1/2006

إيهاب يحكي:
كانوا بيدقوا أى شئ على الأرض بيتحرك. بيدقوه. ستات أو أطفال مش مهم. لم نأخذ أى فرصة للتفاوض. رش المياة أبتدأ بعد وقت قصير من بداية الإنذار. طلبنا نعرف أحنا رايحين فين. طلبنا شخص من المفوضية. على طول أبتدا الهجوم والضرب من جميع الاتجاهات. المساحة اللى أحنا واقفين عليها كانت مزدحمة جداً وهم ضغطوا علينا وهجموا من جميع الجهات. الأطفال كانوا فى الأرض. حاولنا نرفعهم يضربوا فينا أحنا والأطفال. اللى مات منا مات. واللى إنصاب أو تعب يجروه على الاوتوبيس ويفضل ينضرب لغاية ما يوصل. ضربونى فى عينى والدم نزل من أنفى. كل ما أحاول أمسك طفل يضربوه. الطفل انضرب وأنا ماسكه بيده عشان كدة اصابعى أنكسرت.

أنا وقعت فى الأرض وكنت ماسك طفل وكنت زى الميت. جرونى زى الكلب. لما فقت كانت يدي مربوطة. ضربونى بعصاية كهرباء. رحت فى غيبوبة. فقت أتلفت يمين وشمال لقيت ناس بتتكلم. فتحت عينى ماكنتش شايف كويس. عينى كان عليها دم. لقيت ناس من جماعتنا ميتين. لقيت نفسى فى المشرحة أنا والميتين سواء. رفعت راسى. ماقدرتش. كان فيه أثنين دكاترة وبيقولوا دولا ناس ميتين. سالوا تعملوا ايه فيه واحد صاحي. واحد قال: موته. وفيه واحد جاب حاجة زى الحقنة عشان يعطيها لي. دخل سودانى زائر راح الدكتور شال الحقنة وأخذ جنب. اشرت للسودانى بيدى. جه. قلت له اسندنى على الحائط. لما وقفت شفت أطفال وحريم ورجال ميتين حواليا. السودانى بكا وطلع.

خدونى رقدونى فى الصالة، بعدين حطوني على نقالة وطلعونى. العنبر كان فيه ضباط وحرس. سجلوا أسماءنا. كان فيه خمس أطفال. أثنين ملفوفين بالبطانية والباقيين شايلينهم على الكتف. مجرد ما شفتهم قمت. رغم الألم رفعتهم وحطيتهم على سرير. كانوا بين الحياة والموت. سنهم كان من حوالى سنة ونصف إلى أربع سنين.

قلبى أكلنى. قلت يا جماعة أحنا قاعدين نعمل إيه. ما فيه علاج وعاوزين يعطونا حقن يموتونا. قلت يا ناس لو جاء الأكل ما فى حد يأكل. وفعلا رفضنا الأكل. طلعت أشوف العنبر الثانى لقيت فيه جرحى كتير وأكثر من عشرين طفل. لقينا أب طفله مات وهو نفسه بين الحياة والموت. قلت لهم خرجونا ما عاوزين نقعد. طلعونا من العنبر وركبنا أتوبيس ورحنا القسم. بعدين عرفت أنه الدقى. سجلنا الأطفال بأسمائنا (أخذنا الخمس أطفال معنا). الزنزانة كانت ضيقة. كنا عشرين مش عارفين نقعد وأحنا شايلين الأطفال. كلنا متعورين. كلبشونا كل أربعة مع بعض وكان فيه حريم. روحنا معسكر بعيد بعد 6 أكتوبر. جم نزلونا وقسمونا وسجلونا فى المعسكر. كانت الساعة 4.30. عاملونا بقسوة زى مجرمى الحرب. حتى الحمام رحنا بالحرس. جابو أكل لكن تركونا بدون علاج.

نزلونا فى الشوارع. كل عشرة كيلو خمس أفراد مجروحين وعريانين وحافيين ومن غير فلوس. كل واحد نازل يضربوه وهو نازل. وأخذنا السكة مشي.

قعدت فى مستشفى سنابل ثلاث أيام بدون علاج. كنت مضروب. جسمى كله بيوجعنى. عينى ورجلى متعورة وأصابع يدى الوسطانين مكسرين ومتعورين. قعدت خمس أيام مش عارف أنام من ضيق النفس وألم الصدر. ثلاث أيام من غير علاج وفى اليوم الثالث أتخنقت وجيت أخرج من المستشفى جابولى دكتور من كاريتاس وعمل أشعة على يدى وجبسها، إشاعة صدرى سليمة. بس الظاهر فى تمزق فى العضلات.