7/4/2008
طالب متحدثون بتوحيد الحركة العمالية النقابية في قطاع غزة والضفة الغربية المنقسمة على المستوى الرسمي إلى ثلاثة أجسام على الأقل.
واعتبروا في ورشة عمل نظمها مركز الميزان لحقوق الانسان، في مدينة غزة، حول اشكاليات الحركة النقابية العمالية في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة، أن سيطرة السلطة التنفيذية والاحزاب السياسية على الحركة النقابية أضعفتها وأبعدتها عن دورها الحقيقي في الدفاع عن قضايا العمال وتعزيز صمودهم.
وأعرب عدد من المتحدثين عن تخوفهم من ممارسات الحكومة المقالة في قطاع غزة ازاءهم، متسائلين عن شرعية عملهم من عدمه. وانتقدوا ما أسموه بغياب التضامن الأهلي والحزبي والمجتمعي معهم ومع مطالبهم النقابية العمالية.
وقال الخبير في شؤون الحركة النقابية مصطفى شحادة أن الحركة النقابية العمالية تعاني إشكاليات خمس تعيق عملها، الإشكالية الأولى قانونية تتمثل في غياب قانون ينظم العمل في الضفة الغربية والقطاع وهو أمر تمت معالجته بعد أن أصبح لدينا قانوناً للعمل، الا أن تنظم العمل النقابي يستند إلأى الأمر بقانون النقابات رقم (331) لعام 1954الصادر عن الحاكم الإداري المصري لقطاع غزة، مطالباً بقانون عصري يجسد الحقوق والحريات النقابية كما حددتها المعايير الدولية.
أما الإشكالية الثانية، وفقاً لشحادة فهي المتعلقة بنشأة الحركة النقابية العمالية وعلاقتها بالسياسة والعمل النقابي، مشيراً الى أن النقابات ارتبطت في نشأتها بالاحزاب السياسية، وكانت بمثابة الأطر الشعبية لمنظمة التحرير، واتسمت نشاطاتها بالشعبية لتفعيل التضامن مع القضية الفلسطينية وإثارتها في المحافل العربية والدولية.
أما الإشكالية الثالثة فتتعلق بالتمويل، واعتبر شحادة أن الحكومة لم تقم بإعطاء هذه الإشكالية حقها، فلم تمول النقابات على الرغم من أنه يفترض أن يخصص جزء من ميزانيتها لدعم النقابات، واعتمدت مؤسسات المجتمع المدني والنقابات على تلقي تمويلها من دول مانحة، الا أن الحكومة وظفت جزء من العاملين وفرزتهم للعمل في النقابات.
والإشكالية الرابعة، فهي اشكالية تتعلق بتنشيط وتفعيل النقابات لتدافع عن مصالح العمال ووتثير قضاياهم، ملخصاً الإشكالية الخامسة والأخيرة في العضوية، والاختلاف حول تصنيف العامل.
بدوره، قال سكرتير الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في محافظات غزة طارق الهندي أن الحركة العمالية شهدت ازدهاراً واضحاً بعد قيام السلطة الفلسطينية حتى عام 2000، حيث لم يسجل أي انتهاك أو إعاقة لعمل النقابيين الذين شاركوا بفعالية في صوغ القوانين المختلفة، المنظمة للعمل والحركة النقابية التي أقرت في المجلس التشريعي والتي لم تقر بعد.
واشتكى الهندي من الملاحقة والمساءلة التي يتعرض لها العاملين في الاتحاد والنقابات، متسائلاً عما اذا كان عملهم شرعي أو غير شرعي من وجهة نظر الحكومة المقالة في قطاع غزة. ودان الهندي سيطرة كتلة حماس العمالية بدعم من المسلحين على الاتحاد العام ومقراته المختلفة، وعلى مجالات عمله، مستعرضاً انجازات الاتحاد ونشاطاته لخدمة العمال خلال الفترة السابقة رغم سيطرة حركة حماس على مقرات الاتحاد، وتدمير الاحتلال لمقره الرئيس فيما بعد، موجهاً شكره لجميع المؤسسات التي استضافتهم وسهلت لهم مزاولة عملهم.
وتحدث الهندي عن موجة الصقيع التي اجتاحت الأراضي الغزية، وألحقت خسائر فادحة بقطاع الزراعة والمزراعين في قطاع غزة، والجهود التي بذلها الاتحاد من أجل إقرار تعويض مناسب لهم مع الحكومة الفلسطينية في رام الله د. سلام فياض الا أن هذا القرار لم يطبق بعد ولم يتم تقديم أي مساعدات.
من جانبه، استعرض الباحث في مركز الميزان حسن شاهين نتائج الدراسة التي أعدها المركز حول العمل النقابي العمالي، التي أكدت أن إشكالات الاتحاد العام والنقابات الأعضاء فيه ذات طابع بنيوي، مرتبط بنشأة الاتحاد لأسباب سياسية في اطار مشروع التحرر الوطني الفلسطيني، ما حول عمل الاتحاد من النضال العمالي المطلبي الى الوطني السياسي.
واستدرك شاهين أن المحاولات التي جرت عقب انشاء السلطة الفلسطينية لمأسسة الاتحاد ونقاباته، وما واكب ذلك من اجراء الانتخابات فيه، لم يغير الكثير، وبقيت حالة التشرذم واضحة ببعدها الذاتي بين الحركة العمالية الرسمية بأجسامها الثلاث الاتحاد العام في قطاع غزة والاتحاد العام في الضفة والأمانة العامة التي تمثل عمال فلسطين، الأمر الذي اضعف الحركة النقابية العمالية.
وانتقد شاهين ما أسماه الارتباط العضوي بالسلطة التنفيذية، مدللاً على ذلك بأن معظم قيادات العمل النقابي العمالي هم موظفون في السلطة التنفيذية وبعضهم في أجهزة أمنية وهذه حالة شاذة حتى عن الأنظمة اللا ديموقراطية.
ولفت الى أن توجه الاتحاد نحو المساعدات الاغاثية بعد اندلاع الانتفاضة اثر دوره المطلبي العمالي الحقيقي، وهو ما يمكن لمسه من تقارير أنشطة الاتحاد خلال السنوات المنصرمة، مؤكداً أن الواقع السياسي والاقتصادي المتردي ليس مبرراً لتراجع هذا الدور، فدور الاتحاد أن يمثل العمال وليس العاطلين عن العمل.
واشار شاهين الى ما كشفته دراسة الميزان حول ضعف تمثيل النساء داخل النقابات والاتحاد العام حيث مثلن 21% من مجموع مجالس الادارة التي تشكلت بشكل توافقي.
وفيما يتعلق بتبعات الحسم العسكري على قطاع غزة، قال شاهين أن استيلاء حركة “حماس” وحكومتها المقالة على اتحاد نقابات عمال فلسطين يتنافى مع القانون، مشيراً الى مطالبات مركز الميزان المستمرة للحكومة المقالة بالتراجع عن هذه الخطوة، ورفضه لجميع المبررات التي تسوقها لابقاء هذه السيطرة والتضييق على الحريات النقابية.
وأعرب شاهين عن تخوفه من أن يكون العذر الذي ساقه مسؤول علاقات العمل في وزارة العمل في الحكومة المقالة يوسف الحملاوي لعدم مشاركته في الورشة كأحد المتحدثين الرئيسيين، والمتمثل في اعتبار الوزارة اتحاد نقابات عمال فلسطين إطار غير مبتوت في شرعيته، مقدمة لمزيد من الاجراءات التي تنتقص من حق ممارسة العمل النقابي في قطاع غزة.
وطالب شاهين باغتنام فرصة الانتخابات المزمع عقدها في 2009 حسب القانون للاتحاد والنقابات لتلافي الأخطاء البنيوية التي تراكمت خلال السنوات الماضية، وأضعفت العمل النقابي وسهلت على من أراد أن يوقف هذا العمل لان هذه الأخطاء باعدت بين العامل ونقاباته، داعياً الاتحاد العام ووزارة العمل في غزة الى الحوار الجاد لإيجاد حلول مرضية للطرفين تكفل استمرار عمل الاتحاد ونقاباته لخدمة العمال وقضاياهم.
هذا، وأدار النقاش خلال الجلسة الباحث في مركز الميزان علاء مطر، الذي استعرض في بداية الورشة أهم اشكاليات العمل النقابي العمالي، والأزمة التي يعيشها العامل الفلسطيني في ظل تفشي ظاهرتي الفقر والبطالة، وتجاهل حكومتي رام الله وغزة لمعاناتهم.
انتهى