19/6/2005

يستطيع متصفح الانترنت أن يجد بسهولة الكثير من الموقع التي لا تضع أي شكل من أشكال القيود على اللغة المستخدمة في صفحاته.

وهذا خيار ليس لنا تعليق عليه. إلا أننا هنا، في “نساء سورية”، التزمنا التزاماً أخلاقياً أن لا يكون هناك أي شكل من الرقابة على أي مقالة تقع ضمن مجال عمل الموقع، إلا أن تستخدم الإساءات وتلجأ إلى تكفير أو تخوين الآخر.

وهو التزام نابع أساسا من اعتقادنا أن واحداً من أهم عوامل قصور حالنا كان رفضنا العلني أو الخفي للآخر. بل حتى السماع له.

ولجوءنا إلى نفيه خارج دائرة عقلنا، إن لم يكن خارج وجودنا، عبر تكفيره أو تخوينه. وهو سلوك مارسته جهات عدة عبر عقود من الزمن. جهات تنتمي إلى مدارس فكرية مختلفة، وعقائد وأديان مختلفة، ومواقع قرار مختلفة..

ونحن نعتقد أننا بحاجة ماسة إلى أن نسمع بعضنا بعضاً بآذان مفتوحة، وعقول مفتوحة.. وهو ما نحاول الالتزام به دائماً.

ولذلك حوت صفحات هذا الموقع مقالات من مشارب مختلفة، بل كانت متناقضة بعض الأحيان.

لكن قاسمها الأهم كان أن أيا منها لا يسيء إلى الآخر، ولا يكفره أو يخونه أو يطلق النعوت الأخلاقية عليه.

ويمكننا القول أن جميع من ساهم في هذا العمل بذل جهوداً يحسد عليها في هذا الاتجاه.

فنحن جميعا لم نعتد، ولم نتربى في كافة مؤسسات المجتمع، على أن الحقيقة ليست سوى مكونات مبعثرة في عدد لا نهائي من الآراء والوقائع.. وكلما طرحت آراء أكثر تنوعاً كلما استطعنا الوصول إلى قراءة أفضل للواقع.. وإلى وضع تصورات أنجع للحلول.. بل تربى كل منا على أنه المالك النهائي للحقيقة الكاملة!

في هذا العدد قمنا بخرق التزامنا، ولمرة واحدة لن تتكرر. وعذرنا في هذا الخرق أن المقالة التي يتناولها الرد الذي استخدم الكثير من الإساءة و.. كتبت باسم “نساء سورية”، ورغبة منا في إبراز المستوى الذي لا نريد بحال من الأحوال أن نصله، ونرغب في أن نتجنبه جميعاً.

فالمقالة الأولى في هذه الصفحة
(رد على مقال: “العازل.. أفضل وسيلة حماية من الإيدز”، وتعقيب من “نساء سورية”)
حافلة بالإساءات والجمل غير اللائقة والاتهامات التي تبتعد كثيرا عن أي مستوى من مستويات آداب الحوار.

وكاتب المقالة ذاته، د. ديابي، أرسل لنا مقالة أخرى ردا على إحدى المقالات التي نشرت في الموقع، يبلغ فيها مقدار الإساءة وعدد ونوعية الجمل الاتهامية المستخدمة فيها حداً يبدو معه رده المدرج في هذا العدد بالغ التهذيب واللطافة! وطبعاً، نعتذر من القراء، ومن د. ديابي عن نشر هذا الرد الثاني.

وأية مقالة لا تلتزم حداً مناسباً من التهذيب وعدم تناول الآخر أو سوق الاتهامات الأخلاقية أو التكفير أو التخوين. بغض النظر عن كاتبها واسمه ومرتبته وقيمته و..

فاحترام الآخر وقبوله دون أي إساءات من أي نوع، واعتماد الحجة في الحوار معه، هو قاعدة أساسية في اعتقادنا للحرية التي، وبكل تواضع، نمارس نحن ما يمكننا منها، دون أن نغفل أن بعض الآخر لا يقاربها حتى مقاربة! فلا د. ديابي، ولا الكثيرين غيره يقبلون بنشر مادة تخالف آراءهم الخاصة على مواقعهم. ولذلك لن تجدوا في تلك الموقع سوى جمل قليلة مكررة بأشكال وأسماء لا نهائية!

لا نعتقد، ببساطة شديدة، أن أحداً على وجه الأرض، أو سيكون على وجهها ذات يوم، يمتلك حق تكفير الآخر. وعلى من يعتقد أن فيه هذه “العصمة” وهذه “الوكالة” أن يجد مكاناً آخر ليطلق فيه أحكامه الخاصة. ويمارس انغلاقه الخاص الذي لا يسعنا سوى أن نتمنى له، وعليه أن يعيد التفكير في الأمر، وينظر في ما آل إليها أمرنا جميعاً نتيجة لهذه الرؤية القاتلة.

إذا، يؤسفنا يا د. ديابي أن لا نتمكن من نشر ردك الثاني. ويسرنا بالتأكيد دوام مشاركتك في هذا الموقع. لكن.. بعيدا عن هذا الأسلوب.. فإذا كان يمكنك المشاركة والمساهمة في معالجة قضايانا الحارة والمهمة باعتماد احترام الآخر أيا كان ومهما كانت آراؤه، وقبوله على أنه صاحب رأي لا يقل عنك أو عن أي صاحب رأي آخر، فأهلاً بك شريكا عزيزا في هذا العمل.. وإذا لم يكن كذلك، فإننا نأسف حقاً لخسارة ما كان يمكنك أن تقدمه كواحد من هذا البيت الذي نحن جميعاً، على قدم المساواة، شركاء فيه.. بيتنا..

19/6/2005

نساء سورية