13/7/2005

مرة أخرى قسم الوراق… مرة أخرى رئيس المباحث عبد الحميد أبو موسى و ضباط القسم…. مرة أخرى التعذيب و الصعق بالكهرباء و التعليق .. هكذا اعتدنا و صار الضحايا جزءا ثابتا في حياة كل منا.. لكن المرة تختلف كثيرا فالضحية فتى في السابعة عشر… فقير يعمل تباعا على عربة ميكروباص …يتدلى جسده كل يوم منذ الصباح الباكر

ينادي ليجمع الركاب ويعود ليلا بالجنيهات القليلة، يقتسم الطعام مع أخويه الصغيرين… لم يأكل يوما وحده، ولم يتذمر أو يشكو..

في 13/12/2004 ألقوا القبض على الفتى صدام متهمينه بسرقة تسجيلات سيارات و في 19/12/2004 مات صدام بقسم الوراق، حين رأته الأم قبل وفاته كانت الإصابات تغطي وجهه وجسده
يبدو منهكا و يخبرها كيف يصعقه الضباط بالكهرباء في بطنه و كيف تركوه معلقا من رسغيه لساعات طويلة ربما أكثر من يوم أو اثنين حتى أصابه ما يشبه الشلل في ذراعيه.. تشبث بحضنها ، طلب منها كأي طفل أن تأخذه معها.

وحتى يتركونها تراه مرات أخرى، باعت الأم كل ما تملك لتعطي المال لأمناء الشرطة ، ثم باعت ذهب ابنتها، كان الخوف عليه يقتلها في كل ثانية تمر.. لكن صدام أبى أن يتركها خائفة مشتتة.. أبى أن يتركها تتوسل لمن يحتجزونه… أبى أن يتركها تتسول لتراه، فمات.

مات صدام، وحين رأى والداه جثته بمستشفى إمبابة العام كانت الدماء تغطي أذنه وجزء من رأسه والبطانية التي كفنوه بها، ساقه بها سحجات، وتمزقات ، وكدمات شديدة تغطي أنحاء من جسده..
وجاء تقرير الطب الشرعي ليثبت وجود كسر في قاع الجمجمة ونزيف بالمخ، أما تفسير رئيس نيابة الوراق لوفاة صدام ( و الذي هو من التفاهة و الاستخفاف بالعقل بحيث لا يمكن حتى التعليق عليه) فهو سقوط بعض المحتجزين على الفتى مما أدى لوفاته !!!

لم ننته بعد:

أصيب الأب بعد دفن ولده بجلطة وفشل في عضلة القلب ثم شلل نصفي، وهو الآن لا يستطيع حتى الرقاد لصعوبة شديدة بالتنفس.. انقطع عن عمله وصار قعيدا و لا يكف حتى اليوم عن البكاء..
أما الأم فاضطرت للعمل لتكفل مصاريف أبنائها الصغار.. تخرج كل يوم، تحمل أسى ولوعة لا قبل لبشر بتحملهما قد تتعرض للأهانات وقد تعود بالفتات، ولا حيلة أمامها بعد موت الابن ومرض الزوج حزنا عليه.

هكذا سطر قسم الوراق ملحمة تتفوق على فواجع حسن الإمام و مآسي شكسبير… فقط ينقصها أن يشعر الأبطال العظام الذين قتلوا صدام من ضباط القسم و مخبريه ذلك الشعور القاتل بالذنب، ينقصها أن يفيق أحدهم فيفقأ عينيه، أو يطلق على رأسه الرصاص.

ورغم ما أصاب الأب نتيجة حسرته علي ابنه، ورغم عدم قيام الدولة بأبسط اعتذار ممكن وهو علاج الأب علي نفقة الدولة ورغم ورغم مازال الضابط مطلق السراح يكرر هوايته في تعذيب المواطنين.

تري إلى متى يظل الجناة في جرائم التعذيب مطلقي السراح وإلى متى يموت مواطنينا بلا ثمن في سلخانات وزارة الداخلية؟؟

مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي