21 يونيو 2004
طردت قوات حفظ النظام السورية المدججة بالخوذات والدروع والهراوات ناشطي المعارضة الديمقراطية، ومنعتهم من دخول ساحة عرنوس في وسط دمشق، حيث كانوا يزمعون القيام باعتصام احتجاجي على الساعة السادسة والنصف من مساء يوم الاثنين 21 حزيران الجاري، وذلك استجابة لدعوة وجهتها إحدى عشرة هيئة سياسية ومجتمعية وحقوقية سورية، من أجل إحياء يوم المعتقل السياسي في سورية وهو اليوم الذي يكمل فيه عماد شيحا السنة الثلاثين من اعتقاله المستمر، ويتجاوز فرحان الزعبي تلك المدة بسنوات عدة، كما يستمر اعتقال المئات الآخرين ، وأخرهم من المواطنين الأكراد والمحامي أكثم نعيسة وطلاب الجامعة.
وكانت قوات حفظ النظام المذكورة قد حاصرت الساحة منذ الساعة الخامسة، ثم منعت الدخول إليها، وبدأت على الساعة السادسة دفع الناشطين الذين حاولوا دخول الساحة والتجمع على مفارقها المتعددة ، وخلال ذلك تم ضرب معاذ حمورالناشط في لجان إحياء المجتمع المدني بشدة وأوقع أرضاً ثم سحب مع اثنين آخرين بعيداً ، ثم تابعت القوات طرد جميع من كان في الشوارع المتصلة بالساحة، من ناشطين ومارة حيث كان يصعب التمييز بينهم .
وحوالي الساعة السابعة لوحظ مرور اللواء غازي كنعان ماشياً ومحاطا بأركان قيادته من مفرق مجلس الشعب إلى شارع الصالحية، حيث عبر بجانب تحشد من السياسيين المعارضين كان أبرزهم رياض الترك ومن الناشطين والمثقفين الذين كان بينهم ياسين الحاج صالح يدلي بحديث إلى بعض الصحفيين ، ومنهم مراسلة موقع إيلاف، وتبعه المحامي حسن عبد العظيم الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي .
ثم انتقل اللواء كنعان إلى الرصيف الشرقي المقابل لساحة عرنوس، حيث أدار معركة تحرير تلك الساحة ، بل والشوارع المتفرعة عنها، من جميع آثار وفلول الناشطين الديمقراطيين الذين لم يرفعوا حتى لافتة، والذين اتسم سلوكهم بكل هدوء ورغبة في الاحتجاج الحضاري فقط .
في هذه الأثناء تصادف وقوف موكب اللواء على الرصيف إلى جانب سيدة شابة محجبة تحمل طفلاً بيدها اليمنى وتمسك طفلها الآخر بيدها الأخرى، فما كان من السيدة، التي أحست بمسؤولية الموكب والمهابة التي أحدثها، إلا أن قالت بصوت مسموع: أعيدوا لي زوجي! فاوعز اللواء بإبعاد السيدة، الأمر الذي تم بهدوء وحزم.
ومع تطور التعليمات طارد رجال قوات حفظ النظام مهرولين معظم المدنيين المتواجدين في الشوارع المحيطة،مهددين بالهروات وصارخين بالشتائم وأوامر الابتعاد ، ثم لجأوا إلى الدفع والضرب بالأيدي والهراوات بإشراف مباشر من ظباطهم، حيث صرخ عميد في الشرطة ملاحقاً الروائية حسيبة عبد الرحمن ومتوعداً نظراً لمشاركتها الدائمة بهكذا فعاليات، فتبعه ضابط برتبة ملازم أول وقام بضربها ودفعها حتى وقعت أرضاً عند مفرق شارع الحمراء، واستمر في شتمها ومطالبتها بالابتعاد. كما تابعت القوات ضرب عدة ناشطين ومطاردة الآخرين حتى ساحة النجمة ، وخلال ذلك انتشر خبر عن قيام رجال الأمن السياسي باعتقال الكاتب علي العبد الله الناشط في لجان إحياء المجتمع المدني.
أخيراً لوحظ أن قوات حفظ النظام بقيت مستنفرة في المنطقة حتى ساعة متأخرة، مما تسبب في لفت أنظار المارة الذين تعج بهم أمسيات دمشق الصيفية، وتساؤلهم عن حقيقة ما حدث وأسبابه، وعن ضرورات ذلك الاستنفارالأمني الذي لم يشهدوه منذ زمن طويل.