4/3/2007

إعـداد: ناصر الغزالي – خولة دنيا

تحرير : عطارد حيدر

إلى حسيبة عبد الرحمن وجيلها من نساء سوريا وزميلتها في الحلم والتجربة.
إلى ما أنكسر من أحلامهن وما لا يمكن كسره.

مقدمة:
منذ أسطورة عشتار آلهة الخصب والجمال، مروراً بزنوبيا ملكة تدمر و مريم العذراء أم المسيح عليه السلام، كانت المرأة في سورية عبر العصور والحضارات جزءاً مباشراً أو غير مباشر في صناعة المخيال الجمعي للمجتمع السوري وفي تقدمه على المستوى الروحي والحضاري بل وحتى في صناعة الوجود البشري وتقدم الإنسانية. لا ينحصر مفهوم الإنسان في الرجل، وليست الذكورة مرادفة للإنسان، وليست المرأة جنساً آخر أو نوعية أدنى من البشر. الذكورة والأنوثة هما البعدان الجوهريان للوجود البشري، لكل منهما خصائصه وسماته ودوره، وتتكامل جميعها في سائر جوانب الحضارة الإنسانية. وعلى المرأة أن لا تنسى أنها مساوية للرجل وليست شبيهاً له واختلافهما حق وعنصر إغناء للمجتمع ولحقوق المرأة.

إن أفحش الفواحش يمكن تبريرها، عن طريق تقديم كبش الفداء وعن طريق إسقاط ظلالنا المعتمة على الآخرين. والآخرون هم الأضعف في مجتمعاتنا، كانت النساء ومازالت أحيانا كباش الفداء لعجزنا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولعدم قدرتنا على التطور والتقدم وذلك من خلال اتهامهن بأنهن الأعضاء المعطلة والمفسدة في المجتمع. إن الاتحاد العضوي بين السلطة والدين السياسي والمال بجميع هذه العناصر سوية في التحريض ضد المرأة. ومع ذلك لو أدرك هؤلاء أهمية المرأة على مستوى التنمية المستدامة للدولة لعرفوا كم نحن بحاجة إلى رفع هذا الظلم بحق نصف المجتمع. فإننا نعرف أن مصالحهم تمنعهم من اتخاذ أي إجراء، إن المرأة تشكل حجر الزاوية في تربية الأطفال وحياتهم، وبالتالي تصنع مستقبل الدولة، إن تحقيق المساواة وتمكين المرأة يشكلان ضرورة ملحة من أجل مستقبلنا، وتتحمل الحكومة مسؤولية خطر مستقبل الدولة، بعدم إعطاء المرأة حقوقها الكاملة بالمساواة. إن أي تقدم في هذا الإطار يقدم مكاسب بحجم هذا التقدم على صعيد التنمية المستدامة للدولة، إذ أن تحقيق المساواة وعدم التمييز ضد المرأة يجعلها أكثر تأهيلاً وصحةً وإنتاجا وقدرة، وهذا بدوره يؤدي إلى مساعدة أطفالهن على البقاء والنمو، ويتم توريث هذه المنافع للأجيال الحالية وأجيال المستقبل.

وإذاً هل يمكن حل مشكلة المرأة بالصراع مع الرجل وبالتناقض والتخندق أم في التعاون والتفاهم لإلغاء التمييز الواقع على المرأة؟. وهو تمييز مزدوج ومركب، يقع بعضه على كاهل الرجال والنساء بحكم الاستبداد الذي يعاني منه المجتمع ككل ويقع بعضه على المرأة باعتبارها تعاني من اضطهاد مزدوج، وكيف تنظر الأمم المتحدة إلى مسألة التمييز؟ وما هو مفهوم التمييز على المستوى الدولي؟ ونظراً لما يتعلق بصلب هذا الموضوع سنحاول تسليط الضوء أيضاً على اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

المرأة السورية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
تشمل الاتفاقية ديباجة و30 مادة، من بينها 16 مادة جوهرية، وتعرف التمييز بأنه يعني ” أي تفريق أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف بالمرأة، على أساس تساوي الرجل، بحقوق الإنسان والحريات في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو أي ميدان آخر أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها لها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل ”

ينطلق الأساس في هذا التعريف من فكرة المساواة في الحقوق وهي جوهر فكرة حقوق الإنسان وفلسفته الرئيسية والمعيار الذي يحكم بقية القواعد المنظمة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. فمنذ اعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 1979، اعتبرت الاتفاقية الصك الدولي لحقوق النساء كافة. ومع أن هناك عهدين تم إقرارهما في عام 1966 بشأن الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أدرك المجتمع الدولي أن المرأة تحتاج إلى صك خاص بها يستطيع أن يضمن بالكامل حقوق المرأة، وبناء عليه، شرعت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في صياغة الاتفاقية كصك شامل يمكن أن يضم طائفة واسعة من حقوق المرأة.

والمواد البارزة للاتفاقية على النحو التالي :
(آ) المادة 6 التي تلزم جميع الدول الموقعة على الاتفاقية باتخاذ التدابير المناسبة لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلالها، (ب) المادة 7 بشأن اتخاذ تدابير المساواة مع الرجل، (ج) المادة الثامنة بشأن تمثيل المرأة على الصعيدين الوطني والدولي، (د) المادة 9 بشان حق المرأة في اكتساب جنسيتها أو الاحتفاظ بها أو تغييرها وكذلك الحال فيما يتعلق بجنسية أطفالها، والمادة 10 بشأن حق المرأة في التعليم، (و) المادتان 11،12 بشأن حق المرأة في الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية. (ح ) المادة 14 التي تفصل تحدياً بالمشاكل الخاصة التي تواجهها المرأة الريفية مع التأكيد على أهمية إدماجها في عملية التنمية الريفية، (ط) المادتان 15، 16 بشأن المساواة في مجال القانون العام وقانون الأسرة.

وعلاوة على ذلك، فإن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة هي الاتفاقية الوحيدة لحقوق الإنسان التي تؤكد على الحقوق الإنجابية للمرأة بموجب المادة (12)، التي تشير إلى ضرورة تغيير أنماط السلوك الاجتماعي والثقافي للرجل والمرأة والقضاء على التمايزات والقوالب النمطية ذات الصلة يدور كل من الرجل والمرأة على النحو المحدد في المادة (5).

ومن أجل الامتثال لأحكام الاتفاقية، من المطلوب أن تعدل الدول الموقعة على الاتفاقية جميع القوانين التمييزية، وأن تدرج مبدأ المساواة في تشريعاتها وأن تحمي المرأة من التمييز من جانب مؤسسات الدولة والأشخاص والمنظمات والمنشآت.

أما البرتوكول الاختياري المرتبط باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة فيوفر للنساء اللاتي تنتهك حقوقهن سبيلاً للسعي نحو تحقيق معالجة دولية لهذا الأمر، دخل البرتوكول الاختياري حيز التنفيذ في كانون الأول عام 2000، ويوفر آليتين لمحاسبة الحكومات على التزامها بالاتفاقية. وذلك من خلال :

    • (1) إجراءات اتصال توفر للأفراد والجماعات حق تقديم شكاوى للجنة القضاء على التمييز ضد المرأة “لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”

    (2) إجراءات تحقيق تمكن لجنة الاتفاقية من إجراء تحقيقات بشأن الإساءات الخطيرة والمنتظمة لحقوق النساء، ولا تنطبق هاتين الآليتين سوى على البلدان التي صادقت على البروتوكول الاختياري.

منذ البدء، نود الإشارة إلى أن تناولنا لاتفاقية مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة ينطلق بالأساس من التعامل مع هذه الاتفاقية كنص بشري، وبالتالي فهو أبعد ما يكون عن التقديس، وأبعد ما يكون عن التنزيه. وإنما تأتي قوته الاعتبارية، من كونه يشكل المحصلة الجماعية الأرقى، التي توصلت لها الأمم المتحدة في لحظة من تاريخ البشرية. وما دفاعنا عنه، إلا ضمن هذه النظرة النسبية التي تنطلق من كون حقوق الإنسان مشروعاً بشري النزعة والمصدر، وبالتالي غير مقدس وغير منجز، لكنه بصيغته الراهنة يشكل أفضل ما جرى الاتفاق عليه بين مختلف الدول لحماية الكائن الإنساني. إن اعتقادنا راسخ بأن النساء لم يتوقفن بعد عن إنجاب ماهو أفضل للبشر وأنسب لهم من أجل الانطلاق من التغيرات التي تعيشها الإنسانية والتي تستدعي باستمرار امتلاك القدرة على استنباط المنظِومات الأفضل والأكثر تناسبا مع الإنسان وشروط معيشته ووجوده.

سورية والاتفاقية


بتاريخ 28 آذار عام 2003 صادقت الحكومة السورية وقبلت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إلا أنها تحفظت على المواد التالية: المواد (2)،الفقرة 2 من المادة (9)، الفقرة 4 من المادة (15)، والفقرة 1 و2 والبنود ج، د، و، ي من المادة 16، والفقرة 1 من المادة 29.

المواد التي تحفظت عليها الجمهورية العربية السورية :
المادة 2

تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقاً لذلك تتعهد بالقيام بما يلى:

    • (أ ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملى لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة.

    • (ب ) اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات، لحظر كل تمييز ضد المرأة.

    • (ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أى عمل تمييزي.

    • (د) الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام.

    • (هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة.

    • (و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.

    (ز) إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.

من المادة 9 :
2- تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما.

من المادة 15 :
4- تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم.

من المادة 16 :
1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:

    • (ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه

    • (د)نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.

    (و) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.

2- لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرا إلزامياً.

المادة 29
1- يعرض للتحكيم أي خلاف بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية لا يسوى عن طريق المفاوضات، وذلك بناء على طلب واحدة من هذه الدول فإذا لم يتمكن الأطراف، خلال ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم، من الوصول إلى اتفاق على تنظيم أمر التحكيم، جاز لأي من أولئك الأطراف إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية بطلب يقدم وفقا للنظام الأساسي للمحكمة.

الملاحظ في كافة المواد التي تحفظت عليها الحكومة السورية أنها تجتمع كلها تقريبا في تعديل وتغيير مواد قانون الأحوال الشخصية المعمول به في سورية، هذه التحفظات تعفي الدولة من أن تكون ملزمة قانونياً بتوفير حقوق متساوية للنساء فيما يتعلق بالمواد التي يقال أنها تتعارض مع القانون الإسلامي في ذلك قيام المرأة بنقل جنسيتها إلى أطفالها وحرية الحركة والسكن، والحقوق والواجبات المتساوية أثناء الزواج وفي إنهائه وفيما يتعلق بالوصاية على الأطفال والحق باختيار إسم الأسرة.

المرأة في الدستور السوري:


الصادر بالمرسوم 208 لعام 1973 :
المادة 25

    • -1- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.

    • 2- سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة.

    • 3- المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات.

    4- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.

المادة 44

    • 1- الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة.

    2- تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه وتعمل على إزالة العقبات المادية والاجتماعية التي تعوقه وتحمي الأمومة والطفولة وترعى النشء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.

المادة 45– تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي.

نظرة تاريخية معاصرة
في واقع المرأة السورية وتطوراته

عندما نقول المرأة السورية، تجتمع في أذهاننا صور متضاربة تتراوح بين عظمة نساء ساهمن في تحقيق الاستقلال عن الدولة التركية، ومن ثم الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي، وصولاً إلى عصر الاستقلال ومتطلباته الثقافية والاجتماعية وما ترتب على ذلك من نهضة عامة شملت المرأة باعتبارها أحد دعائم تطور المجتمع، وتحقيق استقلاله.

كما يرافق هذه الصورة المتفائلة، صورة أخرى أكثر قتامة تمثل المرأة في ظل التقاليد والأعراف السائدة، وما يعنيه هذا من ظلم واقع عليها إن كان اجتماعياً أو اقتصادياً أو ثقافياً، في الريف والمدينة.

ورغم أن لواء النهوض بالمرأة حملته نساء مستقلات قويات، بنات مدينة على الأغلب، إلا أن ما نشهده اليوم هو حركة تعليمية واسعة تشمل أغلب فئات المجتمع السوري، وإن كان في كثير من حالاته لا يترافق بنهضة مماثلة فيما يتصل بالأعراف والتقاليد التي تتحكم بهؤلاء الفتيات.

من هنا كان لابد من تسليط الضوء على التطور الحاصل في واقع المرأة، مع عدم إغفال بدايات الحركة النسوية، والأشكال التي اتخذتها، وتقاطعها مع احتياجات المجتمع وقضاياه المصيرية، من احتلال وفقر، وصحة وتعليم…، وارتباطها الأشد مع الوضع الخاص للمرأة كونها أم، وما يعنيه هذا من ارتباط بين قضية المرأة بشكل عام وقضية الطفولة بشكل خاص.

سنحاول في السرد القادم تفصيل نشاط الجمعيات النسائية السورية مقسماً على ثلاث مراحل: منذ بدايات القرن الفائت، وحتى الاستقلال، ثم مابعد الاستقلال حتى الستينات، وأخيراً الجمعيات المعنية بالمرأة في وقتنا الحاضر، منذ السبعينات وحتى الآن.

كما سنلقي ضوءاً على التطور الحاصل في أوضاع المرأة من النواحي التالية: دليل التنمية المتعلقة بالمرأة “الصحة، المعرفة، مستوى المعيشة “ومؤشرات تمكين المرأة ” المشاركة السياسية وصنع القرار، المشاركة الاقتصادية وصنع القرار، السلطة على الموارد الاقتصادية ” آخذين بعين الاعتبار ماتعنيه مثل هذه الأرقام وما تخفيه. لن يتم الدخول في التفاصيل والأسباب الكامنة وراء التخلف الذي حاق بالحركة النسوية خلال العقود المنصرفة، ولكن سيتم الدخول بشكل شبه تفصيلي ببعض القضايا الهامة والمصيرية المتعلقة بالوضع القانوني للمرأة من خلال تقديم بعض المواد في قانون العقوبات السوري والتي تحمل تمييزاً ضد المرأة، ومقارنتها مع وضع المرأة في الدستور السوري.

كما ستتم مناقشة حقوق المرأة على ضوء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وأخيراً نأتي ببعض التوصيات والمقترحات الكفيلة بتحسين وضع المرأة قانونياً واقتصادياً.

الجمعيات النسائية السورية قبل الاستقلال:
هدفت أغلب هذه الجمعيات إلى نشر التعليم والدعوة إلى العمل، حيث كان لهذه الجمعيات دور بارز في النشاط النسائي ومن هذه الجمعيات( ):

    • 1- جمعية يقظة الفتاة العربية: تأسست عام 1915 واهتمت بتعليم بعض الفتيات الفقيرات، كانت ذات طابع قومي عربي في مواجهة الإمبراطورية العثمانية آنذاك.

    • 2- جمعية الأمور الخيرية للفتيات العربيات: تأسست خلال الحرب العالمية الأولى، عنت بفتح المدارس الخاصة بالإناث أسستها السيدة عادلة بيهم الجزائري، الناشطة في مجال الحركات النسائية ومقاومة الاحتلال الفرنسي لسورية.

    • 3- جمعية النجمة الحمراء: تأسست عام 1920 بإيعاز من الملك فيصل وترأستها نازك العابد وضمت عضوات جمعية نور الفيحاء التي أسستها ماري عجمي، قامت بأعمال الصليب الأحمر.

    • 4- النادي الأدبي النسائي: تأسس عام 1920 على يد ماري عجمي.

    • 5- جمعية نقطة الحليب: تأسست عام 1922، واهتمت برعاية الطفولة، ونشر مبادئ العناية بالأطفال، من مؤسساتها سنية الأيوبي، وما تزال الجمعية مستمرة حتى اليوم.

    • 6- جمعية يقظة المرأة الشامية: تأسست عام 1927 في دمشق وكانت الغاية منها إحياء الصناعات اليدوية وتطويرها.

    • 7- جمعية دوحة الأدب: تأسست عام 1928

    8- جمعية خريجات دور المعلمات: 1928 وكانت الغاية منها تعليم الفتيات وتقديم العون لهن.

الجمعيات النسائية بعد الاستقلال:
1- الجمعيات الخيرية والثقافية والفكرية: اهتمت بالثقافة والتعليم وتقدم المعونات للطالبات ومنها:

    • أ‌- جمعية الندوة الثقافية (19421) ترأستها جيهان الموصلي.

    • ب‌- جمعية رابطة الجامعيات العربيات السوريات (1965)

    • ت‌- جمعية سيدات الحنان في حلب (1942)

    • ث‌- جمعية نور الإحسان في حلب (1953)

    • ج‌- جمعية المرأة العربية في حماة والسويداء (1950)

    • ح‌- جمعية السيدات الإنجيلية في حمص (1960)

    • خ‌- النهضة النسائية في القامشلي والقنيطرة (1951)

    • د‌- جمعية إرشاد الفتاة العربية (1951)

    • ذ‌- جمعية الرابطة الثقافية النسائية (1951)

    • ر‌- منتدى سكينة الأدبي (1951)

    ز‌- الحلقة الاجتماعية لخريجي المعاهد العالية (1951)

2- الجمعيات الصحية: هدفت إلى بث الوعي الصحي بين الناس ضد الأمراض السارية ومنها:

    • أ- جمعية الهلال الأحمر السوري وفروعها في كافة محافظات القطر.

    • ب- جمعية الإسعاف العام النسائي (1945).

    • ج- جمعية رعاية العجزة والمسنين (حلب).

    د- جمعية رعاية الطفولة (اللاذقية).

3- الجمعيات الإصلاحية الاجتماعية:

    • أ- جمعية المبرة الخيرية (1953) ماتزال تعمل.

    • ب- جمعية كفالة الطفولة (1961) في حلب هدفها كفالة الطفل اللقيط.

    • ج- جمعية المرأة العربية في دير الزور (1959).

    د- جمعية الرعاية الاجتماعية في حلب (1962).

4- الجمعيات السياسية: على الرغم من المشاركة الفعالة للمرأة السورية في كل ما أصاب الوطن مشاركة فعالة إن كان في القتال أو الدعم إلا أن أول جمعية نسائية سورية ذات طابع سياسي تأسست عام 1943 وهي جمعية نساء العرب القوميات التي طالبت بالحقوق السياسية للمرأة وعملت من أجل قضية فلسطين وعقدت مؤتمرات لهذه الغاية في دمشق.

تأسست جمعيات أخرى عملت على العناية بالمقاتلين من الجيش والمتطوعين كجمعيتي رعاية الجندي وأسرة الجندي، والجمعية النسائية للخدمات الاجتماعية التي رأستها سامية المدرس، وجمعية مواساة لاجئي فلسطين بعد نكبة 1948.

5- جمعيات ذات نشاطات متنوعة:
ومنها رابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة وذلك بالاهتمام بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الوطن، كمحو الأمية، ونشر الوعي السياسي والثقافي بين النساء، وتعليمهن وتحسين الوضع الاجتماعي للأسرة. وجمعية الرائدة العربية التي اهتمت بتطوير الوعي القومي لدى المرأة وتعميقه، من خلال عقد الندوات وإصدار مجلة نسائية، وإجراء الدراسات والبحوث.

6- الاتحاد العام النسائي: كانت نواته الأولى عام 1933، حيث شكلت ثلاث جمعيات نسائية اتحاداً نسائياً عربياً ، ثم عام 1944 سمي باتحاد الجمعيات النسائية في دمشق وضم جمعيات مختلفة اتبعت التقسيم الإداري في سورية، ترأسته عادلة بيهم الجزائري عام 1933. واستمر في عمله حتى يومنا هذا.

إلى جانب تشكيل المنظمات والجمعيات النسائية، التي لعبت دوراً مهما في وقتها بتفعيل دور المرأة عبر المشاركة السياسية وتحسين دورها في المجتمع على المستوى القانوني والاجتماعي والثقافي دخلت المرأة مجال الإعلام ونشر الصحف إذ عرفت سوريا الصحافة النسائية بعد ما يقرب من خمسة وأربعين عاما من صدور أول صحيفة في البلاد، لكن هذا التأخر لا يعني أن المرأة السورية كانت بعيدة عن المجال الصحفي، فقد كانت “مريانا المراش” هي أول سيدة عربية تنشئ مقالا صحفيا في جريدة، وكان ذلك عام (1870م) في مجلة “الجنان”، وتبعتها “وردة اليازجي” و”ماري عجمي”.

وكانت أول صحيفة نسائية عرفتها دمشق هي “العروس” التي صدرت عام (1910م) لصاحبتها “ماري عجمي”، وقد توقفت عن الصدور مع الحرب العالمية الأولى، ثم عادت إلى الصدور مرة أخرى بعد انتهاء الحرب، وكان يغلب عليها الطابع الأدبي، ثم توقفت نهائيا عام (1925م)، ومضت عشر سنوات بعد صدور “العروس” حتى صدرت مجلة أخرى هي “الفيحاء” عام (1920م)، لكنها لم تستمر طويلا، وصدرت مجلة “دوحة المياس” في حمص عام (1928م)، ثم صدرت مجلة أخرى هي “الربيع” في (1935م)، لكنها توقفت بعد فترة قصيرة وقد توقفت المجلات النسائية في سوريا بعد فترات قصيرة من صدورها، ولا يوجد إلا مجلة واحدة تصدر الآن هي مجلة “المرأة العربية” التي صدرت في (أغسطس 1962م) عن الاتحاد العام النسائي السوري.

في الوقت الحاضر:
برزت مجموعة من الجمعيات النسائية في سورية التي تهتم بتطوير أوضاع المرأة السورية وإجراء المسوح والدراسات الكفيلة بتطوير وضعها، وزيادة تمكينها في مجتمعها من هذه الجمعيات:

  • الاتحاد النسائي العام المعاد هيكلته من جديد عام 1967، وكانت تطلعاته وأهدافه متطابقة مع القرار السياسي، إذ هو مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني حسب تعريفه، يمثل قطاع معيناً من المجتمع، ومن واجباته تشكيل ما يسمى بجماعات الضغط على الحكومة السورية باتجاه سن القوانين أو اتخاذ الإجراءات التي تضمن مصالح القطاع الذي يمثله، لكنه لم يكن يوماً من الأيام وسيلة ضغط على الحكومة من اجل تعديل أو تغيير القوانين التي تضر بالمرأة في نفس الوقت صادر الاتحاد النسائي دور الجمعيات النسائية واستقلاليتها في العمل لصالح المرأة ونصب نفسه وصياً على باقي الجمعيات والمنظمات النسائية، وأصبح يختزل كل النشاط النسائي في سورية، وتحول إلى ما يشبه التنظيم الحكومي.
  • رابطة النساء السوريات: تأسست عام 1948 و بقيت تمارس عملها ضمن الإمكانات المتاحة. اهتمت بمشاركة المرأة في السياسة حيث أعدت دراسات تناولت الموضوع، ودراسة تناولت معوقات مشاركة المرأة في السياسة خلال العقود الماضية وحتى اليوم.
  • الهيئة السورية لشؤون الأسرة: التي أنشئت بالقانون رقم (42) لعام 2003، وترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء وكان للفسحة التي أعطيت لها والدعم المادي والحكومي الذي نالته أثر طيب في الإنجازات التي حققتها من خلال الدراسات والمسوح والندوات التي قامت وتقوم بها.
  • مؤسسة مورد مؤسسة غير حكومية أنشئت عام 2003، بدعم ورعاية من عقيلة رئيس الجمهورية السيدة أسماء الأسد تهدف إلى تطوير وتفعيل مشاركة المرأة السورية في عملية التنمية الاقتصادية – الاجتماعية وهي تمثل سيدات الأعمال السوريات اللواتي يعملن ويقمن في سورية وخارجها.
  • لجنة سيدات الأعمال: شكلت في غرف الصناعة والتجارة في المحافظات السورية تهتم بتقديم الخدمات اللازمة لصاحبات الأعمال اللواتي تبلغ نسبتهن (10%) من رجال الأعمال.
  • جمعية المبادرة الاجتماعية: نالت ترخيص عمل (2004) من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، قامت ببعض الندوات ( خلال إعداد هذا التقرير، تمّ حظر هذه الجمعية وسحب الترخيص على خلفية مناقشة قوانين الأحوال الشخصية السورية).
  • جمعية مناهضة العنف ضد النساء: تأسست عام 2001، لم تحصل على ترخيص، وتهتم بمحاربة جميع أشكال العنف ضد النساء، وبحماية ضحايا العنف من النساء.
  • الجمعية السورية للنساء الكفيفات (الوئام) : تأسست 2007، وحصلت على الترخيص، وتهتم برفع مستوى المرأة والفتاة الكفيفة اجتماعياً وثقافياً ومهنياً واقتصادياً.
  • بالإضافة إلى هذا هناك موقع الكتروني يختص بقضايا المرأة في سورية هو موقع نساء سورية وموقع متميز على الانترنت، استفاد من عدم وجود قوانين ناظمة للنشر عبر الانترنت، وهو ذو قدرة واسعة على الاستقطاب ويهتم بالقضايا الحقوقية والثقافية للمرأة السورية.

هناك إيضاً مجموعة من الجمعيات الخيرية التي لا تزال تعمل تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تهدف إلى رعاية الفتيات وكفالة الأيتام وغيرها، وتستفيد من الدعم المادي المقدم من وزارة الشؤون الاجتماعية، والتبرعات الفردية أو المقدمة من جهات أجنبية داعمة.

ما هي الأسباب وراء هذا التراجع الحاصل للحركة النسائية ودورها؟

  • لوحظ ولسنوات طويلة ضعف في التواصل بين الحركة النسائية والقاعدة الشعبية التي تمثلها وذلك لسبب آليات العمل المتبعة عند بعض هذه الجمعيات، فالقرار السياسي يمثل سلطة أخرى تفرض على هذه الجمعيات ما يجب ومالايجب العمل من خلاله مما أفقد هذه الجمعيات دورها الفعلي وهمشه ليتحول العمل فيها كما في باقي دوائر الحكومة إلى مجرد عمل يتسم بالبيروقراطية والبعد عن العمل الجماهيري، ويتلخص في رفع التوصيات والمذكرات إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
  • يضاف إلى ما سبق، ما تتشاركه النساء مع ما باقي فئات المجتمع السوري وهو الافتقار إلى قانون جمعيات يتيح تشكيل الجمعيات النسائية، مما شكل عائقاً كبيراً أمام مشاركة النساء في الاهتمام بالشأن العام عبر انخراطهن في هذه الجمعيات، وهذا ما انعكس بضعف العلاقة والتواصل بين الحركة النسوية وجماهير النساء، وجعل دورها ضعيفاً في تقديم الكوادر النسائية المؤهلة لتبوء مناصب صنع القرار وبالتالي افتقارها لآليات الضغط اللازمة لتحقيق الحد الأدنى من مطالب النساء.

دليل التنمية المتعلقة بالمرأة
حسب تقرير التنمية البشرية يقاس معدل التنمية المتعلقة بالمرأة على أسس ثلاث :

  • حياة مديدة وصحية: تقاس بمتوسط العمر المتوقع عند الولادة.
  • المعرفة: تقاس بمعدل إلمام البالغين بالقراءة والكتابة وإجمالي نسب الالتحاق بالتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي والعالي.
  • مستوى معيشة لائق : يقاس بالدخل المقدر (معدل القوى الشرائية بالدولار الأميركي )

تأتي سورية في المرتبة 106 حسب ترتيب الدول في العالم لتقرير التنمية البشرية 2005 بشكل عام وفي المرتبة 84 بالنسبة للتنمية المتعلقة بالنسبة للمرأة إذ بين التقرير أن متوسط عمر المرأة المتوقع مقارنة مع الرجل 75.1/71.2، معدل الإلمام بالقراءة والكتابة للشريحة العمرية إلى 15 عاما كان بالنسبة للإناث 74.2 مقارنه مع الذكور 91. مجموعة نسب الالتحاق الإجمالي بالتعليم الابتدائي والثانوي والعالي أتى بنسبة 60 بالنسبة للإناث مقارنة 65 بالنسبة للرجال، أم الدخل فقد تم تقديره 1.584 بالنسبة للمرأة مقارنة 5.534 بالنسبة للرجل.

وهذه تقديرات إحصائية حول الصحة والمعرفة والمستوى المعيشي للمرأة في سورية:
الصحة:

  • انخفض معدل وفيات الأمهات إلى 64.4 لكل 100.000 عام 2004
  • العمر المتوقع للإناث عند الميلاد 75.1 عاماً
  • نسبة الإناث للذكور (100 أنثى مقابل 104.7 ذكر) مع معدل نمو سكاني (24.5 بالألف)
  • ارتفعت نسبة مستخدمات وسائل تنظيم الأسرة إلى (46.6%)

علماً أن إحصائيات الأمم المتحدة تظهر أن ثلاثاً من كل 10000 امرأة سورية تصاب بالعجز أو العاهة بسبب تعقيدات عملية الوضع. مما يعني أن الخطر محدق بها كلما وضعت مولوداً. ويزداد الخطر بالطبع بازدياد عدد الولادات.

المعرفة:

  • تشكل الإناث في المرحلة الابتدائية نسب 47.2 % (1372113)من المجموع العام (2904569).
  • نسبة الإناث في المرحلة الإعدادية 45.9 % (3816770)من المجموع العام (831081)، ونلاحظ هنا تسرباً كبيراً من عدد الإناث في المرحلة الإعدادية ليصبح 27.8 % ممن دخلن الدراسة في المرحلة الابتدائية.
  • نسبة الإناث في المرحلة الثانوية 49.0 % (114911) من المجموع العام (233838) بنسبة تسرب كبير من عدد اللواتي دخلن المدرسة لتصبح النسبة 8.3 ممن دخلن المدرسة تابعن التعليم الثانوي.
  • تصل نسبة من يتابعن تعليمهن الجامعي إلى 6.4 % ممن دخلن المدرسة الابتدائية، وهن يشكلن 88001 طالبة من أصل 190750 طالباً جامعيا بنسبة 46.1 %.
  • نسبة المدرسات (67% في الابتدائي، 49% في الإعدادي والثانوي، 47% في التعليم المهني الثانوي، 47% في المعاهد المتوسطة، و 22.9% في التعليم الجامعي)
  • مستوى معيشة لائق:يقاس بإجمالي الناتج المحلي للفرد ( معادل القوة الشرائية )
المؤشرات الخاصة بتمكين المرأة السورية

عبر التركيز على فرص النساء بدلاً من إمكانياتها، يحسب قياس تمكين المرأة وذلك من خلال عدم المساواة بين الجنسين في ثلاث مجالات رئيسية:

1- المشاركة السياسية وصنع القرار: تقاس بالحصص المئوية للنساء والرجال في المقاعد البرلمانية والمحلية.

مواقع صنع القرار:

  • هناك سيدة تشغل موقع نائب رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية (2006)
  • نسبة النساء في مجلس الشعب (12%)
  • نسبة النساء في مجالس الإدارة المحلية (3.1%)

2- المشاركة الاقتصادية وصنع القرار: تقاس بمؤشرين، الحصص المئوية للنساء والرجال في مناصب المشرعين والمسؤولين الرفيعي المستوى والمدراء، والحصص المئوية للنساء والرجال في المنصب المهنية والتقنية

  • نسبة النساء في الوزارة (7%)
  • نسبة النساء في السلك الدبلوماسي (11%)
  • نسبة النساء في القضاء (13.38%) (170 قاضية)
  • نسبة المحاميات (16%) وتشغل سيدة منصب النائب العام منذ عام 1998.
    الإعلام: نسبة النساء (38%) من أعضاء اتحاد الصحفيين.
  • تشغل امرأة موقع مديرة التلفزيون، وأخرى مديرة القناة الأولى الرسمية.

أثناء إعداد هذا التقرير نصبت امرأة لأول مرة في سورية بمنصب المحامي العام في قضاء اللاذقية تدعى القاضية سهيلة إبراهيم.

3- السلطة على الموارد الاقتصادية: تقاس بالدخل المكتسب المقدر للنساء والرجال.
تشكل النساء في كافة قطاعات العمل 20.1% (الزراعية والصناعية والخدمية) من إجمالي العمالة السورية، ويمكن قياس مستوى المعيشة للنساء من خلال نسبة أجر الإناث إلى أجر الرجال في كافة القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى ذلك من خلال الناتج المحلي وحصة الفرد منه. في حقيقة الأمر لا يوجد إحصائيات دقيقة حول مستوى المعيشة لدى النساء في سوريا. وذلك بسبب عدم وجود إحصائيات دقيقة حول عمل المرأة بكافة القطاعات الاقتصادية وخاصة القطاع الزراعي إذ يشكل القطاع الزراعي النسبة الأكبر لعمل النساء فيه.

لكن حسب المجموعة الإحصائية السورية لعام 2004 تبين التالي:

  • في الفئة العمرية بين 15-19 تشكل المرأة 29.1% من قوة العمل مقابل نسبة 16.7 بالنسبة للذكور في مجال الزراعة.
  • وفي الفئة العمرية 20-24 تصبح النسبة 23.2% من قوة العمل للإناث في الزراعة مقابل 17.3%.وتتساوى بين النسبة الرجل والمرأة في مجال الزراعة في الفئة العمرية مابين 30-34.
  • أما بالنسبة للقطاعات الأخرى لا يوجد إحصائيات واضحة بسبب تداخل هذه القطاعات وعدم رغبة الدولة في إجراء مسح دقيق لهذه القطاعات.
  • يبلغ معدل البطالة بين النساء ضعفي معدله بين الذكور.
  • تتوزع مداخيل العاملات في القطاعات المختلفة بين (5000- 9001 ل.س) أعلى نسبها في قطاع الزراعة (96.8% في الحد الأدنى للأجور – و0.4% الحد الأعلى للأجور)

استنتاجات:

  • على الرغم من الزيادة الحاصلة في نسبة النساء المشاركات في مجلس النواب السوري بين الدور التشريعي الأول (4 نائبات بنسبة تبلغ 2.15% من عدد النواب)، والدور التشريعي الثامن (30 نائبة بنسبة تصل إلى 12% من أعضاء المجلس)، فإنه يجب عدم إغفال أن 27 من نائبات الدور التشريعي الثامن هن من حزب البعث الحاكم بالإضافة إلى نائبة واحدة مستقلة، وأخرى من الجبهة الوطنية التقدمية-حزب الاتحاد الاشتراكي-، ونائبة من الحزب القومي السوري الاجتماعي، أي أن البعثيات يشكلن نسبة 90% من النساء الممثلات في مجلس الشعب، وقد وصلن إلى البرلمان ضمن قوائم خاصة بحزب البعث، وبالتالي فهي نسبة غير معبرة عن حقيقة المشاركة السياسية للمرأة السورية خاصة وأن مشاركتهن ضمن جلسات مجلس الشعب، والتي اتسمت في كثير من الحالات بالغياب( )، لم تكن فاعلة، وأكثر من ذلك لم تحمل هموم المرأة السورية الحقيقية، والمشاكل الحقيقية للمرأة والتي يجب طرحها للنقاش والتصويت في مجلس الشعب.
  • إن وجود المرأة بنسبة ثابتة في الإدارة المحلية 3 % خلال المجالس المتعاقبة جميعها يدل على ان النسبة محددة سلفاً ولا تدل على مشاركة حقيقية للمرأة.
  • كما لاتزال النساء بعيدات عن مواقع صنع القرار الاقتصادي نتيجة تمركز العمالة النسائية في قطاع الخدمات الاجتماعية بعيداً عن العملية الإنتاجية. مما يعني بقاءهن بعيدات عن عملية التنمية، وبالتالي بعيدات عن مواقع صنع القرار.
  • على الرغم من التطور الحاصل في الإعلام السوري، والدراما السورية بشكل خاص، وتناولها لقضايا تتعلق بالمرأة، إلا أنه ما زال يتطلب الكثير. يجب العمل على تحسين صورة المرأة، وإعطاءها أدواراً مختلفة عن الأدوار النمطية التي تم تناولها بها لزمن طويل، (المدرسة والممرضة وربة البيت، والسكرتيرة….)، والعمل الجاد لتناول قضاياها بعيداً عن المنظور الذكوري لجعل الذائقة الشعبية تتقبل امرأة جديدة بدور جديد، ليس سلبياً ولا نمطياً.
  • على الرغم من ارتفاع نسبة المدرسات في قطاعات التعليم المختلفة، يلاحظ تدني نسبتهم في التعليم الجامعي العالي، وهذا مؤشر على الصعوبات التي تواجه النساء في إتمام تعليمهم العالي. وما يتطلبه ذلك من تفرغ لسنوات طويلة، وهو مالايمكن تحقيقه في مجتمع تقليدي يبجل الزواج المبكر، ويستنكر بقاء المرأة سنوات إضافية بدون زواج ولسبب التعليم فقط!.
  • هناك نقص فادح في الإحصاءات المعبرة عن وضع المرأة ويكمن في المفاهيم الخلفية التي كانت ولا تزال سائدة وراء ما ينتج من إحصاءات.
معوقات مساواة المرأة بالرجل في سورية

معوقات قانونية

1- قانون الأحوال الشخصية فيما يخص:
( الزواج وإنهائه، حرية الحركة والسكن، الوصاية على الأطفال، نقل الجنسية )

  • الزواج وإنهائه:
    قبل تحديد المواد الخاصة بقانون الأحوال الشخصية الخاصة بالزواج وإنهائه، والتي تنتهك أهم معايير المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة لابد لنا من توضيح نقاط التقاطع والخلاف بين اتفاقية مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة والمفهوم الفقهي التقليدي للزواج ممثلاً بقانون الأحوال الشخصية المطبق في سورية.

    سنعتمد مقاربة د: فيوليت داغر المتعددة الميادين approche pluridisciplinaire والتي تأخذ بعين الاعتبار:
    1- المعطيات الثقافية التقليدية ومدى تأثيرها على منظومة القيم السائدة في زمان ومكان محددين.
    2- طبيعة تركيب الأسرة الأبوية وصلابتها في وجه بناء علاقات أسرية متكافئة بين الرجل والمرأة.
    التوظيف السياسي لهذين العاملين سواء كان ذلك من قبل السلطات الحاكمة أو الحركة الإسلامية السياسية.

    تنص المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي: ” للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزويج و تأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. وهما يتساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله” وقد أكدت المادة 16 من اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة على هذا مع إعطاء تحديدات أدق وأوضح حيث نصت على مايلي:
    1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة تجاه التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:

      • 1) نفس الحق في عقد الزواج.
      • 2) نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج ألا برضاها الحر الكامل.
      • 3) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
      • 4) نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.
      • 5) نفس الحقوق في أن تقرر، بحرية وبإدراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق.
      • 6) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.
      • 7) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار إسم الأسرة والمهنة ونوع العمل.
      8) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها سواء مقابل أو مقابل عرض.

    2-لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ الإجراءات الضرورة، بما في ذلك التشريعي منها لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل الزواج رسمي في سجل رسمي أمراً إلزامياً”.

    كيف يمكن القول بالتزام الدولة السورية باتفاقية مناهضة أشكال التمييز بين الجنسين إن وضعت الحكومة تحفظا يبقي العمل بمواد قانون الأسرة أو الأحوال الشخصية فيها سارية المفعول حتى في حال وجود تعارض جوهري بينها وبين مبدأ المساواة بين الجنسين؟ هذا هو السؤال المطروح في سورية اليوم.

    كانت قوانين الأسرة المعقل الأكثر صلابة في التشريعات التقليدية فهي تمس المقدس والممنوع والمحرم في العلاقات الجنسية، وبهذا المعنى يتلبسها مفهوم الحرام بكل أبعاده.. ولكن المقدس في هذا الجزء من العالم، وللمفارقة، ينزع هالة التقديس عن نفسه نتيجة حضوره الثقيل هذا بحيث تظهر قراءة التاريخ الاجتماعي العربي الإسلامي نسبية كل مؤسسة وفكرة تدّعي الاستمرارية وعملية البناء المباشرة أو غير المباشرة للتغيير والانقطاع في كل مرة شعر فيها أصحاب القرار القانوني بأن المنظومة القضائية لم تعد قادرة على العمل بسبب تجاوز معطيات الحياة الفعلية للنصوص. ورغم اعتبار رجال الدين والحركة الإسلامية السياسية بتياراتها المختلفة مسألة الزواج مقدسة لا يجوز المساس بها، لم تكن الوقائع في يوم من الأيام كما يدّعي حراس هذه الإيديولوجية.

    لم تفترق سوريا عن الدول العربية بهذا بتبعيتها هذا الإطار التعسفي فقانون الأحوال الشخصية في سورية مليء بالتناقض بينه وبين اتفاقية التمييز ضد المرأة وأهم هذه المواد المتعسفة في قانون الأحوال الشخصية السوري بشأن الزواج وإنهائه والتي تعتبر عائقاً كبيراً في مساواة المرأة مع الرجل:

    المادة 21 من قانون الأحوال الشخصية تقول: ((الولي في الزواج هو العصبة بنفسه على ترتيب الإرث بشرط أن يكون محرماً)) وهذه المادة بحق تنتهك حق المرأة بشكل كامل إذ يترتب عليها إذا أرادت الزواج بعد وفاة زوجها أو طلاقها منه ولها ولد بالغ راشد أن يكون وليها هو إبنها ومن بعده حفيدها وإذا لم يوجدا أو كانت بكراً فأولياؤها بالترتيب الأب فالجد الصحيح…

    فلو كان للمرأة حق كامل يتضمن الحقوق الشرعية والقانونية التي تحترم إنسانيتها ودورها في المجتمع الإنساني لما كانت هذه المادة في قانون الأحوال الشخصية إضافة إلى المادتين التاليتين 22/1 و/2/ والمواد 23 ـ 24 ـ 25 من نفس القانون.

    المادة 17: ((للقاضي أن لا يأذن للمتزوج أن يتزوج على امرأته إلا إذا كان لديه مسوغ شرعي وكان الزوج قادراً على نفقتها)).

    وهذا إقرار من المشرع في الزواج من أكثر من امرأة والجمع بينهم.

    المادة 19: تقول ((إذا كان الخاطبان غير متناسبين سناً ولم يكن مصلحة في هذا الزواج فللقاضي أن لا يأذن به)) وأيضاً يفرغ الزواج العرفي هذه المادة من مضمونها.

    المادة 27: ((إذا زوجت الكبيرة نفسها من غير موافقة الولي فإن كان الزوج كفؤاً لزم العقد وإلا فـللولي طلب فسخ النكاح))
    المادة 73: ((يسقط حق الزوجة في النفقة إذا عملت خارج البيت دون إذن زوجها)).

    الوصاية على الأطفال
    تنص المادة /146/ من قانون الأحوال الشخصية رقم 34/1975 “تنتهي مدة الحضانة بإكمال الغلام التاسعة من عمره والبنت الحادية عشرة من عمرها فإذا انقضت هذه المدة بدأ حق الولاية على الصغير.

    وصدر قانون بتعديل سن الحضانة والذي تضمّن جعل حضانة الطفل الذكر /13/ سنة والطفلة الأنثى /15/ سنة. الحضانة في قانون الأحوال الشخصية السوري هي حق وواجب بآن واحد ولم ينص قانون الأحوال الشخصية على إجبار الأم على الحضانة لذلك أخذ بالمذهب الحنفي وهو أن تجبر الأم على الحضانة إذا لم يوجد للطفل حاضنة غيرها من المحارم وإذا تعدد أصحاب حق الحضانة للقاضي حق اختيار الأصلح.

    كما نصّت المادة /137/ من قانون الأحوال الشخصية أنه يشترط لأهلية الحضانة – البلوغ – العقل والقدرة على صيانة الولد صحة وخلقاً.

    ونصّت المادة /138/ من قانون الأحوال الشخصية “أن زواج الحاضنة بغير قريب محرم من المحضون يسقط حضانتها”

    نقل الجنسية
    تنص المادة 10 / 2 من القانون نفسه على أن العربي السوري الذي يتجنس بجنسية أجنبية بناء على طلبه، يظل متمتعاً بالجنسية السورية من جميع الوجوه وفي جميع الأحوال قبل أن يسمح له بالتخلي عنها. بينما تفقد المرأة السورية جنسيتها السورية إذا طلبت اكتساب جنسية زوجها الأجنبي وفق المادة 12 من القانون ذاته بغض النظر عن طلبها التخلي عن جنسيتها السورية.

    إن حرمان المرأة من حقها في منح جنسيتها لأبنائها هو تناقض واضح مع الدستور، وله انعكاسات سلبية على حياة المرأة وأسرتها، وإن عدم حل هذه المشكلة وتعديل القانون سيكون له تأثيرات سلبية على النساء المتزوجات من غير السوريين وأبنائهن، وعلى الرغم من أن العدد الدقيق للنساء المتزوجات من غير السوريين غير معروف إلا أن هذه الظاهرة تزداد وتتسع بسبب عدد المواطنين غير السورين الكبير الذين يعيشون في سورية، جنسيات عربية وأجنبية.وبسبب العدد الكبير للنساء السوريات اللواتي يغادرن الوطن في سن الزواج بحكم الدراسة والعمل.

    ولهذا القانون مساوئ كثيرة من أهمها:
    مشكلة العمل فالزوج والأولاد لا يحق لهم العمل طالما ليس لديهم الجنسية. بالإضافة لهذا هناك جملة مشاكل نفسية مثل الشعور بالاغتراب في كلا البلدين بلد الأم وبلد الأب، و اضطرار النساء للتخلي عن أبنائهن في حالات الطلاق.

    إضافة إلى ذلك فإن قانون الجنسية هذا ذو الفقرات التمييزية ضد المرأة جاء قبل الدستور ومن الطبيعي أن يلغي الدستور أي قانون سابق إذا كان هذا القانون يتعارض مع الدستور.

    حرية الحركة والسكن:
    المادة 66: على الزوجة بعد قبض معجلها أن تسكن مع زوجها

    المادة 70: تجبر الزوجة على السفر مع زوجها إلا إذا اشترط في العقد غير ذلك أو وجد القاضي مانعاً من السفر.

    المادة 74: إذا نشزت المرأة فلا نفقة لها

    المادة 75: الناشز هي التي تترك دار الزوجية بلا مسوغ شرعي أو تمنع زوجها من الدخول إلى بيتها قبل طلبها النقل إلى بيت آخر

    المادة 148: 1- ليس للأم أن تسافر بولدها أثناء الزوجية إلا بإذن أبيه

    معوقات اجتماعية:
    1- الثقافة السائدة والعادات والتقاليد ( الثقافة البطريركية، التربية القمعية، جرائم الشرف، الإرث المغتصب وخارج إطار القانون)

    • الثقافة البطريركية: مازالت الثقافة الأبوية بمرجعيتها المختلفة تبرر اغتصاب حقوق المرأة بكافة الوسائل، فهي تحاول إجاد عن جذور لها في الدين وتسعى لخلط الدين بمجموعة من الأعراف والتقاليد الاجتماعية البائدة، مستخدمة ترسانة من التفسيرات الدينية “إسلامية – مسيحية” والتي تتعارض مع جوهر الديانتين اللتين كرمتا الكائن البشري ذكرا كان أم أنثى.
    • التربية القمعية: فبحجة التربية والحفاظ على الفضيلة، يمارس على الفتيات عنف جسدي ونفسي، يصعب تصديقه في بعض الحالات، بدل إتباع أساليب التربية القائمة على احترام الفتاه ككائن بشري وتفهم مشاكلها، ففي استبيان على عينة عشوائية (1200 امرأة ) من نساء سورية تبين أن 31.1% من النساء تعرضن للعنف من قبل الأم في الطفولة، وتستمر حالة التعرض للعنف من قبل الأب والأخ، ومن ثم الزوج، لتبلغ نسبة النساء اللاتي يضربن من قبل أزواجهن 38.3%، ولا تختلف النسبة كثيراً للأسف بين الأميات وحاملات الشهادات العليا. (من دراسة مقدمة من د: مي الرحبي تحت عنوان واقع المرأة السورية اليوم)
    • جرائم الشرف : ربما من أهم الالتزامات التي تقع على عاتق الدولة من خلال التصدي للأغراض الثقافية للمجتمع التي من شأنها أن تعرض المرأة للعنف والتي تحط من قيمة المرأة وتهين كرامتها، وإذ لم تبد الدولة حزماً في منع أعمال العنف ضد المرأة والتحقيق فيها ومعاقبة مرتكبيها وتعديل مواد القانون الخاصة بجرائم الشرف، فإنها تعد في هذه الحالة شريكة في المسؤولية عنها. إذا أن القتل هو القتل بغض النظر عن بواعثه. ذلك أن بواعث القتل هي دوافعه التي لايجوز أن تعطل حكم القانون، ولا أن تمنع القاضي من أخذ المتهم بالشدة وبنفس التساوي امرأةً ورجلاً لنفس الجريمة. فلماذا يختلف شرف المرأة عن شرف الرجل؟ ولماذا أصبحت جريمة انتقامه للمرأة مخففة وانتقامها مغلظاً؟!.

    أسباب جرائم الشرف :

      • 1- القتل بالنسبة لغير المتزوجات ( الشك بوجود علاقة قبل الزواج)
      • 2- القتل بالنسبة للمتزوجات ( الشك بوجود علاقة خارج إطار الزواج)
      3- الزواج المختلط بين الطوائف.

    لا يوجد نسب دقيقة حول القتل تحت ذريعة الشرف في سورية بالرغم من قلتها مقارنة مع كثير من الدول العربية لكنها مازالت تشكل أبشع جريمة ترتكب بحق المرأة السورية.

    الإرث المغتصب وخارج إطار القانون: تعتبر من القضايا المحيرة والمتناقضة مع المعتقدات الدينية التي تنتمي لها الشرائح الاجتماعية (وبخاصة في الريف السوري) التي تسلب حق المرأة حقها في الميراث، فتقوى العادات والتقاليد في هذه الحالة على المعتقدات الدينية لتصبح هي الناظم الاجتماعي والقانوني في توزيع الإرث، تحت حجة تلاحم الأسرة وطاعة الأخت لأخيها والأم لابنها، خافية السبب الجوهري لهذا السلب العلني والمشين وهو التسلط الذكوري وهيمنته على الإرث.

    2- الزواج الطائفي: إن زواج المسلمة من غير المسلم مازال يقع في نطاق “التابو/ والمحرم” في سورية والذي يؤسس نفسه على الأحكام الإسلامية ذات التقاليد الفقهية القديمة. أن التخلص من الطائفية في سورية ليس مسألة جراحة تجميلية وإنما طب إسعاف و طوارئ. ففي هذه المسيرة الضرورية، يشكل الزواج المدني خطوة جوهرية لا مناص منها. ” فإذا كانت الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع، و لها الحق بحماية المجتمع و الدولة ” فان ” للرجل و المرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزويج و تأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. و هما يتساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج و لدى انحلاله” ( المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان). إن حق المواطن فوق كل اعتبار طائفي أو سياسوي، وكما أن التقاليد الاجتماعية القائمة على طقوس دينية وثقافية وشعبية تتضمن عقد الزواج عند شيخ أو الإكليل في الكنسية، يجب أن لا تحرم المواطنين الراغبين بالزواج وفقاً لقانون مدني يرفع وصاية المؤسسات الدينية كوسيط بين المواطن والدولة من ممارسة حقهم هذا. لذلك يجب على المشرع أن يقر بالزواج المدني عبر إيجاد قانون الأحوال الشخصية الاختياري، كمدخل وخطوة أولى وهامة من أجل المساواة بين الجنسين وفي مناهضة الطائفية والتمايز بين المواطنين على أساس المعتقد.

    معوقات سياسية :
    نظرياً لا توجد قيود دستورية أو قانونية على مشاركة المرأة سياسياً في الأحزاب والبرلمان والإدارات المحلية والحكومة، إذ أن النظامين الدستوري والقانوني السوري يؤسسان للمواطنة والمساواة، لكن هناك فجوة بين مواد الدستور المتعلقة بقانونية مشاركة المرأة دون تمييزها عن الرجل وبين ممارسة السلطة السياسية التسلطية على المجتمع، والتي تنعكس بدورها على المرأة إضافة للوائح الأعراف والتقاليد المعطلة لدور المرأة، فالسلطة و الأعراف والتقاليد يؤثر على فرص مشاركة المرأة في العمل السياسي، بل ويؤثر على سريان مبدأ سيادة القانون ذاته، هذه هي من أهم العوامل التي تفرض القيود الثقيلة على دور المرأة السياسي.

    يمكن رصد أهم المعوقات لمشاركة المرأة سياسياً على الشكل التالي:

      • 1- الأمية، بأنماطها المعروفة “قراءة، كتابة”، والأمية السياسية والمهنية والثقافية ساهمت في دعم وإعادة إنتاج المواقف الذكورية المتحيزة ضد المرأة سياسياً.
      • 2- هيمنة الثقافة البطريركية المتداخلة مع قيم الهيمنة والتفوق والإخضاع لدى العاملين في السياسة (السلطة والقسم الأكبر من أحزاب المعارضة) والذين يحصرون دور المرأة في الوظيفة الاجتماعية والأسرية.
      • 3- ميل السلطة، رغم علمانيتها إلى مجاراة الواقع الناتج عن المد الديني المتشدد والتقليدي في الساحة السورية. والذي يواصل تشكيل ضغط كبير على السلطة كما على القوة الاجتماعية المستقلة لفرض رؤاه وأيديولوجيته الاجتماعية والثقافية والدينية.
      • 4- الحالة العامة والمتمثلة بتعطيل بعض مواد الدستور الرئيسية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية وقانون تشكيل الجمعيات مما ينعكس أثره بشكل مباشر ومضاعف على المجموعات الضعيفة ومنها المرأة.
      5- محاصرة المنظمات النسائية وعدم قدرة هذه المنظمات على الحصول على التسجيل القانوني لهذه المنظمات.

    معوقات اقتصادية:
    نظرياً المرأة في القانون والتشريع مالكة لأموالها، حرة التصرف بها، لكن الواقع يظهر في كثير من الحالات عدم حريتها في ذلك، وخضوعها للضغوط الممارسة عليها من قبل الأهل أو الزوج.

    المرأة والعنف

    على الرغم من اعتبار العنف ضد المرأة – أي العنف الواقع على المرأة بحكم كونها امرأة-، ظاهرة عالمية غير أنه يختلف من مجتمع لآخر من حيث شدته وأشكاله وأنواعه، فهناك العنف الجسدي والمادي والمعنوي، كما هناك العنف الأسري والاجتماعي والاقتصادي والقانوني حسب مصادره.

    وكلما كان النظام الأبوي مسيطراً في الأسرة والمجتمع كلما كان العنف الواقع على المرأة أشد وأكبر. ويرتبط العنف بالمستوى التعليمي والثقافي فكلما ازداد المستوى الثقافي في منطقة كلما كانت ظاهرة العنف ضد المرأة أقل.

    لقد كشفت الحركة النسائية العالمية ظاهرة العنف التي تم السكوت عنها طويلاً وقامت بتعريتها وبينت مصادرها وأسبابها وطرق معالجتها، وكان صدور الإعلان العالمي للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1993) عن الأمم المتحدة، نتاج نضالات النساء خلال قرون، وحصيلة الجهود والنشاطات على مر السنوات.

    عرف الإعلان العنف ضد المرأة في مادته الأولى بما يلي: “لأغراض هذا الإعلان، يعني تعبير (العنف ضد المرأة) أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس – أي العنف ضد المرأة لمجرد كونها امرأة – ويترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة الخاصة أو العامة”.

    ولاحقاً لذلك تم في عام 1994 تعيين مقررة خاصة بالعنف ضد المرأة في لجنة حقوق الإنسان للأم المتحدة. كما تبنى منهاج عمل بكين عام (1995) كل ما جاء في تلك الصكوك والقرارات حول قضية العنف ضد المرأة ومكافحته.

    ولا يمكن القضاء على العنف ضد المرأة من دون الإرادة السياسية والالتزام على كافة المستويات لجعله ذا أولوية على الصعيد المحلي والوطني والإقليمي والدولي، ويعبر عن الإرادة السياسية بطرق مختلفة، من بينها التشريع، وخطط العمل الوطنية، وتخصيص الموارد الكافية، ووضع آليات لمعالجة العنف ضد المرأة على أعلى المستويات، وبذلك جهود للتغلب على الإفلات من العقاب،إن الإفلات من العقوبة على العنف المرتكب ضد المرأة يعقد أثار هذا العنف كآلية للسيطرة، فعندما تقصر الدولة من مساءلة مرتكبي العنف، لا تعزز حصانتهم هذه بتبعية النساء المستهدفات بالعنف وعجزهن فقط، وإنما تبعث أيضاً رسالة إلى المجتمع مفادها أن عنف الذكر ضد المرأة شيء مقبول ولابد منه، ونتيجة لذلك يصبح السلوك العنيف أمراً عادياً.
    وهناك أنواع عديدة من العنف ضد المرأة أهمها ( العنف الممارس بقوة القانون وتحت سقف التشريعات والقوانين المميزة ضد المرأة، العنف الجنسي، الاعتداء الاقتصادي كحرمان المرأة من الوصول إلى الموارد أو السيطرة عليها بما في ذلك دخلها)

    فماذا عن العنف ضد المرأة في قانون العقوبات السوري؟
    صدر قانون العقوبات السوري وفق المرسوم 148 تاريخ 22/6/1949 وطبق اعتباراً من 1/9/1949.

    سنتناول فيما يلي مجموعة من المواد التي تحوي تمييزاً ضد المرأة، ولا تحقق المساواة بين الجنسين في العقوبة:
    المادة 473:

      • 1- تعاقب المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين.
      • 2- ويقضي بالعقوبة نفسها على شريك المرأة الزانية إذا كان متزوجاً وإلا فالحبس من شهر إلى سنة.
      3- فيما خلا الإقرار القضائي والجنحة المشهودة لا يقبل من أدلة الثبوت على الشريك إلا ما نشأ منها من الرسائل والوثائق الخطية التي كتبها.

    المادة 474:

      • 1- يعاقب الزوج بالحبس من شهر إلى سنة إذا ارتكب الزنا في البيت الزوجي أو اتخذ له خليلة جهاراً في أي مكان كان.
      2- تنزل العقوبة نفسها بالمرأة الشريك.

    خالفت هاتين المادتين مبدأ قانونية العقوبة ومبدأ المساواة فيها ( أي أن عقوبة جريمة معينة هي واحدة بالنسبة لجميع الناس دون تفريق من حيث الجنس أو اللون أو الطائفة).

    المادة 475:

    • لا يجوز ملاحقة فعل الزنا إلا بشكوى الزوج واتخاذه صفة المدعي الشخصي وعند عدم قيام الزوجية فتتوقف الملاحقة على شكوى الولي على عمود النسب واتخاذه صفة المدعي الشخصي.

    هنا نلاحظ التفريق بين الرجل العازب والمرأة العازبة حيث بقي حق الولي على المرأة في تقديم الشكوى على وليته، أما الرجل العازب فلا يحق لوليه تقديم شكوى بحقه.، إضافة إلى حرمان المرأة المتزوجة من حقها في الادعاء على الزوج الزاني (وهنا نلاحظ عدم المساواة ومناقضة الدستور)

    المادة 476:

      • 1- السفاح بين الأصول والفروع شرعيين كانوا أو غير شرعيين أو بين الأشقاء والشقيقات والإخوة والأخوات لأب أو لأم أو من هم بمنزلة هؤلاء جميعاً من الأصهرة يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات.
      • 2- إذا كان لأحد المجرمين على الآخر سلطة قانونية.
      3- يمنع المجرم من حق الولاية,

    المادة 477:

      • 1- يلاحق السفاح الموصوف في المادة السابقة بناء على شكوى قريب أو صهر أحد المجرمين حتى الدرجة الرابعة.
      2- وتباشر الملاحقة بلا شكوى إذا أدى الأمر إلى الفضيحة.

    المادة 489:

      1- من أكره غير زوجه بالعنف أو بالتهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل.

    تبيح هذه المادة الاعتداء الجنسي من قبل الزوج على الزوجة، على الرغم من أن الاغتصاب الزوجي من أخطر أشكال العنف ضد المرأة والتي يجب تجريمها وتحريمها).

    المادة 508:

      1- إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة وإذا صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه.

    المقصود بالجرائم الواردة في هذا الفصل الاغتصاب، الفحشاء، الخطف، الإغواء، التهتك.
    نلاحظ أن الزواج الوارد في هذه المادة هو زواج صحيح يشوبه الإكراه، وهو زواج غايته (ستر الفضيحة) وهو ما يعبر عن العقلية الذكورية التي ترى درء الفضيحة أهم من مشاعر المرأة وأحاسيسها، حيث تُجبَر على الزواج من مغتصبها وهو ما يشعرها بالذل والهوان والقهر.

    المادة 548:

      • 1- يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو أحد فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد.
      2- يستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو أخته في حالة مريبة مع آخر.

    يحول العذر المخفف الجناية إلى جنحة، ومن هنا هذه المادة ذات أبعاد خطيرة، فهي تشجع على العنف الأسري، وتكرس حق الاقتصاص المباشر واستيفاء الحق بالقوة. وهو ما يناقض كل منطق قانوني وقضائي كما يناقض دستور الدولة ونظامها القضائي، وبذلك يكون مرفوضاً رفضاً مطلقاً.

    والفقرة الثانية من المادة لم تحدد ما هي الحالة المريبة، (وبما أن الشك يفسر لصالح المتهم) فهي تبرر الفعل وتخفف عقوبته.

    بالإضافة إلى ذلك فإن الاجتهادات تركت زمن ارتكاب الفعل مفتوحاً أمام المجرم القاتل (قاعدة 1314) (ومن الجدير بالذكر أن مرور زمن على الحدث لا يغير حيثيات القضية ولا عبرة لمرور الزمن بالنسبة للدافع الذي يعرف بأنه دفاع عن الشرف لمجرد وقوع القتل تحت تأثير اعتداء القتيل على عرض القاتل مهما طال الزمن أو قصر) رغم ذكر كلمة المفاجأة في النص القانوني.

    كما أن عقوبة المرأة التي تقتل بدافع شريف تبقى على حالها، أي دون عذر مخفف، مما يوقعنا من جديد في عدم المساواة في العقوبة لنفس الجرم.

    المادة 117:

    • إذا طلق الرجل زوجته وتبين للقاضي أن الزوج متعسف في طلاقها دون ما سبب معقول وأن الزوجة سيصيبها بذلك بؤس وفاقة جاز للقاضي أن يحكم لها على مطلقها بحسب حاله ودرجة تعسفه بتعويض لا يتجاوز مبلغ ثلاث سنوات لأمثالها فوق نفقة العدة، وللقاضي أن يجعل دفع هذا التعويض جملة أو شهرياً بحسب مقتضى الحال

    أي أن التعويض لا تستحقه المرأة نتيجة التعسف في الطلاق إلا إذا أصابها بؤس وفاقة من جراء الطلاق؟ استنتاجات:

    • صادق المرسوم التشريعي رقم (330) للعام 2002، على انضمام سورية إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة مع تحفظات.
    • وعلى الرغم من أنه يوجد حالياً في سورية مراكز لإيواء الفتيات تحت سن (18) وعددها (15) مركز بعضها حكومي والآخر غير حكومي يمول من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ومن تبرعات نقدية وعينية من بعض المنظمات الدولية والمحلية من بينها (جمعية راهبات الراعي الصالح) التي تقدم الإقامة والعون الصحي والنفسي والتأهيلي للفتيات والنساء المعنفات.
      غير أن هذا العدد من المراكز غير كاف? ويجب العمل على زيادته من خلال دعم وتسهيل قيام مثل هذه المراكز، ودعم الجمعيات التي تقوم بالرعاية للفتيات ضحايا العنف.
    • كما أن الأهم من ذلك الارتقاء بالقوانين التي تتضمن تمييزاً ضد المرأة بحيث يصبح القانون حامياً للمرأة من العنف الموجه ضدها، ومحققاً المساواة أمام القانون لكلا الجنسين.
    • بالإضافة إلى ضرورة إلغاء التحفظات التي وضعتها سورية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
    • ويجب أن لا ننسى ضرورة تغيير المواد المتعلقة بجرائم الشرف، لأنها تشكل حافزاً دائماً لقتل النساء ولو على الشبهة، وتحت حماية القانون ورعايته.
    عالمية حقوق المرأة وعلاقتها بحقوق الإنسان

    إن البنود الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تشمل كل إنسان، وهذا يعني ضمناً شمولها للنساء بشكل عام. فلا يمكن فصل حقوق النساء عن مفاهيم حقوق الإنسان بشكل عام.

    المادة الأولى من الإعلان تؤكد على مبدأ المساواة “ولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق”. كما إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وشرعة حقوق الإنسان المتفرعة عنه يقدمان نفس الحقوق والمسؤوليات بصورة متساوية وبدون تمييز فهما مثلاً يقران بالحقوق لكل النساء والرجال، الأولاد والبنات، عن طريق تقرير إنسانيتهم بغض النظر عن أي دور لهم أو أي وضع هم عليه أو علاقة لديهم.

    إن انتهاك حقوق الإنسان مرتبط بعضه البعض (أي إن انتهاك حق واحد يؤثر على بقية الحقوق) وبنفس الطريقة فأن تعزيز حقوق الإنسان في مجال معين يساعد على تعزيزها في الأخرى.

    “… ومن الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الظلم والاستبداد”.

    لذا ينبغي التأكيد على المساواة وعدم التجزئة والتمييز في الحقوق، وكذلك على التكامل والترابط، ومسؤولية الحكومات والمسؤولية الشخصية في الوقت نفسه، وهذه أمور يتفق فيها مفهوم حقوق النساء مع مفهوم حقوق الإنسان بشكل عام، إضافةّ إلى أساس آخر يتعلق بعالمية حقوق الإنسان وحقوق النساء في الوقت نفسه.

    فحقوق الإنسان هي تلك المعايير الأساسية التي بدونها لا يستطيع الإنسان العيش بكرامة. والدفاع عن حقوق الإنسان هو المطالبة باحترام كرامة جميع الناس.

    إن النساء اللواتي يفهمن حقوق الإنسان لديهن قوة اكبر للمطالبة بها وبكرامتهن كاملة. كما أن شبكة عمل حقوق الإنسان توفر الأدوات للدفاع والتمكين وتعزيز القدرة على التحليل وبناء الخبرات والقدرات وتبادل التجارب بين النساء وفي المجتمعات المحلية حتى يستطعن المطالبة بحقوقهن بالطرق المتاحة على المستوى الدولي. أعلنت الأمم المتحدة في ميثاقها، بأنها لن تدخل في حظيرتها، ولن تقبل في عضويتها، إلاّ الدول التي تدين بحقوق الإنسان، معياراً للحضارة المفروضة على كل عضو من أعضاء الأسرة الدولية.

    طالبت الأمم المتحدة دول العالم، بتأمين تدابير وطنية ودولية، لتطبيق مبادئ حقوق الإنسان بصورة شاملة وفعّالة. ويبدو أن هذه النقلة النوعية في مجال حقوق الإنسان، وماهيتها والاهتمام الكبير بها من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية، لم تحد من التجاوزات والانتهاكات الحاصلة على حقوق الإنسان من قبل أعضاء المجتمع الدولي. إن ضرورة الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام بما فيها حقوق النساء، لم تنشأ من فراغ، بل ينطلق بشكل أساسي عن الحاجة والضرورة الموضوعية لحماية الإنسان وحماية النساء من كل التجاوزات الحاصلة على الحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتعوا بها، ومنع مظاهر التمييز والتعسف والجور في كافة المجالات، وهنا تكمن الحاجة الموضوعية لوجود وتطور مفهوم هذه الحقوق سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد الدولي.

    إن نعت حقوق النساء بالبدعة الغربية، هو مسعى التيارات الإسلامية السياسية المتشددة، سواء كانت في الحكم أو في المعارضة، لغرض التشويش على أوساط واسعة من الجماهير، عبر استغلال العقيدة الدينية لتبرير سياسات قائمة، أو فرض سياسات جديدة مبنية على انتهاك كرامة النساء، واعتبارها مواطنة من الدرجة الثانية. وعلى المنوال نفسه تنعت الدكتاتوريات العسكرية والحزبية الحاكمة في العالم الثالث، حقوق الإنسان بشكل عام بالبدعة الغربية، لتبرير العنف المسلط من قبلها على رقاب الشعوب، ولإسكات أصوات الرأي العام العالمي، التي تعالت في الآونة الأخيرة في أجزاء كبيرة من العالم، وبالأخص في مجال الرأي العام الغربي بسبب الحريات السياسية الموجودة، ضد التجاوزات الحاصلة على حقوق الإنسان في بلدان العالم الثالث.

    ومن هذا المنطلق لا يمكن قبول منطق تلك الدول التي تنتهك حقوق الإنسان، وتتعامل مع مبادئ وبنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بصورة انتقائية، بذريعة مراعاة الخصوصيات الوطنية والثقافية. إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يشكِّل الحد الأدنى من الحقوق، التي يجب ممارستها وضمان عدم انتهاكها، من قبل الأفراد ومن قبل أعضاء الأسرة الدولية.

    قضايا إيجابية: لا بد من الإشارة إلى جملة من الخطوات الايجابية التي تم تحقيقها ويجب الحفاظ عليها وتعزيزها:

    • توقيع الحكومة السورية على الاتفاقية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وقبولها يعتبر نقطة إيجابية رغم التحفظات التي قدمت من قبلها.
    • دعم الدولة لإنشاء دور حضانة لأبناء العاملات في قطاع الدولة.
    • تطبيق إلزامية التعليم يؤثر بشكل كبير على رفع سوية المرأة تعليمياً، رغم بعض المعوقات التي تؤثر على تطبيقه بشكل كامل.
    • الإجراءات الحكومية حول المشاركة السياسية رغم شكلية هذه المشاركة.
    • رفع حضانة الأم لأبنائها الطفلة 15 عاماً والطفل 13 عاماً.

    توصيــــــــــــات
    ماهو المطلوب من الدولة

    • مراجعة القوانين بغرض تعديل أو حذف المواد التمييزية ضد المرأة بحيث تتوافق مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان.
    • العمل على إلغاء تحفظات الحكومة السورية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتعديل القوانين الداخلية بما يتلاءم مع هذا الإلغاء.
    • سن قانون جمعيات يتيح للنساء المشاركة الفاعلة مع باقي قطاعات الشعب في عملية التنمية المستدامة.
    • زيادة الإنفاق الحكومي على التعليم والتدريب والتأهيل وكل ما من شأنه زيادة الفرص أمام النساء في العمل وتبوء مراكز صنع القرار.
    • الدعم الاقتصادي للمرأة لزيادة مساهمتها في عملية التنمية المستدامة، وتوجيه النساء وتشجيعهن ليكن جزءاً فاعلاً من العملية الإنتاجية.
    • تقديم الدعم الحكومي لتطوير صورة المرأة في الإعلام.
    • زيادة الاهتمام بالفئات الأكثر تهميشاً في المجتمع، والمجتمعات الريفية والبعيدة عن المدن، لردم الفجوة بين (المركز والأطراف)، خاصة وأن التوعية الاجتماعية والثقافية تحتاج إلى زمن ليس بالقليل، فكيف إذا ترافق هذا الزمن مع إهمال للمجتمعات الأكثر تقليدية وتمسكاً بأعرافها.
    • تشجيع الحكومة على زيادة الإنفاق لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للفئات الأكثر فقراً في المجتمع، خاصة وأنه لوحظ ترافق الفقر والوضع المعيشي السيء مع العنف بمختلف أشكاله (وتجاه النساء والأطفال بشكل خاص)، علماً بأنه لا توجد قوانين تحد من أشكال العنف التي لاتصل إلى المحاكم، كالعنف المادي والمعنوي والجسدي. ويرافق ذلك مع الصورة التقليدية التي تمنح الزوج أو الأب حق تربية أفراد أسرته بالطريقة التي يراها مناسبة، وعدم استنكار المجتمع لمثل هذا السلوك.
    • تنقية المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية من الصور النمطية للمرأة، وتشجيع وتقديم الدعم لإعطاء صورة أكثر حضارية للمرأة كونها جزءاً فاعلاً ومشاركاً في جميع هموم الوطن بمختلف قطاعاته.

    ماهو المطلوب من المرأة السورية

    • تعميم ونشر ثقافة حقوق الإنسان بين كافة شرائح المجتمع، وبين النساء بشكل خاص، كي يعرفن حقوقهن، وبالتالي يدافعن عنها، ويجب أن لا ننسى أن النساء جزء من المجتمع لا يمكن تطويره على حدة، لذا لابد من نشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع ككل فحقوق المرأة جزء من حقوق الإنسان.
    • التحرك الجاد على المستوى الوطني من خلال نشر كافة التشريعات التي تساوي المرأة مع الرجل، وجمع جميع الانتهاكات التي تحصل لتلك التشريعات وتعميمها كأداه على السلوك المتناقض للدولة، إذ لايكفي وجود نصوص قانونية تتضمن حقوق المرأة في الوقت الذي تجري ممارسة فعلية تنتهك بشكل صارخ تلك الحقوق.
    • محاولة الضغط على الحكومة السورية لإيجاد منظمات نسوية مستقلة غير تابعة للنظام ليتسنى لها القيام بدور التوعية والدفاع عن حقوق المرأة حتى لا تكون أداة بيد السلطة السياسية ومنبراً لدعاواها.
    • التعاون والتنسيق مع الرجل المؤمن بتساوي المرأة مع الرجل وإشراكه في نشاطاتها.
    • التنسيق والتشبيك والتعاون مع المنظمات النسوية في العالم لما لهذا التنسيق والتشبيك من فائدة على مستويات عدة أهمها الاستفادة من تجارب هذه المنظمات.
    • الضغط على كافة الأحزاب السياسية لإدراج موضوع مساواة المرأة في برامجها على أن لا تتناقض مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
    • حث العاملين في مؤسسات الإعلام على كافة المستويات الصحفية والتلفزيونية والسينما للعمل على تكريس حرية المرأة ومساواتها مع الرجل. ماهو المطلوب من منظمات وجمعيات المجتمع المدني في سورية والقوة السياسية
    • تشجيع اشتراك النساء في مثل هذه المنظمات والجمعيات والأحزاب السياسية، مما يعطيهن الثقة بالنفس وبأنهن شريكات في الوطن وفي حل مشاكله.
    • تشجيع المجتمع المدني والقوة السياسية على إنشاء جمعيات غير حكومية تعمل على إشراك النساء في عملية التنمية في البلد.
    • اعتبار قضية المساواة المرأة مع الرجل من القضايا الجوهرية لعملها، على أن تكرس ذلك ضمن تصرفاتها وأن تقرن القول بالفعل.

    ماهو المطلوب من أصحاب الرأي والشخصيات العامة المؤثرة

    • لما لهم من دور في التأثير على الرأي العام، عليهم أن لا يتجاهلوا هذا الخلل المجتمعي وعليهم إعطائه أهمية خاصة لما له من تأثير على المجتمع ككل، من خلال البحوث والدراسات والمقالات المختصة في مساواة المرأة مع الرجل على كافة المستويات البحثية الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والدينية والسياسية.

    مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية يرى أن التناقض بين القوانين التشريعية في الدستور ، الذين يعطيان المرأة نفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل في الحياة العملية كمواطنة سورية وبين قانون الأسرة المبني أساساً على قانون الأحوال الشخصية والذي يعطي كامل السلطة على المرأة وبالتالي يضعها في مركز متدن بالنسبة إليه هو من أهم الأسباب في العسف الذي يقع على المرأة .

    إن تواجد قوانين متناقضة في شأن المرأة يعوق مشاركتها الفعلية في بناء الوطن على كافة الصعد السياسية والثقافية والاقتصادية، ليس هذا فحسب بل إن هذه التناقضات يكرسها عدم الاعتراف بالحقوق الكاملة للمرأة وبالقيمة الاقتصادية لعملها وبقدرتها على القيام بكل الأدوار والمهام التي يقوم بها الرجل والتي يحتاجها الوطن والمجتمع في مسيرة نموها وتقدمها.

    مراجع البحث:

    • تقرير أوضاع المرأة في الجمهورية العربية السورية، صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة – اليونيفيم، 2004.
    • منتدى المرأة والتربية صور من خصائص النساء المتميزات في سورية في إطار تاريخي معاصر، إعداد منى داغستاني، دمشق 2004.
    • التقرير الوطني بيجين +10، 2004.
    • المرأة السورية مابين الدستور وقانون العقوبات، إعداد المحامية امل يونس، الهيئة السورية لشؤون الأسرة.
    • العنف ضد المرأة وقوانين العقوبات العربية، المحامية حنان نجمة، الهيئة السورية لشؤون الأسرة، 2005.
    • قانون الأحوال الشخصية السوري.
    • حقوق المرأة في تشريعات العمل، حنان نجمة، الهيئة السورية لشؤون الأسرة، 2005.
    • مؤشرات تمكين المرأة في الدول العربية، الهيئة السورية لشؤون الأسرة، 2006.
    • دستور الجمهورية العربية السورية.
    • قانون العقوبات السوري.
    • الإسلام وحقوق المرأة -كتاب – هيثم مناع
    • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
    • تقرير التمنية البشرية لعام 2005
    • الصحافة النسائية في العالم العربي – للكاتب مصطفى عاشور
    • الزواج المدني – للباحثة د: فيوليت درغر
    • دراسة متعمقة بشأن جميع أشكال العنف ضد المرأة ة الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2007
    • واقع المرأة السورية اليوم – د: مي الرحبي
    • أنثوية العلم – د: ليندا جين سيفر – عالم المعرفة
    • قانون الأحوال الشخصية – أسامة المصري – دراسة مجلة مقاربات