5/6/2009

قتل أمس، الخميس الموافق 4/6/2009، أحد أفراد جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني واثنان من عناصر كتائب عز الدين القسام (الجناح المسلح لحركة حماس) في عملية استهدفت اعتقال مجموعة من عناصر الكتائب في مدينة قلقيلية. المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وإذْ يأسف لسقوط هؤلاء الضحايا، فإنه يعرب عن خشيته من دخول الصراع الداخلي الفلسطيني منحى جديداً وخطيراً في الضفة الغربية، وبخاصة أن عملية مشابهة حدثت بتاريخ 31/5/2009 في المدينة نفسها، وراح ضحيتها ستة مواطنين، هم ثلاثة رجال أمن وعنصران من كتائب القسام وصاحب منزل تواجد فيه الأخيران.

واستناداً للتحقيقات الميدانية التي قام بها باحثو المركز، ففي حوالي الساعة 5:00 صباح اليوم المذكور أعلاه، حاصرت قوات كبيرة من أجهزة الأمن الفلسطينية منزل المواطن عبد الفتاح شريم، وهو منزل مكون من طبقتين، يقع خلف بنك فلسطين المحدود، في حي شريم، جنوب غربي مدينة قلقيلية، بهدف اعتقال مجموعة من عناصر كتائب القسام. أغلقت تلك القوات المنطقة، وحاصرت المنزل المستهدَف. طرق أحدهم باب المنزل الخارجي، ففتحت زوجة المواطن شريم الباب، وعندما أبلغوها بأن لديهم أمراً بتفتيش المنزل طلبت منهم إمهالها عدة دقائق. وبعد خمس دقائق، اقتحموا المنزل وأجروا أعمال تفتيش في داخله، ولم يعثروا على أحد. وأثناء خروجهم، شاهدوا امرأة مسنة تجلس على (شاحط) الدرج وكان على يديها آثار تراب، وكأنها تتحدث مع نفسها، مما أثار ريبة أفراد القوة. تقدم عدد منهم تجاهها فشاهدوا عدة قواوير مغروس فيها ورود منزلية، وكان تحتها قطعة إسفنج، ما أثار الشبهة لديهم. أزاح أحدهم، وهو الرقيب أول في جهاز الأمن الوقائي، رياض طالب باكير زين الدين، 26 عاماً، من قرية مجدل بني فاضل، جنوب شرقي مدينة نابلس، قطعة الإسفنج فلاحظ وجود فتحة في الأرض، وما أن أدخل رأسه في الفتحة لاستكشاف ما تحتها، أطلِقَ تجاهه حوالي ثلاثين عياراً نارياً من سلاح كلاشنكوف من داخل سرداب تفضي إليها الفتحة. أسفر ذلك عن إصابته بعدة أعيرة نارية في الرأس والكتف، وسقط على باب فتحة السرداب، فتراجعت القوة إلى الخلف. وعندما تأكدت القوة من مقتل المذكور حاولت مجموعة منها سحب جثمانه، فتقدمت وسط إطلاق النار تجاه فتحة السرداب، فألقيت قنبلة يدوية تجاههم من داخل السرداب، إلا أنها اصطدمت بعائق (قضيب حديدي) وارتدت إلى أسفل، وفي أعقاب ذلك سُمِعَ صوت انفجار، فتراجعت القوة مرة أخرى إلى الخلف.

في أعقاب ذلك، شرع قائد القوة بالطلب، عبر مكبرات الصوت، من أفراد المجموعة المسلحة المتحصنة داخل السرداب تسليم نفسها. وفي حوالي الساعة 9:00 صباحاً، استقدمت أجهزة الأمن والدة وأحد أشقاء علاء هشام أبو ذياب، 27 عاماً، لإقناعه بتسليم نفسه، وأبلغته، عبر مكبرات الصوت، أنها تقدمت باتجاهه، وأثناء اقترابها من المكان، قُذِفَتْ قنبلة يدوية تجاهها ومن معها من أفراد قوات الأمن، فتراجعوا جميعهم على الفور إلى الخلف. شرع أفراد القوة بإطلاق النار بشكل متقطع تجاه فتحة السرداب. وبعد مضي حوالي ثلاث ساعات دون إطلاق نار من داخل السرداب تجاه القوة، تقدمت القوة في حوالي الساعة 2:00 بعد الظهر تجاه السرداب واقتحمته، فشاهد أفرادها جثتين ملقاتين على الأرض، ثم لاحظوا شخصاً يتمدد في زاوية السرداب، فتقدموا باتجاهه، وعندما حرك أحدهم جسده كان يتنفس، وعرّفهم على نفسه بأنه علاء أبو ذياب، ويريد تسليم نفسه بعد أخذ الأمان منهم. أبلغهم علاء أنه يضع حزاماً ناسفاً على وسطه، فابتعدوا عنه وطلبوا منه خلعه، ففعل ذلك، وسلم نفسه، وكان مصاباً إصابة طفيفة.

نقل جثمانا القتيلين إلى المستشفى الحكومي في قلقيلية، وذكرت المصادر الطبية فيها أن القتيلين أصيبا بالشظايا. ولم يستطع باحثو المركز حسم إن كانت القنبلة اليدوية التي ارتدت إلى أسفل السرداب قد تسببت في قتل عنصري كتائب القسام، خاصة أن أجهزة الأمن الفلسطينية نفت أنها استخدمت قذائف أو قنابل يدوية في عملية الاقتحام. كما لم تتمكن باحثة المركز من الوصول إلى شهود عيان لحسم هذه المسألة بسبب إخلاء المنزل المستهدف والمنازل المحيطة به من سكانها وإبعادهم عن المنطقة.

والقتيلان هما:

  1. محمد حسام عطية، 27 عاماً؛ وأصيب بشظايا قنبلة في كف اليد اليمنى والصدر والرأس.
  2. إياد عبد الفتاح عبد الله الأبتلي،27 عاماً، وأصيب بشظية في الجهة اليمنى من الوجه.

الجدير ذكره أن المواطن شريم معتقل لدى جهاز الأمن الوقائي في مدينة قلقيلية منذ عشرة أيام، ويخشى المركز أن يكون محتجزوه قد مارسوا ضغوطاً عليه للاعتراف عن مكان وجود عناصر كتائب القسام المستهدَفين. وكان الجهاز المذكور قد عرّض أحد المعتقلين لديه للتعذيب للإدلاء بمعلومات حول مكان تواجد محمد السمان ومساعده محمد ياسين اللذين قتلا بتاريخ 31/5/2009 حسب إفادة حصل عليها المركز في حينه.

يشار إلى أن مدينة قلقيلية شهدت أحداثاً مماثلة بتاريخ 31/5/2009، وأسفرت في حينه عن مقتل ستة مواطنين، هم ناشطان من كتائب القسام، وصاحب منزل تحصنا في داخله، وثلاثة من أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية، فضلاً عن إصابة عدد آخر بجراح. (انظر: بيان المركز بتاريخ 31/5/2009؛ المرجع 69/2009)

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يعرب عن شديد أسفه لوقوع تلك الأحداث، ويحذر من خطورة التصريحات المتبادلة بين طرفي الصراع، سواء تلك التي صدرت عن مسئولي الأجهزة الأمنية الفلسطينية المكلفة بإنفاذ القانون. بعيدا عن أية انتماءات سياسية أو حزبية، لِما تحمله من مخاطر في تسييس القانون وتأجيج حالة الاحتقان وتعميق الانقسام، وعلى كل عناصر الأجهزة الأمنية وقيادتها ومسؤليها والناطقين باسمها الالتزام بحياديتها وعدم أطلاق أي تصريحات سياسية والالتزام بمهنيتها واستقلالها كقوة إنفاذ القانون، وكذلك الأوامر التي أصدرتها حركة حماس لعناصرها بمقاومة أعمال اعتقالهم و أخرها وبناء على ما تقدم، فإن المركز:

  1. يطالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في هذه الأحداث وملابساتها، وإعلان نتائج التحقيق على الملأ.
  2. يدعو كافة الأطراف لوقف أعمال التحريض التي رافقتها، وأعقبتها، وتطويق تداعياتها لتجنيب المواطنين الفلسطينيين المزيد من إراقة الدماء، وعدم تكرار المآسي التي حدثت في قطاع غزة قبل عامين، والتعامل بحكمة وعقلانية في حل التطورات الأخيرة.
  3. يؤكد على حق الجهات المختصة في تنفيذ عمليات الاعتقال بحق المشتبه بضلوعهم في اعتداءات على سيادة القانون، مع ضرورة مراعاة الإجراءات القانونية المتعلقة بأعمال الاعتقال وتفتيش المنازل السكنية.
  4. يؤكد على أهمية وجود تعليمات صارمة تنظم استخدام السلاح وإطلاق النار من قبل المكلفين بإنفاذ القانون، بما يكفل عدم التوظيف المفرط للقوة، واحترام المعايير الدولية الأخرى لحقوق الإنسان، وذلك حفاظاً على أمن وسلامة المدنيين.