30/3/2008

لا يدخل هذا الكلام في سياق الدفاع عن النظام السوري بما يمثله من نهج وسياسات، بقدر ما يركز على إدانة العجز والفشل والتردد التي تحكم سياسات الإقليم العربي الموارب مع جوهر سياسات الهصر أو العصر أو الإضعاف التي تمارس ضد النظام ، هذه السياسات المتوافقة ربما اعتباطا مع القانون الذي وضعه الإسرائيليون عندما استشارهم الأمريكيون في تغيير نظام بشار الأسد، فكان ردهم الإجماعي: استنزفوه ولا تغيروه. مع هذه الاستراتيجية التي مازالت مقررة ـ دولياً ـ توافقت الاستراتيجية العربية ، التي قامت هي الأخرى على محاولة تقويم الظل مع المعرفة الواثقة بأن العود أعوج.

ولقد أدت سياسات العصر أو الهصر أو الاستنزاف حتى الآن، نقول حتى الآن، إعمالاً للظاهر وليس تتبعاً لما يجري وراء الكواليس ، إلى أن تفتح سورية نافذة للتنفس نحو تركية، وأن تدفع ثمناً لهذه النافذة جزءاً من الأرض الوطنية التاريخية وأن تتنازل عن جزء حيوي من أبناء الشعب العربي السوري من سكان أنطاكية والاسكندرون.

كما أدت سياسات الهصر والعصر إلى تحويل سورية إلى ولاية (إيرانية)،فأصبح مسجد بني أمية الكبير حسينية، وامتد المال الإيراني ليشتري كل ما يمكن شراؤه من المناطق التاريخية المحيطة به، ومن السوق التجاري الشهير المعروف بسوق الحميدية. وأن يمتد زحف التبشير المذهبي إلى أعماق المحافظات والقرى السورية من درعا إلى دمشق إلى حمص وحلب والرقة ودير الزور ومن باب أولى اللاذقية وجبال العلويين الذين بدؤوا يستشعرون الخطر يتهدد عقائدهم وثقافتهم وهويتهم العربية أيضاً. وربما يكون أخطر ما في الأمر امتداد الذراع الإيراني إلى الجيش السوري ووحداته العسكرية: تدريباً وتسليحاً وتوجيهاً وأشياء أخرى لا يحسن ذكرها.

ولعل الأخطر الذي نكتب هذا الكلام لنحذر منه، هو أن يجد حاكم دمشق، كما فعل سلفه الملك الصالح، في الوجود الإسرائيلي مخرجاً من أزمته وعزلته، فيلقي إليه مقاليد أمره وينساق في هواه.

الأخبار المتناثرة تؤكد أن الطريق بهذا الاتجاه أصبحت سالكة وأن السماسرة عليها يروحون ويجيئون ربما تكون استراتيجية استنزفوه ولا تغيروه قد بدأت تحقق أهدافها.

وعنا إلى أصحاب القرار.. فما ترون فيما نرى تقويم ظل العود الأعوج أو العودة إلى شعب سورية بإرثه الإنساني الحضاري والقومي؟!!

المدنيون الأحرار