2/5/2009
القدس – قال مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن آوامر الهدم التي أصدرتها بلدية الاحتلال في القدس والقاضية بهدم مبنيين تابعين لكنيسة ودير الارمن في البلدة القديمة من القدس يشكل امتدادا لسياسة اسرائيلية مستمرة منذ سنوات كانت بدأتها بمنع جميع أعمال الترميم والصيانة في المسجد الأقصي وفي كثير من العقارات والمباني الاسلامية التاريخية، إضافة الى القيود المشددة المفروضة على البناء الفلسطيني داخل البلدة القديمة، وحظر أية إضافة بناء على المباني القائمة.
وأشار تقرير لوحدة البحث والتوثيق في مركز القدس الى وجود ما يزيد عن ١٥٠٠ مبنى وعقار في البلدة القديمة من القدس بحاجة الى أعمال ترميم وصيانة فورية منذ سنوات طويلة ، الا أن القيود التي تفرضها بلدية الاحتلال علي أعمال الترميم هذه تحول دون تنفيذها بسبب منع إدخال مواد البناء ، وهذا الاجراء تحديدا يطال العقارات والمباني الواقعة في باحات المسجد الاقصى وفي محيطه ، فيما تنشط طواقم المراقبة المولفة من مستخدمي البلدية ، و عناصر من جمعيات استيطانية ، وموظفين في سلطة الاثار الاسرائيلية بمراقبة الاحياء التي يشتبهون بقيام سكانها المقدسيين بأعمال ترميم وصيانة فيها ، لتتولي الاجهزة التنفيذية في البلدية والشرطة لاحقا متابعتها ووقفها وملاحقة من يوصفون بالمخالفين.
ونوه التقرير الى أن القيود الاسرائيلية علي البناء في البلدة القديمة حالت في السابق دون قيام قسم الترميم في الاوقاف الاسلامية من إنجاز الكثير من أعمال الصيانة لعقارات في البلدة القديمة سواء العقارات الوقفية أو الذرية. كما واجهت لجان محلية شكلت لهذا الغرض عراقيل جمة خلال محاولتها تقديم المساعدة للمواطنين المهددة منازلهم بالسقوط.
ولجاأت البلدية – كما يقول التقرير الى فرض عقوبات على أصحاب العقارات الذين أضافوا مساحات صغيرة جدا من البناء على امساكنهم القائمة شملت فرض الغرامة وارغام أصحابها على هدمها بأنفسهم كما حدث في شهر آذار مع المواطن محمد الهرتوني من سكان قناطر خضير ، وكما حدث مطلع شهر نيسان الماضي مع عائلة الفاخوري من سكان برج اللقلق.
في مقابل ذلك يؤكد تقرير مركز القدس أن جمعيات الاستيطان اليهودية التي تسيطر على عشرات العقارات داخل أسوار البلدة القديمة من القدس ، والتي تدير أكثر من ٧٠ بؤرة استيطانية في أحياتء متفرقة منها ، تتلقى دعما كبيرا من قبل هيئات رسمية وشبه رسمية سواء من بلدية الاحتلال أو من قبل وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية ، حيث لا تخضع أعمال البناء التي تقوم بها هذه الجمعيات لأية رقابة ولا تفرض على عمليات الهدم والتغيير للأبنية التي استولت عليها أية قيود ، رغم الأعمال الواسعة التي تنفذها والتي ألحقت أضرارا فادحة بعقارات المواطنين المقدسيين خاصة في أحياء القرمي والسرايا وعقبة الخالدية، وشارع الواد وحارة السعدية.
لكن أكثر المناطق تضررا تلك المجاورة لسوقي العطارين واللحامين حيث تنشط هذه الجمعيات في القيام بعمليات حفر فوق أسطح السوقين، وفي عقارات تقع فوق عقارات المواطنين ، خاصة في المنطقة المعروفة ب”الحاكورة” والتي تشرف مباشرة علي مناطق حساسة في البلدة القديمة تتاخم حي السلسلة ، وحارة الشرف ، وسوق الخواجات والباشورة المتصلة مبانيها مع حارة الشرف ، أو ما يعرف ب”الحي اليهودي”.
ويشير التقرير الى أن أعمال التدمير والازالة التي ينفذها المستوطنون داخل عقارات البلدة القديمة كانت سببا رئيسيا في إغلاق العشرات من المحلات التجارية، علما أن نحو ٤٠٠ محل تجاري في البلدة القديمة اضطر أصحابها الى إغلاقها منذ ركزت الجمعيات الاستيطانية أنشطتها في البلدة القديمة من القدس بعد العام ١٩٨٣، إثر مقتل المستوطن الياهو عميدي في عقبة الخالدية في ذلك العام.
وفيما يتعلق بنشاط الجمعيات الاستيطانية في الحي المسيحي داخل البلدة القديمة يشير تقرير مركز القدس الى أن ذروة هذا النشاط سجل في مستهل التسعينيات حين استولى مستوطنون على مبنى مار يوحنا في سوق الدباغة بالمدينة ، وهو مبنى ضخم مكون من أكثر من ٧٠ غرفة ، ومملوك لبطريركية الروم الارثوذكس.
وتسببت أعمال التدمير والإزالة داخل هذا المبنى بتصدعات خطيرة جدا في مبان ومحلات تجارية في حارة النصارى ، وسويقة علون ، دون أن تتخذ إجراءات ضد منفذي هذه الأعمال .
ويتهم التقرير الجمعيات الاستيطانية بنقل وتركيز نشاطها السري الى الحي المسيحي ، من خلال انتقال قيادة هذه الجمعيات للسكن في حارة النصارى برئاسة متتياهو دان ، علما أنه يملك مقرا آخر في عقبة الخالدية ، ومنه يدير النشاط المركزي لهذه الجمعيات. وصف التقرير أوامر الهدم الأخيرة لمبنيين في كنيسة الارمن الكاثوليك والدير التابع لها بأنه بداية لحملة أوسع نطاقا تطال العقارات المزيد من الاسلامية والمسيحية، ما يؤشر الى بدء مرحلة جديدة، ونقلة نوعية في سياسة الهدم التي تمارسها بلدية الاحتلال ضد مساكن المقدسيين ، وانتقال ذلك الى استهداف منشآتهم ومبانيهم الدينية وأماكنهم المقدسة.
وتزامنا مع هذا التصعيد المتعلق بالهدم ، نوه التقرير الى انتهاك حرية العبادة لأتباع الديانتين الاسلامية والمسيحية من خلال القيود المشددة التي باتت تفرض بصورة دورية على دخول المصلين المسلمين للمسجد الاقصى وتحديد الفئة العمرية من المصلين المسموح لهم بأداء عباداتهم الدينية ، في حين بلغ هذا التصعيد ذروته بالاعتداء على المصلين والحجاج المسيحيين في عيد القيامة وسبت النور الذي صادف الآسبوع الماضي ، ومنعهم من المشاركة في الاحتفالات الدينية بهاتين المناسبتين.
ولا تزال السلطات الاسرائيلية تمنع مواطني الضفة من المسلمين والمسيحيين من دخول القدس والوصول الى أماكن عباداتهم الا بتصاريح خاصة ، لكنها محدودة جدا ، وتمنح فقط لكبار السكن.
في المقابل لا تفرض أية قيود على دخول الاسرائيليين لمنطقة حائط البراق التي تشكل جزءا رئيسيا من المسجد الاقصي ، حيث يؤدي المتدينون اليهود احتفالاتهم الصاخبة في باحة البراق ، وغالبا ما تنتهي هذه الاحتفالات بأعمال عربدة ينفذها الغلاة منهم ضد الممتلكات العربية الاسلامية المسيحية في البلدة القديمة.
ومع الحرية المتاحة لدخول المئات من المتطرفين اليهود الى باحات المسجد الاقصى حتي برنامج ما يسمى السياحة الأجنبية للمسجد الأقصى وبحماية الشرطة الاسرائيلية ، تفرض الاخيرة قيودا على دخول المواطنين الفلسطينيين الى باحة البراق ، بل تعيق انتقال سكان البلدة القديمة وسلوان وتحركهم عبر الطريق الوحيدة التي كانوا يسلكونها على مدى قرون من الزمن، بل غالبا ما يتعرض المواطنون خاصة الشبان لاعتداءات المستوطنين ، وإخضاعهم للتفتيش المهين.
مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادي