10/12/2007
“إذا لم يكن لحقوق الإنسان أي معنى في الأماكن الصغيرة القريبة من المنزل فهي لن تعني شيئاً في أي مكان آخر” إليانور روزفلت إحدىمهندسي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تحتفل الأسرة البشرية في العاشر من كانون الأوَّ ل من كل عام، بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي أصدرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل 59 عامًا ، في العاشر من كانون الأول \ديسمبرعام 1948 بباريس بموجب قرار الجمعية العامة 217 أ ( د-3) وتحديدًا في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) 1948،وشكل منذ صدوره حجر الزاوية ومصدر الإلهام لكل الأفكار والأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان في كل مكان في العالم، واصبح مفصلا مهما لما أصبح يعرف بحق باسم «التراث العالمي لحقوق الإنسان» ومصدرا رئيسا تفرعت عنه كل الاعلانات والعهودوالاتفاقيات الدولية والاقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان ، مما يمكننا القول بأنه شكل حدا فاصلا بين ماضي البشرية و مشروعها المستقبلي ،من خلال استجابة الأسرة البشرية لجملة التحديات التي تعرضت لها،ليتحول بعدها موضوع حقوق الإنسان إلى ركيزة أساسية للسعي إلى عالم جديد وحضارة عالمية جديدة ، إنسانية حقا ، حيث تجسد قيم حقوق الإنسان تطلعات مشتركة بين جميع الحضارات والثقافات
وإعادة صياغة النظام القانوني- الدولي والوطني -استنادا على مبادئ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والإصرار على المساهمة في جعل مستقبل البشر عالم جدير بالعيش، ولتأخذ قضايا حقوق الإنسان أبعادها الكونية ، ليس لأنها صارت في مقدمة القضايا الراهنة والواجبة التي تشغل العالم ، وإنما لأنها قد تشكل حدا و مفصلا بين عصر سادت فيه أشكال مختلفة من العبودية والاستبداد والتشيؤ والتشوه طعنت وقهرت إنسانية البشر، وآخر يسعى إليه الكثيرون وفي أذهانهم أحلام كبيرة عن إطلاق وإغناء أنسانية الإنسان ، في سياق الاعتراف المقنن له بحقوق معينة غير قابلة للإنكار.
ورغم مرور تسعة وخمسون عاما على إصدار الإعلان و ماتلاه من عهود وإعلانات واتفاقيات متعلقة بحقوق الإنسان ، إلا أن، نفاذ ما ورد فيه بفاعلية على المستوى المحلي والدولي ما يزال دونه الكثير من العقبات ، وما زال أمام الآسرة البشرية الكثير من العمل في هذا المسار ، حيث ما زال جزء كبير من الآسرة البشرية يقع ضحية الجوع والحروب والآمراض والأوبئة ، في حين تصرف مئات المليارات الدولارات في سباق التسلح ، لتصل البشرية لأول مرة في تاريخها لإمكانية تدمير ذاتها ومنزلها ( الأرض) . كما نلحظ في السنوات الأخيرة استمرار الشكل الفاضح من التواطؤ بين عنف الدولة وعنف المنظمات المسلحة في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ، مما يشكل مبررا لبعض الدول لتمرير استمرارها المنظم والمقونن في انتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وتتوافق مناسبة صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان مع صدور إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان بتاريخ 9 ديسمبر/ كانون الأول 1998 . فرغم التأكيد على أن تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية هي من مسؤوليات الدولة وواجبها الرئيسي إلا أن هذا الإعلان أكد على حق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع المدني في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها على الصعيد الوطني والدولي ، فجاء هذا الإعلان أيضا من أجل أنصاف المدافعين عن حقوق الإنسان ، مما يتعرضوا له ، بسبب من دورهم ، من كل أشكال الاضطهاد التضييق والتشويه للسمعة والملاحقة والاعتقال والتعذيب وحتى القتل.وبهذه المناسبة نتوجه بالتحية إلى كل المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم، وتضامننا معهم للمضي قدما من أجل حياة جديرة بالعيش للإسرة البشرية جمعاء.
كما تمر اليوم الذكرى الثامنة عشر ( 1989 ) على تأسيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية ، حيث تعتزم الاستمرار على نهجها وتعزيز مصداقيتها على المستوى الوطني والاقليمي والدولي ، بما يخدم قضايا حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية، فمن جهة مارست و تمارس سلوك اقتراحي ومسؤول موجه إلى الحكومة السورية من أجل تعديل القوانين والتشريعات السورية بما يتلائم مع التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ،و وضع الآليات المناسبة من أن أجل إنفاذها بطريقة فعالة، ومن جهة ثانية قامت وتقوم بمختلف عمليات الرصد والمراقبة لهذه الحقوق وكل ما يعتريها من خروقات وانتهاكات حكومية أو غير حكومية وتضع السلطات السورية أمام مسؤولياتها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية .
كما تعتزم ( ل د ح ) بهذه المناسبة بمواصلة الجهود الرامية لترسيخ ثقافة الحوار والتسامح بين مختلف مكونات المجتمع السوري ، من أجل التمكين من قيم وثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان،وتعزيز أهمية دور الفرد والمجتمع المدني عبر معرفة حقوقه والدفاع عنها في بناء دولة الحق والقانون ذات النزوع الديمقراطية، وإعلاء مبدأ الحرية والمساواة والمواطنة.
إن الاحتفال بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من كل عام هي فرصة في المقام الأول لتقييم حال حقوق الإنسان والوقوف على معيقات التمتع بها والتحديات التي تواجهها ،فما يزال يساورنا القلق في عام 2007 من استمرارالتراجع على صعيد احترام حقوق الانسان في سورية والحريات الأساسية، حيث ما زالت السلطة السورية مستمرة على نهجها الأمني في التعاطي مع المجتمع السوري ، وما زال مركب حالة الطوارئ و الفساد ، الذي يشكل ركيزة أساسية في ممارسة السلطة ، مستمرا في المساهمة في تدهور حالة الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان، فرصدنا في هذا العام المئات من حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتهديد الدائم بالحق في الحياة والأمان الشخصي,من قبل مختلف الأجهزة الأمنية الموجودة في سورية, مع استمرار عمليات التعذيب وإساءة المعاملة من وسائل التحقيق المعتمدة في أقسام الشرطة ومراكز التوقيف المختلفة حيث مازالت سورية تعتبر من الدول التي يمارس فيها التعذيب بشكل منتظم مع وجود مراسيم تشريعة تحمي مرتكبي جرائم التعذيب من الملاحقة القضائية ،كما استمر العمل بالقوانين والمحاكم الاستثنائية حيث رصدت اللجان العشرات من الاحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا وهي محكمة غير دستورية وتفتقر لابسط معايير المحاكمة العادلة
كما استمر انتهاك حرية الراي والتعبير والتضييق على حرية الصحافة حيث صنفت سورية بحسب تقرير مراسلون بلا حدود الأخير ضمن أسوء اربع دول في الشرق الاوسط في مجال الحريات الصحفية و احتلت المرتبة 154 بين 169 دولة شملها التقرير، كما تراجعت سورية من المركز 93 إلى المركز 138 في مؤشر “مدركات الفساد” لعام 2007، الذي أصدرته منظمة “الشفافية الدولية” من ضمن 179 بلداً شملها المؤشر، مما ترك تأثيراته الواضحة على اتساع دائرة الفقر والبطالة في سورية ، حيث ذكرت كثير من الدراسات وكانت أن نسبة 11.4 % من السكان في سورية تعيش تحت خط الفقر الأدنى المرتبط بالاحتياجات الأساسية للمجتمع في حين أن نسبة 30.1% منهم يعيشون تحت خط الفقر الأعلى المرتبط بتأمين السكن ,وبذلك يمكن القول أن حوالي ثلث سكان سورية تتعرض للانتهاك السافر لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي مقدمتها الحق في التنمية والحق في العمل والحق في الصحة والتعليم والسكن اللائق والعيش الكريم والبيئة السليمة
وتزداد هذه الانتهاكات حدة مع تفاقم مشكلة البطالةـ وتشير إحصاءات البطالة بين رسمية وغير رسمية إلى معدل بطالة يتراوح بين 9 إلى 22 % من مجموع السكان ـ خاصة في صفوف حاملي الشهادات ــ ومع عجز الحكومة السورية عن مواجهة آثار الارتفاع المتواصل لكلفة المعيشة نتيجة الزيادة الممنهجة في أسعار المواد والخدمات الأساسية بالنسبة لعامة الناس. كما لازال المواطنون الأكراد في سورية يعانوا من جراء التمييز العنصري الذي يمارس بحقهم وتشكل حالة المجردين من الجنسية والمكتومين انتهاكا سافرا لابسط حقوق الإنسان هذا وقد أصدرت اللجان تقريرا في 5\10\2007 بمناسبة الاحصاء الجائر بعنوان “ومازالت المعاناة مستمرة منذ 1962” ومنشور على موقع اللجان الإكتروني .
ولازال الكثير من المعتقلين السياسيين السابقين مجردين من الحقوق المدنية والسياسية، كما لازالت السلطة السورية مصرة على المضي قدما في قمع التجمعات السلمية غير الحكومية ، كما تزايد عدد الممنوعين من السفر من النشطاء والعاملين في الشأن العام،واستمرار غياب المشاركة في إدارة الشؤون العامة مع غياب قانون للأحزاب وغياب قانون للجمعيات والنقابات تضمن حق المواطنين بحرية واستقلالية العمل،ولم يحدث تقدم ملحوظ فيما يخص التمييز بحق المرأة ، كما لم تعدل القوانين والتشريعات التي تقونن التميز بحقها.
وبهذه المناسبة تحث لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية، السلطات السورية على:
- رفع حالة الطوارئ والآحكام العرفية المعلنة في البلاد منذ عام 1963، وإلغاء كافة القوانين والمحاكم الاستثنائية، ووقف المحاكمات الجارية أمام محكمة أمن الدولة العليا ،ووقف الاعتقال التعسفي والإفراج عن كافة معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين .
- إقرار مبدأ سمو المواثيق والاتفاقيات الدولية، المعنية بحقوق الإنسان التي صادقت عليه سورية ،على التشريعات الوطنية مع التنصيص على هذا المبدأ في الدستور السوري.
- تعديل الدستور السوري بما ينسجم في المضمون مع مبادئ وقيم ومعايير حقوق الإنسان التي صادقت عليه سورية
- تعديل مضمون القوانين والتشريعات السورية بما يتلائم والمواثيق الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
- تنفيذ التوصيات المقررة ضمن الهيئات التابعة لمعاهدات حقوق الإنسان الدولية والاقليمية.
- المصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وإنفاذه بطريقة فعالة .
- إجراء تحقيقات طارئة حول ادعاءات الموقوفين بتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة وإنشاء هيئة مستقلة لها الصلاحيات المطلقة للتحقيق في هذه الادعاءات.
- أمتثال قانون المطبوعات والتشريعات ذات الصلة التي تحكم وسائط الإعلام السمعية والبصرية والصحافة ونظم التراخيص أمتثالا كاملا لمقتضيات المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
- تعديل القوانين والتشريعات لكفالة المساواة بين الرجل والمرأة في قضايا الأحوال الشخصية ، وأن تزيل أي تمييز ضد المرأة في قانون العقوبات.
- اتخاذ التدابير الكفيلة لتنقيح جميع التشريعات التي تحد من أنشطة منظمات حقوق الإنسان وممارسة نشاطها بحرية ،وتعديل قانون الجمعيات بما يمكن مؤسسات المجتمع المدني من القيام بدورها بفاعلية .
- إصدار قانون للأحزاب يجيز للمواطنين بممارسة حقهم بالمشاركة السياسية في إدارة شؤون البلاد .
- حث الحكومة السورية على اتخاذ الإجراءت والخطوات من أجل وضع خطة وطنية لتعديل المناهج التعليمية بكافة المراحل والاختصاصات بما يضمن نشر ثقافة حقوق الإنسان والتمكين من قيمها ، وبما يناسب كل مرحلة ، والعمل على إعداد مختلف العناصر الأمنية ثقافيا وتدريبهم على ثقافة حقوق الإنسان واحترامها.
- اتخاذ التدابير اللازمة لضمان ممارسة حق التجمع السلمي ممارسة فعلية .
- اتخاذ الإجراءات التي تكفل حماية الحق في إنشاء نقابات عمالية حرة ومستقلة، وممارسة الحق في الإضراب دون أي شكل من أشكال الترهيب.
- اتخاذ الإجراءات اللازمية والعاجلة بما يكفل إلغاء كافة أشكال التمييز بحق المواطنين الأكراد ، وان تتيح لهم إمكانيات التمتع بثقافتهم واستخدام لغتهم وفقا للعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والعهد الخاص بالحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية واتخاذ الإجراءات الفورية الفعالة للإلغاء نتائج احصاء عام 1962 وتبعاته.
- العمل على التسوية النهائية و العادلة لأوضاع كافة المعتقلين السياسيين المفرج عنهم و كذلك الموقوفين بسبب نشاطهم النقابي أو السياسي وذلك في مجال العمل و على المستوى القانوني و الإداري و المالي و وضع حد قانوني لمضايقة المعتقلين سابقا بدءا بتمكينهم دون قيد أو استثناء من كافة حقوقهم و من ضمنها جوازات السفر و حقهم في مغادرة البلاد و توفير العلاج الطبي والتعويض الملائم للمصابين بأمراض و عاهات ناتجة عن تعرضهم للتعذيب.
- إصدار عفو عام تشريعي لإلغاء كافة الأحكام و المتابعات المرتبطة بملف المنفيين وعودتهم للوطن بضمانات قانونية
- اتخاذ الإجراءات الكفيلة محاربة الفساد بفعالية من خلال إعمال شعار عدم الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية المرتكبة بشأن الثروات و الأموال العامة، التي شكلت و مازالت تشكل إحدى الأسباب الأساسية لحرمان المواطنين و المواطنات من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. و تقديم مرتكبيها للعدالة ، وذلك مهما كانت مراكزهم و نفوذهم . واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة التي تضمن استرجاع الدولة للأموال المنهوبة.
- وأن تتخذ الحكومة السورية في مسار إصلاحاتها الاقتصادية و جميع جوانب مفاوضاتها مع المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، من أجل ضمان الحماية الواجبة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبخاصة لأضعف المجموعات، وبما يتلائم وتصديقها على العهد الدولي الخاص بالحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية .
- اتخاذ جميع التدابير الفعالة لمعالجة مشكلة عمل الأطفال في مشاريع الأعمال الأسرية وفي القطاع الزراعي و الصناعي، مما يتعارض مع حماية حقوق الطفل في الصحة والتعليم.
- حث الحكومة السورية على إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان تمتثل للمبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ( مبادئ باريس) .
- إنفاذ التزامات سورية الدولية بفعالية بموجب تصديقها على العهود والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان .
كما لايفوتنا في لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية, بهذه المناسبة الوقوف بكل إجلال واحترام للمناضلين الأوائل الذين أرخوا لحركة حقوق الإنسان في سورية ,وقاموا بتأسيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية,ودفعوا ثمنا غاليا جدا من سنين عمرهم وراء قضبان السجن,ونذكر منهم:
نزارنيوف ، محمد حبيب، عفيف مزهر، اكثم نعيسة، بسام الشيخ، ثابت مراد، جديع نوفل، يعقوب موسى، حسام سلامة، حسن علي، جهاد خازم، نجيب لايقة، ياسر اسكيف، حسن رفاعة.
وبمشاركة بعض الزملاء في خارج سورية:
هيثم مناع، غياث نعيسة، ناصر غزالي، حسن خلف ، اسماعيل محمد، صخر فرزات، فارس الشوفي، احمد حسو.
مكتب الأمانة
www.cdf-sy.org
info@cdf-sy.org