1/2/2010

أصدر مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية “سكايز” (عيون سمير قصير) تقريره السنوي الذي يرصد القضايا المرتبطة بحرية الإعلام والثقافة في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن في العام 2009.

وارتكز التقرير على الأخبار والملفات التي أصدرها “سكايز” في العام 2009 استناداً إلى المعلومات التي جمعها، سواء من مراسليه الصحافيين في البلدان الأربعة أو من مصادر صحافية وحقوقية معتمدة.

في لبنان، رصد “سكايز” ست حالات اعتداء على صحافيين على الأقل، وقع معظمها قبل الانتخابات النيابية التي جرت في حزيران/يونيو، أي في النصف الأول من العام 2009 الذي شكّل امتداداً للأعوام السابقة في انعكاس التوتر الأمني والسياسي في البلاد على عمل الصحافيين والمراسلين الصحافيين على وجه الخصوص. وبعد انتهاء الانتخابات والتوجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية وتهدئة الخطاب السياسي شهدت الساحة الإعلامية ارتياحاً ونوعاً من الاستقرار، وهو ما أكده مسؤولون إعلاميون في بيروت.

غير أن النصف الثاني من العام أقفل على ظاهرة الصرف الجماعي لمئات من الصحافيين والعاملين في مؤسسات إعلامية لبنانية. وقد أثارت هذه الظاهرة جدلاً واسعاً، بين المتفهمين للدوافع المالية للمؤسسات الصارفة، وبين المشيرين إلى دوافع سياسية للصرف في بعض الحالات، والمتخوفين من أن تشكل هذه الاجراءات أسلوباً غير مباشر في ترويض الصحافيين.

وعلى الصعيد القضائي، تحفل أدراج المحاكم بالعشرات وإن لم يكن المئات من القضايا المرفوعة بحقّ صحافيين، ويتركز معظمها على “القدح والذمّ”، ويتصّل بالخلاف السياسي الداخلي، وقد صدر حكمان بالسجن على صحافيَيْن لبنانيَيْن في 2009 ولم يجر تنفيذهما حتى صدور التقرير.

وثقافياً، يشير تقرير “سكايز” إلى استمرار الرقابة اللبنانية في التضييق على الثقافة، من حيث منع فعاليات أو افلام أو اقتطاع أجزاء منها. ويمارس الرقابة الرسمية في لبنان جهاز الأمن العام اللبناني في الشؤون السياسية، ويتعاون مع مرجعيات روحية في ما يتصل بالشؤون الدينية “الأخلاقية”، إضافة إلى الرقابة التي تنجح قوى لبنانية في فرضها من خلال قنوات مختلفة.

يذكر أن قتلة الصحافيَيْن سمير قصير وجبران التويني (2005) والمتورطين في محاولة اغتيال الصحافية مي شدياق (2005) ما زالوا خارج إطار المحاسبة. في سورية، يسلّط تقرير “سكايز” الضوء على محورين أساسيين متصلين بحرية الرأي والتعبير. أولهما استمرار الضغط الكبير على الصحافة وحرية التعبير منذ إعلان حالة الطوارىء في البلاد في ستينيات القرن الماضي، وثانيهما الضغط المنظّم الذي تتعرّض له الثقافة الكردية بمختلف أشكالها. ففي المحور الأول يشير تقرير “سكايز” إلى مواصلة السلطات السورية اعتقال صحافيين وكتّاب أو الحكم عليهم بالسجن (10 حالات على الأقل من بينها حالة ترحيل صحافي أجنبي في 2009)، ومنع العديد منهم من السفر خارج البلاد. وتجري معظم عمليات الاعتقال على نمط “الاختطاف” قبل أن تعود السلطات إلى الإقرار بوجود الصحافي أو الكاتب في عهدتها. كما تتركز التهم الموجهة للموقوفين على “إضعاف الشعور القومي” و”وهن نفسية الأمة”.

ورصدت في سورية عشرات الحالات التي منعت فيها صحف محلية وأجنبية عن التوزيع، إضافة إلى منع برامج تلفزيونية وإقالة القيِمين عليها وإغلاق محطات تلفزيونية خاصة تبثّ من داخل الأراضي، والتشويش على أخرى تبثّ من الخارج.

وفي أيلول/سبتمبر أقفلت الأجهزة الأمنية “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” وهو المركز السوري الوحيد المتخصص بمراقبة قضايا الإعلام من داخل البلاد.

وعلى صعيد الرقابة الإلكترونية، واصلت السلطات في سورية حجب مواقع إلكترونية سياسية وحقوقية عن المتصفحين السوريين. وقد تمّ حجب موقع “سكايز” في أيلول/سبتمبر 2009 لينضم إلى المئات من المواقع المحجوبة (244 موقعاً) التي تتربع على صدارتها المواقع الكردية وتليها مواقع المعارضة السورية ومواقع عربية وأجنبية تنتقد السلطات السورية. كما يتواصل أيضاً حجب مواقع تواصل اجتماعية عالمية مثل الـ”فايس بوك”، و”يوتيوب”، إضافة إلى الآلاف من المدونات الشخصية.

وفي المحور المتعلق بالثقافة الكردية، يشير “سكايز” إلى مواصلة السلطات منع الأكراد (10% من السكان) من إصدار أي مطبوعة أو صحيفة بلغتهم، ومنع تدريس اللغة الكردية في البلاد، وقمع المشاركين بالأعياد والمناسبات القومية الكردية وتفريقهم بالقوة واعتقال العشرات منهم، ومنع العديد من حفلاتهم الفولكلورية واعتقال فنانيهم. كما أجبرت السلطات السورية أصحاب المحال التجارية الكردية على تغيير أسمائها تحت طائلة المسؤولية، في إجراء وضعته السلطات في إطار “تمكين اللغة العربية”.

في الأردن، يتحدث تقرير “سكايز” عن وجود 5 حالات على الأقل جرى فيها الاعتداء على صحافيين أو التعرض لهم على يد أجهزة أمنية أو مجهولين في 2009. وتبدي السلطات الأردنية رغبة بتحصين العمل الصحافي في أراضيها من حيث وقف التعرّض للصحافيين وإحالة المعتدين عليهم على القضاء، في توجه يثمنه بعض المراقبين ويرجعونه إلى توجهات ملكية بهذا الشأن فيما يعتبره آخرون شكليّاً ضمن جوّ مسيطر يمنع التطرّق إلى الخطوط الحمر في المملكة.

وفي مجال منع الكتب الذي طبع المشهد الثقافي في الأردن في الأعوام الأخيرة، يبدو أن جهود رابطة الكتاب الأردنيين حققت تقدماً في “تحويل دائرة المطبوعات والنشر إلى دائرة صديقة” بحسب تعبير مراقبين.

وقد اتخذت إجراءات قضائية بحقّ ثلاثة كتب ومؤلفيها على الأقل في 2009، وصدر حكم قضائي بسجن الشاعر إسلام سمحان على خلفية ديوان شعري اعتبر مسيئاً للإسلام في حزيران/يونيو. إضافة إلى العديد من القضايا التي صدرت في معظمها أحكام بالتغريم وتركزت تهمها على الإساءة والقدح والذم.

في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يشير التقرير إلى تعرض أكثر من ثلاثين صحافياً فلسطينياً وأجنبياً في 2009 لإطلاق النار عمداً أو الاستهداف المباشر بالقنابل المسيلة للدموع أو الضرب المبرح على يد القوات الاسرائيلية أو وحدات المستعربين الذين يتخفون بزّي مصورين صحافيين ويندسون بين المتظاهرين، أو المستوطنين. وجرى معظم هذه الانتهاكات في التظاهرات الاحتجاجية على الاستيطان وبناء الجدار العازل واقتحام المسجد الاقصى وقضم الأراضي.

كما اعتقلت القوات الاسرائيلية اكثر من 20 صحافياً أثناء قيامهم بعملهم، وتعرض معظمهم لمعاملة سيئة ومصادرة المواد الصحافية. وشددت السلطات الاسرائيلية الخناق على الثقافة العربية في الأراضي التي تحتلها، حيث منعت معظم أنشطة “القدس عاصمة الثقافة العربية عام 2009” وتعرّضت لفنانين فلسطينيين وأجانب بالضرب والملاحقة والمضايقة.

في مناطق الضفة الغربية الخاضعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، طغى احتجاز الصحافيين على سواه من انتهاكات على الساحة الإعلامية فيها في 2009، ولا سيما لناحية احتجازهم على أيدي عناصر الأجهزة الأمنية المختلفة، حتى أن منهم من تخطى عتبة الخمس عشرة مرة في “بورصة” عدد مرات الاحتجاز، كما حصل مع مدير مكتب فضائية “الأقصى” في الضفة الصحافي محمد إِشتيوي . كما أن منهم من تخطى عتبة العشرين مرة في الاستدعاء للتحقيق كما جرى مع مراسل صحيفة “فلسطين” التابعة لحركة “حماس” الصحافي مصطفى صبري.

وقد سجل في 2009 اعتقال ما لا يقلّ عن 20 صحافياً تعرّض معظمهم لسوء المعاملة والاعتقالات المتكررة، وتشكّل هذه الاعتقالات بمعضمها انعكاساً للخلاف الفلسطيني الداخلي بين حركتي “فتح” و”حماس”.

كما سجّلت حالات متفرقة من مداهمة مؤسسات إعلامية ومصادرة صحف وحجب مواقع ومنع من القيام بالعمل الصحافي.

في قطاع غزّة الخاضع لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” منذ حزيران 2007، وقعت خمسة أعمال عنف على الأقل على صحافيين (اعتداء جسدي، تخريب) على يد عناصر أمنية أو مدنيين. واحتجزت القوى الأمنية التابعة للحكومة المقالة ثمانية صحافيين على الأقل لمدد متفاوتة. كما رصدت العشرات من الانتهاكات والمضايقات المختلفة بحق صحافيين في القطاع من استدعاءات ومصادرة أوراق ثبوتية إلى الفصل من العمل والمنع من السفر.

وقد أعلنت وكالة “رامتان” في شهر تشرين الأول/أكتوبر وقف عملها في فلسطين “بعد تراكم عدة عوامل لها علاقة بانتهاك القانون وحرية التعبير والصحافة، ومضايقات تتعرض لها، توَجها اقتحام مقر الوكالة (في غزّة) في شكل غير قانوني”.

في الشأن الثقافي، يشير تقرير “سكايز” إلى وقوع اعتداءين على الأقل على فنانين (مغنيَيْن فولكلوريَيْن) على يد مسلحين مقنَعين في حادثين منفصلين، وتفجير بعض مؤسسات المجتمع الاهلي والاماكن التي تُعد ملتقى للمثقفين من دون ان يتم كشف أي من المعتدين، وقرار وزارة الداخلية عدم السماح للنساء بالمشاركة في العروض الرسمية لفرق الدبكة الشعبية، وقرار إلزام المحاميات بارتداء زي خاص يشمل غطاء يحجب الشعر، وكذلك ملاحقة المتنزهين والمتنزهات على الشاطىء في وضح النهار.

ولعلّ اللافت في هذا السياق كان منع أي مظاهر احتفالية بالذكرى الخامسة للرئيس الراحل ياسر عرفات في جميع محافظات القطاع.

أولاً: لبنان
المشهد الإعلامي والثقافي في لبنان عام 2009
صرف جماعي للصحافيين والثقافة تبقى في دائرة استهداف الرقابة
لعلّ أبرز ما ميّز العام 2009 في مجال القضايا المرتبطة بالواقع الإعلامي والثقافي في لبنان، استمرار انعكاس التوترات السياسية المتنقلة على الصحافيين في النصف الأول من السنة، بعدما ترك العامان 2007 و2008 بصمات أليمة في الإعلام اللبناني من حيث الاعتداء على مؤسسات إعلامية وعلى مراسلين صحافيين. كما شهد العام 2005 اغتيال الصحافيين سمير قصير وجبران التويني ومحاولة اغتيال الصحافية مي شدياق، فيما بقي الفاعلون خارج إطار الملاحقة والمحاسبة.

صحيح أن التوترات السياسية وانعكاساتها على الصحافيين انحسرت بعيد الانتخابات التشريعية التي جرت في حزيران/يونيو 2009، إلا أن النصف الثاني من العام أقفل على تطور جديد في المشهد الإعلامي اللبناني، تمثّل في ظاهرة الصرف الجماعي للصحافيين والعاملين في مؤسسات إعلامية مختلفة. يُذكر أن أدراج القضاء اللبناني حافلة بعدد كبير جداً من الدعاوى القضائية ضد صحافيين ومؤسسات إعلامية تتركز عموماً على “القدح والذمّ”.

أما في ما يتعلق بالمشهد الثقافي اللبناني، فإن الرقابة اللبنانية لا تبدو اليوم أضعف مما كانت عليه في السابق، رغم محاولات بعض المسؤولين الرسميين تغيير هذا الواقع أو خرقه.

وما زالت الرقابة على الكتب والأنشطة الثقافية من صلاحيات جهاز الأمن العام اللبناني، وليس من صلاحيات وزارة الثقافة. فيما يطالب أوساط ثقافية وحقوقية وهيئات مدنية بالغائها بالكامل. أما في ما يخص الرقابة السياسية على الافلام، فهي تخضع لرؤية الامن العام ولتدخلات السياسيين.

والمعلوم أن الرقابة السياسية في لبنان يمارسها الأمن العام، فيما يفوّض الرقابة الدينية و”الاخلاقية” إلى مؤسسات دينية رسمية.

ومن ناحية القوانين، يشير “سكايز” إلى استمرار القوانين والاجراءات النقابية الصحافية على ما هي عليه، فما زال قانون تحديد عدد الصحف اليومية السياسية في لبنان سارياً مما يؤدي إلى ارتفاع هائل بأسعار الرخص وإلى خطر احتكار الصحف رغم تعدديتها. وتعدّدت المحاولات التي جرت مؤخراً، من أجل إنشاء نقابة جامعة للإعلاميين اللبنانيين، إلا أن الجهود لم تثمر حتى الآن، في وقت يتحدث فيه أكثر من صحافي عن إستنسابية ومحسوبيات في فتح جدول الانتساب لجميع الصحافيين بالمساواة إلى النقابة الوحيدة (“نقابة المحرّرين”)، وهو شرط أساس لإجراء انتخابات نقابية ديمقراطية.

ورغم هذا الواقع، حلّ لبنان في المرتبة الثانية في الشرق الأوسط بعد الكويت، في التصنيف السنوي لترتيب الدول بحسب حرية الصحافة للعام 2009، الذي أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود”.

1- اعتداءات ومضايقات بحقّ صحافيين:
تعرّضت الصحافية هبة نصر (قناة “الحرّة”) إلى مضايقات غير قانونية من قبل دورية لقوى الأمن الداخلي كادت ان تمنع بثها لتقرير تلفزيوني مباشر(29/3)، إلا أن تدخّل وزير الداخلية والبلديات بشكل مباشر وفوري أعاد الامور إلى نصابها، في حادث يستبعد ان تكون خلفياته سياسية.

وفي الاحداث المرتبطة بالتوترات السياسية التي شهدتها البلاد، تم رشق فريق قناة “المنار” التلفزيونية التابعة لـ “حزب الله” بالحجارة وإطلاق عيار ناري على سيارته، إثر توتر ساد عقب انتهاء مباراة رياضية في الملعب البلدي في بيروت (26/4).

وتعرّضت الصحافية لوسي برسخيان (مراسلة صحيفتي “الشرق” و”البلد”) للتهجّم والشتم من طرف شبان محتشدين حاولوا كذلك تحطيم سيارتها في بلدة سعد نايل في منطقة البقاع أثناء تغطيتها عمليات دهم نفذتها القوى الأمنية، قبل أن تتدخل مجموعة أخرى من شبان البلدة المتجمهرين لإنقاذ الموقف وفتح الطريق أمامها للمغادرة (18/ 5).

وأفاد الصحافي والمحلّل السياسي عقاب صقر (النائب الحالي)، المرشح آنذاك للانتخابات النيابية عن دائرة زحلة، أنه تعرّض للتهديد بالقتل والاعتداء اللفظي والمعنوي ومحاولة التهجّم الجسدي عليه، من قبل النائب عن دائرة زحلة حسن يعقوب ومرافقيه، إثر انتهاء مناظرة تلفزيونية جمعتهما كمرشحَيْن متنافسَيْن (19/5).

ويوم الانتخابات النيابية (12/6) جرى الاعتداء على فريق “المؤسسة اللبنانية للإرسال”، المكوّن من المراسلة الصحافية تانيا مهنا والمصوّر سعيد بيتموني، من قبل مجموعة أشخاص، إثر تصويرهما مكان الاعتداء على مختار منطقة البسطا مصباح عيدو الموالي لـ “تيار المستقبل”، وقد حطّم المعتدون كاميرا الفريق الصحافي وضربوا المصوّر ووجهوا كلمات نابية إلى المحطة، ولم يتمّ توقيف أي من المعتدين (7/6).

واعتدى مجهولون على سيارة الصحافية سناء الجاك (صحيفة “الشرق الأوسط”) أمام منزلها الكائن في منطقة بربور غرب العاصمة بيروت (9/6).

وتعرّض الصحافي عاصي عازار (موقع “المستقبل” الإخباري) للاعتداء بعد خروجه من عمله من قبل مجموعة كانت تستقل سيارة ودراجة نارية اعترضته عند تقاطع بشارة الخوري وسط بيروت وأبرحته ضرباً، مسببة له جروحاً وكدمات ورضوضاً قوية (28/6).

ومنع الصحافي عماد بزي من إجراء تحقيق صحافي في ضاحية بيروت الجنوبية على يد عناصر حزبية، وجرت ومصادرة آلة التصوير الخاصة به وإتلاف محتواها ثم إعادتها إليه (3/7).

• وقال مدير الأخبار في قناة “المستقبل” عماد عاصي لـ”سكايز” إن “الإعلام يعكس صورة الواقع السياسي، والارتياح أو التشنج يبدو واضحاً على الشاشة وفي حركة المندوب والمراسل”.

واعتبر أن العام 2009 حمل ارتياحاً أكثر للمراسلين في محطته، غير أنه أضاف أن “بعض المناطق ظلت مغلقة على مراسلينا، فالدخول إلى بعض الأحياء من الضاحية الجنوبية مثلاً يتطلب تصريحاً للإعلام وحتى للأجهزة الأمنية”. وأشار إلى أن “حدة التوتر بدأت تنحسر منذ توقيع اتفاق الدوحة في صيف 2008 وما تلاه من تهدئة في الخطاب السياسي، لأن القاعدة تتأثر عادة بخطاب المسؤول، فالانفتاج والحوار انعكسا على العلاقات بين الناس وتأثر بهما الإعلام ايضاً”.

وأسف عاصي من تصنيف المراسل الصحافي بحسب المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها، ما يجعل المراسلين الصحافيين “كبش محرقة” للتوتر السياسي في البلاد.

• وأكدت مديرة الاخبار والبرامج السياسية في تلفزيون “الجديد” الصحافية مريم البسام أن العام 2009 كان أكثر راحة للصحافيين من الأعوام السابقة، وأن الخلاف بين التيارات السياسية ينعكس مباشرة على عمل المراسلين “لأن الناس يعرفون وجوههم والمحطات التي يعملون فيها، وبالتالي يصبح تصنيفهم في خانة المعادين أو الموالين أسهل، ويكون رد فعل الجمهور حسب هذا التصنيف”.

واشارت إلى أن مراسلي محطتها “تعلموا من التجربة، وعارضوا دخول المناطق التي سبق وتعرضوا فيها للضرب أو تكسير الكاميرات أو الإهانات”. واعتبرت البسام أن من أبرز الانتهاكات التي تعرض لها فريق المحطة “الانتهاك الصارخ الذي نفذته إسرائيل بحق المراسلة أوغاريت دندش، التي تعرضت للاعتقال من قبل جنود الاحتلال أثناء تغطيتها رحلة سفينة السلام إلى غزة”، وأسفت للأحكام القضائية بحقّ زميلتها غادة عيد.

2- أحكام قضائية بحبس صحافيين:
أصدر القضاء اللبناني حكمين بسجن صحافيين، فقد حكمت محكمة المطبوعات غيابياً على الصحافي فارس خشان (جريدة المستقبل”) بالسجن لمدة سنة وإلزامه بدفع مبلغ عشرة ملايين ليرة (7000 دولار) تعويضاً للقاضي عبد الرحيم حمود لإدانته بالقدح والذم بحقه، حين علّق خلال حديث تلفزيوني على مسألة ملاحقته وغيره من الصحافيين أمام القضاء (29/7). كما أحيلت الصحافية غادة عيد (تلفزيون “الجديد”) وصدر بحقها لاحقاً حكم بالسجن ثلاثة أشهر وبدفع غرامة 20 مليون ليرة (14 الف دولار) في الدعوى المقامة من القاضي عفيف شمس الدين ضدها وضد محطة تلفزيون “الجديد” ومديرة البرامج السياسية مريم البسّام، بجرم القدح والذم والتحقير، من خلال البرنامج التلفزيوني الذي تقدمه عيد.

وفي حالات الحكم بالحبس على الصحافيين اللبنانيين من قبل محكمة المطبوعات، يتم التخلي عنها واستبدالها بإلزام المدعى عليه بالتعويض المادي إلى المدعي.

3 – موجة صرف عاملين من مؤسسات اعلامية:
صرفت صحيفة “النهار” نحو خمسين محرراً وموظفاً من الخدمة ومن بينهم صحافيون لهم حضور كبير في الصحافة اللبنانية (27/9). ثمّ صرفت محطة “MTV” عدداً من الموظفين (30/9)، وفيما تحدثت معلومات صحافية عن ان عدد المصروفين منها بلغ 60 موظفاً، أوضح مسؤول في المحطة لـ”سكايز” ان محطته صرفت 8 فقط من العاملين فيها، وأن باقي المصروفين هم من فريق “استوديو فيزيون” للانتاج وليس من فريق “MTV”. كما قامت ادارة “المؤسسة اللبنانية للارسال LBC” بصرف العشرات من الصحافيين والتقنيين العاملين لديها في خطوة ردها المصروفون إلى اعتبارات سياسية على خلفية النزاع على ملكية المؤسسة بين حزب “القوات اللبنانية” ورئيس مجلس ادارة القناة بيار الظاهر (7/10)، وبعد ذلك صرفت محطة “ANB” عشرين موظفاً بينهم عدد كبير من الصحافيين (15/10).

• وقال المحامي جميل جبران لـ”سكايز”: “شهدنا صرفاً جماعياً يشترط توفر عوامل عدة كي يكون قانونياً وغير تعسّفي”. وتابع: “يجب وجود سبب جدي اقتصادي يبرر الصرف، وعلى المؤسسة التصريح لوزارتي العمل والشؤون الاجتماعية، وعليها أيضاً وضع برنامج لإعادة توظيف المصروفين في مكان آخر ان استطاعت ذلك”، لافتاً إلى أن “الافضلية في التوظيف في السنة اللاحقة يجب ان تكون للمصروفين”.

• وتخوّفت أوساط صحافية في لبنان من ان يشكّل التلويح بصرف الإعلاميين لأسباب مالية تهديداً غير مباشر أو ضغطاً مبطناً لممارسة رقابة على التوجهات السياسية للعاملين في المؤسسات الإعلامية اللبنانية.

4 – الثقافة في مرمى الرقابة:
منع الامن العام اللبناني بطلب من المركز الكاثوليكي للإعلام عرض فيلم “هيلب” للمخرج مارك أبي راشد (16/2) بعدما سبق وأجاز عرضه. وجرى قطع حلقة تلفزيونية مع ابي راشد على تلفزيون لبنان الرسمي تحدّث فيها عن الفيلم (3/ 3).

ورفض الامن العام اللبناني منح تأشيرة دخول للكاتب التونسي منصف المرزوقي المهتم بقضايا حقوق الإنسان (4/3) للمشاركة في ندوة بحثيّة في لبنان.

ومنع كرنفال السامبا الفولكلوري البرازيلي في صور(جنوب لبنان) من قبل “علماء صور للتوجيه والارشاد الديني” (1/10)، كما منع فيلمان سينمائيان (The wedding song- Il Compleanno) من العرض في مهرجان بيروت للسينما (7/ 10)، وجرى حذف 5 دقائق من فيلم “سمعان بالضيعة”.

كما ألغى الفنان المغربي جاد المالح مشاركته في أنشطة “مهرجانات بيت الدين للعام 2009” بسبب “المظاهر العدائية والدعوات المناهضة لمشاركته، حفاظاً على أمنه الشخصي وحسن سير المهرجان” (29/6)، والمالح من عائلة يهودية مغربية، وقد جرت اشاعة اخبار في بيروت عن ارتباطه بالجيش الاسرائيلي وتعاطفه مع الدولة العبرية، وهو ما نفاه المالح.

3- أحداث ذات صلة:
وتجدر الاشارة إلى ثلاثة أحداث جرت خارج الأراضي اللبنانية وكان لها انعكاس على الإعلام اللبناني.

فقد اعترضت البحرية الاسرائيلية (5/2) سفينة “الاخوّة” التي توجهت من لبنان إلى غزة وعلى متنها عدد من الناشطين والصحافيين، ودهتمها واعتدت على عدد ممن كانوا على متنها، وحققت معهم قبل ان تطلق سراحهم في اليوم التالي.

وصدرت عن القضاء السوري استنابات قضائية (7/12) بحقّ عدد من الصحافيين اللبنانيين والشخصيات السياسية في الدعوى المقامة من المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيّد بإشاعة أخبار كاذبة حول قضية اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري أدت إلى توقيفه من طرف القضاء الدولي.

وتبنى مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة (7/12) مشروع قانون يطالب بإجراءات عقابية بحق مالكي الأقمار الصناعية الذين يسمحون لمحطات تلفزيونية ببث افكار ذات “طابع ارهابي”، ومن بين المحطات التي أشار اليها مشروع القانون خصوصاً محطة “الأقصى” التابعة لحركة “حماس”، ومحطة “المنار” التابعة لـ “حزب الله” في لبنان.

• وتعلّيقا على القضايا التي رصدها “سكايز” في تقريره السنوي اعتبر الكاتب والمحلل السياسي سليمان تقي الدين ان “الإعلام اللبناني يعاني غياب الضمانات وعدم احترام القوى السياسية لمبدأ الحريات، وتطييف وسائل الإعلام مما يقيّد الحرية ويؤدي إلى رقابة ذاتية من دون وجود رقابة مباشرة”. وتابع “مع كل تسوية سياسية كنا نلحظ بنداً بوقف الانتهاك بحق الصحافيين وحرية الرأي. والحراك السياسي السائد أرخى بظله على الصحافة المكتوبة بشكل خاص، ونقل مستوى الكتابة الصحافية إلى الانخراط في المعمعة السياسية وأثّر في الفكر السياسي السائد”.

وأشار إلى إسهام “الهياج الطائفي للجمهور” في قمع الصحافيين المختلفين برأيهم عن محيطهم. ولفت تقي الدين إلى انه “لا يمكن تحميل القانون وزر ما حدث، رغم ثغراته، لاننا لسنا في دولة القانون، والحاكم الفعلي هي سلطات الأمر الواقع، التي تهيمن على كل مقومات الدولة وتسير امورها”.

وتخوّف تقي الدين على مضمون الإعلام اللبناني في المستقبل “لأن نخب الطوائف عاجزة عن نقد طوائفها وقادتها، وعاجزة أيضاً عن نقد الطوائف الأخرى وقادتها، كما أشار إلى “محرمات” يمنع المساس بها مثل “فساد المؤسسات الدينية وادارة الاحزاب الداخلية”.

وخلص إلى القول ان “اتفاقية الدوحة (التي شكلت مخرجا بعد مهاجمة “حزب الله” بيروت في 7 أيار 2008) دقت اسفيناً في الدستور ورسمت سقفاً للتفكير في لبنان، فلجمت الأزمة الأمنية، لكنها لجمت ايضاً حرية التفكير ومنعت على الصحافي التطرق إلى مواضيع باتت تعد تعكيراً للسلم الأهلي”.

ثانياً: سورية
ارتفاع وتيرة الاعتقالات في النصف الثاني
سورية “مسرح” لقمع الحريات والثقافة الكردية عام 2009

استمر مسلسل الاعتقالات في صفوف الكتّاب والصحافيين والمثقفين وناشطي المجتمع المدني وحقوق الإنسان في سوريا عام 2009 على خلفية كتاباتهم وآرائهم السياسية أو انتقادهم للفساد في إدارات الدولة، وكذلك منع الناشطين والمثقفين من السفر خارج البلاد، إضافة إلى فرض المزيد من القيود على الصحافة المحلية والعربية المطبوعة والإلكترونية، وحجب المزيد من المواقع الإلكترونية، في الوقت الذي واصلت السلطات السورية قمع كافة أشكال الثقافة الكردية في البلاد.

1- مضايقات واعتقالات وأحكام:
أ‌- اعتقلت السلطات السورية العشرات من الصحافيين والكتاب وناشطي المجتمع المدني، وأصدر القضاء السوري من خلال محكمة أمن الدولة العليا الاستثنائية أحكاماً قاسية تركزت على تهمة “نشر أنباء كاذبة من شأنها وهن نفسية الأمة”. كما جرت بعض المضايقات بحق سجناء الرأي داخل معتقلاتهم.

فقد جرى توقيف مديرة مكتب قناة “الفيحاء” العراقية في دمشق هيفاء الحسيني (2/3) قبل أن تستعيد حريتها بالكامل (9/3). وحكم على الكاتب حبيب صالح (15/3) بالسجن ثلاث سنوات بتهمة “نشر أنباء كاذبة ترمي إلى إضعاف الشعور القومي وإيقاظ النعرات العنصرية والمذهبية” على خلفية مقالات نشرها على الانترنت. واعتقل الكاتب الكردي فاروق حجي مصطفى (5/7) على خلفية لقاءاته مع صحافية ألمانية زارت سورية بالتزامن مع عيد النوروز الكردي الذي تحظر السلطات الاحتفال به، وحكم عليه بالسجن خمسة أشهر. وجرى نقل الكاتب والصحافي علي العبد الله إلى السجن الانفرادي (23/6) ليوم واحد على خلفية تصريحات له عن الانتخابات اللبنانية والإيرانية جرى نقلها إلى خارج السجن. واعتقل الناشط عبد الحليم حسين (14/7) للاشتباه فيه بكتابة مقال في دورية محليّة وأحيل على القضاء العسكري.

وجرى إبعاد الصحافي العراقي سلام شمّاع (31/7) بعد أربعة أيام على احتجازه بعد وصوله إلى سوريا من البحرين.

وأصدرت محكمة أمن الدولة العليا (19/9) حكماً بسجن المدوّن كريم أنطوان عربجي ثلاث سنوات، بتهمة “نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة” على خلفية كتاباته لمقالات انتقد فيها السلطات السورية ونشرها في منتدى أخوية الإلكتروني. وصدر بحق الكاتب والناشط الحقوقي هيثم المالح (3/11) قرار يقضى باتهامه بجناية “نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة” وفقاً للمادة 286 من قانون العقوبات السوري، والظن فيه بجرم “ذمّ إدارة عامة” وذلك على خلفية كتابته لمقالات وإجراء لقاء على قناة بردى المقربة من تجمع إعلان دمشق المعارض.

واعتقلت الأجهزة الأمنية السورية (22/10) الشيخ عبد الرحمن الكوكي لدى عودته إلى سورية قادماً من قطر بعد مشاركته في حلقة عن قضية النقاب وموقف شيخ الأزهر منه ضمن برنامج “الاتجاه المعاكس” الذي تبثه قناة “الجزيرة” القطرية وأحيل على القضاء في ما بعد بتهم “النيل من هيبة الدولة” و”الإساءة إلى شخص رئيس الجمهورية” و”إثارة النعرات الطائفية والمذهبية”.

وجرى اعتقال الكاتب والمفكر الإسلامي يوسف ذيب الحمود (5/11) من منزله من دون أن تُعرف خلفية الاعتقال والجهة التي قامت به.

واعتقلت إدارة أمن الدولة (22/11) الصحافي في جريدة “الثورة” الحكومية الرسمية معن عاقل، وجرى فصله من جريدة “الثورة” وجرائد محلية أخرى يكتب فيها خلال أقل من 48 ساعة على اعتقاله، ويعتقد أن خلفية الاعتقال هي تحقيق قام به عاقل عن صناعة وتجارة الأدوية في سورية.

واعتقل الكاتب الكردي مصطفى اسماعيل (12/12) بعد استدعائه إلى فرع الأمن الجوي في حلب، ويعتقد أن يكون الاستدعاء على خلفية كتاباته ومشاركاته في بعض برامج القناة الفضائية الكردية “ROJ.TV” التابعة لحزب العمال الكردستاني التي تبث من بلجيكا.

وبتاريخ 19 أيار/ مايو 2009 أطلق سراح رئيس مركز “حريات” للدفاع عن حريات الصحافيين الكاتب والصحافي السوري ميشيل كيلو، بعد أن أنهى حكماً بالسجن ثلاث سنوات، وقد اتهمته محكمة الجنايات الثانية بدمشق بإضعاف الشعور القومي، وإيقاظ النعرات الطائفية والمذهبية. وكان كيلو اعتقل بتاريخ 14 أيار/مايو 2006 بعد أن وقّع مع مجموعة من الناشطين السوريين واللبنانيين على وثيقة سمّيت بإعلان “بيروت – دمشق، دمشق – بيروت” دعت إلى تصحيح العلاقات اللبنانية- السورية، وترسيم الحدود بين البلدين وتبادل العلاقات الدبلوماسية بينهما، واعتقل على أثرها العشرات من الناشطين السوريين وحكم على العديد منهم.

ب – ويستمر اعتقال كل من الكاتب والسياسي علي العبد الله، والصحافي فايز سارة، والناشط والكاتب السياسي الكردي مشعل التمو، والكاتب والسياسي د. كمال لبواني. كما يلف الغموض مصير مئات السجناء في سجن صيدنايا العسكري بعدما استخدمت سلطات السجن (5/7/2008) الأسلحة النارية للسيطرة على الأحداث التي اندلعت فيه، في ظلّ تكتم رسمي عن هذه الأحداث ومنع نزلاء السجن من التواصل مع الخارج.

وكان من المفروض إطلاق سراح الناشط الحقوقي نزار رستناوي بتاريخ 18/4/2009 بعد أن أمضى حكماً بالسجن أربع سنوات، بتهمتي “نشر أنباء كاذبة” و”ذم رئيس الجمهورية”.

كما اعتُقل الشاعر فراس سعد بتاريخ 30/7/2006 بسبب مقالة نشرها على الانترنت بعنوان “أين الجيش السوري من الحرب الإسرائيلية على لبنان؟”، انتقد فيها عدم تدخل الجيش السوري لمساعدة لبنان أثناء حرب تموز 2006، فحكمت عليه محكمة أمن الدولة العليا (04/2008)، بالسجن أربع سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة من شأنها وهن نفسية الأمة.

وكذلك الحال بالنسبة إلى المدوِّن السوري طارق بياسي الذي اعتقل بتاريخ 7/7/2007 من قبل المخابرات العسكرية بسبب انتقاده لسلوك الأجهزة الأمنية، عبر تعليقات أرسلها لمنتديات إلكترونية، حيث حكمت عليه محكمة أمن الدولة بالسجن ثلاث سنوات في أيار/مايو 2008، وذلك بتهمتي “إضعاف الشعور القومي” و”وهن نفسية الأمة”.

• واعتبر الكاتب والناقد السوري المعارض صبحي حديدي في حديث مع “سكايز” أن السلطات الحالية تمارس القمع نفسه الذي مارسته أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد ولكن بإخراج مختلف، وقال: “في الماضي كان الأسد الأب يزجّ المعارضين في السجون بدون محاكمة، أما تنويع الأسد الابن فهو مهازل إحالة المعارضين على القضاء بسبب “إضعاف الشعور القومي”، أو “النيل من هيبة الدولة” أو “إثارة النعرات العنصرية والمذهبية”، وسواها من التهم التي أجزم ان القضاة أنفسهم لا يفقهون لها دلالة ملموسة”.

2- منع من السفر:
تلجأ السلطات الأمنية السورية إلى منع المئات من ناشطي السياسة وحقوق الإنسان، إضافة إلى صحافيين وكتّاب بارزين من السفر خارج البلاد، في خطوة ازدادت في عام 2009 كإجراء لمواجهة نشطاء الحراك المدني والسياسي، ولمعرفة تحركات بعض النشطاء خارج سورية، من خلال وضع بلاغات مراجعة بحقهم من دون معرفتهم لدى دائرة الهجرة والجوازات.

فقد منعت السلطات الأمنية السورية الروائي والناقد نبيل سليمان من السفر إلى الكويت لحضور ندوة أقيمت برعاية مجلة “العربي” الكويتية (1/3).

كما منعت في وقت سابق المخرج السوري المعروف محمد ملص من السفر بسبب نشاطه في المجتمع المدني.

• وأصدر المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في أيار/مايو 2009 تقريراً عن سياسة منع السفر بحق نشطاء المجتمع المدني في سورية بعنوان “إشكالية المنع من السفر في سورية” أحصى فيه منع 414 شخصاً من السفر من بينهم 41 كاتباً وإعلامياً ومنهم طيب تيزيني، وحازم نهار، ومحمد سيد رصاص، وبكر صدقي، وجاد الكريم جباعي، وسليمان يوسف يوسف، ومازن درويش، ورزان زيتونة، وعمر قدور، وياسين الحاج صالح، إضافة إلى العديد من الكتاب والصحافيين الكرد.

ولم تسمح السلطات السورية لفارس مراد، أقدم سجين سياسي سابق في سورية، بالسفر لتلقي العلاج بعد خروجه من السجن حتى وفاته (9/3).

3- إقفال/منع صحف:
وتتعرّض بعض أعداد الصحف السورية الخاصة للمصادرة والمنع بشكل مستمرّ، كما تُمنع بعض الصحف التي تصدر في الخارج من الدخول إلى سورية، بما فيها صحف مصنّفة على قائمة “الأصدقاء” بالنسبة إلى السلطات السورية، فيما تمنع السلطات السورية وبشكل نهائي دخول الكثير من الصحف والمجلات التي تصدر في الخارج إلى أراضيها، مثل صحف “النهار” و”المستقبل” و”الانوار” اللبنانية، و”السياسة” و”الراي” الكويتيتين، و”المحرّر العربي” التي تصدر في لبنان، و”الشرق الأوسط” اللندنية، و”الحقيقة الدولية” الأردنية، وصحيفة “روز اليوسف” المصرية.

إضافة إلى ذلك، تمّ إقفال مراكز إعلامية وقنوات مرئية أو التشويش عليها وإقالة صحافيين.

فقد أغلقت وزارة الإعلام مكتب دمشق لقناة “المشرق” الفضائية (29/7) وجرى التحقيق مع أكثر من 15 إعلامياً من العاملين في المكتب من دون إيضاح الأسباب الموجبة لذلك.

كما أقدمت السلطات أيضاً على الطلب من القائمين على قناة “الدعوة” بالتوقيع على إقرار في أحد فروع الأمن بأنهم أخطأوا في الإقدام على العمل في المحطة والمساهمة في إطلاقها، وأنهم “بدون إكراه” سيوقفون العمل. وكان من أبرز الموقعين على التعهد صاحب شركة “الهزار للانتاج الفني” عمار الرفاعي، ابن الداعية الشيخ سارية الرفاعي، وتمت حينها مصادرة كل الأجهزة الفنية والمعدات والأرشيف ولم يبق لـ “الهزار” سوى اسمها الذي ألغي حتى من السجل التجاري.

كما منعت وزارة الإعلام السورية العدد /54/ من جريدة “الخبر” الأسبوعية الاقتصادية للمرة السادسة عشرة خلال أقل من سنتين، وهو عمر الجريدة (31/5)، من دون إيضاح الأسباب.

ومنعت المؤسسة العامة لتوزيع المطبوعات التي تحتكر توزيع المطبوعات في سورية توزيع العددين 47 و49 من المجلة الشهرية “شبابلك” (أيار/مايو) من خلال اتصال هاتفي من وزارة الإعلام.

• وأعلن رئيس تحرير مجلة شبابلك إياد شربجي، إيقاف إصدار مجلته احتجاجاً على ما أسماه “المضايقات التي تتعرض لها المجلة”، ريثما يتحسن المناخ الإعلامي في سورية، في حفل ختام “مهرجان شبابلك الثقافي” بتاريخ 24/10/2009.

كما أنهى وزير الإعلام السوري محسن بلال تكليف رئيس تحرير جريدة “العروبة” أحمد تكروني، الصادرة عن مؤسسة “الوحدة للصحافة والطباعة والنشر” والتي تخص المنطقة الوسطى – حمص وحماه (2/8) بسبب مقال نشر في الجريدة تحت عنوان “نحن الحماصنة متعصبون لحمصيتنا”.

وأصدر وزير الإعلام قراراً شفهياً يقضي بإنهاء عمل الإعلامي إبراهيم الجبين في التلفزيون العربي السوري، وكذلك وقف إنتاج حلقات جديدة من برنامج “علامة فارقة” (13/8).

وأغلقت مجموعة مشتركة من إدارة المخابرات العامة وشرطة دمشق “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” (13/9)، وهو المركز السوري الوحيد المتخصص في مراقبة قضايا الإعلام والتعبير من داخل سورية.

• وقال مدير “المركز السوري للإعلام” مازن درويش لمركز “سكايز” إن إغلاق المركز في هذا التوقيت “يأتي تتويجاً لمرحلة جديدة من الضغوط المستمرة التي يواجهها منذ تأسيسه في نهاية العام 2004، هذه المرحلة الجديدة بدأت في شهر شباط/فبراير الماضي عندما أصدر المركز دراسة بعنوان (إشكالية المنع من السفر في سورية) و تصاعدت مع إصدار التقرير السنوي الثالث حول حالة الإعلام والحريات الصحافية في سورية بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافي في الثالث من أيار/مايو وحمل التقرير عنوان “صمت الأقلام وضجيج الرقابة” لتصل إلى إغلاق مقر المركز بعد حملة الكشف عن قرارات منع توزيع الصحف الشفهية الصادرة عن وزير الإعلام”.

واعتبر درويش إغلاق المركز “ضربة موجعة لم تكن في الحسبان” وأكد أن المركز سيطلق موقعاً جديداً يقدم من خلاله الدعم القانوني والمهني للعاملين في الإعلام وحرية التعبير، إضافة إلى مواصلة “رصد الانتهاكات الواقعة على الحريات الصحافية وكشفها والتشهير بها من خلال البيانات الصحافية “.

ومنعت السلطات السورية دخول العدد (9/10) من مجلة “الآداب” اللبنانية، بسبب بحث نقدي لحسّان عباس بعنوان “حكايات ضدّ النسيان: قراءةٌ في بعض النتاج الروائي المعاصر في سورية”، يقارب “أحداث الثمانينيات وتأثيرها في المجتمع والمبدعين والكتابة”، حيث يتعرض الملف لروايات وكتابات حول العنف المتبادل بين السلطة والتشدّد الإسلامي في هذه الفترة، مروراً بأدب السجون.

ومنعت السلطات السورية صحيفة “الأخبار” اللبنانية من توزيع أربعة أعداد في أراضيها (29/8 و30/8، و10/10 و8/12).

كما منعت وزارة الإعلام توزيع العدد 145/146 (17/11) من مجلة “بقعة ضوء” السورية ولم تتمكن إدارة المجلة من معرفة سبب منع توزيع العدد على الرغم من المراجعة المتكررة من قبل رئيس تحريرها علي عبد العزيز الراوي لمديرية الرقابة الداخلية في وزارة الإعلام.

وعادت قناة “بردى” (22/12) إلى البثّ بعدما جرى التشويش على إرسالها، وهي محطة معارضة مقربة من تحالف إعلان دمشق.

• وأكد مدير قناة “بردى” أسامة المنجد في حديث إلى مركز”سكايز” أن التشويش على محطته جرى من داخل الأراضي الايرانية.

4- الرقابة الإلكترونية:
يخضع الإعلام الإلكتروني في سورية إلى رقابة مشددة تفرضها الأجهزة الأمنية المختصة، مستعينة بتقنيات عالمية توفرها شركات متخصصة بالرصد والحجب والمراقبة. وتلجأ السلطات السورية أيضاً إلى حجب المئات من المواقع الإلكترونية حيث حجبت الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية والمؤسسة العامة للاتصالات أكثر /244/ موقعاً إلكترونياً حتى تاريخ 6/12/2009 بحسب “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”.

وتتربع المواقع الكردية على صدارة الحجب، إضافة إلى مواقع المعارضة السورية والمواقع العربية والأجنبية التي تقوم بنشر مواضيع تنتقد السلطات السورية. كما تحجب أيضاً مواقع تواصل اجتماعية عالمية مثل الـ”فايس بوك”، و”يوتيوب”، إضافة إلى الآلاف من المدونات الشخصية.

كما تحجب السلطات السورية مواقع معظم المنظمات الحقوقية السورية وبعض المنظمات العربية ومنها اثنتا عشرة منظمة وهي: المنظمة السورية لحقوق الإنسان- سواسية، والمنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سورية، واللجنة السورية لحقوق الإنسان، ورابط معلومات حقوق الإنسان في سورية، ومنظمة حقوق الإنسان في سورية، ورابطة حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، ومركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية، واللجنة العربية لحقوق الإنسان، ونشطاء الرأي، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومركز عيون سمير قصير “سكايز”.

وكانت السلطات السورية قد حجبت موقع مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية “سكايز” عن المتصفحين السوريين، لينضم إلى قائمة المواقع المحجوبة من قبل المؤسسة العامة للاتصالات بالتعأون مع أجهزة أمنية (14/9).

• وتعليقاً على حجب المواقع الإلكترونية في سورية قال الكاتب والناقد السوري صبحي حديدي لـ”سكايز” إن الرئيس بشار الأسد الذي “جاء أصلاً محمولاً على أكتاف تكنوقراط اقتصاد السوق ودعاة الثورة المعلوماتية، ضاق ذرعاً قبل أيام بأحد هؤلاء، تيسير الرداوي رئيس هيئة تخطيط الدولة، وأقاله بسبب انتقاداته للخطة الاقتصادية العاشرة. فكيف يمكن له ان يجيز موقعاً على الانترنت، يعكس آراء أمثال رياض الترك أو ميشيل كيلو أو هيثم المالح؟”، واستغرب حديدي كيف أن “أسماء الأخرس، عقيلة بشار الأسد، لديها صفحة خاصة على الـ”فيسبوك”، لكنّ الموقع ذاته محظور في سورية!”.

5- قمع اللغة والثقافة الكرديتين:
تعاني الثقافة الكردية في سورية ضغوطاً كثيرة، فاللغة الكردية ممنوعة من التدريس في مدارس ومعاهد وجامعات الدولة، كما أن النظام السوري كان يمنع التحدث بها في جميع دوائر الدولة وفي الجيش والمدارس والجامعات. ولا يرخص بأي شكل من الأشكال لأي دورية أو مطبوعة أو إذاعة كردية في سورية، إلا أن السلطات تتغاضى عن بعض حفلات الأعراس والحفلات الموسيقية، وتتدخل أحياناً كثيرة لمنعها، واعتقال المشرفين والقائمين على إعدادها.

أ‌- قمع الاحتفالات بعيد “النوروز” والمناسبات الكردية
اعتقلت السلطات الأمنية السورية العشرات من أبناء القومية الكردية قبل احتفالاتهم بقدوم عيد “النوروز” (21/3) وهو العيد القومي لدى الأكراد كما يمثل رأس السنة الكردية.

وقامت دوريات من الأمن العسكري والأمن السياسي (16/3) بهدم مسارح فرق شعبية كردية في عدد من المناطق، وفي اليوم نفسه اعتقلت الأجهزة الأمنية في عامودا صاحب محل تسجيلات بسبب بثّه أغنية عن مجزرة حلبجة وحوّل إلى فرع الأمن السياسي.

وقامت قوات أمنية مدعمة بشرطة مكافحة الشغب (20/3) بإطفاء الشعلات التي أوقدها العشرات من الشبان الكرد في إحد أحياء المدينة، وهدد مدير المنطقة باعتقال أي شخص يحاول مجدداً إشعالها. وبعد معرفة القيادة المحلية في المدينة بوجود وفد دبلوماسي صوّر ووثّق بالفيديو عملية إطفاء النار، لجأ إلى تهدئة الجموع وتقدم إليهم بالتبريكات بالمناسبة.

وفي اليوم نفسه عمدت أجهزة أمنية في مدينة الحسكة إلى اعتقال عضو اللجنة السياسية ل”حزب يكيتي” الكردي المهندس سليمان مجيد أوسو مع مواطنَين آخرين، عندما كان يشرف على إقامة منصة لفرقة “زفين” الفلكلورية، وأزالت المنصة باستخدام جرّافة.

واعتقلت الأجهزة الأمنية (20/3) خمسة مواطنين من قرية “تمويا” (45 كم شمال مدينة الحسكة) بعدما أوقدوا شعلاً فوق التلال المحيطة بالقرية.

وفي اليوم نفسه قامت أجهزة أمنية وقوات حفظ النظام في مدينة حلب بقمع تجمع سلمي في كل من حي الشيخ مقصود وحي الأشرفية، واعتقلت نحو مائتي شخص أشعلوا الشموع على الأرصفة، إلا أن قوات الأمن لجأت إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع والهراوات في ضرب المجتمعين وتفريقهم، واعتقال بعضهم، ومن ثم قامت باقتحام المنازل القريبة من مكان التجمع واعتقلت من كان فيها.

وجرى اعتقال القيادي الكردي مصطفى أوسو بسبب مشاركته في أعياد “النوروز”، وأخلى القضاء سبيله بعد أقل من ثلاثة أشهر.

واعتقلت مفرزة الأمن الجنائي في مدينة المالكية ثلاثة أكراد (23/3) على خلفية مشاركتهم بأعياد “النوروز” بتهمة رفع أعلام كردية، وجرى تحويلهم على فرع الأمن السياسي بالحسكة.

وأحال رئيس جامعة حلب محمد نزار عقيل 123 طالباً كردياً على لجنة الانضباط الجامعي، على خلفية وقوفهم خمس دقائق صمت على أرواح شهداء أحداث آذار/مارس 2004 التي راح ضحيتها عشرات الأكراد إثر اشتباكات بين الأمن السوري وجمهور نادي الجهاد الرياضي، وأيضاً وفي ذكرى قصف مدينة حلبجة الكردية في كردستان العراق بالأسلحة الكيماوية من قبل نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

ب – “تمكين اللغة العربية”:
في إطار “تمكين” اللغة العربية في سورية، أجبرت السلطات أصحاب المحال التجارية الكردية على تغيير أسمائها تحت طائلة المسؤولية. ووجهت بعض الدوائر الرسمية إلى أصحاب المحال التجارية والمطاعم والمقاهي، إضافة بعض محال الهواتف النقالة إنذارات كتابية وشفهية بهذا الشأن.

وقد أنذر رئيس مجلس مدينة “ديريك” المعربة إلى المالكية (شمال شرق سورية)، في كتاب رسمي، أصحاب المكتبات والمكاتب ودور النشر والطباعة والخطاطين، بضرورة العناية باللغة العربية والاهتمام بها والمحافظة عليها والارتقاء بها (13/11) جاء فيه: “يمنع منعاً باتاً طباعة أي بطاقة أو كارت أو إعلان أو لوحة إلا باللغة العربية، وإذا كان أصل الإسم غير عربي فيكتب بالأحرف العربية كما يلفظ ثم يكتب بالحرف اللاتيني بشكل أصغر مثل “ماريا “Maria ويمنع منعاً باتاً وتحت طائلة المسؤولية والعقوبة أن يقتصر الإعلان أو اللوحة على الكتابة بالأحرف اللاتينية فقط مهما كانت التسمية”.

وتم تنفيذ هذا التوجه في محافظة الحسكة ذات الأغلبية الكردية وأصدر بذلك مدير التربية في المحافظة تعميماً (15/4) جاء فيه: “من خلال الاطلاع على تقارير الجولات التربوية، والتوجيهية الواردة عن السادة الموجهين الاختصاصيين والتربويين، ومن عدد من مديري المدارس، لوحظ أن بعض المعلمين والمدرسين والإداريين، يجهل أو يتجاهل دوره في تعزيز اللغة العربية، وترسيخ الاعتزاز بها في نفوس ناشئتنا وطلبتنا، وإثرائها والحفاظ على سلامتها ونقائها، وعدم المساس بهيبتها وسمعتها، بإعطاء النموذج والقدوة للمتعلمين باستعمالها، دون غيرها من اللغات داخل البناء المدرسي، سواءً في أثناء الحصص المدرسية أو خارجها، والالتزام بالعربية السليمة المبسطة حديثاً ومشافهة ومحاورة، وتحاشي تلويث أسماع التلاميذ بكلمات دخيلة من اللغات الأخرى والعاميات”.

ج- اعتقال/منع فنانين كرد:
في تموز/يوليو 2009، منعت السلطات الأمنية في مدينة القامشلي (شمال شرق سورية) حفلات للفنان الكردي السوري المغترب خيرو عباس المقيم منذ أكثر من عقدين في أوروبا، حيث تم إلغاء ثلاث حفلات بموجب أمر شفهي من فرع الأمن السياسي بالمحافظة، وأبلغ القائمون على إقامتها بالمنع من دون إبداء الأسباب.

واعتقل الأمن السياسي بمدينة المالكية (أقصى شمال شرق سورية) بالتعاون مع الأمن الجنائي فرقة موسيقية كردية، بعدما غنى فنانوها أغاني وطنية كردية، وتمّ اعتقال الفنانين جمال سعدون ونهاد يوسف ودجوار منير (3/10).

وتمّ استدعاء الفنان أنور ناسو مع ناشطين أكراد (26/12) من دون إبداء الأسباب، وأودعوا في سجن دمشق المركزي في عدرا.

• وعلّق الكاتب صبحي حديدي على الضغط الذي تواجهه الحياة الثقافية الكردية في سورية قائلاً “إن المواطنين الأكراد “هم ضحايا الاستبداد مثل كلّ المواطنين، بالإضافة إلى أن الثقافة الأمنية البعثية انطوت دائماً على ميل غريزي إلى اضطهادهم، خصوصاً بعد انخراطهم أكثر في العمل الوطني العام، وخروجهم من الدائرة الضيقة القديمة التي كانت تحصر نضالاتهم بالشأن الكردي وحده”.

ثالثاً: الأردن
حمل في أيامه الأخيرة “جرعة تفاؤل” للإعلاميين
عام 2009 يطبع الصحافة الأردنية بمرارة الأعوام السابقة
حملت الأيام الأخيرة من العام 2009، أخباراً سارة للوسط الإعلامي في الأردن، كان من شأنها التخفيف، ولو نسبياً، من حدة المرارة التي جرعته إياها الحكومة على امتداد صفحة العام.

فقبل انقضاء العام بيومين، أعلن رئيس الوزراء سمير الرفاعي إلغاء ما يعرف بـ”ضريبة الثقافة” التي كان مجلس النواب المنحل قد أقرها في نيسان/ابريل 2008، في غمرة أزمة حادة مع الوسط الصحافي، وتقضي باقتطاع ما نسبته 5 بالمئة من قيمة الاعلانات التي تنشرها وسائل الإعلام، وبمفعول رجعي، وفي آب/اغسطس 2009 عاد النواب وأقروا خفض النسبة إلى 1 بالمئة، ومع ذلك ظلت هذه النسبة تشكل عبئاً على وسائل الإعلام ولا سيما الصحف، التي يعاني معظمها أوضاعاً مالية متردية، ويشكل الاعلان متنفسها الوحيد للبقاء.

وفي خبر ثان سارٍ، أعلن الرفاعي تراجع الحكومة عن وقف الاشتراكات في الصحف وتقنين نشر الاعلانات فيها وفقاً لما جاء في مدونة السلوك التي أقرتها حكومته بعد أقل من أسبوع على تشكيلها في 14 كانون الأول/ديسمبر. كما تعهد بأن تكون الاشتراكات “أكثر مما كانت عليه قبل إصدار المدونة” و”بزيادة حصة الصحف اليومية من الإعلانات الحكومية”.

وزيادة في طمأنة الوسط الإعلامي إلى توجهات حكومته، نفى الرفاعي خلال لقاء مع رؤساء تحرير الصحف اليومية “ما تردد من أنباء عن اعتزام الحكومة إصدار قانون مؤقت لتنظيم عمل المواقع الإلكترونية”. وكانت المواقع الإلكترونية التي لا تخضع لأي قانون قد توجست من توجهات الحكومة بعدما تعهد رئيسها في كتاب الرد على كتاب تكليفها بـ”تطوير” التشريعات بما يضمن “حماية المجتمع” من ممارسات بعض وسائل الإعلام، في إشارة إلى بعض هذه المواقع، وانتهى العام 2009 من دون إصدار أي قانون في هذا الشأن.

وبعيداً عن هذه الأنباء التي وصفها صحافيون بأنها تبعث على التفاؤل مع بداية العام الجديد، حفل العام المنصرم بالكثير من التطورات التي خلفت مرارة في نفوس الإعلاميين، وتراوحت بين صرف صحافيين وموظفين في وسائل إعلامية ومنع كتب وملاحقات قضائية واعتداءات طالت العديد من الإعلاميين، ويمكن إيجازها على الشكل الآتي:

1- اعتداءات على الصحافيين:
تعرّض مدير مكتب قناة “الجزيرة” في الأردن ياسر أبو هلالة (9/1) للضرب المبرح من قبل شرطة مكافحة الشغب خلال تغطيته تظاهرة أمام السفارة الاسرائيلية في عمّان، واُعلن أن تحقيقاً قد فُتح لكشف ملابسات الاعتداء.

واقتحم ثلاثة أشخاص (25/1) بينهم مسلح مقر “راديو البلد” وهددوا الصحافيين وطالبوا بإزالة مادة صحافية منشورة على الموقع الإلكتروني. مع الاشارة إلى أن مكاتب موقع “عمان نت” تقع في المبنى نفسه.

وتعرض مراسل صحيفة “الغد” اليومية أحمد التميمي في مدينة أربد شمال الأردن للاعتداء بالضرب في اليوم نفسه، على أيدي ثلاثة أشخاص بسبب مادة صحافية كتبها ونشرها.

وكان الصحافي أشرف المجالي تعرّض قبل ذلك للضرب أيضاً أمام مقر صحيفة “الدستور” في عمّان. وتعرضت مراسلة موقع “الحقيقة الدولية” الإخباري أمل غباين (5/7) للضرب على أيدي عناصر الدرك أثناء تغطيتها اعتصاماً نفذته النقابات المهنية أمام وزارة الزراعة، احتجاجاً على إصدار الحكومة تصاريح استيراد فواكه وخضر من إسرائيل.

ومن الصعب إغفال حدث بارز آخر على الساحة الإعلامية في الأردن، والذي تمثل في إشهار “نادي الكتاب الصحافيين الأردنيين”، والذي اعتبرته نقابة الصحافيين غير قانوني ورفعت ضد مؤسسيه دعوى قضائية بتهمة “انتحال صفة صحافي” (26/11)، إضافة إلى دعوى أخرى ضد وزير الثقافة الذي منحها الترخيص “خلافاً لقانون النقابة”.

2- ملاحقات قضائية/أحكام :
في واحدة من أهم القضايا التي شهدها الوسط الصحافي، قضت محكمة صلح جزاء عمان (27/4) بعدم مسؤولية الكاتب الصحافي خالد محادين عن التهم المسندة إليه في الشكوى المقدمة ضده من أمين عام مجلس الأمة على خلفية مقال نشره بعنوان “منشان الله يا عبدالله” وانتقد فيه الامتيازات الممنوحة لأعضاء مجلس النواب، وصادقت محكمة استئناف عمَان على القرار (19/7).

وأحالت “هيئة المرئي والمسموع” فضائية “WTV” على القضاء (25/5) على خلفية بثّ القناة رسالة قصيرة أرسلها أحد المشاهدين، اعتبرت مسيئة لمغن معروف في الأردن.

وأصدرت محكمة بداية عمان (21/6) حكماً بالسجن مدة عام، على الشاعر والصحافي إسلام سمحان لإدانته بتهمة “الإساءة إلى الإسلام” على خلفية دعوى أقامتها دائرة المطبوعات والنشر إثر نشره ديواناً يحوي قصائد تضمنت عبارات واقتباسات من القرآن الكريم.

وتسلّم محررو موقع “كل الأردن” (25/6) مذكرة حضور من محكمة صلح جزاء عمان، في دعوى بتهمة الذم والقدح والتحقير أقامها مدير “مركز الملكة رانيا العبدالله لتكنولوجيا التعليم” التابع لوزارة التربية والتعليم.

وقضت محكمة بداية جزاء عمَان بعدم مسؤولية رئيس تحرير أسبوعية “الجزيرة ” بسام الياسين، في قضية رفعها ضده مدير مؤسسة تعاونية قبل خمس سنوات (21/7).

وبرّأت محكمة الاستئناف “راديو البلد” من تهمة الإساءة إلى مجلس النواب، في القضية التي رفعتها ضده هيئة الإعلام المرئي والمسموع (30/7).

وأصدرت محكمة جزاء عمان (5/8) قراراً بإدانة الكاتب الصحافي علي السنيد وتغريمه ثمانية آلاف دينار(حوالى 12 ألف دولار) في قضية كان قد رفعها ضده وزير الصحة الأسبق سعد الخرابشة إثر نشر السنيد مقالاً بعنوان “إقالة الوزراء” في يومية “الانباط”. وجاء المقال حينها، على خلفية تلوث المياه في منشية بني حسن شمال المملكة قبل أكثر من عامين.

وثبتت محكمة استئناف عمان (31/8) حكماً بتغريم رئيس تحرير صحيفة “الدستور” الاسبق أسامة الشريف والصحافي فيها فايز اللوزي، بعد ان استبدلت محكمة التمييز الاحكام الصادرة عن محكمة صلح جزاء عمان بحقهما بغرامة مالية على أن لا تقل عن 100 دينار لكل منهما بالاضافة إلى الرسوم، بعد إدانتهما بجرم تعريض مجرى سير العدالة للشك.

وكانت محكمة التمييز، أعلى سلطة قضائية في البلاد، ألغت (22/6) حكماً أصدرته محكمة البداية وأيَدته محكمة الاستئناف في 19 أيار/مايو، قضى بحبس الشريف والفايز إضافة إلى رئيس تحرير صحيفة “العرب اليوم” طاهر العدوان والصحافية فيها سحر القاسم بالتهمة نفسها.

• ورأى الصحافي والشاعر إسلام سمحان في حديث إلى “سكايز” أن الكتّاب باتوا مضطرين إلى جراء رقابة ذاتية على ما يكتبون، خوفاً من منع نشر كتبهم. وأوضح ان “الرقابة الذاتية تطال كتاباً من شرائح عمرية مختلفة وتمنعهم من المس بـ “الـتابو” الاجتماعي، لا سيما الدين والجنس، أما السياسة فمحسوم أمرها، لا أحد يمسها”. وقال إنه سيتوجه للنشر خارج الأردن “حتى ولو منعت كتبي من دخول البلاد”.

3- صرف موظفين/منع كتب:
استغنت “شركة المدينة الإعلامية” عن خدمات 120 صحافياً وموظفاً من أصل 350 يعملون لديها (28/12).

وقررت دائرة المطبوعات والنشر (12/12) إحالة كتاب ناهض حتر “يساري أردني على جبهتين” على المحاكمة، بعد أن كان مدير الدائرة نبيل المومني، قرر في 10 تشرين الأول/أكتوبر منع تداول الكتاب ومصادرته. والكتاب في الأساس صادر عن دار الفارابي في بيروت.

وأبلغت دائرة المطبوعات والنشر (20/12) الصحافي في “العرب اليوم” وليد حسني منع كتابه “وصايا الذبيح” من التداول في الأردن بحجة أنه يسيء إلى علاقات الأردن بحكومة العراق وبدول عربية.

وفيما لم يتمخض العام عن مصير هاتين القضيتين، إلا أنه كتب لقضية ثالثة تتعلق بكتاب “انثيال الذاكرة” للكاتب والناشر الصحافي فتحي البس، أن تنتهي إلى نتيجة إيجابية، بعد أن أصدرت محكمة البداية في عمَان في 19 أيار/مايو قراراً أخلت فيه مسؤولية البس بعد نحو ثمانية أشهر من الملاحقة القانونية ومنع كتابه من التداول بحجة أنه يحتوي على “تجاوزات سياسية”.

كما منعت وزارة التربية والتعليم (21/12) تدريس كتاب “استكشف حولك” للصف السادس، الذي يدرس في إحدى المدارس الخاصة، بحجة أنه احتوى على عبارات اعتبرت مسيئة للإسلام.

واللافت أن معظم عمليات المنع جاء بعد أقل من شهرين على إعلان وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الدكتور نبيل الشريف، في 1 تشرين الأول/أكتوبر، تشكيل لجنة من عدد من المثقفين “لتقديم النصح والارشاد لدائرة المطبوعات والنشر في قضايا الكتب الخلافية”، يكون قرارها نهائياً فيها، بهدف “إشراك المجتمع ومؤسساته، وأن لا يكون القرار محصوراً في الأطر الإدارية وبيد مسؤول حكومي واحد”. وعلى الرغم من أن التشكيل استثنى “رابطة الكتاب الأردنيين” و”اتحاد الناشرين”، إلا أنه وجد صداً إيجابياً لدى المثقفين فور إعلانه، في ظل تأكيد رئيس رابطة الكتاب سعود قبيلات أن الرابطة على تواصل مع الوزير واللجنة.

• وتعليقاً على ظاهرة منع الكتب في الأردن أوضح قبيلات في اتصال مع مركز “سكايز” أن الاحزاب الدينية لم يكن لها يد في منع الكتب رغم وضوح توججها وموقفها من بعض الكتب التي منعت بسبب “مساسها بالأخلاق العامة أو الدين”، ونوّه بتشكيل وزارة الإعلام لجنة من المثقفين للنظر بالكتب الممنوعة “نتيجة حملة جرى تنظيمها في الأردن” ما سمح لبعض هذه الكتب بالنشر، وأضاف “لكننا نسعى إلى أن يكون التوجه أكثر جرأة وانفتاحاً، لأن التأثير كان إيجابياً ولكن محدوداً”.

وكان قبيلات أشار في حديث سابق إلى “سكايز” في أيلول/سبتمبر إلى “تطور خطير يجب وقفه”، وهو قيام مدير المطبوعات بتحويل الكتب إلى المفتي لمراقبتها “وهو برأينا لجوء إلى جهة غير مختصّة ومحاولة نقل الجو الثقافي الأردني إلى ما يشبه الجو الموجود في بعض الدول العربية الاخرى حيث نرى ان رجال الدين يعملون كمراقبين على الأدب بدلاً من رجال الفكر المتخصصين والمخولين بذلك”.

• ونوَه جهاد أبو حشيش، الكاتب وصاحب دار فضاءات للنشر والتوزيع والطباعة في الأردن، بالدور الفاعل لرابطة الكتاب الأردنيين في “تحويل دائرة المطبوعات والنشر إلى دائرة صديقة”، واعتبر في اتصال مع “سكايز” أن مسألة منع الكتب ليست منوطة برجال الدين وإنما “بذهنيات تعوّدت على رصد ورفض كل ما هو آخر”. ولفت أبو حشيش إلى أن الواقع القانوني الحالي يسمح لأي قارىء يعتبر نفسه “متضرراً” من جملة معينة في كتاب أن يرفع دعوى أمام المحاكم الأردنية “وبالتالي يتمّ التحفّظ على الكتاب إن لم تتم مصادرته”.

وحذّر من أن “التعنت الفكري ينتج في المدى القريب أو البعيد بؤراً متزمتة إرهابية رافضة للآخر، وهذه المسالة هي في حد ذاتها معضلة يواجهها الكتاب وأصحاب الرأي وأصحاب دور النشر على السواء في الأردن، والحل يكون بالحوار”.

4- احتجاز/ إغلاق/ ضغوط :
احتجزت المخابرات العامة الأردنية (5/5) الإعلامي الفلسطيني محمد محمود البشتاوي عضو لائحة القومي العربي، بعد استدعائه مرّتين للتحقيق، وأطلقت سراحه في 30 أيار/مايو، ولم توجّه إليه أي تهمة محدّدة، ولكنها نفت أن يكون الاحتجاز حصل على خلفية قضية مطبوعات ونشر .

وأغلقت الحكومة (1/7) مكتبي محطة “العالم” ووكالة “برس تي في” الفضائيتين الإيرانيتين في العاصمة عمَان، بحجة عدم حصولهما على ترخيص رسمي للعمل في الأردن.

وقررالمكتب الدائم لمجلس النواب (28/6) أن يكون المكتب الإعلامي داخل المجلس المرجعية الوحيدة للإعلاميين، ويتولَى مهمة تزويدهم بأخبار المجلس والتنسيق في إجراء المقابلات الصحافية. وقد اعتبر الصحافيون القرار “خطوة ضد الحريات”، ولا سيما أنها تأتي بعد أيام على إعلان رؤساء تحرير الصحف الأردنية اليومية الأربعة، “الرأي” و”الدستور” و”العرب اليوم” و”الغد”، في 18 حزيران/يونيو مقاطعة أخبار المجلس ونشاطاته، (احتجاجاً على إصراره على إبقاء ضريبة الـ 5 % على إعلانات الصحف)، وتراجعوا عنه صباح 22 حزيران/يونيو استجابة لطلب رئيس مجلس الأمة زيد الرفاعي. في حين سُمح لـ “راديو البلد” (6/7) بالعودة لبث جلسات البرلمان نقلاً عن موقع مجلس النواب الإلكتروني، بعد أن منعه المجلس من بث الجلسات لأكثر من سنتين ونصف السنة.

ووجًه المدير العام لدائرة المطبوعات والنشر نبيل المومني (6/7) تعميماً إلى جميع وسائل الإعلام يمنع بموجبه نشر قرارات الظن وقرارات الاتهام ولوائح الاتهام وكذلك الأخبار التي تتعلق بإجراءات نيابة أمن الدولة في القضايا المحالة إليها، إلا بموافقة مسبقة من النائب العام لمحكمة أمن الدولة.

وهددت نقابة الصحافيين بتفعيل قانونها ونظامها الداخلي في وجه كل من اعتبرت أنهم “خارجون عن الثوابت الوطنية والأخلاقية” (5/8) بعد خطاب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي اتهم فيه بعض الصالونات السياسية والإعلاميين بترويج الشائعات.

وأصدر رئيس الوزراء نادر الذهبي تعميماً (13/8) إلى مؤسسات الإعلام الرسمي، تضمن قراراً ملزماً للإعلاميين التابعين لها، بعدم العمل في مؤسسات الإعلام الخاصة “تحت طائلة المسؤولية”.

رابعاً: الأراضي الفلسطينية المحتلّة
القوات الاسرائيلية تصبغ العام 2009 بدماء الصحافيين الفلسطينيين وتستهدفهم عمداً بالرصاص الحي والقنابل الغازية المباشرة.

واصلت إسرائيل انتهاكاتها للحريات الإعلامية والثقافية، خلال عام 2009، على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ضمنها القدس وباحات المسجد الاقصى، وكذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، وصبغت بدماء الصحافيين والمراسلين والمصورين لون صفحات العام على مدى الأيام، إضافة إلى الاعتقالات التعسفية التي أنهت العام مع تسعة صحافيين في السجون الاسرائيلية، بينهم صحافية، هم: غفران زامل، أياد سرور، محمد منى، سري سمور، وليد خالد، نزار رمضان، أمجد الشوامرة، حسام بدران، سامي عاصي (جميعهم من الضفة الغربية) والذين يخضعون مع المعتقلين الآخرين للتعذيب وسوء المعاملة وفي مقدمها التفتيش العاري، أما إطلاق السراح، إذا حصل، فبعد تمديد إداري لا ينتهي ومشروط دائماً وبكفالة مادية مرتفعة.

وكانت القرى المحاذية لجدار الفصل العنصري الذي تقيمه إسرائيل بين البلدات والقرى الفلسطينية، على موعد أسبوعي مع “حمّام دم” حقيقي، ظُهر كل يوم جمعة نتيجة استخدام القوة المفرطة في تفريق المشاركين في التظاهرات السلمية المنددة بالجدار، وكذلك احتجاجاً على مصادرة المستوطنين اليهود أراضي أهالي القرى الفلسطينيين، وتميزت الاعتداءات في الاشهر الأخيرة من العام باتباع القوات الاسرائيلية وعناصر الشرطة والوحدات الخاصة التابعة لها، أسلوباً جديدأ، يتمثل في التركيز على استهداف المصورين والمراسلين الصحافيين، أو”اصطيادهم”، بالرصاص الحي والقنابل الدخانية التي كانت تُطلق عمداً عليهم خلال تغطيتهم الانتهاكات والتعديات والتجاوزات، وتصيبهم في شكل مباشر، جملة وفرادى، حتى أن بعض الاعتداءات كان يطاول أكثر من سبعة منهم في المرة الواحدة. أما باحات المسجد الأقصى فكانت مسرحاً شبه يومي للاعتداء على الصحافيين والمصورين، ومن كان يسلم منهم من أعقاب البنادق والهراوات، كان يتعرض للضرب بالأيدي والرفس بالارجل والدفع وكيل الاهانات، وبعدها “يُساق” إلى التحقيق مع الاعتداء عليه بالضرب من جديد “على طريق المسكوبية” وداخلها، ومنها يبدأ هاجس الاعتقال، أو التوقيع على الإبعاد وكذلك الكفالة المرتفعة. وسجل كذلك تنكر عناصر من المستعربين التابعين للشرطة الاسرائيلية بلباس مصورين والانخراط في صفوف المتظاهرين بغية اعتقالهم والاعتداء عليهم. وشملت الانتهاكات أيضاً، إضافة إلى الاعتقال وإطلاق النار والضرب والترهيب، منع السفر واقتحام المراكز الثقافية وإغلاق بعضها، وحظر أنشطة “القدس عاصمة عالمية للثقافة للعام 2009″، وغيرها من الاعتداءات التي نوجزها على الشكل الآتي:
1- انتهاكات بحق الصحافة
إطلاق نار/ ضرب:

تعرض المراسلان الصحافيان يسري محمد موسى الجمل (“رويترز”) وعباس عبد الوهاب المومني (“فرانس برس”) لإطلاق نار مباشر أثناء تغطيتهما تظاهرات الاحتجاج على حرب غزة (12/2)، وألقيت عبوة ناسفة أمام منزل الصحافي هاني عزام في الجليل الأعلى لكنه نجا ولم يُصب بأذى (28/2)، وخلال تظاهرات احتجاجية على قضم الأراضي اعتدى جنود إسرائيليون (27/6) بالضرب على نايف الهشلمون ويسري الجمل (رويترز) وحازم بدر (فرانس برس) ومأمون وزوز (وكالة معاً) وعبد الهشلمون (الوكالة الأوروبية)، وكذلك أصيب عدد من الصحافيين بحالات اختناق جراء إطلاق قنابل مسيلة للدموع (7/8) خلال مسيرة في بلدة نعلين التي يمر فيها الجدار العازل، كما اعتدى مستوطنون على عبد الرحيم القوصيني (رويترز) وحسن الطيطي (الجزيرة) خلال مسيرة في قرية عراق بورين احتجاجاً على قضم الأراضي (7/8).

واعتقل الجيش الاسرائليلي (29/8) مراسلة صحيفة “فلسطين” غفران زامل بعد اقتحام منزلها في نابلس في الضفة الغربية، وفي تظاهرة ضد الجدار في قرية نعلين أصيب المصوران الصحافيان حمودة سعيد عميرة ودافيد رايد بإطلاق نار مباشر من الجنود الاسرائيليين وجرى إسعافهما، كما تعرض فريق “الجزيرة” الانكليزية لإطلاق قنابل غازية (3/9)، واعتدى بعض الجنود الاسرائيليين على بعض المصورين الصحافيين الذين احتشدوا مع أهالي قرية بلعين في الضفة الغربية محاولين منع اعتقال منسق اللجنة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري عبدالله أبو رحمة (16/9).

وأصيب عبد الرحمن القوصيني بأربع قنابل غازية خلال تغطيته تظاهرة في عراق بورين، كما أصيب في التظاهرة نفسها بكر عبد الحق (تلفزيون “أضواء”) بحالة اختناق (25/9)، واعتدى جندي إسرائيلي على عبدالله زيدان (موقع “فلسطينيو 48”) بالضرب أثناء تغطيته تجمعاً للفلسطينيين المحتشدين تخوفاً من اقتحام جماعات يهودية متطرفة المسجد الأقصى في القدس المحتلة (4/10)، كما تعرض للضرب كل من برنارد أرمانجي (“أ. ب”) ودايفيد سالفرمان (وكالة “جيني”) وأحمد غرابلة (“فرانس برس”) الذي اصيب بقنبلة غازية في خاصرته (9/10).

واعتُدي بالضرب بالهراوات والأيدي على خمسة مراسلين ومصورين (25/10) خلال تغطيتهم أحداث المسجد الأقصى هم: ديالا جويحان (قدس نت)، ميسا أبو غزالة ( شبكة فلسطين الإخبارية)، محمود عليان (صحيفة القدس) محفوظ أبو ترك (“أ. ب”)، وعطا عويسات (صحيفة “القدس”) وقد رشقه شبان فلسطينيون بالحجارة ظناً منهم أنه أحد المستعربين المتخفين بزي مصورصحافي، وضرب جندي إسرائيلي بعقب بندقيته عبد الحفيظ الهشلمون (الوكالة الأوروبية) خلال تغطيته تظاهرة في منطقة البقعة شرق الجليل (29/10)، وهاجم عمال تابعون للإدارة المدنية الاسرائيلية (29/10) ناجح الهشلمون (وكالة أ. ب. أ) وأصابوه بجرح بالغ ونزيف خلال تغطيته تدميرهم أنابيب ري لمزارعين فلسطينيين شرقي مدينة الخليل، وحاولوا مهاجمة فايز الهشلمون (“رويترز”) لكن المزارعين الفلسطينيين حموه منهم. وتعرض عبد الرحيم القوصيني (“رويترز”) وعارف تفاحة (“فرانس برس”) للضرب على أيدي الجنود الإسرائيليين الذين رموا قنبلة غاز في سيارة وكالة (“رويترز”) في عراق بورين (7/11)، واعتدى متظاهرون يهود متشددون بالضرب على الصحافي المقدسي عطا عويسات (14/11) خلال تغطيته تظاهرة يهودية احتجاجاً على العمل يوم السبت، وصدم مستوطن (19/11) سيارة محمد عبد ربه (هيئة الاذاعة والتلفزيون الفلسطينية) في بيت لحم وأصيب بجروح بالغة، كما اعتدى مستوطنون بالضرب المبرح على مصور “تلفزيون فلسطين” نادر بيبرس في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة على مرأى من عناصرالشرطة الذين تدخلوا في ما بعد واعتقلوه بذريعة الاعتداء على المستوطنين (18/12).

اعتقال/ أحكام قضائية:
اعتقلت الشرطة الاسرائيلية ديالا جويحان (“القدس نت”) أثناء تغطيتها اقتحام مجموعة من المستوطنين المتطرفين باحات المسجد الأقصى (12/4) وأطلقت سراحها بعد ثماني ساعات، كما اعتقلت الصحافي محمود أبو عطا (13/4) وصدر قرار بإبعاده عن المسجد الأقصى وتغريمه 3000 شيكل. واعتقل المشرف العام لشبكة فلسطين للإعلام والمعلومات عزمي الشيوخي (1/5) وتعرض للضرب أثناء التوقيف والتحقيق الذي استمر 13 يوماً.

ودهمت الشرطة منزل مدير موقع “رادار” جمال أمارة واعتقلته (20/5) وأفرجت عنه في اليوم نفسه، واعتقلت الصحافيَيْن أحمد جلاجل ورائد سرحان (29/5) ومنعت جلاجل من دخول المسجد الأقصى والبلدة القديمة 15 يوماً إضافة إلى تغريمه 3000 شيكل.

وأصدرت المحكمة الإسرائيلية في القدس حكماً بحق خضر شاهين ومحمد سرحان من قناة “العالم” الفضائية الإيرانية بالسجن شهرين وستة أشهر إضافية مع وقف التنفيذ (14/6)، واحتجزت الشرطة الإسرائيلية مراسل صحيفة “صوت الحق والحرية” محمود أبو عطا لدى تصويره مجموعة من المخابرات الإسرائيلية كانت تصور داخل المسجد الاقصى (3/6) وأفرجت عنه بعد التحقيق ومصادرة الصور وتغريمه 3000 شيكل، وجرى ترحيل عثمان البتيري من قناة “الجزيرة” (5/7) بعد ستة أيام من الاحتجاز وسوء المعاملة.

واحتجزت القوات الإسرائيلية نزار حبش وناديا صرصور وخالد ملحم وسليمان ابو سرور وابراهيم بدوان من تلفزيون “وطن” لمنعهم من تصوير سوء معاملة عناصر الأمن الإسرائيلي للفلسطينيين في قرية سردة في رام الله (14/7)، كما احتجزت أشرف الشويكي وحمزة النعاجي من وكالة “بال ميديا” في حي الشيخ جراح في القدس ومنعتهما من تغطية نشاط فلسطيني (18/7)، وفي (30/7) عادت الشرطة واحتجزت محمود أبو عطا مع المصور الصحافي موسى قعدان وقررت إبعاد قعدان عن الحرم القدسي 15 يوماً.

ومنع بعض عناصر الجيش صابرين دياب (صحيفة “العربي الناصري”-القاهرة) من إعداد تقرير عن الاستعدادات لشهر رمضان في القدس المحتلة (20/8)، وصادروا الكاميرا منها، وفي (23/8) مُنع مراسل ومصور صحيفة “افتون بلادت” السويدية من دخول قطاع غزة، وفي (31/8) اقتحمت قوة أمنية منزل الكاتب الصحافي سري سمور واعتقلته من دون إبداء الأسباب الموجبة.

وفي (27/9) منعت الشرطة الطواقم الصحافية من الدخول إلى الحرم القدسي لتغطية وقائع اقتحامه في عيد الغفران اليهودي. وفي (30/9) جرى تجديد الاعتقال الإداري للمرة الثانية ولستة أشهر جديدة بحق الباحثة والكاتبة في قضايا الأسرى رجاء نظمي الغول. واعتقلت الشرطة الإسرائيلية الصحافي أياد سرور من الضفة الغربية (15/10) واقتادته إلى جهة مجهولة من دون إبداء الأسباب، وفي (25/10) احتجزت محمود أبو عطا خلال تغطيته الأحداث في المسجد الأقصى المبارك وصادرت المواد الصحافية التي كانت بحوزته، وفي (5/11) اعتُقل الصحافي المقدسي عبد الباسط الرازم وأُخضع للتحقيق وصودر جهاز الكمبيوتر وهاتفه الخلوي منه وبعض الأوراق الخاصة، وفي (29/12) اعتقل أفراد من المخابرات الاسرائيلية مراسلة اذاعة “النجاح” نسرين عبد النبي أثناء تغطيتها اعتقال الجنود الإسرائيليين طفلاً في القدس وحققوا معها لساعات.

منع سفر:
منعت السلطات الاسرائيلية الإعلامي سهير خلف (جريدة “القدس”) من السفر إلى مصر لدراسة دكتوراه في العلوم السياسية من دون ابداء الاسباب (3/11). وحال إغلاق المعابر نتيجة الحصار المفروض على غزة من قبل السلطات الاسرائيلية، دون تمكن المصور الصحافي محمد البابا، الذي يعمل لحساب “وكالة الصحافة الفرنسية”، من السفر للمشاركة في نهائيات المسابقة الدولية لأفضل مصور حرب عام 2009 التي تقام في فرنسا، عن الصور التي التقطها بعدسته لهجوم إسرائيلي بالفوسفور الابيض على مدرسة للاجئين الفلسطينيين تديرها “الأونروا” في بيت لاهيا، في السابع عشر من كانون الثاني/ يناير 2009 خلال حرب إسرائيل على القطاع (9/10).

2- انتهاكات بحق الثقافة:
تعرض الممثلان الفلسطينيان صالح البكري وحنان الحلو للضرب والاعتقال (1/1) خلال تجمع احتجاجي في حيفا ضد الحرب على غزة، وفي (22/2) أغلقت السلطات الإسرائيلية مسرح “الحكواتي” الفلسطيني في القدس المحتلة ومنعت عرضاً ضمن مهرجان “القدس لنا”، كما جرى حظر جميع أنشطة “القدس عاصمة الثقافة العربية 2009” (21/3) في القدس والناصرة واقتحمت الشرطة المراكز الثقافية وأغلقتها.

وفي الجليل أغلقت السلطات الإسرائيلية معرض “فارس الأحلام” للفنان التشكيلي أحمد كنعان (22/3)، وفي (24/5) تسلمت إدارة مسرح “الحكواتي” بلاغاً من الداخلية الإسرائيلية بمنع إقامة نشاط ثقافي تحت عنوان “شعراء ومنتجون فنيون مقدسيون”، وفي (5/7) دهمت قوة أمنية إسرائيلية مبنى مسرح “الحكواتي” وسلّمت الإدارة مرة أخرى قراراً بإلغاء حفل فني بحجة أنه برعاية السلطة الوطنية الفلسطينية، فيما نفى القيّمون عليه ذلك، وفي (17/7) منعت السلطات الإسرائيلية الفنان الفلسطيني مراد السويطي من التوجه إلى لبنان للمشاركة في حفل فني.

وفي(17/12) طوّقت قوة أمنية معززة المركز الثقافي الفرنسي في القدس المحتلة بهدف اعتقال الناشطة رانيا الياس التي شاركت في تنظيم أحد النشاطات الثقافية ضمن “القدس عاصمة الثقافة العربية 2009” لكنها تمكنت من الفرار، وفي (17/12) فرّقت الشرطة بالقوة حشداً فلسطينياً في ختام احتفالات “القدس عاصمة الثقافة العربية” واعتدت عليهم وعلى الصحافيين والمصورين والنشطاء الاجانب بالضرب، كما منعت القوات الإسرائيلية المتمركزة على حاجز بيت حانون “إيرز” (21/12) فنانين فرنسيين من الدخول إلى قطاع غزة لتنظيم حفل موسيقي والمشاركة في مهرجان موسيقى الباروك.

• ورأى الشاعر سميح القاسم أن “الثقافة هي خندقنا الأخير بعد انهيار خنادق السياسة والاقتصاد والعسكرة، وبعد العجز الشامل في مواجهة مشاريع تهويد القدس وإخلائها من أهلها الأصليين، بهدف إلغاء هوية القدس العربية بما تحمله من أبعاد دينية، وخصوصاً للعرب المسلمين والعرب المسيحيين، وفرض هوية مفتعلة. إزاء هذا المشهد كانت محاولة متواضعة هي تكريم القدس عاصمة الثقافة العربية عام 2009. وحتى هذه الرمزية لم يتحملها المحتلون وباشروا بقمع كل نشاط، ما يحمل وأداً ثقافياً عربياً، حتى أنهم قاتلوا بالونات الأطفال الملونة التي أطلقت في سماء القدس العربية”. وتابع: “لا وقت عندنا للترف الشكلاني ولا لكلام الكافيتريات”. وأضاف: “صحيح أننا لم نحرر القدس لكننا استطعنا ان نضع فكرة تحرير القدس في عمق الوجدان الفلسطيني والعربي والإنساني، لأن القدس لا يمكن أن تكون إلا عربية، لا وجود لأي قدس غير عربية منذ “أورسالم” أي مدينة “سالم” اليبوسية حتى يومنا هذا ،نحن نعرف أن هناك مدينة “جيروسالم” في الولايات المتحدة الأميركية ونعرف أن هناك مدينة إسرائيلية في جوار القدس اسمها “يروشاليم”، وقد جبنا مدناً أخرى بهذا الاسم، تيمّناً بـ”أورسالم ” لكن القدس كانت وما زالت وستظل عربية إلى يوم القيامة”.

خامساً: الضفة الغربية
احتجاز الصحافيين يطغى على عناوين الانتهاكات
على الساحة الإعلامية والثقافية في الضفة الغربية.

تصاعدت وتيرة احتجاز الصحافيين واستدعائهم في الضفة الغربية في العام 2009، وطغت على كل ما عداها من انتهاكات على الساحة الإعلامية فيها، ما جعله يستحق تسمية عام احتجاز الصحافيين بامتياز، وجعل الضفة لا تشبه إلا نفسها في هذا المجال، بنتيجة حقيقة الوضع المر الذي مرت به الحياة الإعلامية فيها على مدى أيام العام، بنهاراتها ولياليها، والتي كانت مشبعة بالانتهاكات بحق الصحافيين، ولا سيما لناحية احتجازهم على أيدي عناصر الأجهزة الأمنية المختلفة، حتى أن منهم من تخطى عتبة الخمس عشرة مرة في “بورصة” عدد مرات الاحتجاز، كما حصل مع مدير مكتب فضائية “الأقصى” في الضفة الصحافي محمد إِشتيوي .

والأغرب من ذلك أن هناك من كان يُطلق سراحه، ثم يُعاد احتجازه بعد فترة وجيزة من قبل جهاز أمني ثانٍ، كما حصل مع الصحافي مصطفى صبري الذي تجاوز عدد مرات استدعائه العشرين، ودائماً من دون توجيه أي تهمة محددة، ولم تكن تنفع الأحكام التي كانت تُصدرها المحكمة بإطلاقهم لأن الأجهزة الأمنية كانت تتنكر لها، ولا سيما بعد أن دأبت هذه الأجهزة منذ أشهر على تحويل المحتجزين لديها على النيابة المدنية حيث يسمح لها بحسب القانون بتمديد توقيفهم 45 يوماً على ذمة محكمة الصلح، وبعدها 45 يوماً على ذمة محكمة البداية بحجة طلب المزيد من الوقت لاستكمال التحقيق، فأضحى كل محتجز يقضي ثلاثة أشهر قيد الاحتجاز المبرر “بغطاء قانوني”، في ظل تأكيد تعرضهم للضرب والتعذيب والترهيب أثناء التحقيق إضافة إلى السجن الانفرادي والمنع من الزيارة وغيرها من أساليب الضغط والترهيب الأُخرى.

وأسدل عام 2009 الستارة في يومه الأخير، والصحافيان طارق أبو زيد ويزيد خضر لا يزالان قيد الاحتجاز، وفي ظل تخوف كبير من تحول الاستدعاءات المتكررة للصحافي مصطفى صبري إلى توقيف فعلي في أي لحظة.

أما الانتهاكات الكاملة بحق الحريات الإعلامية والثقافية خلال العام، فقد شملت إلى جانب الاحتجاز وتمديد التوقيف وإعادة الاحتجاز، الاستدعاء، الضغوط، المنع من العمل وغيرها من أساليب الترهيب والتعديات الأُخرى، ويمكن تلخيصها على الشكل الآتي:

1- احتجاز/تمديد توقيف/إطلاق سراح:
احتجز جهاز الأمن الوقائي في مدينة قلقيلية (22/4) الصحافي مصطفى صبري، ثم عاد أفراد الجهاز ليلاً وقاموا بتفتيش منزله في شكل دقيق، وصادروا جهاز الكمبيوتر الخاص به. وقضت محكمة العدل العليا الفلسطينية (15/6) بالافراج عنه، لكن الأمن الوقائي رفض، ثم عاد وأطلق سراحه بعد 97 يوماً من الاحتجاز، تعرض خلالها لشتى أنواع التعذيب والقهر والترهيب، إلا ان جهاز الاستخبارات التابع للسلطة عاد واحتجزه بعد أقل من يومين على إطلاقه، وأطلق سراحه في اليوم نفسه (29/7) ومن دون معرفة أسباب الاحتجاز أو الإطلاق.

واحتجز جهاز الأمن الوقائي في مدينة الخليل (2/6) مراسل فضائية “إقرأ” الصحافي يونس حساسنة بعد اقتياده من منزله في مدينة الخليل إلى مكان مجهول، ولم تتمكن زوجته من زيارته إلا بعد 25 يوماً على الاحتجاز، حيث تعرض للشبح طوال خمسة أيام، في ظل وضع صحي سيىء جداً، وعدم توجيه أي تهمة له، وأفرج عنه بعد 57 يوماً من الاحتجاز.

واحتجز الجهاز نفسه في محافظة الخليل (15/6) مراسل قناة “الجزيرة” الفضائية في الخليل الصحافي وائل الشيوخي والمصور زياد الأقرط ومساعده محمد سلامة، وصادر معداتهم، بعد عودتهم من تغطية جنازة الشاب هيثم عمرو، الذي قضى في سجن المخابرات العامة.

واستدعى جهاز الاستخبارات التابع للسلطة في محافظة جنين (20/6) الصحافي ساري سمور للتحقيق معه، واحتجزه على خلفية مقالات صحافية نشرها انتقد فيها السلطة الوطنية والحكومة في الضفة. وأفرج عنه (11/7)، وأكد سمور بعد إطلاقه انه لاقى معاملة جيدة ولم يتعرض لأي سوء، مشيراً إلى أنه وقََّع تعهداً بالالتزام بالنظام والقانون، ورسالة اعتذار موجهة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن أي تحقير أو تشهير أو إساءة صدرت بحقه في مقالاته. واحتجز جهاز الأمن الوقائي في قلقيلية (22/6) مدير مكتب اذاعة “الحقيقة الدولية” ومراسل موقع “إسلام أون لاين” الصحافي قيس درويش أبو سمرة، من دون إعطاء أي أسباب موجبة. وكان أبو سمرة قد احتجز من قبل الجهاز نفسه مدة ثلاثة أيام (22/2) ولم يسمح لأفراد العائلة بزيارته، وأفرج عنه (18/9) بعد 88 يوماً من الاحتجاز، وأكد أبو سمرة أنه تعرض للتعذيب.

واحتجزت قوات الأمن الفلسطينية في مدينة قلقيلية (6/8) الصحافي في صحيفة “فلسطين” الصادرة في غزة، عصام شاور، وعادت وأفرجت عنه (31/8) بعد تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة.

واحتجز جهاز الاستخبارات (20/8) مراسل قناة الأقصى التابعة لحركة “حماس” الصحافي طارق أبو زيد في مدينة جنين ، بعد مطاردة استمرت أكثر من سبعة أشهر، بعدما أقنعه والده بتسليم نفسه بناء على وعد من ضابط في المخابرات بالافراج عنه خلال خمسة أيام، غير أنه ظل محتجزاً حتى 21 أيلول/سبتمبر، وأكد بعد إطلاقه أن فترة الاحتجاز كانت مذلة جداً، لافتاً إلى تعرضه للتعذيب، إلا أن الجهاز نفسه عاد واحتجزه (8/11).

واحتجز الجهاز نفسه (30/8) مدير مكتب فضائية “الأقصى” في الضفة الصحافي محمد إشتيوي من منزله في طولكرم، والذي يعاني أمراضاً في القلب والضغط، وأطلقه بعد ثلاثة أيام وتحدث إشتيوي عن تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة، مضيفاً أن مدير الجهاز اعتذر له “عندما علم بما حصل” ووعده بمحاسبة من قام بضربه، وأكد إشتيوي عدم توجيه أي تهمة إليه منذ احتجازه.

وكانت الأجهزة الأمنية احتجزته (2/6) وأفرجت عنه بعد تسعة أيام من الاحتجاز أعلن خلالها إضراباً عن الطعام والشراب في السجن. واحتجزه مجدداً جهاز المخابرات التابع للسلطة (14/11) مدة يومين ومن دون إبداء الأسباب الموجبة، وأعاد الجهاز احتجازه (14/12) لمدة خمسة أيام ليسجل بذلك أعلى رقم في سجل عدد مرات الاحتجاز يفوق الخمس عشرة مرة. وقد نقل إلى مستشفى طولكرم الحكومي بسبب سوء وضعه الصحي.

واحتجز جهاز الأمن الوقائي (31/8) منسق الإعلام في مكتب النواب الإسلاميين في رام الله الصحافي خلدون المظلوم، وهو ينتظر سيارة في موقف سيارات الأجرة الخاص في بلدته “الجانية” القريبة من رام الله، ولم تُعرف خلفيات الاحتجاز.

واحتجز جهاز المخابرات العامة (5/9) المصور الصحافي والتقني في فضائية “الأقصى” التابعة لحركة “حماس” في مدينة بيت لحم أسيد عمارنة، ولم توجَه إليه أي تهمة محددة، ولكنه عاد وأطلق سراحه (16/9) بعد 11 يوماَ على احتجازه، وأكد عمارنة أنه تعرض لمعاملة سيئة، واحتجز مجدداً (13/10) لتكون المرة الخامسة التي يُعتقل فيها على أيدي الأجهزة الأمنية في الضفة.

وأفرج جهاز المخابرات التابع للسلطة (9/9) عن مراسل صحيفة “فلسطين” التابعة لحركة “حماس” في الضفة الصحافي إياد سرور، بعد نحو عام على احتجازه، من ضمن مجموعة من المحتجزين التابعين لحركة “حماس” في سجون السلطة الذين أطلق سراحهم . وكانت عناصر المخابرات احتجزت سرور من منزله في مدينة الخليل (13 تشرين الأول/اكتوبر 2008.

واحتجزت أجهزة الأمن التابعة للسلطة، المدير الإعلامي لمكتب نواب حركة “حماس” في مدينة رام الله الصحافي مراد أبو البهاء (24/9)، من منزله في بلدة بيتونيا القريبة من رام الله، من دون أن تبدي أي أسباب موجبة، بعد أقل من شهر على إطلاق سراحه. وكان جهاز الامن الوقائي أفرج عن أبو البهاء (26/8) بعد أكثر من أربعة أشهر على احتجازه (20/4). وطلبت النيابة العامة في رام الله (14/12) تمديد توقيفه مدة 15 يوماً للمرة الثالثة، وأُفرج عنه (27/12).

واحتجز جهاز الأمن الوقائي (22/10) الصحافي صدقي موسى من مدينة نابلس بعد استدعائه للمقابلة في مقر الجهاز، ولم تعرف الأسباب. وكان موسى قد عاد إلى الضفة الغربية بعد إنهاء دراساته العليا في مجال الإعلام من إحدى الجامعات الأردنية.

واحتجزت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة (2/11) كلاً من الصحافي فريد السيد من طولكرم (وهو أسير محرر)، والصحافي بلال الظاهر من نابلس (وهي المرة الثالثة التي يُحتجز فيها).

واحتجز جهاز المخابرات (9/11) مصور فضائية “الأقصى” أحمد فتحي رجا الخصيب في طولكرم)، ومراسل قناة “الأقصى” في الخليل الصحافي علاء الطيطي للمرة الرابعة (12/11)، وأكد مدير مكتب الفضائية في الضفة محمد إشتيوي أن الطيطي لم يعمل في الفضائية منذ أكثر من عام، لكنه لم يستبعد أن يكون احتجازه جاء بناء على عمله السابق فيها.

واحتجز الأجهزة الأمنية الصحافي سامر يونس (14/11)، والصحافي وليد العمايرة (18/11)، ويزيد خضر (29/11)، وكان خضر يشغل منصب رئيس تحرير مجلة “منبر الإصلاح” التي كانت لسان حال نواب المجلس التشريعي التابعين لحركة “حماس” قبل أن تغلقها القوات الإسرائيلية قبل ثلاث سنوات، ويعمل حالياً محاضراً في قسم الصحافة في الكلية العصرية في مدينة رام الله.

واحتجز جهاز المخابرات (13/12) مراسل وكالة “صفا” للأنباء الصحافي مصعب قتلوني في نابلس، بعد أن كان أمضى اليوم السابق في مقر جهاز الامن الوقائي، وأطلق سراحه بعد ثلاثة أيام من الاحتجاز.

واحتجز جهاز الأمن الوقائي (26/12) مراسلة فضائية “القدس” في رام الله ليندا شلش، أثناء تواجدها في مخيم عقبة جبر قرب أريحا، برفقة أحد مصوري القناة، لتحضير تقرير تلفزيوني عن مخيمات اللاجئين في أريحا، وأطلقت بعد فترة وجيزة.

• وقال المسؤول الإعلامي في منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان هشام دبسي، في اتصال مع مركز “سكايز” عن الاعتقالات المتكررة التي نفذتها السلطة الفلسطينية بحق الصحافيين إنه “من حيث المبدأ، نحن ضد أي عمل قانوني مخالف للديموقراطية، بحق أي مواطن أو صحافي فلسطيني، بغض النظر عن انتمائه السياسي، ولا يمكن تأييد أي إجراء قمعي”. وتابع: “من دون تبرير لما يحدث، لا بد من الاشارة إلى أننا ضمن خطين أساسيين يجب مراعاتهما، أولاً نحن تحت احتلال، وهذا يجعل الحياة صعبة في كل نواحيها، وثانياً إن مستوى تطور البنى الديموقراطية للبنى السياسية في البلاد لم يصل إلى الشكل المثالي لأسباب تتعلق بالاحتلال والانقسام الداخلي، ونحن نسعى باستمرار إلى رفع المستوى، وإن كنا لم نصل بعد إلى ممارسة الديموقراطية”.

وأضاف: “إن التعاطي الذي حصل مع الصحافيين في العام 2009 يعود إلى عقلية الثأر والانتقام المتبادل بين السلطة الفلسطينية وحركة “حماس”، نحن لم نتجاوز بعد عقلية البداوة، وحتى عندما شرعنا ببناء الديموقراطية أُجهضت التجربة من الداخل. وهنا أشير إلى أن الوضع القائم في غزة مأساوي لناحية التضييق على الحريات على كافة مستوياتها، وأحاول عدم مباركة ما يجري في الضفة أيضاً، ولكن التعاطي الديموقراطي على نسق التجربة البريطانية مثلاً مسألة مستحيلة في فلسطين، ضمن مقومات الدولة والانقسامات الموجودة، ونعوِّل على الوقت لأن النية في التغيير موجودة”.

2- استدعاء:
استدعى جهاز الامن الوقائي في مدينة قلقيلية (8/11) مراسل صحيفة “فلسطين” التابعة لحركة “حماس” ومجلة “المجتمع” الكويتية الصحافي مصطفى صبري للتحقيق معه، للمرة العشرين.

وتعرض الصحافي أسيد عمارنة (14/12) لاستدعاءات متكررة على مدى ثلاثة أيام متواصلة، حيث كان يصل إلى مقر المخابرات عند الساعة التاسعة صباحاً، ويطلق سراحه في الحادية عشرة ليلاً.

3- منع من العمل/ صرف/ مصادرة:
منعت العناصر الأمنية التابعة للسلطة (4/8) الصحافي خالد العمايرة من دخول مقر انعقاد المؤتمر السادس لحركة “فتح” لتغطية وقائعه، بحجة عدم حيازته بطاقة خاصة بالتغطية. وبعد ذلك، قامت قوة من جهاز الأمن الوقائي باحتجازه، واقتادته إلى مقر الجهاز في مدينة بيت لحم وأطلقته بعد ساعات من استجوابه.

وأعفى ياسر عبد ربه المكلف بإدارة المؤسسات الإعلامية التابعة للرئاسة الفلسطينية، مدير عام “تلفزيون فلسطين” محمد الداهودي من مهامه (22/8). وصادرت المباحث الجنائية في مدينة نابلس (2/9) أعداد صحيفة “الحال” واحتجزت موزعها نوفل أبو كشك، وأطلقت سراحه بعد ساعتين من التحقيق والأسئلة المتواصلة في مقر الشرطة، وأبلغوه أن الصحيفة ممنوعة وأجبروه على توقيع تعهّد بعدم توزيعها ثانية وإلا دفع غرامة 1200 دولار.

4- حجب مواقع/ إقفال/إحراق/مداهمات/ اعتداء:
حجبت شركة الاتصالات الفلسطينية في رام الله (28/6) الموقع الإالكتروني الخاص بـ”شبكة فلسطين للحوار” في الضفة الغربية وقطاع غزة على مدى يومين وفي شكل غير مبرر.

وقررت السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية (15/7) تعليق عمل مكتب قناة “الجزيرة” الفضائية في فلسطين متهمة إياها بالتحريض ونشر الفتنة والترويج للأنباء الكاذبة، لبثها تصريحاً لفاروق القدومي اتهم فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتآمر مع اسرائيل لتسميم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. واستمر القرار خمسة أيام، إلى ان أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض إلغاءه (20/7).

وأحرق مجهولون مسرح مهرجان مدينة نابلس للتسوق الذي يقع في وسط المدينة “على الدوار”، وأتت النيران عليه بالكامل (27/7).

واقتحمت مجموعة من الشرطة التابعة للسلطة، يرتدي أفرادها زياً مدنياً، مقر إذاعة “صوت الحرية” في رام الله، واعتدوا بالضرب المبرح على مديرها العام الصحافي مجدي العرابيد والموظفين واحتجزوه مع عدد منهم (26/11) وأطلقوهم بعد ساعات باستثناء العرابيد الذي أُطلق في اليوم التالي.

• ولم تستغرب الصحافية نائلة خليل (صحافية مستقلة تعمل مع مركز “سكايز” من رام الله- مؤلفة دراسة بعنوان “الاعتقال السياسي تصفية حسابات بين فتح وحماس”) الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق الصحافيين الفلسطينيين، غير أنها أسفت “لاستمرار انعكاس صراع الأخوة على العمل الصحافي”.

وأضافت: “تعتقل السلطة الوطنية الفلسطينية مراسلي “الأقصى” وجريدة “فلسطين”، وهم أشخاص لهم صفة الانتماء إلى حركة “حماس” إضافة إلى صفتهم الصحافية، لكن التحقيقات لم تظهر مرّة ارتباط هؤلاء الذين يعتقلون ويتعرضون لسوء المعاملة بأي تهمة أمنية، وهذا يضعف برأيي موقف السلطة”. كما أشارت إلى وجود اجراءات مماثلة و”مسح أمني” أيضاً للصحافيين والموظفين العامين في قطاع غزّة الذي تسيطر عليه حركة “حماس” عسكرياً منذ حزيران 2007.

سادساً: قطاع غزّة
الحريات الإعلامية والثقافية في قطاع غزة عام 2009:
نقطة إيجابية لـ”حماس” في بحر هائج من الانتهاكات

نجحت حكومة “حماس” المقالة في غزة، في تسجيل نقطة إيجابية لصالحها، من خلال سعيها الدؤوب على مدى العام المنصرم إلى تحسين صورتها أمام الرأي العام العالمي، ونفض صبغة الإرهاب والأصولية عنها، وتمثلت في فتح أبواب السجون أمام الهيئات والمؤسسات المحلية والعالمية التي تعنى بحقوق الإنسان، في زيارات شبه دورية وبمرافقة رسمية، والأهم إعلامية، للوقوف على وضع السجون وظروف الاحتجاز وطريقة التحقيق مع المحتجزين، نافية أن يكون لديها بينهم أي معتقل سياسي. وانتهى عام 2009 وسجون “حماس” خالية فعلاً من أي صحافي أو مثقف.

إلا ان هذه النقطة الإيجابية، ضاعت في بحر هائج من الانتهاكات التي طاولت الساحتين الإعلامية والثقافية، إضافة إلى المجتمع الأهلي ولا سيما الحريات العامة، ولعل أخطرها هذا العام كان الاعتداءات التي طاولت الفنانين من خطف وضرب وحشي وتنكيل ودائماً على يد مسلحين مقنَعين بعد إحيائهم حفلاتهم لزرع الرعب في نفوس زملائهم وبالتالي القضاء في شكل غير مباشر على الحياة الفنية، وتفجير بعض مؤسسات المجتمع الأهلي والأماكن التي تُعد ملتقى للمثقفين من دون أن يتم كشف أي من المعتدين، ويسجّل في هذا السياق أيضاً منع المظاهر الاحتفالية بالذكرى الخامسة للرئيس الراحل ياسر عرفات في جميع محافظات القطاع، وعدم السماح للنساء بالمشاركة في العروض الرسمية لفرق الدبكة وإرغام المسؤولين عنها على توقيع تعهد بمنع أداء النساء الدبكة في فرقهم “في حال أرادوا أن تستمر فرقهم في عملها”، وقرار إلزام المحاميات بارتداء زي خاص يشمل كسوة من القماش الأسود “الروب” وسترة قاتمة اللون “الجلباب” أو الطقم وغطاء يحجب الشعر “منديل”، وكذلك ملاحقة المتنزهين والمتنزهات على الشاطىء في وضح النهار والتضييق عليهم ومحاولة احتجازهم، إضافة طبعاً إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات بحق الصحافيين تضمنت اعتداءات وحجز حريات واستدعاءات متكررة وكلها من دون تقديم أي أسباب موجبة، وكذلك التهديد بشتى الأنواع والأشكال وحجز البطاقات الصحافية والأوراق الثبوتية والمنع من السفر وغيرها من أساليب المضايقات الأخرى. ويمكن إيجاز الانتهاكات على الشكل الآتي:

1- اعتداءات على صحافيين:
تعرّض الكاتب والصحافي البريطاني أرثر نسلن، صاحب الكتاب المعروف “عقول محتلة”، )26/5) لمحاولة قتل طعناً بسكين حاد في شارع الثلاثين في غزة، ونجا بعد تدخل شرطي وأحد المارة اللذين كانا متواجدين في المكان، وألقيا القبض على المعتدي الذي اُدخل فيما بعد إلى مستشفى الأمراض النفسية في حي “النصر” في غزة.

وتعرّض مراسل فضائية القدس محمد المشهراوي (10/6) للضرب على يد عناصر الشرطة الفلسطينية التابعة لحكومة “حماس” المقالة في غزة، أثناء تغطيته زيارة الوفد القطري لمستشفى الشفاء في المدينة.

وحاول رجل إحراق سيارة رئيس تحرير صحيفة “الشعلة للإعلام” الصحافي ساهر الأقرع في غزة، مستخدماً كيساً صغيراً مليئاً بمواد سريعة الاشتعال (6/7) لكن أحد الجيران تمكن من القبض عليه قبل إكماله عمله.

واعتدى سبعة أشخاص يرتدون زياً مدنياً، بالضرب على مراسل جريدة “الأيام” الفلسطينية فايز أبو عون والمدير الإداري لـ “إذاعة الشعب” بسام أبو عون (10/10) خلال إجرائهما تحقيقاً صحافياً عن المحال التجارية التي هدمتها الشرطة من دون إنذار أصحابها، مقابل جامعة الأقصى في مدينة غزة، ما أدى إلى إصابتهما بجروح طفيفة ورضوض وكدمات. وفي حين تقدَم الصحافيان بشكوى رسمية، وأبلغتهم الشرطة أنها أوقفت أحد المعتدين وستعمل لتوقيف الآخرين، عُلم بعد ذلك أن المعتدي أطلق سراحه في اليوم نفسه بعد تدخل الوساطات والمحسوبيات، ولم يلقَ أي محاسبة.

وفي اليوم نفسه، اعتدى أحد عناصر الشرطة الفلسطينية التابعة لحكومة “حماس” المقالة ، بالضرب على مراسل قناة “القدس” الفضائية الصحافي أيمن سلامة، خلال إشكال وقع بين المواطنين ورجال الشرطة في حي الأمل القريب من مكان سكنه غربي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وأصيب برضوض في يديه وقدمه.

2 – اعتداءات/مضايقات بحقّ فنانين ومثقفين:
اعتدى خمسة مسلحين ملثمين بالضرب على الفنان الشعبي الفلسطيني صلاح القيشاوي، في منطقة النفق في مدينة غزة، بعد أن اعترضوا طريقه بسيارتهم عند عودته إلى منزله حوالى منتصف الليل برفقة سائقه، بعد إحيائه حفلاً فنياً في المنطقة، ووضعوا كيساً على رأس كل منهما وسرقوا السيارة والهواتف النقالة وما يحملانه من أموال، وأشبعوهما ضرباً، ما أدى إلى إصابة القيشاوي بجروح ورضوض بالغة في يديه وقدميه، نقل على أثرها إلى المستشفى للمعالجة (14/10)

وتعرض المغنّي الفلسطيني خالد فرج (19/10) للخطف في أول شارع النفق أيضاً، خلال عودته إلى منزله مع فرقته الموسيقية بعد إحيائهم حفلة في شمال القطاع، على يد مسلحين ملثمين اعترضوا حافلتهم، وهددوهم وسحبوا الفنان من بينهم وألبسوه كيساً أسود وضربوه على رأسه بعقب المسدس ثم وضعوه داخل سيارتهم وانطلقوا به. وبعد ثلث ساعة من الملاحقة ركضاً على الاقدام وبمساعدة سيارة شرطة، عثر رفاقه عليه مرمياً في أرض زراعية ومصاباً برضوض كبيرة وجروح و”غرز” في أنحاء جسمه ونقلوه إلى المستشفى حيث تلقى العلاج.

واشتكى عدد من مسؤولي فرق الدبكة “الرقص الشعبي الفولكلوري” في قطاع غزة (20/10) من منع وزارة الداخلية في حكومة “حماس” المقالة، النساء من المشاركة في عروض الدبكة، خلال الاحتفالات الرسمية في القطاع. وأكد بعضهم ان الوزارة أرغمتهم على توقيع تعهد بمنع أداء النساء رقص الدبكة في فرقهم “في حال أرادوا ان تستمر فرقهم في عملها”.

وانفجرت عبوة ناسفة وضعت أمام السور الشمالي لمقر “غاليري البلد” (29/10) وهو حديقة مفتوحة تضم مقهى ويُعدُ ملتقى النخبة المثقفة في قطاع غزة، ويتم فيه تنظيم مختلف المعارض الفنية والأمسيات الشعرية والثقافية، وأدى الانفجار إلى إصابة الحارس بجرح بليغ وإلى أضرار مادية، وبعد يومين انفجرت عبوة أخرى قرب باب مقهى العندليب في شارع الصناعة في مدينة غزة، أدت إلى تدمير الأبواب والنوافذ، ما أثار الخوف من عودة مسلسل التفجيرات وتوسع رقعته.

• واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل في اتصال مع “سكايز” إن سيطرة حركة “حماس” على مظاهر الثقافة في غزة هي “عملية متدرجة لبناء القيم والعادات الاجتماعية، بدأت بمحاولة تقزيم حركة “فتح” ومؤسساتها كافة داخل القطاع، وانتقلت تدريجياً للتدخل بالتراث والعادات والتقاليد، ووصل بنا الحال لمناقضة العادات الفلسطينية التقليدية التي يعرفها العالم عنا، ومثلاً منعت السيدات والفتيات من المشاركة في فرق الدبكة التراثية، إلى جانب ذلك تحاول “حماس” قمع ما يمكن قمعه من قيم اجتماعية وعلمية وانفتاح وديموقراطية”.

وأسف عوكل لتشكيل لجنتين منفصلتين في احتفالية “القدس عاصمة للثقافة العربية” واحدة في غزة والأخرى في الضفة الغربية، وقال: “عملت كل من اللجنتين على محاربة كل ما تقوم به الأخرى عبر التحايل على الوضع لمنع نشاطاتها”.

3- حجز حريات:
احتجزت عناصر تابعة لجهاز أمن “حماس” (24/6) رئيس تحرير جريدة “الصباح” الإلكترونية الصحافي سري محمد القدوة، من منزله في غزة، بعد تفتيش المنزل والعبث بمحتوياته ومصادرة أجهزة الكمبيوتر، وأفرجت عنه في 19 آب/أغسطس مع مدير شركة “عالم نيوز للانتاج الإعلامي” الصحافي محمد حسين ماضي المحتجز لدى الجهاز نفسسه منذ 11تموز/يوليو، من ضمن مجموعة المحتجزين التي أفرجت عنها “حماس” لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

واحتجزت عناصر من الشرطة التابعة لحكومة “حماس” مراسل قناة “الاتجاه” الفضائية الصحافي مازن البلبيسي ومصوِري القناة، أثناء إعداد تقرير مصوّر خاص قرب مجمع أنصار غرب مدينة غزة، ومنعتهم من القيام بعملهم الصحافي، وأخلي سبيلهم بعد فترة قصيرة، ولكن بعد إتلاف شريط التصوير (12/8).

واحتجز جهاز الأمن الداخلي التابع لـ “حماس” مراسل صحيفة “الاتحاد” الاماراتية و”القدس” الصادرة في القدس الصحافي علاء المشهراوي (16/8) بعد استدعائه للحضور إلى مقر الجهاز لمقابلة المحققين، ولم يعد بعد ذلك إلى منزله، فيما طلب الجهاز من عائلته إحضار جهازه الكمبيوتر والـ”لاب توب” الخاص به، ثم عاد وأطلق سراحه في 7 أيلول/سبتمبر، وأوضح شقيقه أن “آثار الضرب والشبح بدت عليه، وبدا منهكاً لا يقوى على الحركة نتيجة التعذيب الذي تعرض له من قبل المحققين”.

واحتجزت الأجهزة الأمنية التابعة لـ “حماس” مراسل شبكة تلفزيونات “معاً” الاخبارية المستقلة التي تبث من الضفة الغربية، الصحافي ابراهيم قنن، خلال إعداده تقريراً مصوراً عن معاناة منطقة النمساوي في مخيم خان يونس الغربي (1/9) وأكدت عائلته انها لم تعرف عنه شيئاً منذ احتجازه، كما لم تبلَغ بمكان الاحتجاز. وكان قنن احتجز سابقاً مرات عدة لدى الأجهزة الأمنية في غزة.

واحتجز جهاز الأمن الداخلي معد برامج “قناة الوصال” الكويتية الصحافي زياد عوض، وأخضعته لتحقيق مطول (13/12). وأوضح عوض انه اعتقل من منزله واقتيد إلى مركز الأمن الداخلي في دير البلح، وتم التحقيق معه حول علاقته بـ “قناة الوصال” حيث يقوم بإعداد برنامج يظهر معاناة أهالي قطاع غزة، وأطلق سراحه بعد انتهاء التحقيق.

4- محاولة احتجاز/مصادرة أوراق ثبوتية:
صادر جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة “حماس” (31/3) البطاقة الشخصية وجواز السفر العائدين لمسؤول مكتب وكالة الأنباء الفرنسية ورئيس فرع نقابة الصحافيين في غزة صخر مدحت أبو عون، ولم يتمكن من استرجاعهما إلا بعد 55 يوماً .

وحاول عناصر من الجهاز نفسه احتجاز الكاتبة والصحافية الفلسطينية أسماء الغول (28/6) بعد مصادرة جواز سفرها، كما حاولوا مصادرة جهاز الكمبيوتر المحمول الذي بحوزتها، أثناء تواجدها على الشاطئ بصحبة مجموعة من أصدقائها، وأعادوا لها الجواز بعد تدخل المتحدث باسم الحكومة طاهرالنونو.

وتلقى محرر صحيفة “الصباح” الإلكترونية في غزة الصحافي محمد داود (2/7) تهديدات بالملاحقة والاعتقال من قبل جهاز الأمن الداخلي أيضاً، في حال واصل كتاباته التي اعتبرت مسيئة إلى الحركة والحكومة في القطاع. وقد توسّطت بعض الجهات المقربة من “حماس” لدى الأمن الداخلي فتخلى عن اعتقال داود مقابل توقيعه تعهداً خطياً بعدم الكتابة حتى إشعار آخر يحدده له الأمن الداخلي.

وصادر أربعة من العاملين في الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة “حماس”، يرتدون زياً مدنياً، كاميرا المصور الصحافي في وكالة “معاً” حاتم عمر وهويته (11/11) حين كان يحاول تغطية دخول قافلة “أميال من الابتسامات” على معبر رفح، وأعادوهما له في اليوم التالي، واستلمهما من مقر الأمن الداخلي في حي تل السلطان في رفح.

ومنع عناصر من جهاز الأمن الداخلي التابع لـ “حماس” (14/12) مصور شركة “دايموند للإعلام والانتاج الفني” سامي سالم لبّاد، وشقيقه عامر الذي يعمل لصالح القناة الإيرانية “إيريب”، من تصوير مهرجان ذكرى انطلاق حركة “حماس”، وصادروا بطاقتيهما الصحافيتين، ولم يسترجعاهما إلا بعد يومين، وبعد تدخل مباشر من المتحدث باسم وزارة الداخلية في الحكومة المقالة إيهاب الغصين.

5- منع سفر:
منعت الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة “حماس” (19/4) لليوم الرابع على التوالي، مدير مركز “زوم برس” خالد جمال بلبل من السفر للمشاركة في “دورة السلامة المهنية” التي ينظمها “الاتحاد الدولي للصحافيين” في القاهرة.

ومنع جهاز الأمن الداخلي (10/9) رئيس تحرير مجلة “سياسات” ومدرِّس العلوم السياسية في جامعة الأزهر الكاتب والروائي الدكتور عاطف أبو سيف من السفر إلى الولايات المتحدة الاميركية، تلبية لدعوة تلقاها للتدريس والمشاركة ككاتب وأكاديمي في جامعة براون، وأبلغه مسؤولو الجهاز أن اسمه ما زال موجوداً على لائحة الممنوعين من السفر.

6 – استدعاء/تهديد/ ملاحقة:
واصل جهاز الأمن الداخلي استدعاء رئيس تحرير مجلة “سياسات” ومدرّس العلوم السياسية في جامعة الأزهر الروائي عاطف أبو سيف، يومياً وعلى مدى خمسة أيام متواصلة، خضع خلالها للتحقيق المضني المصحوب بالضرب المبرح والشبح وعصب الأعين والسباب والإهانات، ما اضطره إلى دخول المستشفى في اليوم الخامس (1/6).

و”زارت” عناصر من جهاز الأمن الداخلي، مكتب وكالة “معاً” الإخبارية الفلسطينية المستقلة في برج الشوا في المدينة (1/9) واستفسرت من مدير المكتب الصحافي عماد عيد، عن المصادر التي استند إليها عند نشره خبراً يتضمن اتهاماً لنجل وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة المقالة أحمد الكرد بتورطه في تجارة المخدرات وتهريبها عبر الانفاق بين قطاع غزة ومصر، ونبَهت العناصر الأمنية مسؤولي الوكالة “بهدوء” إلى ضرورة تحرّي الدقة وعدم التسرع في نشر أخبار تسيء إلى غزة و”حماس”.

وتعرض مراسل وكالة الأنباء الإيطالية “انسا” الصحافي صفوت الكحلوت (3/11) لتهديد مباشر من قبل ضابط أمن على بوابة معبر رفح، ولإهانات عناصر أمنية تابعة لوزارة الداخلية في حكومة “حماس” عند صالة سعد صايل في غزة أمام المواطنين المنتظرين للسفر، إضافة إلى محاولة احتجازه لأنه أظهر نيته في تقديم شكوى رسمية للجهات المعنية. ورفع الكحلوت رسالة إلى رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، شرح فيها تفاصيل ما تعرض له من تهديد ووعيد وإهانات، “على يد الضباط والعناصر الأمنية المولجة حماية الناس وتيسير أمورهم وتسهيل أعمالهم وقضاياهم”.

واتصل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأمين سر نقابة الصحافيين الفلسطينيين، مدير مكتب وكالة الصحافة الفرنسية وعضو اللجنة الاستشارية العليا لمبادرة الصحافة الأخلاقية كممثل عن فلسطين، الصحافي صخر أبو عون (8/11)، واستدعاه لمقابلة في المكتب من دون إبداء الأسباب أو التحدث عن إلغاء المؤتمر الذي كان من المفترض أن يعقده الاتحاد الدولي للصحافيين في مدينة غزة.

وسلَم عنصران من جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة “حماس”، المنسق والمترجم في قسم التلفزيون التابع لوكالة الأنباء الفرنسية (“أ. ف. ب”) الصحافي يحيى محمد حسونة، استدعاء للحضور إلى مكاتب الجهاز (23/12)، فرافقهم مباشرة إلى المقر حيث خضع لتحقيق طويل ومضنٍ استمر أربع ساعات، وسحبوا منه بطاقة هويته وهاتفه النقال وطلبوا منه أن يعود لاستلامها في اليوم التالي. فحضر عند العاشرة صباحاً لاسترجاعهما ولكنه لم يجد أحداً، وتم إبلاغه بأنه تم إخلاء المبنى لأسباب أمنية خوفاً من ضربة إسرائيلية، ولم يستردهما.

واستدعى الأمن الداخلي مدير إذاعة “صوت الشعب” التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور ذو الفقار سويرجو (31/12) على خلفية عدد من المقالات التي يكتبها وآخرها كان بعنوان “غزة غير”، لكن ذو الفقار امتنع عن الاستجابة للاستدعاء، وتم حل القضية سياسياً بين الجبهة الشعبية والحكومة المقالة، ومن ثم ألغي أمر الاستدعاء. وهي ليست المرة الأولى التي يستدعي فيها الأمن الداخلي أو مكتب الإعلام الحكومي ذو الفقار ويسأله عن مقالاته أو توجهات إذاعة “صوت الشعب”.

7- صرف صحافيين/ إغلاق مؤسسات/ اقتحام:
تلقى ستة من الصحافيين والعاملين في قسمي التوزيع والإدارة في مكتب قطاع غزة في جريدة “الأيام”، (9/10) من مكتب الجريدة الرئيسي في رام الله، قرارات بإجازات إجبارية من دون راتب لمدة عام لكل منهم، على ان يتم فصلهم في نهاية الأمر. وبعد اعتراضهم على القرارات، حصلت مداولات مع المسؤولين في مكتب غزة، تقرر بعدها أن يقدم المعنيون الستة الإجازات المطلوبة، وهم: المراسل في مدينة خان يونس أيمن أبو ليلة، المصور الصحافي أياد البابا، ومن قسم التوزيع حاتم وباسل القيشاوي، ومن الإدارة سامح الحناوي وعادل الزرد.

وأصدر الأمين العام لمجلس وزراء حكومة “حماس” المقالة في غزة محمد عوض، قراراً (22/10) بإغلاق المكتب الرئيسي للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وفروعها في قطاع غزة، وبإيقاف العمل فيها، لكن القرار ألغي في ما بعد وفي شكل سريع، بعد موجة استنكارات واسعة عمَت القطاع.

واقتحمت عناصر من جهاز الأمن الداخلي، مقر وكالة أنباء “رامتان” التلفزيونية في مدينة غزة، لمنع مؤتمر صحافي كان مقرراً أن تعقده هيئة العمل الوطني الفلسطيني (10/10). وبعد يومين، قررت “رامتان” إغلاق مكاتبها في فلسطين ووقف العمل حتى إشعار آخر إلى حين توفر الظروف الملائمة مهنياً.

وذكرت الوكالة في بيان أصدرته ان القرار جاء “بعد تراكم عدة عوامل لها علاقة بانتهاك القانون وحرية التعبير والصحافة، ومضايقات تتعرض لها، توَجها اقتحام مقر الوكالة في شكل غير قانوني”، وشددت على أن “هذه الممارسات ما هي إلا انتهاك للقانون، ولحرية الصحافة والكلمة والتعبير، وتنفيذاً لسياسة تحد من العمل الصحافي المستقل في غزة”.

8- ضغوط/ رقابة/مضايقات:
أصدرت السلطات القضائية في غزة (9/7) قراراً جديداً يتعلق بالزي الرسمي الخاص بالمحامين، يقضي بوجوب أن يرتدي المحامون النظاميون لدى ظهورهم أمام المحاكم زياً خاصاً يشمل كسوة من القماش الأسود “الروب” وسترة قاتمة “البدلة” وقميصاً أبيض بياقة منشاة وربطة عنق سوداء غامقة، كما خصص زياً آخر للمحاميات يشمل كسوة من القماش الأسود “الروب” وسترة قاتمة اللون “الجلباب” أو الطقم وغطاء يحجب الشعر”منديل” أو ما يماثله، وقد لاقى موجة استنكارعارمة وردود فعل منددة من قبل المؤسسات الحقوقية والنسوية.

ومنعت وزارة الداخلية في قطاع غزة وسائل الإعلام المحلية والعالمية (14/8) من تغطية الأحداث الأخيرة التي قتل خلالها العشرات من “جند أنصار الله”.

واشتكى عدد من الصحافيين من منعهم من الاقتراب من منطقة الحدث وتصويرها أو إجراء أي لقاءات مع الاهالي.

وطلبت دائرة العلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة في حكومة “حماس” المقالة، من إحدى الصحافيات الفلسطينيات (20/10) التوقيع على تعهد بأن تقدم للدائرة، المادة الصحافية التي تنوي تصويرها والتحدث عنها في أحد الأقسام الطبية قبل نشرها.

ومنع المكتب الإعلامي التابع لحكومة “حماس” (9/11) عقد مؤتمر إعلامي في مدينة غزة، بدعوة من الاتحاد الدولي للصحافيين، قبل يوم واحد من التاريخ المقرر له.

وشنت أجهزة الأمن التابعة لحكومة “حماس”، ابتداء من 10 تشرين الثاني/نوفمبر، حملة واسعة ضد أي مظاهر احتفالية بالذكرى الخامسة للرئيس الراحل ياسر عرفات في جميع محافظات القطاع، وفرضت إجراءات أمنية واسعة في الشوارع، كما قامت بانتهاك حق التجمعات السلمية حين اعتقلت مجموعة من الفتية وضربتهم وهم يضيئون الشموع في كل من محافظتي الوسطى وخان يونس في يوم الذكرى، وتبلغ العديد من مطابع القطاع، تعميماً يمنع منعاً باتاً طباعة صور الرئيس الراحل أو أي شعارات أو “بوسترات” تخص حركة “فتح”، ومعظم تلك التعميمات وصل خلال زيارات خاطفة لعناصر الأمن إلى مقار المطابع، ورفض أصحاب المطابع تقديم شكوى للجهات الحقوقية أو الحديث مع الصحافة خوفاً من إغلاق مطابعهم.

كما شددت عناصر من أجهزة الأمن التابعة لحكومة “حماس” المقالة (31/12) الخناق على خمسة وثمانين متضامناً أجنبياً من بعثة ” Gaza freedom marsh”، تمكنوا من الدخول إلى قطاع غزة، للتضامن مع الاهالي في الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية على القطاع، ولازمت العناصر الأمنية المتضامنين طوال يومين، كما وضُعت لهم شروط للتحرك وبرفقة منسقين ومترجمين، وصفهم أحد المتضامنين بأنهم “أقرب إلى المخبرين منهم إلى المساعدين”.

• وتعليقاً على الانتهاكات التي رصدها “سكايز” في تقريره، اعتبر الصحافي طلال عوكل أن من أهمّ نتائج الانقسام الفلسطيني الحاصل بين “فتح” و”حماس” انه “أصبح لدى الكتّاب والصحافيين وأصحاب الرأي الفلسطينيين، إن في غزة أو في الضفة، رقابة ذاتية صارمة، أسبابها شخصية واجتماعية وسياسية، لأن المفكر والصحافي والكاتب بات محارباً أينما وجد، ومصنفاً بشكل تلقائي من قبل الجمهور حسب آرائه، فإن وافق على بعض ما تقوم به “حماس” اعتبر فتحأوياً والعكس صحيح”.

ولفت إلى أن “الانقسام السياسي الحاد أدى إلى إغلاق بعض وسائل الإعلام في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، ومنع وصول بعض الصحف من غزة. كما صودرت ممتلكات ومنعت أعمالها، وما هو موجود منها حتى الآن استطاع فرض نفسه بالقوة، ويعاد بناء هذه المؤسسات وفق حالة الانقسام والسيطرة، وتهدم بعض المؤسسات ليقوم على أنقاضها مؤسسات تتبع جهة سياسية مسيطرة على أساس حالة الاستقطاب والولاء”.

يذكر أن جملة واسعة من الاعتداءات الدموية على الصحافيين الفلسطينيين والأجانب في غزّة جرت على يد الجيش الاسرائيلي إبان الحرب على غزة “الرصاص المصبوب” والتي اعلنت إسرائيل توقفها في 18 كانون الثاني/يناير 2009. وقد أصدر “سكايز” ملحقاً خاصاً بهذه الانتهاكات في شباط/فبراير 2009 على هامش التقرير السنوي للعام 2008.

ملحق رقم 1:
احتجاز “سفينة الاخوّة” على يد السلطات الاسرائيلية

سفينة الأخوّة- الطاقم والانطلاق
انطلقت ليل الاثنين 2 شباط/فبراير 2009 “سفينة الأخوّة” من ميناء طرابلس شمال لبنان، إلى قبرص، قبل ان تعود وتبحر في اليوم التالي من قبرص متّجهة إلى غزّة .

و”سفينة الأخوة” باخرة محمّلة بالمساعدات الغذائيّة والطبيّة لأهالي غزّة، انطلقت بمبادرة من “الحملة الوطنيّة لكسر الحصار عن غزّة” التي يرأسها رئيس تجمّع اللجان والروابط الشعبيّة في لبنان معن بشّور، وكان من المفترض أن يكون على متنها أكثر من 80 شخصاً، إلا ان السلطات اللبنانيّة رفضت إبحار السفينة، وهي سفينة شحن، وعلى متنها هذا العدد الكبير من الركّاب . فتمّ تخفيض العدد ليصبح:
• طاقم السفينة المؤلف من 10 أشخاص.

• ركاب السفينة التسعة وهم:
– سلام خضر ومحمد عليق، مراسلة قناة “الجزيرة” ومصوّرها.

– أوغاريت دندش ومازن ماجد، مراسلة قناة “الجديد” اللبنانيّة ومصوّرها.

– مطران القدس للروم الكاثوليك هيلاريون كبوشي (وهو مبعد عن القدس منذ العام 1977، وسبق أن وجّه الاحتلال له تهمة الانتماء لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، ويحمل الجنسية السوريّة) .

– الشيخ صلاح الدين العلايلي.

– الشيخ داوود المصطفى، رئيس هيئة علماء فلسطين .

– هاني سليمان، منسّق الرحلة، وهو عضو في تجمّع اللجان والروابط الشعبيّة.

– ناشطة اسكوتلنديّة .

اعتراض البحريّة الاسرائيلية للسفينة
ولدى اقتراب السفينة من شواطىء غزّة يوم الخميس 5 شباط، اعترّضتها البحريّة الاسرائيلية، ما دفع قائدها إلى تحويل مسارها باتجاه ميناء العريش، قاصداً من ذلك الالتفاف على البحريّة الاسرائيليّة ودخول شاطىء غزّة من ناحية الجنوب. لكن الطرّادات الاسرائيلية عادت واعترضت السفينة في المرّة الثانيّة مدعومة بمروحيّتين حربيّتين.

وفي الوقت الذي كانت الطرّادات الاسرائيليّة تطلق نيرانها قرب السفينة، كان الجنود الاسرائيليون يقتحمون متنها صاعدين من الزوارق الحربيّة ونازلين من المروحيّتان.

وقد أحدث الجنود الاسرائيليون حالة من الذعر بين صفوف الركاب، كما اعتدوا بالضرب على هاني سليمان وسلام خضر وأوغاريت دندش، اضافة إلى الإهانات والألفاظ النابية التي أطلقوها، ولم يحدث إطلاق نار على متن السفينة.

ومن ثمّ قام الجنود الاسرائيليون بتفتيش السفينة قبل ان تقتادها القوات البحريّة الاسرائيليّة إلى ميناء أسدود، حيث تمّ التحقيق مع الركاب، قبل ان يطلق سراحهم في وقت مبكر من صباح الجمعة 6 شباط، وقدّ سُلّم المطران كبوجي إلى السلطات السوريّة عبر الجولان المحتلّ (ومعه ثمانية من بحّارة السفينة السوريين)، ورُحّلت الناشطة الاسكوتلندية عبر مطار بن غوريون، أما الركاب السبعة الآخرون فقد تمّ تسليمهم عبر معبر الناقورة جنوب لبنان .

ملحق رقم 2:
أسرار خلف الأسوار في سورية: إضاءات على عذابات
الكتّاب والصحافيين في “فرع فلسطين للمخابرات العسكرية”

يقع فرع فلسطين أو الفرع /235/ التابع للمخابرات العسكرية، في منطقة القزاز جنوب العاصمة دمشق، على مساحة أرضية واسعة.

أسس هذا الفرع في بداية حكم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في سبعينيات القرن المنصرم، لاحتجاز الجواسيس الإسرائيليين والعرب والفلسطينيين الذين يتم التحقيق معهم على أساس اتهامهم بالتجسس لصالح إسرائيل.

ومع الوقت، خرج الفرع عن إطار عمله، ليتحول إلى أكثر الفروع الأمنية السورية قسوة على السوريين وغيرهم من العرب والأجانب الذين يتم احتجازهم فيه. حيث تمارس صنوف التعذيب على اشكالها عند استجواب المحتجزين، وبعضهم يقرّون في أحيان كثيرة بجرائم لم يرتكبوها، في محاولة لتجنب المزيد من التعذيب.

• علق كاتب وسياسي كردي على التعذيب الذي تعرض له عقب احتجازه ثلاثة أشهر في فرع فلسطين في صيف 2007 قائلاً “إنه جهنم، أجزم ان الله لن يعذب الناس في جهنم كما يعذب المحققون الناس في هذا الفرع!”.

وقال: “استعملوا معي كافة انواع التعذيب، الكرسي الألماني، الفلقة، الكهرباء، قلع الأظافر، وأشياء أخرى لا أعرف اسمها”.

• في 10 ايار/مايو 2005 اختطف رئيس مركز الدراسات الاسلامية في القامشلي الشيخ الكردي محمد معشوق الخزنوي، وأُعلنت وفاته مقتولاً في 1 حزيران/يونيو من العام نفسه، واتهمت السلطات السورية “عصابة اجرامية ارهابية” بالوقوف وراء مقتل هذا الداعية والكاتب الاصلاحي، غير ان مصادر مقربة من الشيخ الخزنوي ومصادر كردية سورية رفضت هذا التفسير، اضافة إلى منظمة العفو الدولية التي وجهت رسالة إلى الرئيس السوري بشار الاسد تعرب فيها عن شكوكها ازاء الرواية السورية الرسمية وتشير فيها إلى امكان تعرض الشيخ للتعذيب في فرع فلسطين قبل قتله.

• وفي 7 حزيران/يونيو 2007 اعتقل فرع فلسطين للمخابرات العسكرية المدون كريم انطوان عربجي ونقل بتاريخ 18 آب/اغسطس إلى سجن صيدنايا، ليصار إلى محاكمته أمام محكمة أمن الدولة العليا بتهمة “نشر أنباء كاذبة من شأنها إضعاف الشعور القومي”، على خلفية كتاباته لمقالات انتقد فيها السلطات السورية ونشرها في منتدى “أخوية” الإلكتروني.

مثل عربجي للمرة الأولى أمام محكمة أمن الدولة العليا بدمشق، بتاريخ 20 نيسان/ابريل 2008، وتأجلت الجلسة إلى تاريخ 8 تموز/يوليو، ومن ثم تأجلت مجدداً بناء على طلب النيابة العامة. ولم تنعقد الجلسة بسبب اندلاع الأحداث الدامية في سجن صيدنايا.

وبتاريخ 13 آب/اغسطس 2009 أصدرت محكمة أمن الدولة العليا بدمشق حكماً بسجن المدون عربجي بتهمة “نشر أنباء كاذبة من شأنها ان توهن نفسية الأمة” وفقاً للمادة /286/ من قانون العقوبات السورية العام.

• وقال محام وناشط حقوقي من دمشق رفض الافصاح عن اسمه لمركز “سكايز” انه “لا يمكن تحديد أي نوع من الاتهامات يتم تحويلها إلى فرع فلسطين للتحقيق العسكري، فترى في الفرع ذاته معتقلين ذوي خلفيات إسلامية وسلفية، ومتهمين بالانتماء للقاعدة، ومعتقلين أكراد، إضافة إلى مواطنين عاديين متهمين بالسرقة أو بالتهريب”.

وأضاف: “بغض النظر عن قانونية الأفرع الأمنية الكثيرة في سورية، إلا انه غير قانوني أو دستوري اعتقال أو استجواب أي مدني في هذا الفرع، انه تابع للمخابرات العسكرية ولا علاقة للمدنيين به”.

وتابع القول: “يتم تحويل المعتقلين في هذا الفرع إلى عدة محاكم، منها محكمة أمن الدولة العليا، ومحكمة الجنايات، إضافة إلى القضاء العسكري، وذلك بحسب التهم الموجهة للمعتقل”.

• داود البصري كاتب عراقي نشر مقالاً في عدة مواقع إلكترونية بتاريخ 20 تشرين الأول/اكتوبر 2006 عن ظروف اعتقاله لأربعة أسابيع في فرع فلسطين بعد توقيفه في نقطة مغادرة سورية إلى تركيا. يقول: “ذات ليلة استيقظت وأنا في وضعية نوم القرفصاء اليومية على أصوات صراخ وجلبة عالية مجاورة لزنزانتي اتضح لي انها ناجمـة عن حفلة تعذيب وضرب عنيفة للغايـة بحق معتقل مصـري يشتبه في تجسسه لصالح إسرائيل! وقد تحدث الجلادون بقلق عن موته تحت التعذيب قبل إرساله لتحقيق موسع آخر في المخابرات العامـة… وقد ارتفع الصراخ فيما بينهم حول من تسـبب في قتله”.

ويضيف البصري في مقاله: “كان الذهاب لقضاء الحاجة الطبيعية اليوميـة في المراحيض لحظات حقيقية من العذاب المهين للشخصية الإنسانية، فصباح كل يوم كان يخصص لكل معتقل دقيقة واحدة فقط للتغوط والتبول والغسيل، وأمام انظار الجلادين الذين يتلذذون في سادية غريبة في الضرب بالعصا المطاطية الغليظة على رأس المعتقــل، وهو يقضي حاجته وهو مطأطأ الرأس عند إخراجه من زنزانته لكي لا يرى المعتقلين في الزنازين الأخرى. أما من يعاني الإسهال أو المشاكل المعوية الأخرى فإن مصيره أسود وحالته تثير الشفقة”.

• وروى صحافي سوري جرى اعتقاله ستة أشهر في هذا الفرع بعد اتهامه بنشر أنباء كاذبة: “انهم يتلذذون بإذلال الإنسان من خلال الكم الهائل من الشتائم والضرب والتعذيب. لقد كرهت اسم فلسطين من جراء هذا الفرع”.

وأضاف: “ان وجدت الفرصة المناسبة يوماً ما سأنشر بالتفصيل الممل مجريات الأحداث التي مرت معي، انها بحق يجب ان تكون مسلسلاً من مئات الحلقات، مسلسل لا نهاية له أبداً”.

• وللدلالة على انتزاع اعترافات غير صحيحة تحت التعذيب يكفي ان نورد قضية مهندس الاتصالات الكندي من أصل سوري ماهر عرار الذي كان معتقلاً في الزنزانة رقم 2 في فرع فلسطين، وكان قد اعتقل في مطار جون كينيدي القريب من نيويورك بتاريخ 26 أيلول/سبتمبر 2002، وتم ترحيله إلى سورية، على الرغم من انه كان يحمل جواز سفر كندياً، وتم نقله جواً على متن طائرة خاصة إلى عمان، ومنها براً إلى سجن فرع فلسطين في سورية.

وبعد تعرضه للضرب وقع عرار “إفادة” بأنه تدرب في معسكر للإرهابيين في أفغانستان، وقال انه كان مستعداً لقبول حكم بالسجن لعشر أو عشرين سنة لقاء نقله إلى مكان آخر.

ُولد ماهر عرار عام 1970وهو مهندس اتصالات سوري كندي الجنسية تم إيقافه على إثر معلومات خاطئة قدمتها الشرطة الملكية الكندية (RCMP) إلى السلطات الأميركية وقد تم على إثرها نقله إلى سورية رغم انه كان يحمل جواز سفر كندياً. سجن في سوريا لمدة سنة حيث تم تعذيبه مراراً وتم الإفراج عنه في 5 تشرين الأول/اكتوبر 2003. و قد قررت الحكومة الكندية تعويضه بمبلغ عشرة ملايين دولار للضرر الذي حصل له بسبب هذا الخطأ إضافة إلى اعتذار رسمي من الحكومة الكندية له شخصياً ولعائلته.

– “منظمة العفو الدولية” أصدرت وثيقة بتاريخ 28 أيلول/سبتمبر 2005 حول فرع فلسطين، قالت فيها: “تعج زنازين القبور في فرع فلسطين بالصراصير وغيرها من الحشرات، فضلاً عن الجرذان التي تمشي على أجساد السجناء وتعضهم أحياناً”. وأضافت: “يُستخدم التعذيب على نطاق واسع في فرع فلسطين، والزنازين التي تقع تحت الأرض يقل ارتفاعها عن مترين وطولها عن مترين ويبلغ عرضها قرابة متر واحد، ويُحتجز بعض السجناء هناك طوال سنوات، غالباً بمعزل عن العالم الخارجي وبدون تهمة، وقد تلقت “منظمة العفو الدولية” أنباء حول احتجاز نساء حوامل أخريات وأطفال صغار هناك، وبحسب ما ورد تعرضت إحدى النساء للإجهاض نتيجة التعذيب”.

ملحق رقم 3:
الصحافي يحيى محمد حسونة يروي لـ “سكايز”
تفاصيل التحقيق معه في مكاتب الأمن الداخلي في غزة
سلَم عنصران من جهاز الامن الداخلي التابع لحكومة “حماس” المقالة في غزة، صباح الاربعاء 23 كانون الأول/ديسمبر 2009، المنسق والمترجم في قسم التلفزيون التابع لوكالة الأنباء الفرنسية (“أ. ف. ب”) الصحافي يحيى محمد حسونة، استدعاء للحضور إلى مكاتب الجهاز، فرافقهم مباشرة إلى مقر الجهاز في مبنى أبو خضرة حيث خضع لتحقيق طويل ومضنٍ استمر حوالى أربع ساعات، وسحبوا منه بطاقة هويته وهاتفه النقال وطلبوا منه أن يعود لاستلامهما في اليوم التالي. فحضر عند العاشرة صباح الخميس لاسترجاعهما ولكنه لم يجد أحداً، وتم إبلاغه بأنه تم إخلاء المبنى لأسباب أمنية خوفاً من ضربة إسرائيلية، ولم يستردهما.

وأوضح حسونة لـ”سكايز” تفاصيل ما جرى معه أثناء التحقيق على الشكل الآتي: “حوالى الساعة العاشرة من صباح الاربعاء، وبينما كنت متواجداً في برج الجلاء، الطابق الخامس، شقة 504، في زيارة لصديقي عمران سالم لباد، في شركة “دايمومند للإعلام”، دخل شخصان المكتب وسلماني ورقة استدعاء، فقمت بتبليغ زملائي في مكتب “وكالة الأنباء الفرنسية” حيث أعمل في قسم التلفزيون كمنسق ومترجم، وخرجت معهما إلى مبنى أبو خضرة”. وتابع: “حين وصلت أخذوا إسمي ورقم الهوية (900297391 )، وطلبوا منى الذهاب إلى الأمن الداخلي، وأوصلني شاب إلى مكتب الأمن الداخلي، وقبل أن أدخل المكتب، أخذوا مني بطاقة الهوية والهاتف النقال. وحين دخلت وجدت بعض الاشخاص الملتحين، وطلبوا مني الجلوس، فجلست نحو نصف ساعة من دون أن يسألوني أي سؤال، وحين أذّن الظهر طلبوا مني النهوض للصلاة، فقلت لهم لا أصلّي، وبعد حوالى ثلث ساعة طلبوا مني الخروج من المكتب والتوجه إلى الطابق العلوي”.

وأضاف: “دخلت إلى مكتب آخر في الطابق العلوي يوجد فيه صورة للشيخ احمد ياسين وكرسي واحد، ودخل معي شخص غير ملتحٍ يعتمر قبعة بيضاء. وكان في الغرفة شخص واحد ولم يسألني أي سؤال. بعد ذلك بحوالى عشر دقائق دخل شخصان أحدهما يحمل حقيبة وملفاً ومعه ورقة تشبه الاستبيان، وبدأ يسأل عن بياناتي، اسمي ورقم هويتي وعائلتي وعدد أفرادها ومكان السكن، وإذا كان لي أي انتماء سياسي، فأجبته بالنفي، وسألني: “هل سجنت قبل ذلك؟” فقلت لا، ورد أحدهم قائلاً انهم يعرفون كل شيء عني، ثم سألني عن الفترة التي كنت فيها في ألمانيا وفي أي مدينة وفي أي سنة تخرجت، فأجبته سنة 2000، وبعدها سألني عن الدول التي زرتها، فأجبته بانني زرت دولاً عدة مثل اسبانيا وهولندا والسويد، ولكنه سألني عما إذا كنت في النروج أو أعرف بوجود أي وكالة أنباء نروجية في غزة، فأجبته بالنفي. ثم سألني عن مكان سكني، فأجبته في ارض بكر، فقال: “بجانب بيت عاطف بكر؟ فأجبته بالإيجاب، وتابع:
“لماذا لم تتزوج إلى الآن؟”، فقلت بأني حر، فعلَّق هازئاَ: “الرهبان فقط لا يتزوجون”، فقلت: “سوف أخطب قريباً”، فسألني: “هل في بالك امرأة معينة؟”، فأجبته: “نعم”، ثم تطرقوا إلى موضوع الصلاة، وسألني لماذا لا أصلّي، فقلت له اني كنت أصلّي، ثم سألني هل تدخن؟ فقلت لهم اني أقلعت عن التدخين فترة ولكني عدت من جديد، ثم أعاد علي عبارة أنه يعرف كل شيء عني وأنه “حتى لو أتى اسماعيل هنية إلى هنا فليس له علاقة في وجودك عندنا وستظل معنا”، فأجبته بأني صحافي عادي ومترجم ومنسق جمعيات ألمانية في غزة، وعملت في جريدة “أفتون بليدات” السويدية، وأيضاً في مجال ال”فيديو جورناليست”، فقاطعني سائلاً: “كم لغة تعرف وأين تعلمت اللغات وهل أخذت دورات في الحاسوب؟” فأجبته اني أجيد الألمانية والانكليزية كتابة وقراءة ومحادثة، ودرستها مع الحاسوب في ألمانيا، ثم سألني عن أصدقائي، فأعطيته بعض الأسماء، فسألني: “من صديقك الحميم؟” فأجبته انني لا أؤمن بالعرب، ثم سألني عن علم النفس وعلاقتي به، فأجبته أني قرأت كتباً كثيرة في علم النفس وكتبت تقارير عن نفسية الأطفال في غزة بعد الحرب، وعملت مع جمعية ألمانية تعنى بنفسية الأطفال Ergiehing kunst كمترجم ومنسق.

وبعد ذلك قال لي إنه سينتقل إلى موضوع آخر، وسألني عن الأماكن التي أزورها دوماً ومن هم أعز أصدقائي، فأجبته أن لي صديقاً اسمه ثائر لم أره منذ فترة، لكنه سألني فجأة عن عمر أبو شاويش ولماذا يتردد عليَ كثيراً في المكتب، فأجبته بأني كصحافي أقابل الكثيرين كجزء من عملي، وسألني بعد ذلك عن البنات اللواتي يأتين إلى المكتب، فقلت له انهن متدربات في الصحافة سوف يستلمن الموقع الإخباري الخاص بمكتب زميلي عمران، فقال انني دخلت إلى مكتبي مع بنت وأغلقت الباب ورائي، فقلت له ان هذا الكلام لا أساس له من الصحة، لأن المكتب يكون مزدحماً بالصحافيين والعاملين وله نوافذ مفتوحة ومكشوفة على البنايات الأخرى”.

وتابع حسونة: “عندئذ ذكر لي ان هناك شركة تابعة لقناة تلفزيونية سوف تفتح في غزة، سألته عن أي شركة، فقال بأنني أعرف هذه الشركة وأني أجتمع مع الصحافيين فيها، فقلت له أنا صحافي وليس لي في الاجتماعات ولا أتكلم كثيراً، لكنه أصر على أني عضو مهم في تلك الاجتماعات، ثم أمرني ان أتكلم عن هذه المؤسسة أو المكتب السياسي أو سيأتي شخص آخر ليحقق معي بدلاً منه، وسألني بعد ذلك إذا كنت أريد ان أفتح قناة فضائية فأجبته لا لأنني لا أملك المال الكافي لفتحها، ثم سألني هل تريد فتح شركة؟ فأجبته بالنفي، وانتقل بعد ذلك إلى موضوع آخر مختلف كلياً وسألني لماذا ذهبت إلى جامعة القدس المفتوحة، فقلت له ان لا علاقة لي بها، فتابع السؤال: “ألم ترد ان تتوظف فيها؟” فأجبته بالنفي، ثم سألني عن بداية عملي في الصحافة وفي أي شركة عملت، فقلت له في عام 2005، وأني عملت بعد تخرجي في محل إلكترونيات، ثم في مطبعة، وبعد ذلك في شركة “ميديا غروب”، لكنه سألني فجأة عن الدورات العسكرية التي خضعت لها وما إذا كنت أعرف بالسلاح فأجبته بالنفي.

ولكنه سرعان ما رجع إلى موضوع عمر أبو شاويش، وسألني أين تعرفت إليه، فقلت له في ورشة عمل في عام 2008 عن الأفلام الوثائقية، وكان هو من ضمن مجموعة الزملاء المشاركين، وتابع سؤاله لي عن سبب تردد عمر على مكتبي بكثرة، فقلت اني رأيته بعد فترة طويلة من تعرفي إليه، ثم سألني ما إذا كنت أتردد إلى منزله فقلت نعم، فسألني “من أصدقاؤه؟” فقلت هناك شاب اسمه محمد وآخر يدعى محمود يعملان في إذاعة “الإيمان”، فردّ عليّ لماذا إذاعة “الإيمان” بالذات؟، فقلت له لا اعرف، ثم سأل: لماذا يدعوهم إلى مطعم “الفدان الأخضر”، فأجبته لا اعرف، فتابع السؤال: هل رأيته هناك جالساً مع بعض البنات؟ فأجبته: “لا اعرف وأنا لا أتدخل بحياة الناس الشخصية”. ثم سألني من أين يصرف المال؟، فقلت له الذي اعرفه من خلال كتابة الشعر للأغاني.

ثم عاد وغيَر الموضوع مرة أخرى وسألني: “أين كنت يوم الخميس؟” فأجبته: لا اذكر، فتابع: :ألم تكن في مطعم “المارينا هاوس”؟” فأجبت: نعم كنت هناك، فسأل لماذا؟، فقلت اجتماع، فسألني هل كنت جالساً بجانب إيناس الطويل؟، فقلت: نعم، ثم سألني: لماذا عندما دخلت إلى المطعم نادى عليك سعود مهنا؟ فقلت له: انه من معارفي، ويريد ان يعمل معي مودة بعد رفضي العمل معه، فسألني عندئذ ما هي علاقتك بالاجتماع؟ فقلت ان دعوة وصلتني من محمد غوطة عن طريق عمران لباد إلى اجتماع ٍ للمخرجين وكان هناك مخرج أميركي يريد ان يعمل سلسلة وثائقية عن معاناة الناس بعد الحرب، فقال لي: ألم يكن لك علاقة بالموضوع؟، فقلت اني لم أتكلم في الاجتماع ولا علاقة لي به، ثم سألني عن الذين كانوا في الاجتماع فأجبته انهم صحافيون ومخرجون وكانوا حوالى 60 شخصاً، فقال لي: لا، كان هناك 35 شخصاً وليس 60 ، ثم سألني عن جواز سفري وأين جددته في غزة أو في رام الله، فأجبته من رام الله، فسألني متى؟ فقلت منذ شهرين، ثم سألني: “هل تريد السفر، وهل سافرت بعد مجيئك من ألمانيا؟” فأجبته: لا لم أسافر”.

وأضاف: “بعد ذلك أذن لي المحقق بالذهاب إلى الحمام، ولما عدت لم يكن في الغرفة، ووجدت الشخص الذي كان يضع القبعة البيضاء ويمسك في يده جهازي الجوال وبطاقة هويتي، ثم عاد المحقق وسألني مرة أخرى عن الشركة، وقال لي: “تكلم”، فقلت له :عن ماذا؟، فقال احكي كل شيء، فأجبته: انا إنسان منغلق ولكن في عملي منفتح، وفي ذلك الوقت مددت قدمي قليلاً لأريحها، فصرخ بي صاحب القبعة البيضاء وأمرني بان أعتدل في جلستي. ثم حدَّق المحقق بي جيداً وقال: “وقت ما تريد بتكون منغلق ووقت ما تريد منفتح؟”، فرددت عليه بأني كصحافي أختلط بجميع الناس وهذا لا يعني ان كل شخص صديق أو أعرف عنه كل شيء، فقال لي بعد ذلك ان الدوام قد انتهى، وطلب مني ان أتصل بالكاتب عمر أبو شاويش وأحضر معه إلى المركز في اليوم التالي، فقلت له: “أنا لست رجل أمن وهذه ليست وظيفتي”، فقال لي إذا رأيته لا تقل له اننا تكلمنا عن ذلك الموضوع، وان الاستدعاء لا يخرج عن إطار الدردشة، وبعد ذلك تركوني وكانت الساعة حوالى الثانية إلا ربعاً بعد الظهر” .

ملحق رقم 4:
خضر شاهين… عندما يتحول الصحافي
من ناقل للخبر إلى خبر تتناقله وسائل الإعلام
من وراء عدسة الكاميرا كناقل للخبر وواصف تفاصيله انتقل مراسل “قناة العالم” خضر شاهين إلى خبر تتناقله وسائل الإعلام ويتسابق مراسلوها للحصول على حديث منه…

حكاية شاهين بدأت في اليوم العاشر للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة نهاية العام الماضي، وتحديداً في الساعات الأولى لبدء العملية البرية. كان شاهين يرابط كغيره من الصحافيين على الحدود الاسرائيلية مع قطاع غزة عندما علم بأن وسائل الإعلام الاسرائيلية تحرض عليه وبأن أجهزة الامن الاسرائيلية تبحث عنه.

ولأنه يحمل الهوية المقدسية كان لا مناص من التوجه إلى احد مقارّ الامن الاسرائيلية لتسليم نفسه، لكن المأساة بدأت في تلك اللحظات. وفي حوار معه باح خضر شاهين بما حدث من انتهاك واضح لحرية الصحافة على ايدي أجهزة الامن والقضاء الاسرائيليين على مرأى ومسمع من العالم .

• كيف بدأت حكايتك مع الاعتقال والاقامة الجبرية؟
– كنت أرابط على الحدود الاسرائيلية مع قطاع غزة وأقوم بعملي كمراسل لـ “قناة العالم” عندما اتصل بي احد الزملاء وأبلغني ان الصحافي الاسرائيلي ايهود يعاري، وهو يعمل كمحلل عسكري في القناة الاسرائيلية الثانية، قام بالتحريض عليّ وبأنه طالب أجهزة الامن الاسرائيلية على الهواء مباشرة بملاحقتي بدعوى أنني اعمل مع قناة تلفزيونية معادية لاسرائيل. عندها قمت بمغادرة المكان وعدت إلى رام الله، وفي صباح اليوم التالي ابلغني زملائي الذين يعملون في المكان بان أجهزة الامن الاسرائيلية بحثت عني، فلم يكن امامي سوى التوجه إلى احد مراكز الامن الاسرائيلية وتسليم نفسي حتى لا يتم التعاطي معي كمطلوب لهذه الأجهزة.

كنت أتوقع ان يتم التحقيق معي لساعة أو ساعتين ومن ثم تنتهي القصة. ولكن كانت المفاجأة عندما زجوا بي في المعتقل حيث خضعت للتحقيق لأكثر من عشرة أيام .

• هل تم عرضك على القضاء وما هي التهمة التي وجهت اليك؟ – بالطبع تم عرضي على القضاء وكانت التهمة أني خرقت قانون الرقابة العسكرية الذي تفرضه اسرائيل عادة في زمن الحرب على الرغم من اثبات هيئة الدفاع انني لم افعل ذلك، وان ما جاء على لساني لم يتجاوز كلمة “اني استمع الآن إلى اصوات آليات عسكرية تتحرك”، الا ان القضاء العسكري استمر في تمديد اعتقالي لعشرة أيام قبل ان يفرض عليّ الاقامة الجبرية في مدينة القدس.

• كيف كانت تسير اجراءات المحاكمة وما هي الادلة التي قدمتها النيابة الاسرائيلية؟
النيابة الاسرائيلية كانت تكرر في كل مرة التهم ذاتها بأنني قمت بالحديث عن بدء العملية البرية قبل الاعلان رسمياً عنها بساعتين تقريباً، الامر الذي جعل المقاومة الفلسطينية تستعد للمواجهة على حد تعبيرها…

• بالمقابل ما هي الدفوع التي تقدمت بها هيئة الدفاع ؟
– عملت هيئة الدفاع على الادلة والقرائن فاستندت إلى ان اكثر من عشرين وكالة أنباء ووسيلة إعلام اكدت بدء العملية البرية قبل ان انقل خبر تحرك الآليات العسكرية الاسرائيلية، ومن بينها اذاعة الجيش الاسرائيلي والقناة الأولى الاسرائيلية، بالاضافة إلى استعداد عدد كبير من الصحافيين للادلاء بشهادتهم امام القضاء بأنهم نقلوا خبر بدء العملية البرية قبلي، لكن القضاء ظل يماطل بإصدار قراره، الامر الذي جعلني أتأكد بأن القرار الاسرائيلي كان محاكمة وسائل الإعلام غير الاسرائيلية من خلالي .

• كيف كانت تتم مراقبتك وانت تخضع للاقامة الجبرية؟
– الاقامة الجبرية استمرت لأكثر من ستة شهور وأثناءها كان يحظر عليّ العمل في اي وسيلة إعلامية بالاضافة إلى منعي اصلاً من الاتصال بأي وسيلة إعلامية. وكانت الشرطة الاسرائيلية تقوم بالاتصال عدة مرات على هاتف المنزل وكان لازماً عليّ ان اجيب حتى يتأكدوا من انني لا اغادر المنزل، وفي مرحلة متقدمة سمح لي بالخروج من المنزل إلى مكان محدد وكانت تتم مراقبتي بشكل دائم.

• على ماذا استند القضاء الاسرائيلي للحكم عليك بالسجن شهرين ؟
– عندما طالبت النيابة الاسرائيلية بحبسي لمخالفتي قوانين الرقابة الاسرائيلية، سأل القاضي النيابة عن سابقة تم خلالها اعتقال احد المخالفين لهذا القانون، فلم تستطع النيابة تأكيد اي سابقة قضائية. ورغم ذلك تم اصدار قرار بسجني لشهرين ولكن هيئة الدفاع طلبت من القاضي الافراج عني بكفالة إلى حين التقدم بطعن في محكمة الاستئناف. كذلك طالبت الهيئة القضاء بالسماح لي بالعودة إلى عملي فرفض الطلب وتم تحديد جلسة في الخامس من تموز للنظر في امكانية السماح لي بمزاولة عملي كصحافي.

• بعد هذه التجربة المريرة هل ما زلت مقتنعاً بالعودة إلى العمل الصحافي؟
– قناعتي بالعمل الصحافي راسخة لا تتغير ولا تتبدل، لاسيما وأنني ادرك بأن الصحافي هو صوت الحقيقة وغياب هذه الحقيقة قد يؤدي إلى غياب الحريات وسيادة قانون الغاب.

• هل كان هناك متابعة من المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان وحريات الصحافة لقضيتك؟
– كان هناك اتصالات تجري بين الحين والآخر من مؤسسات مثل “مراسلون بلا حدود” و”الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان”، ولكن للاسف كل المحاولات لإنهاء هذه القضية ذهبت ادراج الرياح واسرائيل ضربت بالدعوات والمناشدات عرض الحائط ونفذت ما أرادت.