22/5/2009

“جرائم الشرف” هي الجرائم التي يقوم من خلالها الذكور بقتل الإناث لأسباب تتعلق بخياراتهن في الحياة، ومن ثم يدعون أن هذا القتل تمّ لـ”الحفاظ على الشرف”، أو لـ”غسل العار”.

وتكون أسباب هذا القتل عادة مبنية على خيار المرأة بالزواج من رجل من دين آخر، أو طائفة أخرى، أو عشيرة أخرى. أو من رجل لا يرضى به الأهل زوجا لها. أو بسبب قيامها بممارسة جنسية خارج إطار الزواج. أو قبل الزواج. أو لأنها أحبت، أو شوهدت مع شاب ما.

وتختلف حساسية الأسباب حسب مناطق مختلفة من العالم.

وتعتبر “جرائم الشرف” نوعا من “القربان” البشري الذي تقدمه الأسرة للمجتمع المحيط تلبية لرغباته بضبط سلوك النساء وفق ما قرره هذا المحيط، ويحمل رسالة واضحة من القاتل وأسرته: “لقد قمنا بإزالة أسباب رفضكم لنا، فاقبلونا مجددا”. وهذا ما يفسر المبالغة الشديدة في “طقوس” القتل. حيث عادة يكون قتلا علنيا في مكان عام، احتفاليا. وغالبا ما تشارك نساء العائلة فيه بإبراز فرحهن بالقتل كنوع من التطهر العلني مما قامت به الضحية.

سميت بهذا الاسم كنوع من التمييز لها عن الجرائم الأخرى، عبر ربط “الجريمة” بالسبب الذي يدعي القتلة أنهم قتلوا من أجله: “الشرف”.

ترتكب جرائم الشرف في مناطق كثيرة من العالم. وتكثر في الدول الإسلامية. وخاصة: أفغانستان، باكستان، إيران، الأردن، سورية.. تحت وطأة اعتقاد شعبي ان الأديان السماوية تدعم هذا القتل، وبسبب من الحماية القانونية التي توفرها بعض هذه البلدان للقتلة إذا أثبتوا أن دافعهم كان “شريفا”.

وعادة لا تأخذ هذه الجرائم هذا الاسم إلا في البلدان التي لديها نوع من الحماية القانونية تعفي القتلة من العقاب. مثلما هو الحال في بلدان مثل سورية، الأردن. حيث توجد في سورية مادتين تحميان القتلة بهذا العذر: المادة 584 ، والمادة 192 من قانون العقوبات السوري.

عادة تربط “جرائم الشرف” بالدين الإسلامي، غير أن تجربة عدة منظمات مناهضة لهذه الجرائم، بضمنها تجربة “مرصد نساء سورية” أثبتت أن أشخاصا يتبعون ديانات مختلفة يرتكبون هذه الجرائم بالأسباب نفسها والذريعة نفسها. بينما أكد رجال دين من أديان مختلفة رفض الديانات السماوية لهذا النوع من القتل، مؤكدين على أن حق القصاص هو حق حصري للدولة، وليس من شأن الأفراد أن يقتصوا لما يعتقدون أنه مساس بهم.

أطلقت حملات كثيرة مناهضة لجرائم الشرف في العالم. بعضها محلي، وبعضها عالمي. مثل حملة في الأردن توصلت إلى تعديل المادة 340 التي تحمي القتلة بهذا العذر، وتم تعديل المادة التي كانت تمكن القتلة من الخلاص من العقوبة بشكل كامل في بندها الأول، وتمنح احكاما مخففة في بندها الثاني، ولا يستفيد من البندين سوى الذكور. بحيث ألغي احتمال أن يحصل القاتل على إعفاء كامل من العقوبة، ومنح الحق بالتخفيف من العقوبة للنساء أيضا في حال ارتكبن الجريمة نفسا للأسباب نفسها.

كذلك حملة “نساء سورية” بعنوان: “الحملة الوطنية المناهضة لجرائم الشرف”، والتي انطلقت في أيلول 2005، وما زالت مستمرة حتى اليوم. وهدفت إلى إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري التي تمنح القتلة إعفاء تاما من العقوبة، أو تخفيفا يصل إلى ستة أشهر. والمادة 192 من القانون نفسه التي تسمح أيضا بتخفيف العقوبة إلى عدة أشهر.

وقد أثمر عمل “مرصد نساء سورية” إخراج هذه الجرائم من مجال الصمت إلى مستوى “الرأي العام”. كما أثمر اضطرار الحكومة السورية إلى الإعتراف بهذه الجرائم، وعقد مؤتمر وطني في 10/2008 بعنوان: “الملتقى الوطني حول جرائم الشرف”، وخلص إلى توصيات هامة تهدف إلى مناهضة جرائم الشرف في سورية، ما تزال تنتظر أن تتحول إلى واقع قانوني ومؤسساتي ومجتمعي.

في العديد من البلدان جرى عمل مهم أيضا في مناهضة هذه الجرائم. فقد قامت تركيا منذ قيام الدولة الحديثة فيها بإلغاء أية أعذار قانونية للقتلة بهذه الذريعة. كما قامت باكستان بذلك، وتونس أيضا. بينما لا يزال القتلة يستفيدون من دعم القانون لهم في بلدان كثيرة مثل أفغانستان، إيران، السعودية، دول الخليج، اليمن، الصومال، السودان، مصر، الأردن، سوريا، لبنان.. وغيرها.