9/4/2005

ما حدث في سورية يوم أمس أغرب من الخيال ، لكنه أقل من صورة باهتة عن حقيقة وطبيعة ” النظام” في سورية . ويستحيل على أي قاموس سياسي ، أو حتى قاموس جنائي توصيفه . وإذا كان هناك من عبرة فيه فلن تكون إلا لأولئك ” المعارضين ” المرتزقة الذين يسكرون ويعربدون على طاولات قادة أجهزة الاستخبارات ويتمرغون في حضن النظام ليخرجوا على الناس بألاعيبهم وبهلوانياتهم المستمرة منذ خمس سنوات عن التبشير بـ الإصلاح السياسي ” الذي تقوده عصابة من القتلة والمجرمين !

ولكن ماذا حدث يوم أمس في سورية ؟ وكيف لأي لغة أن تعبير عنه ؟ وهل من حق أي مواطن سوري أن يبقى بعد الآن على قيد العقل أو على مسافة كبيرة من الهستيريا أو خصما للجنون ؟

النظام الذي يتربع الآن على رأس قائمة الأنظمة الأكثر إرهابية ودموية في العالم ، بعد اندحار توأمه العراقي ، لم يكتف بوضع البروفسور عارف دليلة ، ذي الخمسة والستين عاما في زنزانة انفرادية منذ صيف العام 2001 بسبب محاضرة عن الفساد الإجرامي الذي تمارسه الزمرة الحاكمة ؛ ولم يكتف أن اعتدى عليه بالضرب والإهانة في سجنه ؛ بل كان لا بد له أن يكمل جريمته باستباحة أفراد أسرته عن بكرة أبيهم ، بالعصي والسكاكين ، وحتى بالبنادق إذا إذا اقتضت الضرورة . فنظام يسكر ويعربد بشرب دماء الشعب السوري منذ أكثر من ثلث قرن ، ليس باستطاعته ، وليس منتظرا منه أصلا ، أن يقوم بأقل ما قامت به عصاباته يوم أمس !

هكذا ، كان لا بد أن يرسل هذا النظام الإجرامي عصاباته ليمزقوا رأس ووجه شادي عارف دليلة ( ابن الثلاثين عاما ) بالسكاكين والأدوات الحادة ، والاعتداء بالشتم والإهانات على عمته الطبيبة السيدة سميرة دليلة . وليصدر بعد ذلك ( ولا تستغربوا أبدا ) أمرا باعتقال بقية أفراد العائلة لأنهم .. ” فروا من الموت ولم يسمحوا للعصابة بالإجهاز عليهم ” !

شادي يرقد الآن بين الحياة والموت في غرفة العناية المركزة في المشفى الوطني باللاذقية : جرح في الرأس بعمق 7 سم ، وآخر في الفم بعمق 15 سم مزق عضلات الوجه . ولا داع للبقية الباقية . فهي ليست أكثر من تفاصيل !

لن ندين هذا العمل أبدا ! فنحن نربأ بأنفسنا النزول إلى هذا الدرك من ” الانحطاط النضالي ” ؛ ولن نفقد شرفنا وكرامتنا وإنسانيتنا بأن نطالب باعتقال المجرمين والتحقيق معهم ومحاكمتهم ؛ ولن ننضم إلى جوقة ” البهاليل والدروايش ” وتجار حقوق الإنسان الذي يبيعون سمومهم منذ خمس سنوات ملبّسا بعسل حقوق الإنسان والمجتمع المدني ، ويدجّلون على الشعب عن حكاية الإصلاح الذي يقوده الرئيس الشاب ! كل ما نرجوه ونتمناه ونأمله من هؤلاء أن لا يخرجوا علينا اليوم أو غدا ليبصقوا في وجوهنا بياناتهم المنددة والمستنكرة ، كما فعلوا ويفعلون منذ خمس سنوات !

ما نأمله منهم أن يقولوا عبارة واحدة لذاك الذي يتربع على عرش النظام في حي المهاجرين : أمامك خياران لا ثالث لهما ، وعليك أن تختار بينهما دون إبطاء: إما أن تحمل عصاك وترحل عنا فورا ، أو تخرج على الناس وتقول لهم ” أنا رئيس عصابة ولست رئيس دولة ” !

وما نأمله منهم أن يقولوه للناس مجرد عبارة واحدة :
لا يمكن القضاء على الأفاعي بقطع أذنابها . عليكم بالرأس . ولا يمكن لأحد أن يقطع رؤوس الأفاعي إلا بالطريقة نفسها التي قطع بها رأس الأفعى التكريتية !