15 فبراير 2004
أحلك الأوقات.. هل هي الأوقات التي مرت، أم هي تلك التي ستأتي، أم هذه التي نحن فيها ؟! سؤال ينبغي أن نجيب عليه نحن، وليس (برتولد بريخت) لا ولا سعد الله ونوس.. الظلمة ستمتد مادامت هناك خيمة أمريكية تغطي على قبورنا، وعلى الدود يتغشى أجسادنا، وعلى العفن يأكل عناقيد العنب في كرومنا.
هل ستوقع على العريضة.. الوثيقة ؟ ـ يسألني ـ مثقفو بلدك يحلمون بستة أصفار بعد الواحد.. !! ألم ينته زمن العرائض ؟! ـ أجيب ـ منذ متى أنا وأنت على سور السراي نمارس مهنة (العرض ـ حاجي) كتبنا بالعربية والتركية والسريانية والكردية والآرامية، لم تجدنا الكتابة شيئاً. مشكلتهم أنهم لا يفهمون إلا الإنكليزية (بلهجتها الأمريكية) والعبرية (بلكنتها الشارونية) !! ومشكلتنا أننا نرفض الاثنتين..

ـ كيف سنتفاهم معهم إذاً ؟! يسألني..
أجيب لا أدري.. !! ولا أدري كانت نصف العلم، وغدت هذه الأيام العلم كله. شعوبنا كلها لا تدري.. لا تسمع.. لا ترى ولا تتكلم. إذا كنتَ تظن أن التوقيع على العريضة الوثيقة، المطالبة بإلغاء حالة الطوارئ، واحترام حقوق الإنسان، وفتح النافذة لنسمة من الحرية، ومد جسر العبور إلى قبر في الوطن، لنرد كومة الرماد إلى المكان الذي انتزعت منه.. سيتقدم في مرحلة الألف ميل بوصة واحدة فأنا معك أوقع.
بالمناسبة أسمعهم كثيراً يتبجحون أنهم لن يتنازلوا عن ذرة تراب واحدة من أرض الوطن، أنا أعتقد أن كل مواطن في النهاية حين تذوب آلامه وآماله.. يبقى أرطالاً من التراب الوطني، التراب الوطني الذي هان عليهم، والذي يتوق للعودة إلى أصله. هل يفهمون هذا ؟!
شارون يفهمه ولذا يستبدل رفات ثلاثة جنود بمئات من الأسرى الأحياء.. هم مستعدون للتنازل عن كل التراب الوطني، مقابل بقائهم على كرسي ولو معلقاً في الهواء. من يجمع رفات السوريين الأحرار من وراء المحيطات ؟! تحية لمنظمي وثيقة الحرية، وتحية للموقعين عليها. والمدنيون الأحرار مع الركب يوقعون، ويتساءلون: وماذا بعد الوثيقة ؟

المدنيون الأحرار
15/2/2004