6/9/2005

إهداء
نهدى هذا الكتيب لكل نساء مصر الراغبات في غد أفضل..غد خال من العنف والتمييز
وإهداء خاص لكل امرأة كسرت حاجز الصمت، ورفضت العنف، وقررت المقاومة والسعي لحياة إنسانية تحفظ لها كرامتها وحقها في الحياة الإنسانية الكريمة.
المقدمة
الفصل الأول: شهادات نسائية من ملفات برنامج الاستماع
للنساء ضحايا العنف.
الفصل الثاني: إشكاليات قانونية من واقع ملفات النساء
المترددات على برنامج الاستماع.
الفصل الثالث: نحو قانون لحماية النساء من العنف الأسرى.

المحتويات
المقدمة 5
الفصل الأول: شهادات نسائية من ملفات برنامج الاستماع
للنساء ضحايا العنف. 9
الفصل الثاني: إشكاليات قانونية من واقع ملفات النساء
المترددات على برنامج الاستماع. 45
الفصل الثالث: نحو قانون لحماية النساء من العنف الأسرى. 87

مقدمة
منذ بدأ مركز النديم نشاطه فى أغسطس 1993، كانت النساء تمثلن نسبة من المترددين على المركز. وكانت أشكال العنف الواقع عليهن تتراوح ما بين عنف منزلي، اغتصاب¬ – سواء من غرباء أو من محارم – وهتك عرض، وتعذيب فى أقسام الشرطة.

ومن خلال خبرة العمل مع النساء المتعرضات لجميع أنواع العنف، باستثناء عنف الدولة، تبين لنا أنهن فى حاجة إلى الدعم والمساعدة التضامنية والاجتماعية أكثر مما يحتجن إلى تدخل مهني. وفى أغلب الحالات تحتاج النساء إلى من ينصت إليهن ويصدقهن ويتعاطف مع معاناتهن ويكون مستعدا للتضامن معهن ويدعمهن فى استعادة الثقة بالنفس واتخاذ القرارات.

فالأمر لا يحتاج إلى طبيبات أو أطباء المركز بقدر ما يحتاج إلى أشخاص مدربين على الاستماع والإنصات ومبادئ علم النفس والإرشاد، شرط أن يكونوا راغبين فى دعم النساء المعنفات والتضامن معهن.

من أجل ذلك بدأ مركز النديم منذ عام 2001 برنامجاً خاصاً بالاستماع والإرشاد النفسي للنساء المتعرضات العنف، وبدأ البرنامج بدورة تدريبية لمجموعة من المتطوعات مستقلات ومن مراكز نسوية مختلفة.

فى البداية كان الاستماع يتم داخل مركز النديم. وقد كان انتظام المستمعات مدعاة للقلق من قبل البعض، فما الذى يجعل مجموعة من النساء تنتظم فى الحضور والمتابعة وخاصة أنهن يقمن بهذا العمل بشكل تطوعي بالإضافة إلى أعباء كل منهن العملية والاجتماعية. غير أن أداء المستمعات كان كافيا لتبديد مثل هذا القلق بل وكان نقطة انطلاق محورية للمشروع. بل أن هؤلاء النساء هن اللاتي اقترحن أن لا ننتظر النساء في مركز النديم بل أن نتوجه إليهن، حيث تقرر لعملية الاستماع أن تتم خارج حدود مركز النديم وكانت تلك هي البداية لتأسيس وحدات استماع فى كل من مركز بشاير بحلوان، وجمعية بنت النيل بدار السلام.

وبنهاية المرحلة الأولى تبلورت أهداف البرنامج وتطور العمل على نحو ساهم فى خلق وتأسيس وحدات استماع فى العديد من الجمعيات بالقاهرة وبعض المحافظات الأخرى، وذلك من خلال مخاطبة الجمعيات النشطة فى مجال عمل المرأة، سواء على مستوى القاهرة أو على مستوى المحافظات لإعلامهم بطبيعة البرنامج وأنشطته وأهدافه لمعرفة الراغبين منهم فى الاشتراك والتعاون معنا فى مجال الاستماع والإرشاد للنساء ضحايا العنف حتى يتسنى لنا اختيار عدد من الجمعيات ذات الاهتمام لتطويرالعمل معها.

وقد قام مركز النديم بزيارات ميدانية للجمعيات المختارة وعقد العديد من الندوات فى كل منها على حدة للتعرف على أنشطتها وطبيعة عملها ومدى مواءمتها للاشتراك فى هذا البرنامج، ومن خلال ذلك تقوم كل جمعية بترشيح اثنين أو أكثر من عضواتها لحضور التدريب.

جديرً بالذكر أن التدريب على مهارات الاستماع والإرشاد النفسي الذي نظمه مركز النديم كان له فلسفة خاصة مفادها أن الاستماع والإرشاد مهارات تحتاج إلى البناء طويل المدى ولا يمكن إتقانها من دورة أو دورتين بل هي مهارات تحتاج إلى كثير من الوقت والخبرة العملية، ولذلك فقد تضمن التدريب مرحلتين. الأولى كانت لمدة أسبوعين ينظمها مركز النديم وتشتمل على أهم الموضوعات التى ينبغى على كل مستمعة الإلمام بها، والثانية تشتمل على التدريب العملي للمستمعات على مدى عام كامل على أن يقوم مركز النديم بالمتابعة طوال هذه الفترة إلى أن يتم تخرج المتدربات فى نهاية العام، وبعده تبدأ كل جمعية فى ممارسة الاستماع اعتماداً على المستمعات اللاتي تم تدربيهن.

كذلك لم تقتصر أهداف البرنامج على تأسيس وتطوير وحدات الاستماع، فمن خلال خبرات العمل مع النساء المترددات على المركز بات واضحا انه من الضرورى ألا يقتصر البرنامج على التخفيف من ألام النساء ومداواة جراحهن ومساندتهن ودعمهن النفسي والمعنوي وتقديم المساعدات القانونية الممكنة، بل لابد أيضاً من مناهضة الفكر السائد فى المجتمع. فالرجال حينما يمارسون العنف ضد النساء فإنهم يمارسون انتهاكاً سكت عنه المجتمع أو تسامح فيه وألبسه ثوب العادات والتقاليد والثقافة كي لا يتجرأ أحد على مناهضته أو حتى الخوض فيه. من أجل ذلك انخرط البرنامج فى العديد من الأنشطة التعبوية والدعائية حول العنف المسلط على النساء، وفى كل تلك الأنشطة كان مركز النديم يقدم خبرته ويتفاعل مع الأطراف الأخرى، ويتعلم منها، وخاصة من النساء المعنفات أنفسهن.

وقد كان لقصص العنف الذى تعانى منه النساء المترددات على وحدات الاستماع وأشكاله وأثاره تأثيرا علينا أكبر بكثير مما توقعنا. فلقد عايشنا العديد من النساء المعنفات وشاهدنا الآثار المختلفة الناجمة عن العنف الذى يمارس عليهن والتى فاقت فى قسوتها كل ما أطلعتنا عليه الدراسات والأبحاث، ربما لأنه واقع معاش، وربما لأننا اصطدمنا بإشكاليات القانون وعدم إنصافه للمرأة فى معظم الحالات، وربما لان كثير من حالات العنف يكون ضحيتها الأطفال الذين يسقطون بين شباكها ويتعرضون لاثار جسيمة .. وربما …. وربما ….
وبالرغم من كل ذلك تمكنّا من مساندة العديد من النساء ودعمهن سواء على المستوى النفسي أو الاجتماعي أو القانوني، كما تمكنا من الاستماع للعديد من الأطفال وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لهم.

وسنحاول فى الصفحات التالية أن نقدم بعض الشهادات الحية من بين 200 سيدة ترددت على وحدة الاستماع تطلب الدعم النفسي والمعنوي فى الفترة ما بين عامى 2001- 2005 للتعرف على أبرز الشكاوى كما جاءت على ألسنتهن وقراءة الآثار الناجمة على العنف الذي تعرضن له سواء كانت تلك الآثار على النساء أو الأطفال، حتى يتسنى لنا الاستمرارية فى التصدي لظاهرة العنف الذى تتعرض له النساء، وحتى نتمكن من تطوير آليات العمل بأفضل شكل لصالح القضايا التى نعمل جميعا من أجلها.

ملحوظة: كل الأسماء الواردة في هذه الشهادات غير حقيقية.

أشجان عبد الحميد
يونيو 2005