17/8/2008

أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان تقريراً ميدانياً موجزاً حول خلاصة تحقيقاته الميدانية التي أجراها في مقتل الصحفي فضل شناعة مصور وكالة رويترز للأنباء. واستند التقرير إلى إفادات جمعها المركز من شهود العيان ومعاينة مكان الحادث وجمع بعض شظايا القصف من المكان، ومراجعة تقرير قسم الاستقبال في مستشفى الشفاء. وخلص تحقيق المركز إلى أن المعطيات ترجح أن تكون قوات الاحتلال تعمدت استهداف المصور الصحفي شناعة، وذلك راجع لعدة أسباب منها أن قوات الاحتلال تمتلك أكثر التقنيات تطوراً في مجال الرصد والمراقبة، ومعلوم أن كل منطقة تكون محلاً لهجوم وتوغل عسكري تغطى سماءها بطائرات الاستطلاع التي توفر كماً هائلاً من المعلومات والصور هذا بالإضافة إلى أجهزة الرؤيا التي تزود بها الدبابات أنفسها، وعليه فإن التمييز بين كاميرا تصوير تلفزيوني وبين أي سلاح أمر بالغ السهولة بالنظر لإمكانيات الاستطلاع المتوفرة لقوات الاحتلال. كما أن الصور أوضحت أن شناعة يلبس شارة واضحة تشير إلى عمله كما أن الجيب كانت توضع عليه شارات الصحافة من الاتجاهات كافة وهو أمر يصعب تجاهله.

هذا وتعزز هذه الجريمة ما ذهبت إليه مراكز حقوق الإنسان الفلسطينية كافة إلى تحلل قوات الاحتلال من التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، حيث تتعمد انتهاك مبادئه الأساسية كمبدأي التمييز والتناسب، حيث تجاهلت وجود عدد من الأطفال بجوار شناعة وبررت لنفسها قتل الجميع بسبب (مجرد شك) حسب إدعاءها، كما أن تكرار القصف بالرغم من أن القذيفة الأولى أسقطت شناعة وعدد من الأطفال يشير بوضوح إلى تعمد إيقاع أكبر قدر من القتلى والجرحى في صفوف الأطفال المتواجدين، وهذا أمر يعززه استخدام قوات الاحتلال لقذائف مسمارية، وهي قذائف تنثر لحظة انفجارها مئات الأسهم المعدنية التي تغطي محيطاً كبيراً فتصيب كل من يتواجد فيها.

وعبر مركز الميزان عن رفضه لنتائج تحقيقات الجيش الإسرائيلي وأشار إلى أن التحقيق برمته قد أخذ طابعاً سياسياً بعيداً عن المهنية وكان هدفه حماية الجنود وضمان إفلاتهم من المحاكمة والعقاب. كما نوه المركز إلى أن أي تحقيق مهني ومحايد سيدين الجنود بارتكاب جريمة حرب وقد يكشف عن أن قرار استهداف شناعة اتخذ من مصادر عسكرية عليا ولم يكن قراراً ميدانياً للجنود.

وجدد مركز الميزان تأكيده على أن قتل الصحافي شناعة انتهاكاً جسيماً لمبادئ حقوق الإنسان، ولاسيما المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما يشكل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، التي كفلت الحماية للصحافيين في وقت الحرب بوصفهم مدنيين، وفقاً لنص المادة (79) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف الصادرة في العام 1949 بشأن حماية المدنيين وقت الحرب حيث نصت على: “يعد الصحافيون الذين يباشرون مهام مهنية خطرة في مناطق المنازعات المسلحة أشخاصاً مدنيين ويجب حمايتهم بهذه الصفة”.

وطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحماية المدنيين والصحافيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ودعا المركز إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة، كما شدد على الواجب الملقى على عاتق وكالة رويترز بالسعي لضمان محاكمة القتلة، وإذا تعذر ذلك أمام المحاكم الإسرائيلية فهناك الكثير من المحاكم التي تقبل النظر في جرائم الحرب المرتكبة خارج أراضيها وضد أناس ليسوا من مواطنيها.

كما يجدد المركز دعوته الاتحاد الدولي للصحافيين والاتحادات والمؤسسات الصحافية الدولية والإقليمية والعربية إلى تفعيل تضامنهم وأنشطتهم الضاغطة من أجل الانتصار للعدالة فيما يتعلق بمقتل زميلهم شناعة. كما يدعوهم المركز إلى الضغط على حكوماتهم للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومن أمروا بارتكاب هذه الجرائم.

انتهى