ما زالت الرقابة الأردنية تمارس منع الكتب كما التعامل مع الصحفيين والصحف بشكل غير قانوني، وأحيانا بشكل مزاجي أو غير مفهوم.
قامت دائرة المطبوعات والنشر بمنع قرابة الثلاثين كتابا في الأردن في العام 2008. وبعد سحب الديوان الشعري الأول للشاعر إسلام سمحان مؤخرا وتكفيره من قبل مفتي المملكة وتوقيفه أربعة أيام في سجن الجويدة والبدء بمحاكمته، أجبرت إثر ذلك دائرة المطبوعات والنشر الأردنية، من خلال تفسيراتها الخاصة للدين والشعر، الشاعر المعروف الطاهر رياض ودار “أزمنة للنشر” على إعادة تصدير ديوان رياض الأخير “ينطق عن الهوى” خارج الأردن لرفض إجراء تغييرات في كلمات الكتاب إثر منعه من التداول في الأردن واحتجازه في الجمارك لمدة شهرين.
كما تواصل دائرة المطبوعات والنشر منع إصدار مجلة “اللويبدة” التي يرأس تحريرها الصحافي باسم سكجها للشهر الخامس إنتظارا منها تفسير “ديوان تفسير القوانين” – التابع لرئاسة الوزراء – فأجاز الديوان المجلة لكن دائرة المطبوعات ما تزال تمارس حجب الترخيص استجابة منها لضغوط من مكان مختلف على ما يبدو.
وجاء حجب ترخيص “اللويبدة” بعد “المزاجية” من جانب الإدعاء العام في توقيف الصحافي فايز الأجراشي -رئيس تحرير أسبوعية “الإخبارية الأردنية”- في سجن الجويدة قبل القبول بتكفيه أخيرا والبدء بمحاكته.
يطالب مركز “عيون سمير قصير” (سكايز) للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية بـ:
- تراجع السلطات الأردنية عن منع تداول ديوان الشاعر الطاهر رياض في الأردن،
- وقف السلطات الأردنية ممارسة الرقابة على الكتب والكف عن طلب تغيير محتوى ما يكتبه الشعراء والكتّاب للموافقة على إدخال الكتب إلى الأردن،
- تعديل السلطات الأردنية المعنية والمجلس التشريعي الفقرة (ب) من المادة 31 من قانون المطبوعات والنشر التي تعطي صلاحيات لمدير دائرة المطبوعات والنشر منع إدخال الكتب إلى الأردن أو تحديد عدد نسخها، ليتساوى بعد تعديلها الوضع القانوني للكتب المطبوعة في الأردن من دون رقابة مسبقة مع تلك المطبوعة خارجه. كما تعديل قانون المطبوعات بجعله المرجعية الحصرية في التعامل مع قضايا المطبوعات مع استبعاد القوانين الأخرى مثل قانوني العقوبات ومحكمة أمن الدولة.
- إعادة النظر في نظام “دائرة المطبوعات والنشر”، هذه الدائرة القائمة منذ عشرينيات القرن الماضي ممارسة المنع والرقابة المسبقة والدعاوى بالسجن على مئات الصحفيين والكتاب، وجعلها دائرة مستقلة عن السلطة السياسية مهتمة بتحسين وضع المطبوعات لا بممارسة الرقابة عليها،
- التقيّد بالقوانين المدنية في التعامل مع الصحفيين والكف عن تجاوز القوانين بشكل سافر كما هو حال مجلة اللويبدة، أو بشكل مزاجي كما هو حال قضية الأجراشي.
خلفية عن منع ديوان الطاهر رياض:
ديوان الطاهر الرياض الأخير “ينظق عن الهوى” طبعته دار أزمنة للنشر في بيروت وتم استيراده إلى الأردن وفقا للطرق القانونية وجرى احتجازه لدى دائرة الجمارك لمدة تزيد على الشهرين انتظارا لدوره في الرقابة التي تفرضها مسبقا دائرة المطبوعات والنشر على الكتب المطبوعة والمستوردة من خارج البلاد.
يقول الروائي الأردني الياس فركوح صاحب دار أزمنة في لقاء مع مراسل “سكايز” في 13 تشرين الثاني الجاري بأن دائرة المطبوعات وبعد اكثر من شهر من إعاقة توزيع الديوان في الأردن انتظارا لدوره في الرقابة طلبت الى الشاعر رياض تغيير عدد من الكلمات والتعبيرات الواردة في الديوان اعتبارا من الرقيب بانه تحمل إساءة للدين الاسلامي.
وأكد ذلك الشاعر الطاهر رياض الذي قال (في لقاء مع مراسل “سكايز”) انه طلب اليه تغيير عنوان الديوان وبعض الصور الصوفية الواردة في نصوص الديوان ولكنه رفض بشدة الخضوع لرأي الرقيب مصرا على انه لم يقصد أي إساءة للدين والنص القرآني. ومن المعروف ان رياض، الذي اصدر ست مجموعات شعرية بينها “الأشجار على مهلها” و “حلاج الوقت”، وترجم أعمالا لهيرمان هسة والشاعرة الإغريقية سافو، تغلب على لغته الشعرية المسحة الصوفية.
ويعتبر رياض ان استخدام مفردات القرآن في نصه لم يكن بقصد الإساءة إنما جاء استنادا “إلى النص القرآني المقدس الذي هو مرجعية اللغة العربية”، وان استعارة الصور والتعبيرات من القرآن ليس جديدا بل استخدمه أكثر من شاعر عربي عبر التاريخ كالمتصوفة امثال الحلاج والسهروردي وغيرهم.
ولد الطاهر رياض في عمّان في العام 1956. وعاش فترة في دمشق. أصدر أول ديوان شعري “شهوة الريح” في العام 1983، ثم تلاه دواوين: طقوس الطين، العصا العرجاء، حلاج الوقت، الأشجار علي مهلها.
خلفية عن قضية مجلة اللويبدة:
مجلة “اللويبدة” هي المجلة السياسية الشهرية الوحيدة في الأردن وصدرت في حزيران/يونيو العام الماضي. واعتبرت في الأردن إضافة نوعية في حقل المجلات حيث تنتشر في الأردن الصحف الأسبوعية واليومية. توقفت المجلة عن الصدور بناء على طلب دائرة المطبوعات والنشر قبل خمسة أشهر، إنتظاراً لرد ديوان تفسير القوانين حول ما إذا “كان إصدار المطبوعات الصحافية مقتصراً على الشركات أم يشتمل على المؤسسات الفردية”. لكن صاحبها ورئيس تحريرها الصحافي باسم سكجها حصل بتاريخ 22 تشرين الأول/أكتوبر 2008 على قرار من “دائرة تفسير القوانين في رئاسة الوزراء” يسمح له باعادة توزيع المجلة. وقال سكجهما في حديث مع مراسل “سكايز” ان رئيس الوزراء نادر الذهبي ابلغه بتاريخ 24/10 الماضي الردّ الرسمي لديوان تفسير القوانين “بقانونية ترخيص المجلة”، الأمر الذي كان من المفترض ان يحسم الجدل مع دائرة المطبوعات والنشر.
وقال سكجها لـ”سكايز” ان :”قضيّتنا التي ما زالت تنتظر منذ خمسة أشهر، والسادس على الطريق، أي منذ إيقافها عن الصدور، وقمعها دون أدنى خجل… لا زلنا في انتظار كتاب رسمي من دائرة المطبوعات يُعلن للجميع بأنّها ومنذ عددها الأوّل تحمل الترخيص الرسمي، الأمر الذي سيسمح لنا بأن نتوجّه للمطبعة بملفّاتنا، وللمكتبات والأكشاك والمشتركين بعددنا الجديد”.
وقال سكجها بانه لجأ، الخميس الماضي، مرة اخرى الى ديوان تفسير القوانين حيث اكد له مدير عام الديوان، محمد العلاونة، ان قانونية وضع المجلة لا يحتمل الجدل والنقاش، وان بإمكانه مقاضاة دائرة المطبوعات وطلب تعويض مالي عن الخسائر المادية التي لحقت بالمجلة والعاملين فيها. واضاف سكجها لسكايز:” وعلى الرغم من ذلك، ومن زوال أيّة شبهة قانونية، في كلّ الحالات القانونية التفسيرية اليائسة التي لجأت إليها “الدائرة”، فلم نستلم بعد الكتاب الرسمي، وما زلنا حتى اللحظة محبوسين، حبساء، حبيسي، لحظة صحافية فريدة نادرة في الأردن”.
يشار الى ان المجلة وبعد منع نسختها الورقية لجأت الى الانترنت حيث تواصل الصدور على الموقع (http://www.jorday.net) الذي يتضمّن أعدادها بالاضافة إلى تحديث إخباري يومي.
بيان صادر عن مركز “سكايز” (مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية في الشرق الأوسط)
سكايز (مركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والصحافية في الشرق الاوسط)
هاتف وفاكس (بيروت): 01-397334
بريد الكتروني : samirkassirmedia@gmail.com