8/5/2005

ليس ثمة مشكلة في أن يحاول المسؤولون دائماً تجميل ما يقومون به، والتقليل من أهمية نواقص عملهم. فهذا ما يقومون به في مختلف أنحاء العالم. وعلى مر التاريخ. فيما يبدو أنها صفة ملازمة للمسؤولية، بغض النظر عن طبيعة العلاقات الحاكمة بين هؤلاء المسؤولين، وبينهم وبين مسؤولياتهم.

لكن المشكلة أن يتهيأ لهؤلاء المسؤولين أن الآخرين هم مجرد عميان وطرشان لا يعرفون إلا ما يقال لهم! وهو حال الكثير من المسؤولين في بلدنا.

إذ ما إن يصعدوا منبراً ما، أياً كان، تلفازاً أو إذاعة أو صحيفة أو لقاء مباشراً أو.. حتى يبدؤون، ليس بمحاولة التجميل، بل باستغباء كل الناس عبر نفيهم القاطع لما يعرفه الجميع، ولما يعرفون هم أنفسهم أن الجميع يعرفونه!

في لقاء مفتوح بين مواطن ومسؤول، دعت إليه جمعية أصدقاء دمشق، التقى في قاعة المحاضرات في مكتبة الأسد بدمشق كل من وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، د. ديالا الحاج عارف، مع طيف واسع من المهتمين والمعنيين، خاصة الجمعيات العاملة في سورية.

وطرحت السيدة الوزيرة في اللقاء جملة من الأمور الهامة التي سنؤجل استعراضها إلى وقت لاحق نحاول فيه أن نحاور د. الحاج عارف بناء على دعوتها المفتوحة والمعلنة في القاعة أن أبوابها مفتوحة لأي استفسار أو مشكلة.

إلا أننا سنتناول فقط ردها على واحد سؤالين وجههما موقع “نساء سورية” للسيدة الوزيرة حول قانون الجمعيات. إذ سألنا: “هل يتضمن مشروع القانون الذي تعمل الوزارة على صياغته حقاً للجهة الإدارية، أو لأية جهة أخرى بالتدخل في عمل الجميات وخاصة في مجالس الإدارة؟”.

فما كان رد الوزيرة على هذا السؤال إلا استنكاراً كلياً لهذا الأمر! مؤكدة، بمثل محدد، أن الوزارة لا تتدخل إطلاقاً، وتحترم احترماً كلياً مجالس الإدارة المنتخبة!

الغريب هنا أن السيدة الوزيرة تعرف حق المعرفة أن الواقع لا يمت بصلة لما قالته. وأن الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، بمختلف اتجاهاته، قد تناول هذه المسألة بهذه الدرجة أو تلك. وأن هناك أمثلة كثيرة على واقع التدخل إلى درجة حل مجلس الإدراة، وليس فقط رفض هذا أو ذاك.

وربما كان آخرها ما نشرته جريدة “النور” السورية في عددها الصادر بتاريخ 13/3/2005 (اقرأ التحقيق..) عن النادي السينمائي بطرطوس الذي رفض أعضاء في مجلس إدارته مرتين لأن أحد أعضائه لم يعجب أولي الأمر. وسواء كانت الوزارة هي التي رفضت أم لا، فإنها هي التي سلمت أمر الرفض هذا!

كما أن الفقرة 2 من قانون الجمعيات المعمول به حالياً (اقرأ القانون..) تنص حرفياً على ما يلي:

“2- للجهة الإدارية المختصة أن تعين بقرار منها عضواً أو أكثر في مجلس إدارة الجمعية وتحدد صلاحياته وتعويضاته في قرار التعيين على أن يكون العضو المعين من موظفي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل”! فهل هنا أي لبس فيما تنص عليه الفقرة المذكورة من حق للجهة الإدارية المختصة، أي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، في أن تعين عضواً أو أكثر في مجلس إدارة أية جمعية؟!

لن نستطرد في هذا الحديث الآن. لكننا نعود إلى مقدمة هذه المقالة. من الطبيعي أن يحاول أي مسؤول تجميل عمله أو عمل المؤسسة التي يديرها. لكن هناك بوناً واسعاً بين التجميل، واستغباء الآخرين! ولا نظن أنه من الحكمة بمكان، في عصر الانترنت والفضائيات والمعلومات الحرية التداول، أن نطمس الحدود بين التجميل والاستغباء!

نساء سورية