16 أغسطس 2004

لجنة المتابعة في قضبة
المحامي اكثم نعيسة

اننا في لجنة المتابعة اذ نضع امام الراي العام هذة الدراسة – المرافعة التي تقدم فيها مجموعة من المحامين مع استشارة محامين اخوة من مصر الشقيقة واننا اذ نشكر جهود كل من الاساتذة المحامين الذين قاموا بهذا المجهود الكبير ونخص بالذكرالاساتذة:الاستاذ مهند الحسني- سوريا والاستاذ نجاد البرعي – مصر والاستاذ حسن عبد العظيم-سوريا والاستاذ محمود مرعي- سوريا

ونتمنى ان تكون قد القت ضوءا على حالة غريبة من اللاقانون الذي مرت وتمر فيها سوريا
لجنة المتابعة
دمشق- 16-8- 2004

مقام محكمة أمن الدولة العليا الموقرة بدمشـــق

مذكرة خطية تتضمن دفوعاَ شــكلية بعدم الصلاحية والدســتورية مقدمة من وكلاء الدفاع عن الدكتور المحامي أكثم نعيسـة المعتقل في سـجن صيدنايا العســكري في القضية رقم أسـاس لعام 2004

من المتفق علية فقهاً وقانوناً وإجتهاداً أن الدفع بعدم الدسـتورية يمكن أن يكون في معرض الدعوى وذلك بطريق إثارة الدفع القانوني أمام المرجع القضائي المتمسـك بالأوامر أو القرارت اللادسـتورية ، كما يمكن أن يكون عن طريق الدعوى المبتدأه وهي دعوى الإلغاء المقامة أمام المحكمة الدسـتورية العليا والمقدمة من جهات وبشـروط أوضحها قانون تشـكيل هذه المحكمة

وبما أن محكمتكم الموقرة كانت قد أنشـئت بناءاُ على أمر عسـكري معدوم وغير دسـتوري
وسـنداً للقاعدة العامة أن ما بني على الباطل فهو باطل
مما تغدو معه محكمتكم الموقرة محكمة غير دسـتورية وقراراتها معدومة ولا تتمتع بأي شـرعية قانونية وذلك ســنداً للاعتبارات القانونية والدسـتورية التالية :
أولاً : في عدم دسـتورية وشـرعية الأمر العسـكري رقم /2/ تاريخ 8 آذار 1963
جاء في المادة / 25 / من الدسـتور السـوري النافذ ما يلي :
ســـيادة القانون مبدأ أســاســي في المجتمع والدولة
كما تضمن المرسـوم التشـريعي رقم 51 تاريخ 22/12/ 1962 والمعروف بقانون حالة الطوارئ فصلين أسـاسين :
الأول يتعلق بإعلان حالة الطوارئ وشـروط الإعلان
والثاني يتعلق بإنهاء حالة الطوارئ باعتبارها حالة مؤقتة مكاناً وزماناً وهدفاً وفقاً لما يسـتشـف من إرادة مصدرها في ذلك الوقت

فيما يتعلق بالفصل الأول منه والمتعلق بإعلان حالة الطوارئ فقد نظمته المادة الأولى منه و ( المتعلقة بالشـروط الموضوعية لإعلان حالة الطوارىء ) والمادة
الثانية من المرسـوم المذكور و ( المتعلقة بالشـروط الشـكلية إعلان حالة الطوارئ ) بالنص وفقاً لما يلي :

المادة 1 – يجوز إعلان حالة الطوارئ في حالة الحرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها ، أو في حال تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية العربية السـورية أو في جزء منها لخطر بسـبب حدوث اضطرابات داخلية أو وقوع كوارث عامة ، ويمكن أن تتناول حالة الطوارئ مجموع الأراضي السورية أو جزء منها

المادة 2 – تعلن حالة الطوارئ بمرسـوم يتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسـة رئيس الجمهورية وبأكثرية ثلثي أعضائه ، على أن يعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له
مما ســلف بيانه يتضح أن هناك شـروطاً موضوعية وأخرى شـكلية لابد من توفرها ليكتسـي الإعلان صيغة المشـروعية القانونية :
أعلنت حالة الطوارئ في ســوريا بموجب الأمر العسكري رقم /2/ تاريخ 8 آذار1963 عمن كان يسـمى في ذلك الوقت مجلس قيادة الثورة وذلك وفقاً لما هو آت :
مجلس قيادة الثورة يقرر ما يلي : تعلن حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية العربية السـورية ابتداءاُ من 8/3/1963 ولغاية إشـعار آخر

1) التدقيق في دسـتورية وقانونية الأمر العسكري رقم /2/ تاريخ 8/3/1963 من الناحية الموضوعية :
بالعودة للمادة الأولى من قانون حالة الطوارئ والمعروف بالمرسوم التشريعي ح /51/ لعام 1962 السالف ذكرها
يتضح أن إعلان حالة الطوارئ ليس عملاً كيفياً تقوم به السـلطة التنفيذية متى تشـاء وإنما هو نظام اسـتثنائي شـرطي مبرر بفكرة الخطر المحدق بالكيان الوطني والموجه للعدو الخارجي وليس نظاماً للقضاء على الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان0
فقد أجازت ونؤكد هنا على كلمة ( يجوز ) الواردة في بداية المادة الأولى من مرسوم إعلان حالة الطوارئ000 أجازت هذه المادة إعلان حالة الطوارئ في حالة الحرب – أو الحالة المهددة بوقوعها – أو في حالة تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية ، أو في جزء منها للخطر ، بسـبب حدوث اضطرابات داخلية أو وقوع كوارث عامة

  • وللأسـف الشـديد فإن المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 1962 والمتضمن إعلان حالة الطوارئ لم يحدد أو يعّرف حالة الحرب المستوجبة لتطبيق حالة الطوارئ ، لكن قانون الجيش عرّف حالة الحرب بأنها [ الحالة التي تلي إعلان التعبئة العامة مباشـرة ]
    وباعتبار أن القوانين تكمل بعضها بعضاَ
    فإن إعلان التعبئة العامة شـرط لازم ووحيد لتوفر حالة الحرب المسـتوجبة لاعلان حالة الطوارئ
    وبالبحث والتحري وجدنا أنه خلال العقود الأربعة الماضية التي عاشـت فيها سـورية في ظل قانون الطوارئ كانت قد أعلنت حالة التعبئة العامة لمرتين :
    الأولى إبان حرب عام 1967 والثانية إبان حرب 1973 وفي كل مرة استمر الإعلان أشـهر معدودة ، وبعدها عادت الأمور لطبيعتها ولا أحد يسـتطيع أن ينكر الأمن والأمان الذي ترفل به سـوريا ويتفاخر به مسئوليها في كل فرصة ســانحة
  • وفيما يتصل بالحالة المهددة بوقوعها فإن الموقف الرسـمي والمعلن في الصحافة وعلى شــاشــات التلفزة وأمام الملأ أن السـلام هو الخيار الاستراتيجي وأن خرق الهدنة جرم يطاله القانون
    مادام الأمر على هذه الشـاكلة فلماذا التمسـك بالآثار السـمية لحالة الحرب أو الحالة المهددة بوقوعها
    ثم أن للكيان الصهيوني حدود مشـتركة مع أكثر من دولة عربية ، ومع ذلك لم تفرض تلك الدول حالة الطوارئ رغم جميع الحالات التي هددت بالحرب مع إسـرائيل خلال العقود الأربعة الماضية ، ولنا في لبنان الشـقيق خير مثال ، فعلى الرغم من الحدود المشـتركة الطويلة مع الكيان الصهيوني ، فقد استطاعت المقاومة الشـعبية الباسـلة فيها تحرير أرضها بعد كفاح طويل دون أن يسـتطيع المحتل فرض أي معاهدة سلام على الدولة اللبنانية والموقف الرسمي و المعلن للمسؤولين اللبنانيين أننا لن نكون حراس على حدود المحتل والمثير أن لبنان وهو من أصغر الدول العربية واسـتطاع تحقيق هذا الإنجاز العظيم دون أن يفرض على شـعبه أي قانون طوارئ من أي نوع على الرغم من أنه عاش حالة حرب وحالات مهددة بها ولمدة طويلة
  • وفيما بتعلق بالأمن أو النظام العام في سوريا أو في جزء منها للخطر ، فالمرسوم التشريعي /51/ لعام 1962 لم يترك الأمر على الغارب وإنما اشـترط أن يكون السبب في ذلك الخطر هو : إما اضطرابات داخلية أو كوارث عامة

    ومما لا غرو فيه أن التوظيف الخاطئ لحالة الطوارئ واستمرار تطبيقها وعلى مدى ما ينيف على أربعين عاما أرخى بظلاله القاتمة على الحياة العامة في سـوريا من المعاناة من هذا الوضع الشـاذ والاسـتثنائي الذي أثر على الضمانات الدستورية الواردة في المواد /25/ من الدستور التي جعلت الحرية والكرامة حق مقدس للمواطنين 000 و/26/ التي ضمنت حق المواطن في ممارسة دوره والإسهام في الحياة السياسية … والمادة /38/ التي كفلت حق المواطن في الإعراب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول أو الكتابة أو أي وسيلة كانت وكذلك حقه في الرقابة والنقد 000 والمادة /39/ والتي نصت على حق المواطن في الاجتماع والتظاهر السلمي … فحالة الطوارئ أباحت التجسـس على الناس واقتحام خلوتهم والتنصت خلسـة على مكالماتهم وتسـجيلها وتقديمها على أنها أدلة قانونية وضربت بعرض الحائط بحق الإنسان في سـرية وخصوصية حديثه ، ذلك الحق الذي كفلته جميع دسـاتير العالم وأولها الدسـتور السوري وكذلك المصري في المادة 42 وحتى الكويتي في المادة 39 والصيني في المادة 90 وحتى الأفغاني في المادة 30 ذلك الحق الوارد في المادة /12 / من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي نصت على أنه لا يجوز أن يتعرض أحد لتدخل تعسـفي في حياته الخاصة أو أسـرته أو مسـكنه أو مراسـلاته أو لحملات على شـرفه وسـمعته

    ولعل بعض ملامح هذه المعاناة تبدو جلية في حالة الموكل الماثل أمامكم وإن نظرة بسـيطة على أوراق هذا الملف تبين لمقامكم كيف ضربت الأجهزة الأمنية عرض الحائط بصريح النص الدسـتوري المتضمن حقه المواطن السـوري بالإعراب عن رأية بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسـائل التعبير ، فخلطت الأوراق ما بين الآراء الشـخصية والأنباء الكاذبة ، واستخدمت النص المعاقب على نشر الأنباء الكاذبة وسـيلة لكم فمه عن التعبير عن آرائه الشـخصية المصان سـنداً للأصل الدسـتوري من جهة … واعتبرت تعبيره عن رأية مناهضة لأهداف الثورة من جهة أخرى 000 حتى أصبح المواطن يخاف من التعبير عن رأيه في قانون الطوارئ من أن يتهم بمعاداة أهداف الثورة 000 و الطريف أن الأجهزة حينما بحثت عن الدليل سـمحت لنفسـها بأن تتسـلل إلى حياة الموكل الخاصة لتحصي عليه أنفاسـه منتهكة حتى حقه في خلوته بطرق غير مشـروعة مقدمة لنا هذا الاعتداء الصارخ على حياة الموكل الخاصة على أنه دليل قانوني مطالبة المحكمة الموقرة بإعمال مفاعيله00!!

    ثم لنفترض جدلاً أن الإعلان الصادر بموجب الأمر العسكري رقم /2/ تاريخ 8 آذار 1963 ، حاله كحال المرسوم التشـريعي رقم /6/ تاريخ 7/1/ 1965 الذي يحاكم الموكل بموجه أمامكم بتهمة مناهضة أهداف الثورة ، وكذلك المرسوم /47/ لعام 1968 المتضمن إحداث محكمتكم الموقرة ، قد ظهر في ظل أوضاع اسـتثنائية حيث كانت الثورة في أوجها وبحاجة لأن تحمي نفسـها بفرض حالة الطوارئ والمراسيم المرفقه بها …. فهل هذه الأوضاع الاستثنائية مؤبدة إلى ما شـاء الله ….؟ ألا يحول تأبيد القوانين الاستثنائية ، الأصل الدستوري والقانوني إلى وضع استثنائي عام ، فيصبح مثلاً الأصل في الأشياء المنع وليس الإباحة – والمتهم مدان حتى تثبت إدانته – والنية الجرمية مفترضة سـلفاً ولا حاجة لاثباتها من قبل النائب العام الذي من المفترض أن يكون خصماً عادلاً وشريفاً – والتنصت على المواطن أمر أكثر من عادي – وتواجد عناصر الأمن في المحاكمة السياسية ليقوموا بدور الرقابة الشعبية بدلاً عن الجمهور أمر في غاية البساطة

    لقد حاول المشـرع السـوري ما أمكنه تجنب الوصول إلى هذه الحالة حينما وضع شـروطاً موضوعية لإمكانية إعلان حالة الطوارئ في حالات معينة وبشـروط شـكلية قاسـية أعتقد أن مجلس قيادة الثورة صبيحة يوم 8آذار 1963 لم يلتزم بأي منها حينما أعلن الأمر العسـكري رقم /2/ الذي مازالت البلاد تعيش آثاره السلبية على مختلف نواحي الحياة المدنية ، حالها كحال جميع الشـروط الموضوعية السـالف ذكرها

    2) التدقيق في دسـتورية وقانونية الأمر العسكري رقم /2/ تاريخ 8 آذار 1963 من الناحية الشـكلية :
    نصت المادة الثانية من المرسـوم التشـريعي رقم/ 51/ تاريخ 22/12/1962 والمتعلقة بالشـروط الشـكلية لإعلان حالة الطوارئ في الفقرة /أ/ على أن : تعلن حالة الطوارئ بمرسـوم يتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية وبأكثرية ثلثي أعضائه الفعلين على أن يعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له
    هناك مجموعة أسـئلة لابد من الإجابة عليها بطريق الحوار القانوني لنتمكن من تقيم مدى شـرعية وقانونية الإعلان الصادر بالأمر العسـكري رقم /2/ لعام 1963 0

    والسـؤال الأول المطروح هنا :
    هل صدر المرسـوم المتضمن إعلان حالة الطوارئ عن مجلس الوزراء في جلسـة كان يرأسـها رئيس الجمهورية المنتخب يوم 8/3/1963 ..!!
    وهل حاز هذا المرسـوم موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء الفعلين …. ســنداً لما اشـترطته الفقرة /أ/ من المادة الثانية من المرسـوم التشـريعي /51/ لعام 1962 0
    الجواب وللأســف الشـديد بالطبع لا :
    لأن من أعلن حالة الطوارئ صبيحة 8 آذار 1963 بالأمر العسـكري رقم
    /2/ هو ما كان يسـمى في ذلك الوقت مجلس قيادة الثورة ….. لا رئاسة مجلس الوزراء برئاسـة رئيس الجمهورية

    مما يغدو معه الإعلان صادراً عن جهة ولائية لا تملك حق إصداره بموجب المرسـوم 51 لعام 1962 المتضمن قانون حالة الطوارئ

    والسـؤال الثاني هو :
    هل عرض الأمر العسكري رقم /2/ تاريخ 8 آذار 1963 على مجلس الشعب السوري بعد انتخابه في بداية السـبعينات أو هل أقره أي برلمان سوري منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ….!! سـنداً لما اشـترطته المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم /51/ لعام 1962

    الجواب وللأسـف الشـديد لا :
    وعليه فإن عدم عرض إعلان حالة الطوارئ المقررة بموجب الأمر العسكري رقم /2/ تاريخ 8 آذار1963 على مجلس النواب في أول اجتماع له بعد انتخابه ( وعدم إقراره له ) يجعل الإعلان معتلاً وفاقداً لجميع مقوماته القانونية والدستورية
    فالمشرع السوري استوجب رقابة السـلطة التشـريعية على الإعلان لأن حالة الطوارئ تنشئ حالة حقوقية تؤدي لاتخاذ تدابير من شـأنها درء الخطر …. وهي بذلك تختلف عن الحالة الواقعية الطبيعية التي كانت سـائدة قبل الإعلان
    وفي حال عدم العرض على البرلمان يصبح الأمر مقلوباً وفاقداً لشـرعيته وقانونيته وذلك لأن سـلطة الإعلان تسـتمد شـرعيتها من ( نظرية التفويض ) حيث تمارس الحكومة بموجب هذه النظرية عملاً فوضها به البرلمان
    وفي هذه الحالة فقط لا تسـأل الحكومة عن عملها الاسـتثنائي لأنها مفوضة من مجلس الشـعب نظراً للنص الملزم
    وبدون هذا التفويض البرلماني الشـعبي يغدو عملها غير مشـروع وبالتالي يغدو إعلانها عن حالة الطوارئ باطلاً بطلاناً مطلقاَ

    والسـؤال الثالث المطروح هنا :
    بعد صدور الدستور السوري النافذ بتاريخ 13/3/1973 فقد نصت المادة /101 / منه على أن ( يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ ويلغيها على الوجه المبين في القانون 0 ) فهل أعلن السـيد رئيس الجمهورية حالة الطوارئ بعد نفاذ الدستور الدائم
    الجواب: الجميع يعلم أن الرئيس السـوري لم يعلن حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون ، فإذا لم يعلن السيد رئيس الجمهورية رسـمياً حالة الطوارئ على الوجه المبين في المادة /101 / من الدسـتور ، عنده لابد من طرح السـؤال التالي نفســه :

    ما مدى دسـتورية وقانونية الإعلان العسـكري رقم /2/ الصادر عن مجلس قيادة الثورة بتاريخ 8/3/1963 والمتضمن إعلان حالة الطوارئ
    نترك الجواب على هذا السـؤال لحكمة وفطنة المحكمة الموقرة ونضيف :
    الجميع يعلم الموقف الرســمي والمعلن مؤخراً والمتضمن تجميد العمل بقانون الطوارئ ، فكيف تسـتمر الآثار السـلبية للإعلان لاسـيما فيما يختص بمحكمتكم الموقرة المشـكلة بأمر الحاكم العرفي بموجب المرسـوم /47/ تاريخ 28/3/1968 إذا كان العمل بقانون الطوارئ مجمداً

    ثانياً : في عدم دسـتورية وصلاحية محكمة أمن الدولة العليا المحدثة بموجب المرسوم التشـريعي رقم / 47 / تاريخ 28/3/1968 :
    صدر المرسوم التشريعي رقم /47/ لعام 1968 عن رئيس الدولة متضمناً في الفقرة /أ / من المادة الأولى منه [ تحدث محكمة أمن دولة عليا تمارس مهامها في مدينة دمشق أو في أي مدينة حسب مقتضيات الأمن ، وذلك بأمر من الحاكم العرفي ]
    بمعنى أن إحداث المحكمة إنما قد تمّ بأمر من الحاكم العرفي الذي يمارس صلاحيته بموجب الأمر العسـكري رقم / 2 / تاريخ 8 آذار1963 الصادر عن مجلس قيادة الثورة في ذلك الوقت

    وقد سـبق وأوضحنا انعدام هذا الإعلان لحالة الطوارئ الصادر بالأمر العسـكري رقم /2/ لعام 1963 لصدوره عن جهة لا تملك حق إصداره بموجب قانون الطوارئ رقم /51 / لعام 1962 ألا وهو مجلس قيادة الثورة
    ولعدم توفر الشـروط الموضوعية للإعلان ( كحالة الحرب وإعلان النفير العام ) ولعدم شـرعية ذلك الإعلان لعدم عرضه على البرلمان وأخذ التفويض الشعبي الخاص به للسلطة التنفيذية سـنداً لما اشـترطه قانون حالة الطوارئ الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /51 / لعام 1962
    ولعدم دستوريته بسبب عدم إعلانه بمرسـوم صادر عن رئيس الجمهورية بعد نفاذ الدسـتور السوري عام 1973 0 وبما أن المرسـوم التشـريعي رقم /47 / لعام 1968 المتضمن تشـكيل محاكم أمن الدولة قد نص : على أن إحداثها إنما يكون بأمر من الحاكم العرفي سـنداً للفقرة /أ / منه
    وبما أن كل ما يصدر عن الحاكم العرفي باطل بطلاناً مطلقا ً و مخالف للدسـتور والقانون ومنحدر إلى درجة الانعدام في ميزان الشـرعية القانونية للأسـباب التي سـبق وأوضحناها
    وبما أن كل ما بني على الباطل فهو باطل لذلك تغدو محكمتكم الموقرة غير دسـتورية ولا تملك الصلاحية لمحاكمة الموكل وإصدار قرار بشـأنه

    ثالثاً : في مخالفة إعلان حالة الطوارئ الصادر بالأمر العسـكري رقم / 2 / لعام 1963وما نتج عنه من تشـكيل محكمتكم الموقرة بموجب المرسوم التشريعي رقم /47/ لعام 1968 للمعاهدات والاتفاقيات الدولية ولنصوص الدستور السوري النافذ :
    كلنا يعلم أن سـوريا كانت قد انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم / 2200 / تاريخ 16/12/1966 بموجب المرسوم التشريعي رقم /3/ تاريخ 12/1/1969 وقد نصت المادة الرابعة منه على أن حالة الطوارئ هي : حالة اسـتثنائية ومؤقتة ولا يجوز إعلانها إلا إذا تعرضت الأمة لخطر جســيم

    وبما أنه لا يمكن إنكار حالة الأمان والاسـتقرار الذين تؤكد عليهما صباح مسـاء جميع وسـائل الإعلام ، لاسـيما بعد اعتماد السـلام خياراً اسـتراتيجياً رسـمياً

    ومن المتفق عليه فقهاً وقانوناً واجتهاداً أن الاتفاقيات الدولية واجبة النفاذ ، وفي حال تعارضها مع القوانين المحلية ، فنصوص المعاهدات الدولية أولى بالتطبيق

    وبالرجوع لنصوص المعاهدة الدولية نجد تعارضاً هائلا بين ما ورد فيها من جهة وبين المسـتتبعات الواقعية والاجتماعية للحالة التي فرضها الأمر العسكري رقم / 2 / لعام 1963 وما نتج عنه من المرسوم /47 / لعام 1968 المتضمن إحداث محكمتكم الموقرة بأمر من الحاكم العرفي 0

    فالعهد الدولي الذي انضمت إليه سـوريا وأصبحت أحكامه واجبة النفاذ وأولى بالتطبيق من الإعلان الباطل لحالة الطوارئ لتعارضها معه في جميع المجالات فقد نص العهد الدولي على

    • حق الإنسان على قدم المسـاواة مع الآخرين في أن تنظر بقضيته محكمة مسـتقلة ونزيهة نظراً عادلاً
    • وأن لكل فرد الحق في أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة ومستقلة وحيادية
    • وأن لكل شـخص أدين بجريمة ما حق اللجوء وفقا للقانون الى محكمة عليا كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به

    وهو ما يتوافق مع ما كرسه الدسـتور السـوري النافذ لعام 1973 الذي نص في المادة / 28 / على ( حق التقاضي وســلوك سـبيل الطعن وأن الدفاع حق مصون بالقانون ) وكذلك المادة / 25 / التي صانت الحريات والمساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات وكفلت للمواطنين مبدأ تكافؤ الفرص

    وعليه فإن محكمتكم الموقرة ( على فرض صلاحيتها ودسـتوريتها ) فهي تتعارض صراحة مع الدستور السوري ومع صراحة نصوص العهد الدولي من نواح عدة :

    i. فمن يحاكم أمام المحاكم العادية يملك حق الطعن بكافة وسـائله العادية والاسـتثنائية في حين أن محكمتكم الموقرة تصدر أحكاماً مبرمة ولا معقب عليها لأحد إلا السـيد وزير الداخلية المفوض من رئيس الجمهورية بكافة الصلاحيات ( ولا يخفى على مقامكم ما لهذا التداخل في عمل السلطتين التنفيذية والقضائية من أسـوء الأثر على المتهم )
    فمن النادر أن نجد تشـريعاً يعطي عضو في السـلطة التنفيذية صلاحية مراقبة الأحكام الصادرة عن السـلطة القضائية ونقضها أو تصديقها ، فما بالكم إذا ما اعطيت هذه السـلطة لوزير الداخلية صاحب الأمر بالتوقيف والاعتقال 00!! فمن المتعارف عليه أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة وأنه لا يقيد السلطة إلا سلطة مقابلة لها لتخلق التوازن اللازم والضروري
    لذلك أكد الدستور على مبدأ سـيادة القانون واستقلال القضاء وجعل من شخص السيد رئيس الجمهورية ضمانه لهذا الاسـتقلال كما ضمن لجميع المواطنين تكافؤ الفرص بالتقاضي وهو ما لا يمكن ضمانه أمام محكمتكم الاسـتثنائية المنشأة بناءاً على إعلان حالة الطوارئ والمستثناة من المحاكم التي حددها الدستور والفاقدة لشـرعيتها بعد إعلان الدستور
    ولا صحة للقول بأن المرسوم / 47 / لعام 1968 سـابق بتاريخه للدستور النافذ لعام 1973 لأن المادة / 153 / من الدستور قد نصت : على أن تبقى التشـريعات النافذة والصادرة قبل إعلان هذا الدستور سـارية ، إلى أن تعدل بما يوافق أحكامه
    وهناك مبدأ أســاس لا يمكن إنكاره وهو مبدأ دسـتورية القوانين ، فمن المعروف أن الدسـتور أعلى من القانون وهو مصدر التعاقد الاجتماعي وأن كل قانون غير دســتوري يجب أن يلغى أو يعدل بما يتوافق مع أحكام الدســتور

    ii. نصت المادة / 135 / من الدسـتور السـوري النافذ على أن ( ينظم القانون الجهاز القضائي بجميع فئاته وأنواعه ودرجاته ويبين قواعد الاختصاص لدى مختلف المحاكم )
    ولا جدال أن محكمتكم الموقرة هي محكمة اسـتثنائية أنشـئت بموجب المرسوم /47 / لعام 1968 بناءاً على الأمر العسكري رقم /2 / لعام 1963المعتل والفاقد لمشروعيته والباطل بطلاناً مطلقاً من الناحية القانونية والدستورية 0 وبالتالي فهي مستثناة من المحاكم الني حددها الدسـتور والتي ينظمها القانون … وبالتالي في ليست من ضمن الجهاز القضائي بفئاته وأنواعه ودرجاته …. وبالتالي فهي لا تملك صلاحية المحاكمة وإصدار الأحكام بعد صدور الدسـتور النافذ بتاريخ 13/3/1973 والذي حدد بموجب المادة /135 / أن القانون هو من ينظم الجهاز القضائي في سوريا وليس أوامر الحاكم العرفي .

    iii. كما نصت المادة / 137 / من الدسـتور السـوري النافذ على أن (لنيابة العامة مؤســسـة قضائية واحدة يرأسـها وزير العدل وينظم القانون وظيفتها واختصاصها )
    وبما أن النيابة العامة لدى محكمتكم الموقرة لا تتبع لوزير العدل خلافاً للنص الدستوري فإن جميع قراراتها غير دستورية ولا تترتب عليها أية آثار قانونية لذلك تغدو النيابة العامة لدى محكمة أمن الدولة ( في ميزان الشــرعية ) غير دستورية ولا ولاية قانونية لها
    هذا عدا أنه من الغريب ونحن في مطلع الألفية الثالثة أن نجد منصباً قضائياً يجمع بين صفتين متناقضتين لا يجوز الجمع بينهما ألا وهما صفة الخصم المتمثل بالنيابة العامة وصفة الحكم المتمثل بقاضي التحقيق 000 والأدهى من كل ذلك أن قرارات النائب العام لدى محكمة أمن الدولة مبرمة 000 فلا قاضي للإحالة 00 ولا رقابة لمحكمة النقض 000 ولا معقب على قراره لأحد…!!
    في حين أنه في القضاء العادي يضطر القاضي للتنحي عن النظر في القضية في أية مرحلة من مراحلها إذا قام بعمل من أعمال النيابة العامة فيها ولو كان ذلك قبل سـنوات عدة
    لكل ذلك ومع احتفاظنا بد فوعنا في أســاس الدعوى وقبل البدء باسـتجواب الموكل فقد جئناكم طالــــــبين :
    إعلان عدم صلاحية النظر في هذه القضية أمام محكمتكم الموقرة وعدم صفة القرار الاتهامي الصادر عن النيابة وإعادة الملف إلى النيابة العامة لدى القضاء العادي لاتخاذ ما تراه مناســباً
    وبالتالي ترك الموكل لعدم صلاحية محكمتكم الموقرة لمحاكمته لما في ذلك من حق وعدل وإنصاف وأصل دســتوري و قانوني .

    معربين لمقام المحكمة الموقرة عن جميع التحفظات
    دمشـــق 16/8/2004
    هيئة الدفاع عن داعية حقوق الانسان الدكتور المحامي أكثم نعيسة