25/6/2008

قبلت المحكمة الوطنية الأسبانية، وهي أعلى هيئة قضائية اسبانية أمس الثلاثاء الموافق 24 يونيو 2008، الدعوى القضائية التي تقدم بها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ضد مسئولين إسرائيليين، متهمين باقتراف جريمة حرب في قطاع غزة في العام 2002، أسفرت عن قتل وإصابة عشرات المدنيين الفلسطينيين. من بين المتهمين الإسرائيليين، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، بنيامين بن اليعازر، ومستشاره العسكري، مايكل هيرتسوغ، ورئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعالون، وقائد العملية، قائد سلاح الجو، دان حالوتس.

وجاءت هذه الدعوى بناءً على توكيل من ستة مدنيين ناجين من اسر ضحايا المجزرة الإسرائيلية المروعة التي اقترفت بتاريخ 22 يوليو 2002، حينما أطلقت طائرة إسرائيلية من نوع (أف- 16) قذيفة تزن قرابة نصف طن على منزل القيادي في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، صلاح شحادة بحي الدرج، في مدينة غزة، مما أسفر عن مقتل 18 مدنياً، وجرح ما يزيد عن 77 آخرين، فضلاً عن تدمير 11 منزلاً بشكل كلي، و32 منزلاً آخر بأضرار. وكان من بين القتلى شحادة وزوجته، وطفلته، ومرافقه الشخصي، وثمانية أطفال يبلغ أصغرهم من العمر شهرين، إضافة إلى كهلين، وسيدتين. وفي تعقيبها على تلك الجريمة، في حينه، اعترفت الحكومة الإسرائيلية- على لسان رئيس هيئة أركانها الجنرال موشيه يعلون- بتلك العملية وبـ “علمها بوجود زوجته وابنته إلى جانبه أثناء تنفيذ عملية الاغتيال…وأنه لا مفر من تنفيذ العملية حتى بوجودهما.”

وكان المركز قد قرر اللجوء إلى القضاء الاسباني، بعد أن اتضح للمركز، بعد بالتنسيق والتعاون مع عدد من الخبراء القانونيين الدوليين أن بالإمكان اللجوء إلى القضاء الاسباني، خاصة فيما يتعلق بنظره في دعاوى الإبادة والجرائم ضد الإنسانية. كما تأتي هذه الدعوى، بعد عدة دعاوى مماثلة رفعها المركز أمام المحاكم الإسرائيلية، غير أنها لم تفض في جميع الحالات إلى نتيجة إيجابية، بل كان “القضاء الإسرائيلي” يستخدم لتوفير الغطاء القانوني لاقتراف مثل هذه الجرائم، وأنه ليس سوى أداة امتصاص وإعاقة من أجل عدم الولوج في إجراءات العدالة الدولية بصورة مباشرة، تحت حجة وجود قضاء وطني إسرائيلي “عادل”.

ويأتي ذلك في إطار الجهود الحثيثة التي يبذلها المركز في إطار ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الدولي في كل من سويسرا، نيوزيلندا، بريطانيا، واسبانيا. وكان من بين أهم القضايا التي تابعها المركز، تلك التي رفعها أمام المحاكم البريطانية ضد اللواء دورون ألموغ، قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، أثناء فترة خدمته. وقد تمكن اللواء ألموغ من الفرار من العدالة، في سبتمبر 2005 على الرغم من إصدار رئيس محكمة صلح لندن تيموثي ووركمان، أمراً باعتقاله للاشتباه بارتكابه لمخالفات جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 (وهو ما يعتبر مخالفة جنائية في المملكة المتحدة بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1957). وأشار أمر الاعتقال في حينه إلى أن الجنرال الإسرائيلي كان ذو صلة بجرائم حرب ارتكبت في مخيم رفح بتاريخ 10 يناير 2002، وكان مقرراً اعتقاله من قبل الشرطة البريطانية في 10 سبتمبر 2005 أثناء زيارته لمدينة بيرمنغهام على أرض مطار هيثرو، غير أنه تم إعلامه بهذا الأمر فبقي داخل الطائرة التي تقله، قبل أن يعود هارباً من يد العدالة البريطانية إلى إسرائيل.

المركز إذ يشير إلى أن المحكمة الوطنية الاسبانية قد قبلت النظر في الدعوى المذكورة، فإنه يأمل أن تقبل الدعوى شكلاً ومضموناً، تمهيداً لمحاكمة المسئولين الإسرائيليين المشار إليهم كمجرمي حرب.