8 أغسطس 2004

مقدمة:
تفاعلت الأوضاع الإنسانية في سورية في هذا العام نحو الأسوأ، فلم يستطع النظام أن يتقدم خطوة جادة باتجاه الإصلاح الموعود الذي طال انتظاره على مدى أربع سنوات منذ تولي بشار الأسد رئاسة الجمهورية. وسجلت العديد من حالات الاعتقال العشوائية التي لا مبرر لها، وتعقدت المسألة الكردية في ظل الاعتقالات المستمرة الأحادية والجماعية وتفجرت الأحداث في 13 آذار/ مارس الماضي، ونجم عنها عشرات القتلى والجرحى ومئات المعتقلين، ويتوقع أن يبدأ فصل جديد من القمع في ظل حظر الأحزاب الكردية، المسكوت عن نشاطها على الساحة السورية.

وتعتبر أحداث 13 آذار/ مارس 2004 أبرز تطور عنيف تمارسه السلطة في سورية بعد مجزرة حماة 1982 التي ذهب ضحيتها آلاف المدنيين. ولم تفرج السلطة عن المعتقلين العائدين من العراق، بينما لا يزال ملف الاعتقال المزمن يراوح في مكانه، إذ لم يطلق سراح سوى مائة معتقل في أواخر شهر كانون الثاني/ يناير الماضي. ولا تزال السلطة تتكتم على مصير آلاف المختفين في السجون منذ حوالي ربع قرن، في الوقت الذي زادت فيه محنة طلاب الجامعات فتكررت عمليات الاعتقال والفصل من الجامعة والسكن.

وتواترت هذا العام أخبار التعذيب الشديد والممنهج على يد السلطات الأمنية، ووردت أخبار مؤكدة عن وفاة بعض الموقوفين تحت التعذيب أو بسببه، بل وردت أخبار عن التمثيل بضحايا التعذيب في عدد من السجون السورية.

وتابعت السلطات تعاونها مع جهات أجنبية في اعتقال مواطنين سوريين أو تلقيهم إثر ترحيل هذه الجهات لعدد منهم، وزجهم في المعتقلات وتعريضهم لتعذيب شديد.

ولا تزال الحريات العامة وحرية التعبير عن الرأي والاجتماع السلمي والتظاهر، تعاني من الحظر والتضييق الشديد على كل من يعتزم القيام بمثل هذه الأنشطة، في ظل تزايد أحكام الاعتقال على نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان وتكرار استدعائهم للمثول أمام القضاء العسكري الاستثنائي. ولم يسجل خلال هذا العام سوى إطلاق سراح ناشط بعد انتهاء مدة حكمه، والسماح لمدافع عن حقوق الإنسان بزيارة بلده بعد حوالي 23 عاماً أمضاها في المنفى.

وفيما سمح للحزب القومي السوري الاجتماعي ببعض الحضور، فقد أبلغت الأحزاب الكردية المسكوت عن بعض أنشطتها، عن التوقف وتحويل أنشطتها السياسية إلى جمعيات ثقافية، ولا يزال الإسلاميون خطاً أحمر بالنسبة للسلطات الأمنية السورية.

وشهدت الحريات الصحفية والإعلامية خلال هذا العام مزيداً من التراجع عبر سحب ترخيص الصحيفة المستقلة الوحيدة، وعدم منح تراخيص لبعض الإعلاميين واحتكار الصحافة والإعلام بصورة عامة كدعاية للسلطات المسيطرة على مقاليد الحكم في البلد، وشهد عالم الإنترنت مزيداً من التضييق عن طريق تقييد الاشتراك في الخدمة وحجب مواقع جديدة ومعاقبة متصفحي شبكة الإنترنت خارج نطاق الجمعية المعلوماتية والمديرية العامة للاتصالات.

وشهدت الساحة السورية حادث تفجير فريداً من نوعه في نيسان/ إبريل الماضي، لكن غياب الشفافية وقلة المعلومات تركت الشكوك تحوم حول حقيقة ما حصل في ذلك اليوم.

وقمعت حرية التجمع والاعتصام بعنف في عدة مناسبات لعل أبرزها : في الثامن من آذار/مارس بمناسبة المطالبة بإنهاء حالة الطوارئ وفي الحادي والعشرين من حزيران/يونيو بمناسبة التضامن من السجناء السياسيين والمطالبة بالإفراج عنهم. التفاصيل