27/10/2008

إن القيود التي تفرضها ما تسمى بدولة “إسرائيل” على حرية تنقل السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ اندلاع الانتفاضة الأولى لغاية يومنا هذا لم يسبق لها مثيل في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي بكل ما يتعلق بمداها واستمرارها وشدة أضرارها على مجالات الحياة للمواطنين لا سيما في مدينة القدس المحتلة .

تتعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي كل يوم، لعرقلة دخول المواطنين المقدسين عبر الحواجز من خلال قوانينها الجديدة فيما تواصل عزل وحصار مدينة القدس ومنع المواطنين من الدخول إليها والتوجه إلى المسجد الأقصى وذلك بفرضها ما يسمى بالطوق الأمني و العسكري الذي تفرضه على الأراضي الفلسطينية المحتلة طيلة الأيام وخاصة عشية الاحتفالات بأحد أعياد الطائفة اليهودية، إذ تدخل المزيد من الإجراءات المشددة والمعقدة حتى على عملية دخول المواطنين
الفلسطينيين بما فيهم المقدسيين من ضواحي المدينة من حملة الهوية الزرقاء الذين يقطنون في ضاحية البريد، وبالقرب من هذه المنطقة يوجد حاجز عسكري متشدد يمنع عبور أي مواطن منه إلى مدينة القدس إلا من يحمل رقم بأنه يسكن داخل ضاحية البريد وهذا الرقم يحمله المواطن فقط للمرور عبر هذا الحاجز وعليه أن يظهر هذا الرقم يوميا عند مغادرته الحاجز والتوجه إلى عمله كما وعليه التوقيع برقمه واسمه .

ولكن كل من لا يحمل الرقم المذكور يتوجب عليه أن يتوجه لحاجز “قلنديا” وهذا يستغرق أكثر من ساعة ونصف وربما أكثر وخاصة عندما يفاجئ المواطن بان الحاجز مغلق بسبب ما …. فهو مضطر إلى الانتظار ساعات طويلة، حتى لو كان المواطنين من القاطنين بجوار الحاجز، حيث يطلب منهم التوجه إلى معبر “قلنديا” العسكري، ولكننا نسمع دائما بان هناك تسهيلات على دخول المواطنين للقدس ورغم نشاط وسائل الإعلام الإسرائيلية المتنوعة في الترويج لما تزعمه سلطاتهم لهذه التسهيلات عبر الطرق والحواجز العسكرية التي تقام على مداخل مدينة القدس المحتلة، والقرى والمدن الأخرى، إلا أن ما يُشاهده المواطن الفلسطيني يحض هذه المزاعم من أول وهله، وليس أدل على ذلك من وقوف عشرات المواطنين صفاً في طابور طويل من اجل التفتيش لاجتيازهم مداخل حديديه التفافية تسمح لدخول شخص واحد فقط .

كما تشدد شرطة الاحتلال، منذ بداية إغلاق معابر الضفة الغربية ببوابات إضافة للجدار الذي حاصر مدينة القدس وطوّقها بشكل كامل وعزلها عن محيطها الخارجي، ومنع ألاف المواطنين من المدن كافة ومن ضواحي القدس من زيارتها وخاصة في يوم الجمعة وذلك بسبب الإجراءات التعسفية المفروضة حيث تشهد المداخل الرئيسية والطرق الفرعية المؤدية إلى البلدة القديمة تمركزاً مُكثفاً للآليات العسكرية وجنود الاحتلال، وسط العشرات من الحواجز المحاطة بالأسلاك الشائكة والتي تُعيق حركة وصول المواطنين، فضلاً عن انتشار الدوريات العسكرية في محاور الطرق والشوارع الرئيسية بهدف إحكام الحصار والدفع باتجاه المزيد من الإجراءات لعرقلة وصول المواطنين إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى.

ووسط كل هذه الإجراءات، تعيش مدينة القدس حاليا في عزلة تامة عن محيطها الفلسطيني بعد أن حولها الاحتلال الإسرائيلي إلى مدينة عسكرية مغلقة مما أدى إلى عزلها كلياً مع سكانها وزوارها ، فضلاً عن المآسي والمصاعب التي يُخلّفها جدار الفصل العنصري والتوسع الذي اكتمل بناؤه والتف حول المدينة ليصبح الدخول إلى المدينة أمراً مستحيلاً مما يعرض المواطنين للاعتقال وإلقاء القبض عليهم لعدم تسديدهم الضرائب والمخالفات، كما وتتعرض سياراتهم إلى الملاحقة والمصادرة إلى حين الدفع، في ما تعكس صورة الحواجز العسكرية الراجلة والمحمولة والخيالة الثابتة منها والمُباغتة أجواء الاحتلال على مدينة القدس وسكانها، مما دفع الشيوخ والممثلين للجان القدس والدفاع عن المقدسات إلى الاستنكار والاحتجاج في مرات عدة لحرمان المواطن من ابسط مقومات الحياة ولعدم احترام حقوق الإنسان لا سيما منها حقه في العيش بحياة كريمة وحقه في حرية التنقل بين المحافظات و أماكن العبادة، وزيارة الأهل والأقارب والأصدقاء دون أي تمييز ومضايقه.

وقد أفادنا الطالب “ثائر الحج عمر” أن حاجز “قلنديا” الرابط بين مدينة رام الله ومدينة القدس والمخصص لحاملي بطاقات هوية القدس ومن يحملون التصاريح الخاصة بدخول المدينة يشهد ازدحاما خانقا هذه الأيام عند مناطق عبور المشاة و مناطق عبور السيارات، ويرجح المواطنون أن السبب في ذلك هو تشديد التفتيش عند الحاجز والتضييق على المواطنين بقصد ترهيبهم ليتركوا المدينة.

وأضاف “ثائر” أن الطابور والازدحام يصل إلى البوابات الأولى للحاجز ناهيك عن تضييع الوقت بين عناصر الشرطة لقصد عرقلة المواطنين لينتظروا تحت أشعة الشمس لحين عودتهم إلى منازلهم، هذه الإجراءات تنطبق على المواطنين الذين يحملون بطاقات مقدسية فكيف حال المواطنين الذين يحملون بطاقات الضفة الغربية .

وأفادنا بعض المواطنين الذين يعانون بشكل يومي ومستمر من الإجراءات التعسفية، أن الحاجز العسكري يفتح حسب مزاج جنود الاحتلال ويتصرفون كما يحلو لهم دون حسيب أو رقيب وأحيانا يقف المواطنين ساعات طويلة في الانتظار ويجب عليهم فتح جميع الحقائب التي يحملوها بحوزتهم حتى لو كانت صغيرة جداً.

إن القانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان يُلزم “إسرائيل” بإحترام حق سكان الأراضي المحتلة في حرية الحركة والتنقل داخل الأراضي المحتلة. إن هذا الحق معترف به في المادة 13 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي المادة 12 من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، وهذا الحق مشتق من واجب “إسرائيل” كقوة محتلة مسؤولة، حسب القانون الإنساني الدولي، في الحرص على أمن وسلامة سكان الأراضي المحتلة والحفاظ، قدر الإمكان، على إدارة سليمة لمناحي الحياة.

الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد)
الإعلام المركزي