7/5/2008
سكان قطاع غزة يعيشون كارثة حقيقية جراء الشلل الشبة كلي لكافة مرافق الحياة الأساسية الحملة الفلسطينية الدولية لفك الحصار ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان تتابعان بقلق شديد التداعيات الخطيرة الناتجة عن استمرار فرض دولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي لسياسة الحصار الاقتصادي وإغلاق المعابر وما اتبعها من إجراءات قاسية وغير إنسانية تمثلت بوقف إمدادات الوقود، واستمرار عرقلة ومنع المرضي من السفر لتلقى العلاج في الخارج، ومنع حرية التنقل للأفراد والبضائع، فضلا عن تعطيل دور المنظمات الإغاثة الدولية لعدم مقدرتها من العمل في ظل تفاقم الأزمة.
لقد أسفر عن هذه الإجراءات التي تعتبر عقوبات جماعية مجموعة من التداعيات أثرت سلبا على مدي تمتع المواطنين الفلسطينيين بحقوقهم الإنسانية المعترف بها في منظومة حقوق الإنسان، أدت إلى شلل شبة كلي لكافة مرافق الحياة الأساسية في قطاع غزة، فتوقف قطاع النقل والمواصلات في قطاع غزة بشكل شبه كلي، كما تعطل عمل قطاعات الصحة والتعليم والمياه الصرف الصحي، وادي الحصار على إضعاف قدرة البلديات والمجالس القروية عن القيام بواجباتها مما يجعل المدنيين في قطاع غزة يعشون كارثة حقيقة يدفع ثمنها الأطفال والنساء والشيوخ، لطالما حذرت منها مؤسسة الضمير والحملة الفلسطينية الدولية لفك الحصار، وطالبوا المجتمع الدولي بعدم التضحية بحقوق الإنسان لصالح حصار قطاع غزة، حيث تتفهم المؤسستان بأن المواثيق والمعاهدات الدولية وجدت لحماية حقوق الإنسان وليس لتجاهلها والتضحية بها.
ومن أبرز انعكاسات وتداعيات الناتجة عن حصار المدنيين في قطاع غزة انتهاك الحق في الحياة لعشرات المواطنين الذين هم بحاجة ماسة للعلاج في الخارج، حيث سجل ارتفاع كبير في عدد الضحايا من المرضى الممنوعين من السفر، فقد سقط العشرات من المرضى منذ بداية الأزمة الإنسانية قبل عشرة شهور، من بينهم (69) مواطن فلسطيني منذ مطلع العام 2008، جراء المنع من السفر للخارج لتلق العلاج المناسب، أو نقص الأدوية في قطاع غزة، وما رافقها من ضعف ملحوظ في قدرة مكونات القطاع الصحي في قطاع غزة من القيام بدورة المطلوب.
هذه التداعيات المتزايدة بشكل يومي تفاقم من تردي الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، والمتدهورة أصلاً، جراء استمرار فرض العقاب الجماعي على السكان المدنيين في قطاع غزة منذ أكثر من عشرة شهور.
وفي الآونة الأخيرة بدأت تنعكس التداعيات الخطيرة لاستمرار سلطات دولة الاحتلال الحربي في فرض الحصار الاقتصادي على مجمل الحياة العامة للفلسطينيين في قطاع غزة، مما أصابها بحالة شلل شبة كلي، حيث رصدت المؤسستان أهم هذه التداعيات :-
- تحولت بعض المناطق في قطاع غزة إلى ما يشبه مدن الأشباح خالية من أي حراك اجتماعي أو اقتصادي بسبب أزمة الوقود، وصعوبة إيجاد وسيلة مواصلات ،بعد أن توقف أكثر من 90% من المركبات ووسائل المواصلات، مما أجبر سائقين النقل العمومي على استخدام زيت الطبخ كوقود لمحركات مركباتهم، ما أوقع مكرهه صحية وبيئية، تشكل تهديد حقيقي على الصحة العامة للمواطن الفلسطيني.
- انقطاع التيار الكهربائي بشكل متقطع على جميع مناطق قطاع غزة، وذلك في إطار تقنين الضغط على محطة الكهرباء خشية من نفاذ الوقود المشغل للمولدات بسبب عرقلة سلطات الاحتلال لدخول الكميات اللازمة بشكل طبيعي، فضلا عن احتمالية توقف 90% من المرافق الحيوية ذات العلاقة بالمياه و صرف صحي، خاصة في ظل حقيقة انخفاض كفاءة شبكات المياه من 70% إلى 50%، والتوقف النسبي لعمل 37 مضخة من مضخات الصرف الصحي، جراء نفاذ كميات الوقود الاحتياطي، وعدم تمكن الجهات المختصة من صيانتها وإعادة تأهيلها بسبب الإغلاق و الحصار الإسرائيلي، مما يجعل مصلحة مياه الساحل مضطرة – وفقا لتفسيرها- إلى ضخ كمية 50 ألف لتر يوميا من المياه العادمه غير المعالجة في مياه بحر غزة.
- أدت أزمة الوقود إلى تدنى نسبة 70% من تزويد المواطن الفلسطيني بالمياه مرة أسبوعيا، نتيجة توقف مضخات آبار المياه .
- استمرار منع تزويد قطاع غزة بالوقود، أعاق وبشكل ملحوظ قدرة وصول الطلاب الجامعين وتلاميذ المدارس إلى أماكن دراستهم، الذين يصطفون لساعات طويلة من اجل تامين وسيلة نقل للوصول إلى أماكن دراستهم، مما يشكل انتهاك لحق الإنسان في التعليم.
- الأزمات المتتالية التي تسبب فيها الحصار الإسرائيلي المفروض على سكان قطاع غزة، أعاق قدرة وصول الموظفين العموميين إلى أمكان عملهم، مما يهدد بتوقيف كافة الخدمات التي يقدمونها إلى المواطنين.
- أدت سياسية الإغلاق إلى توقف حركة الواردات والصادرات من وإلى قطاع غزة، الأمر الذي يزيد من الأزمة الاقتصادية، فضلا عن المنع الإسرائيلي الدائم لتزويد القطاع الزراعي حاجته من الأدوية البيطرية واللقاحات الضرورية.
- تسببت سياسة دولة الاحتلال بإغلاق المعابر والحصار المفروض على سكان قطاع غزة بتدهور كبير في قطاع الصحة، حيث تشير الدلائل بوجود نقص كبير في السلة الدوائية اللازمة لأصحاب الإمراض المزمنة.
- أثرت أيضا سياسية إغلاق المعابر على فرص النمو الاقتصادي وتطور القطاع الاقتصادي الخاص، خاصة أن عدم الاستقرار يشكل العقبة الرئيسية أمام الاستثمار، فالاستثمار الخاص في حالة ركود بسبب معاناة المستثمرين من الإغلاق، ونفقات التمويل الباهظة، وما زاد الطين بله القرار الإسرائيلي بإلغاء الكود الجمركي لقطاع غزة بتاريخ 21/6/2007 الذي يعني إنهاء الاستيراد المباشر لمستوردين قطاع غزة، والعودة للمستورد الإسرائيلي مما يتسبب في ضياع إيرادات السلطة من الجمارك المحصلة من الاستيراد المباشر.
- أعاقت سياسية دولة الاحتلال بإغلاق المعابر وصول احتياجات قطاع غزة اليومية والتي تشمل المواد الأساسية الغذائية ومواد البناء والمحروقات والطاقة، وقد قدرت الأمم المتحدة احتياجات قطاع غزة إلى ضرورة دخول 900 شاحنة أسبوعيا أي بحد أدنى 150 شاحنة يوميا لتلبيّة الاحتياجات الدنيا الأساسيّة والضرورية فقط لمواطني القطاع .
- زيادة ملحوظة في نسيبة البطالة داخل المجتمع الفلسطيني، والتي حتما ترافقها ارتفاع كبيرة في معدل نسبة الفقر، حيث ان ما يقارب من 80% سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية،التي يخشى من توقفها جراء الإنذارات المتكررة التي أطلقتها المنظمات الإغاثة الدولية من إمكانية توقفها عن العمل بسبب أزمة الوقود.
- يعاني سكان قطاع غزة من أزمة بيئية متعددة الآثار على رأسها تدني كفاءة شاحنات و آليات نقل النفايات الصلبة في قطاع غزة لتصل إلى نسبة 40%، نتيجة الضغط الهائل عليها في العمل، وعدم توفر المواد و قطع الغيار للصيانة بفعل الإغلاق و الحصار الإسرائيلي، مما ينذر بانتشار كبير وملحوظ للنفايات الصلبة في شوارع مدن ومخيمات قطاع غزة، حيث لا تزال 25 شاحنة نقل النفايات الصلبة متوقفة كلياً عن العمل، مما فاقم من أزمة التلوث بالنفايات الصلبة نتيجة تكدس آلاف الأطنان من النفايات الصلبة في قطاع غزة وبالأخص في مناطق شمال غزة.
في ضوء هذه التداعيات الخطيرة فان الحملة الفلسطينية الدولية لفك الحصار ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان تؤكدان على أن حصار المدنيين في قطاع غزة يعتبر شكل من أشكال العقوبات الجماعية وأعمال الانتقام التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، ومما يجعله انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية
جنيف الرابعة لعام 1949،والبرتوكول الإضافي الأول لعام 1977، لهذا فإنهما يدعوان إلى ما يلي :-
- المجتمع الدولي ولاسيما الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بالضغط على إسرائيل بوصفها دولة احتلال، من أجل الوفاء بالتزاماتها تجاه سكان قطاع غزة، وقف سياسة الحصار وإغلاق المعابر.
- المجتمع الدولي بالانتصار لمفاهيم حقوق الإنسان من خلال تحملهم لمسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية تجاه المدنيين في قطاع غزة.
- اعتبار استمرار عجز المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية وصمته تجاه ما يجري من جرائم إسرائيلية وفرض الحصار الاقتصادي في قطاع غزة عاملاً مشجعاً لمضي تلك القوات في انتهاكاتها الجسيمة التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
انتهى
الحملة الفلسطينية الدولية لفك الحصار مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان – غزة