اتخذ قرار الصرف الذي لجأت اليه صحيفة “النهار” قبل نحو اسبوع لاكثر من خمسين صحافيا وموظفا لديها منحى خطيرا وغير مسبوق، في ظل صمت لافت ومثير للتساؤل لنقابتي المحررين والصحافة، اللتين لم يصدر عنهما اي موقف أو بيان استنكار او حتى تضامني مع الصحافيين المسرّحين، ومع صحافيين من مؤسسات اعلامية أخرى تم صرفهم في الأشهر والسنوات الماضية بشكل تدريجي وافرادي. ما مهد الطريق أمام وسائل اعلامية أخرى لجأت الى نفس أسلوب الصرف الكيفي مثلما فعلت قبل يومين محطة “أم. تي. في” التي لم يمض أكثر من ستة أشهر على اعادة افتتاحها. وها هي محطة “أل. بي. سي” تؤكد على لسان رئيس مجلس ادارتها بيار الضاهر انها ستقدم على عملية “زمزمة” كما وصفها الضاهر نفسه (جريدة “السفير” 1 تشرين الأول/اوكتوبر)، ولو انه تحفظ على رقم الذين سيطالهم إجراء “الزمزمة”. ويعتبر الضاهر ان ذلك هو “دليل صحة وليس تعبيرا عن أزمة” (؟!).
ان الحديث عن موجة الصرف وكأنها مجرد أمر عادي، وعن إمكانية تكرارها حتى في المؤسسات التي بدأت بها، والإستغناء عن صحافيين وموظفين بهذا العدد الكبير، هو أمر غير مسبوق ويشكل سابقة في الحياة الصحافية اللبنانية، وفي أصول المهنة وأخلاقياتها. كما الحديث باستخفاف عن امكانية الإستغناء بعد فترة قصيرة عن دفعة ثانية من الموظفين، هو بمثابة ترهيب غير مقبول على الجسم الصحافي.
خطوات ضرورية
وإذا كانت وسائل الإعلام اللبنانية تعاني من ضائقة مالية، تتطلب اعادة هيكلة لهذه المؤسسات الاعلامية، فانه لا بدّ من اعتماد خطوات قانونية وحضارية، سبقنا إليها الإعلام الغربي حين أجبر بعضهم على إجراء “إعادة هيكلية” كما حصل مع صحيفة “لو موند” الفرنسية مثلاً.
من هذه الخطوات على سبيل المثال:
أولاً: شرح الوضع المالي المتازّم للوسيلة الإعلامية على العاملين فيها، وفتح باب الإستقالات الطوعية، مع إعطائهم إغراءات مادية تشجيعية تمكنهم ولو مرحلياً، من تدبير أمورهم مثل تقديم تعويضات تفوق قيمة التعويضات المستحقة.
ثانياً: تقليص الاجور الشهرية لمن يتقاضون رواتب عالية، من اجل تخفيف الاعباء المادية على المؤسسات، قبل اللجوء الى الصرف.
ثالثاً: تشكيل لجنة من الصحافيين والموظفين والمحامين وممثلي عن نقابتي الصحافة والمحررين من جهة، وإدارة الوسيلة الإعلامية من جهة أخرى، لدراسة الخطوات ووضع معايير لعملية الاستغناء عن البعض ترتكز على المهنية والخبرة والاقدمية، والإتفاق مع الإدارة على التعويضات. كما ان هذه اللجنة تقوم بمناقشة حالات المصروفين كلّ على حدة، والإتفاق على الأقسام التي يمكن الإستغناء أكثر عن العاملين فيها، حتى يتم ذلك بأكبر قدر ممكن من التوافق والرضى بين الإدارة والمصروفين.
إن مركز “سكايز” للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية، يناشد المؤسسات الإعلامية التريث في أخذ قرارات الصرف وتطبيقها، وترتيب اوضاع المصروفين بشكل قانوني يحترم كرامة العاملين ويمنع عنهم البطالة المفاجئة، ويأخذ بالإعتبار قدرات وحقوق المؤسسات الإعلامية.
كما إنه يشاطر الإعلاميين هواجسهم من ان ابتعاد الوسائل الإعلامية الأخرى عن التحرك، يشكل نوعا من التواطؤ، قد يفتح الباب أما عمليات صرف جديدة من وسائل إعلامية أخرى.
ويعلن مركز “سكايز” انه سيتحرك سريعا لمد الصحافيين بكافة السبل القانونية لتمكينهم من الدفاع عن مورد رزقهم وحفط حقوقهم، ويدعو كافة النقابات الى التحرّك سريعا. وسيطلب مساندة كل المؤسسات الدولية التي تعنى بحقوق الصحافيين في العالم، في اطار سعية الدؤوب للدفاع عن الحريات وحرية الصحافة والصحافيين.
لذلك، يدعو “سكايز” الى اجتماع عاجل، الاثنين المقبل 5 تشرين الثاني/اوكتوبر، في مركزه بحضور وزير الاعلام طارق متري لجميع الصحافيين المصروفين، ولممثلي وسائل الاعلام ومحامين للبحث في الخطوات العملية الممكنة لمعالجة القضية.
مركز “سكايز” للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية
للاتصال:
هاتف وفاكس (بيروت): 01-397334
بريد الكتروني:samirkassirmedia@gmail.com