8 أغسطس 2004
ماتزال الشمس إذا طلعت تزاور عن سورية ذات اليمين وإذا غربت تقرض أبناءها ذات الشمال. الإحساس بالزمن في سورية مفقود. والزمن ليس هو دورة الفلك كما تعود أن يقول الفلاسفة وعلماء التاريخ. الزمن هو وعاء الإنجاز والتطور والانتقال بالذات وبالحياة من حال إلى حال.
ربما إذا قدر للشعب السوري أن يخرج من حالة الانسداد التي ضربت عليه، والتي رضيها لنفسه!! سيتملكه شعور بالرعب الحقيقي للفارق البنيوي بينه وبين العصر بمعانيه (الزمان ـ المكان ـ الإنجاز).
ضجعة الكهف وسباته لذيذان يشبهان إلى حد كبير التهويم في سمادير الأحلام. وقد لذّ لحكام سورية كما لشعب سورية وقوى المعارضة فيها، تلك الحالة من الخدر التي تبعث النشوة، وتجعل من صاحبها يصدق أن (ما لا يكون يمكن أن يكون).
وحين تكون السلطة في تهيامها بذاتها مقتنعة أن ما هي فيه (علم وقدرة وإرادة وحضور) ولا تجد معارضة تربت على خدها لتستفيق من خدرها اللذيذ.. وحين تكون المعارضة واهنة مسترخية، (لو فعلت غير شيء ظنته فعلاً) حين يكون كل هذا، لن يجد شعب سورية يد المعجزة لتقلبه ذات اليمين وذات الشمال، وإنما سيذوب في مسارب التلاشي والاضمحلال.
في كهف سورية المظلم الرطب المهجور يبدو أن الأمل موؤود، وأنه مرهون بفعل (آخر) لن يقدم لسورية شيئاً أقل سوءاً مما هي فيه، ولكن ربما يسلبها هذا الشعور بالخدر اللذيذ.