21/7/2005
تابعت لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية ببالغ الأسف والقلق الأحداث التي شهدتها مدينة القد موس التابعة لمحافظة طرطوس وبعض القرى المجاورة لها ,والتي تفجرت,وللمرة الثانية, في مساء يوم الثلاثاء من تاريخ 12\7\2005 حيث ساد التوتر على خلفية نزاع عائلي نشب قبل فترة بين أسرتين احداهما من القد موس والأخرى من إحدى القرى المجاورة,و سرعان ماتفاقم النزاع ليأخذ بعدا طائفيا عنيفا ينذر بالخطورة ,و مؤشرا على الحضور الفعلي لعوامل كامنة في البنية السياسية و الاجتماعية السورية.
– وقد أوفدت ل.د.ح إلى مدينة القد موس بعثة لتقصي الحقائق ,ورغم الصعوبات التي واجهتها ومن أهمها توتر الأجواء ,وصعوبة الحركة نتيجة الطوق الأمني المفروض,فقد استطاعت أن تجمع قدرا لابأس به من المعلومات ,من خلال الرصد والاستماع إلى شهود العيان من مواطني مدينة القد موس والقرى المجاورة لها ,ومن النتائج الأولية التي خلصت إليها المنظمة من هذه البعثة مايلي:
أولا-إن أحداث القد موس تذكر بما حدث في مدينة مصياف (حماه)في نيسان الماضي والتي تشبه في تركيبتها السكانية مدينة القد موس,حين تطورشجار بين بعض السائقين العموميين إلى اشتباكات بين عائلات من المدينة والقرى المجاورة ,وترافقت ببعض أعمال العنف . وترى المنظمة أن أحداث القد موس أسوأ مقارنة بما سبقها على مستوى عدد الفاعلين والمصابين ,وما تضمنته من أعمال تخريب .
ثانيا–ما زاد في تعقيد الوضع في مدينة القد موس ضعف الأداء الأمني وعدم تدخل مدير الناحية ومسئولي الشرطة والأمن, إذ أن قوات رجال الأمن والشرطة وقوات حفظ النظام لم تصل إلا بعد مضي أربع ساعات على الاحداث ,بعد أن كانت النيران قد التهمت 24محلا تجاريا , إضافة لأعمال تخريب أخرى طالت عددا من المنازل ,وقدرت الخسائر المادية بملايين الليرات السورية,بالاضافة الى العديد من الجرحى بالعصي والهراوات والحجارة, وثلاثة آخرين جرحوا بالرصاص من عائلات منصور ومجر ومصطفى.
ومازالت القوى الأمنية منتشرة في المدينة وعلى مفارق الطرق المؤدية إليها ,وتقوم بدوريات مسلحة في شوارع المدينة وتحاول القبض على الفاعلين.و قد تم بهذا الخصوص تشكيل لجنتين حكومتين ,الأولى للكشف عن مرتكبي الحوادث,والثانية للوقوف على الأضرار وللتعويض للمتضررين .
ثالثا-إن ل.د.ح ترى إن ماحدث في القد موس لايمثل ظاهرة اجتماعية ,ولكنه في الوقت ذاته ليس حادثا عارضا,فهناك عوامل موضوعية أدت إلى أن يتحول شجار بسيط إلى نزاع كبير,وفي مقدمة هذه العوامل “العجز عن إدارة مبدأ المواطنة”بما يتضمنه ذلك من مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وسياسات التعليم المدنية,وعلاقة المواطن بمؤسسات الدولة.وفي إطار هذا العجز تصبح الانتماءات الدينية والطائفية والعائلية والجغرافية بؤر تفجر كامنة ومحتملة.فالفاعلين في حدث القد موس تحركوا تحت عباءة هذه الانتماءات ,وبالأحرى ان غياب مبدأ المواطنة في الوعي العام ,وفي العلاقة بين الأفراد ومؤسسات الدولة ادى الى تفاقم الامور بهذه الطريقة المؤسفة.
– إن ل.د. ح تنظر بعين القلق على ماتكرر حدوثه في مدينة القد موس وسابقا في مدينة مصياف و تعتبره مؤشرا خطيرا على حالة الاحتقان داخل المجتمع السوري وتناشد جميع المواطنين السوريين بضبط النفس و تغليب قيم المواطنة و سيادة القانون في مثل هذه المواقف .
– وإننا ندعو الحكومة السورية إلى محاسبة المسئولين الحكوميين في المدينة وإحالة من يثبت عليه التقصير إلى القضاء, وكذلك تقديم المتسببين وكل من قام بأعمال الشغب و التخريب إلى القضاء العادي المختص.
– اعتماد مبدأ الشفافية و المهنية القانونية في عمل اللجنتين الحكوميتين و اشراك المنظمات غير الحكومية في اعمالها و تقديم تقاريرهم الى الرأي العام السوري .
– ونظرا للصعوبات التي واجهتها بعثة المنظمة ,وانطلاقا من الحرص على توخي الحقيقة ,فان ل.د.ح سوف تستكمل تحقيقاتها والاستماع إلى الشهادات من اجل الوقوف على مختلف العوامل التي ساعدت على اندلاع الأحداث وتفاقمها.