30/12/2005

في مساء يوم 29 ديسمبر حاصرت قوات الأمن المركزي معسكر اللاجئين السودانيين المعتصمين في الحديقة الواقعة أمام جامع مصطفى محمود. كنا واقفين على جدار في منطقة خالية نسبيا من الحديقة، خلف قوات الأمن مباشرة وكنا نرى المعسكر مباشرة أمامنا. لقد قدرت ومعي آخرون عدد قوات الأمن بحوالي 6000 حول المعسكر في 5 أو 6 صفوف متوازية.

في حوالي الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل كان هناك عدد من المسئولين الحكوميين المصريين يتنقلون ما بين صفوف الأمن ويبدو أنهم يحاولون التفاوض مع قيادات المعسكر. اتصلنا بأحد معارفنا داخل المعسكر وقالت لنا أن المعتصمين يرفضون مطالب البوليس بأن يركبوا الأتوبيسات ويرحلوا من المكان حيث أنهم لا يعرفون ولا يثقون في المكان الذي سوف يؤخذون إليه.

كما قالت لنا أن هناك عدد كبير من الأطفال والنساء في المعسكر. ثلاث أو أربع مرات ما بين الساعة الثانية صباحا والرابعة صباحا تم توجيه خراطيم المياه إلى داخل المعسكر وفوق رؤؤس المعتصمين بحيث أصبح الجميع غارقا في الماء. سمعنا البوليس يأمرهم بالمغادرة تجنبا للعنف. في تلك الأثناء بدأ جنود الأمن المركزي في الغناء والقفز في مكانهم وكأنهم يهيئون أنفسهم لأمر ما. رأينا قوات أمن من خارج الأمن المركزي، لا تحمل هراوات، تخلع الأحزمة ويمسكون بها في أيديهم في استعداد للهجوم. لم تكن هناك أي مساعدات طبية في المكان كما لم يكن هناك سيارة إسعاف واحدة.

في حوالي الساعة الرابعة والنصف أو الخامسة فجرا هجمت قوات الأمن فجأة على المعسكر وهم يحملون الهراوات الطويلة والدروع. رأينا رجال الأمن يضربون عشوائيا في كل الاتجاهات وهم يخترقون المعسكر. سرت على قدمي حول ضلعين من أضلاع المعسكر وكنت قريبة من قوات الأمن وهي تضرب. لم يكن هناك تدافع من المعتصمين على عكس ما ورد في تقارير المسئولين المصريين. العكس هو ما حدث، أن قوات الأمن، التي تجاوزت المعتصمين أضعافا مضاعفة من حيث العدد والقوة، كانت تدفع المعتصمين دفعا.

رأينا معتصمين يتم جرهم بقسوة (كل واحد منهم يمسك به اثنان أو ثلاثة من الشرطة) بعيدا في اتجاه الأوتوبيسات. الكثيرون منهم كانوا مصابون. بعضهم كان فاقدا للوعي. في كثير من الحالات استمر ضربهم أو ركلهم بواسطة شرطة ترتدي الزى الرسمي وأخرى بالزى المدني حتى بعد أن تم تقييد حركتهم. بعضهم كان فاقدا للوعي تماما وكان يتم حملهم. أغلبهم تم شحنه في أوتوبيسات مزدحمة، دون أي رعاية طبية. بعض ممن فقدوا الوعي تم وضعهم على جانب الطريق. رأينا طفلا حديث الولادة انفصل عن والديه وتم تسليمه في أحد الأوتوبيسات وحيدا وبدون حذاء أو ملابس ثقيلة تقيه من البرد. رأيت شابا سودانيا ميتا وملقى على الأرض. الجثث كانت تترك على جانب الطريق.

بعد ذلك وصلت سيارات الإسعاف وحملت تلك الجثث. على عكس تصريحات الحكومة المصرية فإنه غير صحيح أنه تم نقل المصابين فورا إلى المستشفيات.

رأينا رجل شرطة يعرج وآخر يضع رباط حول رأسه. لم أرى أي اصابات أخرى بين رجال الشرطة. الغالبية العظمى منهم لم تصاب بأذى.

في صباح يوم 30 ديسمبر صرحت السلطات بأن 10 من السودانيين توفوا أثناء الاحتجاج|. لكن تبعا لوكالة رويتر فإن سيارات الإسعاف أعلنت ضعف هذا العدد من الموتى.

لقد تم نقل المعتقلين إلى معسكرين عسكريين مكشوفين أحدهما معسكر دهشور في مركز المجندين التابع لإدارة السجون والآخر في معسكر الإصلاح بطره إضافة إلى معسكرات اعتقال أخرى في القاهرة. أحد الأشخاص في المعسكر الأول قال أن ثلاثة من المعتقلين توفوا متأثرين بجراحهم في طريقهم إلى المعسكر. الآخرين كان يتم الاستعلام عن هوياتهم وفحص بطاقات التعريف الخاصة بهم.

يقال أن السودانيين المصابين تم نقلهم إلى عدد مكن المستشفيات في أماكن متفرقة من القاهرة امبابه العام (الذين ذكروا أن لديهم ثلاث وفيات) والمهندسين و6 أكتوبر. كما سمعنا أن المفوضية وكاريتاس يقومون بزيارة تلك المستشفيات.