10 مارس 2004
تقرير خاص صادر عن جمعية (القانون)
جدار الفصل العنصري أو ما يعرف ب”السور الواقي”، هذه هي التسمية التي أطلقتها إسرائيل على عملية الاجتياح الواسع والمدمر للمدن والقرى الفلسطينية، هذا السور لا يعرف له مكان ولا بداية أو نهاية، ولا حدود جغرافية. وهو سيصادر ما يقارب الـ 58% من أراضي الضفة الغربية، وتسيطر على أحواض المياه الجوفية ، وتقسم عشرات المدن والقرى الفلسطينية، تمهيداً لطرد وتشريد ما يزيد عن 200 ألف فلسطيني من بيوتهم وممتلكاتهم ، إضافة إلى إقامة جدار جديد حول مدينة القدس الشريف لعزلها عن محيطها الفلسطيني وتهويدها ، وطمس هويتها التاريخية والدينية والروحية العربية والإسلامية.
كان هنالك العديد من خطط الفصل الإسرائيلية بداية خطة رابين، التي كانت مقترحة في أواخر شهر يناير 1995، حيث كانت تقضي بالعودة للحدود عام 1967 دون الانسحاب من القدس أو غور الأردن. وبالنسبة للقدس بذلك الحين، فكان أخطر عنصر هو الفصل بينها وبين كافة مناطق الضفة الغربية، دون ان يكون هنالك فصل داخل الحدود البلدية لمدينة القدس. وتعزيز الأمن في القدس تحظى بموافقة الجيش والمخابرات من خلال تعزيز تواجد قوات الشرطة في المدينة. ومنذ ذلك الحين كانت هنالك مقترحان لإنشاء حزام أمني يفصل بين السكان الفلسطينيين والإسرائيليين، ولأسباب سياسية سوف لن يتم إنشاء جدار أمني على طول الحزام إلا في ثلاثة مقاطع فقط، حيث توجد مراكز سكانية فلسطينية مأهولة بالسكان تقع مقابل المراكز السكانية الإسرائيلية، كما هو الحال في منطقة قلقيلية وجنين والقدس فهناك ستنشأ جدران أمنية. تلك الخطة لم يتم تنفيذها واقتصرت على ما قامت به حكومة رابين من فرض الأطواق الأمنية المتكررة والمشددة في كثير من الأحيان على المناطق الفلسطينية واستمر الحال حتى يوم الثامن والعشرين من شهر سبتمبر عام 2000 عندما اندلعت انتفاضة الأقصى.
أما خطة باراك التي كانت بعد اندلاع انتفاضة الأقصى حول الفصل عندما صرح أيهود باراك رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق: “نحن هنا وهم هناك”، وعلى الرغم من تكليف باراك لنائب وزير الدفاع أفرايم سنيه بإعداد ورقة عمل ووضع تصور لهذه الخطة حول الفصل، إلا انه لم يتوفر حينها معلومات حولها وقد تم اقتراح إنشاء ما بين 6 إلى 7 معابر تحت إشراف سلطة خاصة لمرور البضائع والمركبات والمشاة بالإضافة إلى إقامة مشاريع مشتركة على جانبي الحدود مع فصل شبكة البنية التحتية خصوصاً الماء والكهرباء. وبسبب اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية والإعداد لها حالت دون إتمامها.
خطط الفصل في عهد شارون: فقد أعلن شارون مراراً عن استعداده للسماح بإقامة دولة فلسطينية على 42% من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. فقد ظهرت الكثير من الاقتراحات من جهات أمنية إسرائيلية عديدة وكان من أهمها إقامة منطقة عازلة تمتد على طول الخط الأخضر مع الضفة الغربية تعتبر منطقة عسكرية مغلقة ويمنع فيها تحرك المواطنين الفلسطينيين ليلاً مع ضرورة حصولهم على تصاريح خاصة للتحرك نهاراً من مدينة لأخرى. وأوعز للمجلس الأمني المصغر لإقرار خطة خاصة بعزل القدس سميت في حينها خطة غلاف القدس. والهدف من ذلك منع الفلسطينيين من الدخول إلى القدس للقيام بعمليات استشهادية، وتقضي الخطة بإقامة حزامين أمينين. الأول: حول ما يسمى بالقدس الكبرى حيث يبدأ من خط مستوطنتي هارجيلو ـ جيلو جنوب القدس، ثم إلى مستوطنة معالية أدوميم في الجنوب الشرقي، ثم إلى مستوطنات جبعات زئيف وسوف يشمل هذا الحزام الكثير من القنوات والخنادق ومناطق المراقبة والمواقع العسكرية. أما الثاني: حزام داخل مدينة القدس يحول بين الأحياء اليهودية والأحياء العربية. ويتكون المخطط من إقامة ثلاث مناطق جغرافية ونوعين من العوائق، والمناطق الجغرافية هي: غلاف القدس.
الجدار الفاصل في القدس الشرقية:ـ
الجدار في منطقة القدس الذي هو بهذه المرحلة تم الانتهاء من بناء جزء منه وتم تأجيل الجزء الآخر في العديد من المناطق، ويعتبر من أخطر المراحل خاصة بعد أن أصبحت كل الإجراءات الإسرائيلية تخدم الجدار والتي يقضي بضم على ما يزيد من 20% من أراضي الفلسطينيين للإسرائيليين، هذا دون النظر للجدران الثانوية التي ستصادر مساحات أخرى من الأراضي، وذلك يعني ضم ما يزيد عن الربع مليون مواطن فلسطيني لإسرائيل أي ما يعادل 10% من فلسطيني جميع المناطق سيكونون دون حقوق المواطنة أو حتى الإقامة، وسيمنعون من التنقل سواء الدخول أو الخروج من مناطقهم إلا بعد الحصول على تصاريح خاصة،
وتنوه جمعية (القانون) بأن للجدار آثار خطيرة جداً خاصة على الأراضي التي تعني الكرامة الفلسطينية، والحلم الفلسطيني بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وبالتالي مصادرة مصدر رزق أصحاب الأراضي، خاصة أن مصادرة الأراضي ستكون على حد سواء من أراضي حكومية أو ملكية خاصة، والمصادرة ستكون بمقتضى قرارات عسكرية إسرائيلية، أو عن طريق أوامر وضع اليد، أو بالطريقتين معاً. وتأثير سلبي خطير بالمرحلة الثانية هو التأثير على السكان حيث سيتم تهجير للسكان في مدينة القدس وبالتالي تخفيض نسبة المقيمين في القدس ولهذا السبب تقوم إسرائيل بضم أراضي قريبة لتكون تابعة لإسرائيل بهدف تهجير سكانها بالقوة. كما وسيتم فصل القاطنين في شرقي القدس عن باقي مناطق وبلدات الضفة الغربية. ناهيك عن الآثار السلبية الأخرى مثل سحب الهوية المقدسية من المئات المقدسيين الذين سيصبحون خارج حدود بلدية القدس، حسب القانون الإسرائيلي. وأما المواطنين الذين سيصبحون داخل الجدار ويحملون هوية الضفة الغربية ستبقى بحوزتهم هويتهم السابقة ولكن سيكونون ملزمين على دفع ضرائب الأرنونا وباقي الضرائب حسب القانون الإسرائيلي دون أن يستحقوا أي حقوق مثل الإقامة أو المواطنة أو الهوية المقدسية حتى.
ومن النواحي الأخرى مثل المياه وقطاع الزراعة وتجريف الأراضي زراعية، وهدم الأشجار، وتدمير المنازل والمنشآت الاقتصادية التي ستتضرر وستلحق أكبر الضرر بالاقتصاد الفلسطيني، قطاع التعليم كذلك حيث ستخرج العديد من المدارس والجامعات والمعاهد الدراسية إلى داخل الجدار وستدخل مدارس أخرى داخل منطقة الجدار. وهذا سيسبب أزمة حقيقية يومية للطلبة وذويهم.
فيما الآثار الاجتماعية المترتبة على الجدار خاصة في مجال الخدمات بشكل عام وستحرمهم من حرية التنقل والحركة، وتمنعهم من التوجه لاقاربهم داخل وخارج الجدار، والمراكز الصحية، الخدماتية من مياه وكهرباء، ومراكز تعليمية. وأما من النواحي السياحية والآثار فسيتضرر العشرات من المواقع التاريخية والأثرية الفلسطينية، أو إتلاف البعض منها الذب يقع بالقدس أو القريبة منها، إضافة لفصل القدس عن محافظة بيت لحم كونهما تشكلان أحد أهم المعالم السياحية في فلسطين. إضافة لعرقلة السياح بالمواسم بسبب الجدار وعدم القدرة على الدخول والخروج من وإلى القدس.
ومن خلال ذلك ترى جمعية (القانون) بأن الحكومة الإسرائيلية وخاصة رئيس الوزراء يقوم باستغلال رعب ومخاوف الجمهور الإسرائيلي من العمليات الإستشهادية استغلالا سيئاًً. حيث تدعي أن الجدار يحمي الأمن الإسرائيلي فيما تقوم ببناءة لأهداف سياسية لا علاقة لها بأمن الجمهور والدولة. وتطالب جمعية (القانون) الحكومة الإسرائيلية الامتناع عن إقامت الجدار خاصة بعد تصريح صدر قبل أيام يقضي بإلتزام حكومة إسرائيل الانتهاء من الجدار قبل نهاية العام الحالي، وبعد بناء العديد من المقاطع الفاصلة في مناطق القدس الشرقية والمناطق المجاورة وإيقافه مؤقتاً بعد التصدي ووقوع الشهداء والجرحى والإضرابات الشاملة التي شملت مناطق القدس خاصة ومحافظات فلسطين عامة.
وتنوه جمعية (القانون) بأن المجتمع الدولي قد أقر منذ عام 1967 ، أن القوات الإسرائيلية هي قوة احتلال حربي وأن الأراضي الفلسطينية هي أراض محتلة ، تنطبق عليها أحكام اتقافية جنيف الرابعة لعام 1949 ، المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب، وبصفة دولة اسرائيل طرفاً متعاقداً على الاتفاقية ، فإنه يتحتم عليها تطبيق أحكام هذه الاتفاقية ، كما وتفرض هذه الاتفاقية والقانون الدولي الانساني ، على المتعاقدين توفير الحماية للسكان المدنيين .
إن ما قامت به قوات الاحتلال من بناء لجدار الفصل العنصري حول الضفة الغربية، يمثل انتهاك لكافة المواثيق والأعراف الدولية، وخاصة قرار الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 21/10/2003 ، والذي يدعو إسرائيل بوضوح إلى “وقف وإزالة الجدار المقام في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك أجزاء داخل القدس الشرقية، وحولها التي تبعد عن خط الهدنة لعام 1949 وتتعارض مع مواد ذات صلة في القانون الدولي. وتعرف هذه الاتفاقات والمعاهدات التفرقة العنصرية على أنها “نظام مؤسس قائم على التفرقة العنصرية من أجل ضمان سيطرة مجموعة عرقية على مجموعة عرقية أخرى وقمعها “، وهو ما يظهر ببناء الجدار ، تنطبق عناصر هذا التعريف على السياسات والإجراءات الإسرائيلية ، ومنها انتهاك حق الحياة والحرية الشخصية ، القتل ، التسبب في أذى جسدي أو عقلي ، التعذيب ، المعاملة المهنية ، الاعتقال التعسفي ، تطبيق إجراءات تهدف إلى تدمير شعب ، سواء كان ذلك بشكل كامل أو جزئي ، تطبيق إجراءات تمنع من مشاركة شعب في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية وانتهاك حقوقهم الإنسانية ، مثل حق التعليم والعمل
جمعية (القانون)