءات جدية فيها “إنما يريد بذلك التستر وحماية مرتكبيها وإضاعة القضية”.

كيف وصل “القاز والكبريت” إلى الزنزانة الانفرادية، وكيف تكون إدارة السجن الحربي قد سجلت على السجين الباكري أكثر من محاولة انتحار،وكيف وكيف يكررها أولياء دم القتيل باستمرار عند مناقشتهم لفرضية أنه انتحر، خاصة وأن السجون تمنع على نزلائها أي وسيلة يمكن أن تساعدهم على الانتحار، مما يدفعهم إلى الإلحاح على ضرورة إجراء تحقيق في القضية لعله يجيب على تلك التساؤلات.