29/6/2006
رصدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية حالةً إنسانية من المعاناة لأعداد كبيرة من العائلات السورية وبشكل خاص في محافظة الرقة ,غالبية هؤولاء من ذوي الدخل المحدود ,وممن يعتمد غالبيتهم بشكل أساسي في معيشته على أجره الشهري كمورد وحيد .
ولما كانت السنوات الست الأخيرة ,قد شهدت بعضً من قوانين التسوية, لبعض الديون العالقة, بإعادة جدولتها وإعفائها من الفوائد , (والتي كان منها على سبيل المثال لا الحصر، القروض الزراعية ، الصناعية , ضرائب النفع العام , الهاتف الخ , والتي كانت خطوة ايجابية, حيث عادت بنتائجها بالفائدة على كل من الوطن “الخزينة العامة ” والمواطن معاًَ). فقد كان للمدينين لفروع المصرف العقاري في المحافظات ( قروض السكن ),آمال بحل على نفس السوية.
اذ انه وخلال السنوات الطويلة من الظروف المعيشية الصعبة,والتي لم تشهد أي تحسن ملحوظ على صعيد تحسين مستوى الدخل ، أمام ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة ,كان من الطبيعي أن يقع المقترض في العجز وعدم القدرة على الوفاء ببعض التزاماته ,وان يكون عرضة للتأخر في سداد بعض الأقساط التي تراكمت ليقع فريسة لقانون الفائدة المركبة وليصبح في حالة شلل تام أمام الزيادة المرعبة في الفوائد ,و بموجب الصلاحيات المفرطة التي مُنحت من قبل المُشرع,تتخذ المصارف إجراءات إدارية وقانونية قاسية تبدأ بالحجز على كامل الأجر للمدين ,ولرواتب كفلائه وتنتهي با لحجز على البيت و بيعه بالمزاد العلني أو استملاكه لتصبح هذه القروض عبأً وكابوساً على المواطن ,وبدلاً من أن تكون عملية الاقتراض حلاً ونعمة تصبح بالنسبة له لعنة ونقمة .
إن في هذه القضية الحاضرة الغائبة التي رصدتها المنظمة جملة من المعاني والسمات الإنسانية ففي جوهرها وأبعادها تكمن قضية وطنية من الدرجة الأولى بامتياز . باعتبارها ليست با لحالة الفردية من المعاناة. بقدر ما هي قضية قانونية وإنسانية عامة. تعيشها شريحة كبيرة من العائلات في المجتمع السوري وغالبيتهم من ذوي الدخل المحدود
من هنا فإن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا انطلاقاً من طبيعة الظروف والأسباب الحقيقية للأزمة الخانقة التي تعيشها سوريا والتي لا ذنب للمواطن بها سوى أنه كان ولا زال على الدوام الضحية ، وانطلاقاً من الحق الدستوري المُلزم للدولة بأداء واجباتها والوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها وعلى رأسها مسؤوليتها في تامين الحياة الحرة والكريمة والسكن الصحي والآمن لهم. و استناداً إلى المواد الواردة في الدستور السوري ساري المفعول وخاصة:
المادة الـ 12 : الدولة في خدمة الشعب وتعمل مؤسساتها على حماية الحقوق الأساسية للمواطنين وتطوير حياتهم.
المادة الـ44: الفقرة الأولى : الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة .
الفقرة الثانية: تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه وتعمل على إزالة العقبات المادية والاجتماعية التي تعوقه وتحمي الأمومة والطفولة وترعى النشأ والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.
المادة الـ46:الفقرة /1/- تكفل الدولة كل مواطن وأسرته في حالات الطوارئ والمرض والعجز واليتم والشيخوخة.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه على تضامنها وتعاطفها مع أصحاب هذه المعاناة فإنها تتوجه للسيد رئيس الجمهورية العربية السورية بالتدخل لحل مشكلة هؤلاء المواطنين الذين أوصدت كل أبواب الأمل أمامهم وذلك على غرار مراسيم العفو الآنفة الذكر الذي يتجسد في :
– إعادة جدولة ديون قروض السكن العقارية العالقة وإعفائها من الفوائد المركبة المتراكمة واعتبار كل ما دفع لهذه الغاية من أصل المبلغ وإيقاف كل الإجراءات الإدارية والقضائية المترتبة على ذلك .
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا إذ تجد بمحاكمة الوقائع والنتائج والحكم من قبل المشرع فيها بمعزل عن ظروفها وأسبابها. بادرة خطيرة تؤسس لمبدأ تنصل الدولة من التزاماتها و مسؤولياتها تجاه مواطنيها .وأن الازدواجية والتناقض في تطبيق أحكام القانون الوطني يعرض فكرة الحديث عن العدالة والتأسيس لسيادة القانون واستقلاليته ، للتشويه والإلغاء قبل الولادة, فإنها في الوقت ذاته ترى بأن سوريا التي نطمح جميعاً إليها، هي الدولة الوطن والمستقبل المشرق لكل أبنائها , دولة المواطنة وسيادة القانون وحقوق الإنسان. ، دولة قوية محصنة ، مبنية على أسا س قوي من العلاقة المتوازنة والمتكافئة بين كل من مؤسسة الدولة والمجتمع ، والقائمة على وفاء كل منهما بالتزاماته الوطنية و الدستورية تجاه الآخر, ليصبح عندئذً الحديث عن حقوق الإنسان وسيادة القانون في موضعه.