23/10/2005

تحية الحق والعروبة

إن المحامين والقضاة العرب السوريين و منذ صدور القرار الدولي رقم 1595 تاريخ 7/4/2005 المتضمن تشكيل لجنة للتحقيق في جريمة اغتيال الشهيد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق المرحوم رفيق الحريري برئاسة القاضي الألماني /ديتلف ميلس/ قد تابعوا باهتمام كبير إجراءات التحقيق التي سلكها وصولاً إلى تحديد الأشخاص اللذين أقدموا على ارتكاب هذه الجريمة النكراء التي أدانها فور وقوعها جميع المحامين والقضاة ورجال القانون في سورية .

وبتاريخ 19 تشرين الأول / أكتوبر /2005 قدم رئيس لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق المرحوم رفيق الحريري تقريره إلى مقامكم لعرضه على مجلس الأمن الدولي .

وقد اطلعت نقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية وممثلون عن قضاة سورية على هذا التقرير ودرسته بعناية بالغة قائمة على أسس قانونية بحتة باعتبار أن لجنة التحقيق الدولية مؤلفة أساساً من رجال قانون قضاة ومحققين يعملون في إ! طار مهمة قضائية بحتة وقد رأت نقابة المحامين توجيه هذا الخطاب إلى مقامكم موضحة موقفها وملاحظاتها الأولية على هذا التقرير وبيان الملاحظات الرئيسية عما تضمنه التقرير من أخطاء قانونية جسيمة ومن مخالفات لأبسط قواعد وإجراءات السلطات القضائية وقضاء التحقيق بالذات ومخالفة أبسط واجبات النيابة العامة والادعاء العام.

على أمل أن تسهم هذه الملاحظات في تقديم الفائدة المرجوة لكم وللسادة أعضاء مجلس الأمن ولجنة التحقيق بالذات منعا ودرءا لوقوع اللجنة والهيئة الدولية في خطأ تاريخي قد يؤدي إلى الوصول إلى نتائج خاطئة لا صلة لها بهدف اللجنة وبالتالي لا تؤدي إلى الوصول إلى معرفة الفاعل الحقيقي ومرتكبي جريمة الاغتيال لأن كشف الحقيقة هو لصالح لبنان وسورية معاً :

أولاً : استند التقرير إلى إفادات شهود هم خصوم سياسيون للجمهورية العربية السورية وكان لهم دور في صناعة وتشكيل مناخ سياسي محموم في لبنان قبل وقوع الجريمة وأثناءها وبعدها ، مما أدى إلى تضليل اللجنة وجعل من اعتمادها لشهاداتهم خطأً فادحاً أبعدها عن الحقيقة وأظهرها في صورة الإنحياز الواضح والابتعا! د عن الموضوعية والحياد المفترض في أعمالها .

ثانيا : إن اللجنة إذ تتوصل إلى بضع نتائج فإنها تتجاهل جملة من الوقائع والحوادث سواء على صعيد تسلسل الأحداث التاريخية والسياسية أو على صعيد الاستنتاجات النهائية وتقفز بشكل غير مبرر تحت عنوان الربط بين الوقائع أو عنوان التحليل مما يجعل تقريرها في منأى عن الشفافية وقبل ذلك في منأى عن الإجراءات القانونية الواجب اتباعها .

ثالثا : إن تقرير اللجنة إذ يتجاهل ذكر واقعة أساسية ومفصلية تتعلق بشاهد رئيسي جرى اعتقاله فلا تذكر حقيقة هذا الشاهد ودوره في توجيه التحقيق والجهات الحقيقية التي تقف خلف روايته ودور هذه الجهات في تضليل التحقيق وإن عدم تناول التقرير لكل ذلك يثير مطعناً رئيساً في جدية اللجنة وحيادها.

رابعا : تجاهل التقرير بشكل مثير عند سـرده خلفيات الجريمة وقائـع تتعلق بمقتل عمال سوريين وتدمير ممتلكاتهم ضمن جو محموم سياسياً وإعلامياً ولم يشر إلى الجهات التي تقف خلف هذه الجرائم وخاصة أن التقرير قد تضمن إشارات واضحة لوقائع لا علاقة لها بالجريمة ( حادثة مكتب الإعلام الكويتي! …. إلخ ).

خامسا : تجاهلت اللجنة في تقريرها أن تعاون ســورية كان تاماً وكاملاً باعتراف رئيس اللجنة بذاته ولم تبرر اللجنة في تقريرها أسباب التناقض بين تصريحات رئيسها حول ذلك وبين ما ورد بالتقرير .

سادسا : لقد جاء التقرير سياسيا في مقدمته ومتنه وخلاصته مما يجعل التقرير برمته مفتقداً إلى أسس التحقيق القضائي وإلى الحيادية والشفافية اللتين تعتبران شرطين أساسيين من شروط عمل اللجنة خاصة أنه من الملاحظ بوضوح في هذا التقرير أنه أخذ باتجاه واحد يراد منه النيل من جهة معينة مسـبقا دون الالتفات إلى مسارات وجهات أخرى لها غايات وأهداف من وراء حادثة الاغتيال .

سابعا : لقد تبين في القراءة الأولية لهذا التقــرير حجم المغالطات الكبيرة على المستوى القانوني ولا سيما الإجرائي منه والاعتماد على الشك والاستنتاج والاحتمالات المجردة عن أي دليل قانوني مقبول وذلك واضح في مختلف فقرات التقرير وجوانبه رغم أن موضوعه بالغ الحساسية والخطورة مما يجعل مهمة مجلس الأمن والمنظمة الدولية غاية في الصعوبة في معرفة الفاعلين الحقيقيين لجريمة الاغ! تيال ويلقي على عاتق المجتمع الدولي مسؤوليات بالغة الخطورة إذ لا يصح الاستناد إلى تقرير فاقد للموضوعية والنزاهة والحيادية والشفافية ، وإنما يتوجب انتظار النتائج النهائية للتحقيق كي يتمكن المجتمع الدولي من الاطلاع على الحقيقة كاملة واتخاذ القرار المناسب بشأنها .

إن جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري بقدر ما استهدفت شـخصية قيادية بارزة لبنانياً وعربياً ودولياً فقد استهدفت في الوقت عينه اغتيال العلاقة اللبنانية الســورية والتي شكلت أحد ابرز عوامل الاستقرار السياسي في المنطقة .

إن المحامين والقضاة العرب الســوريين إذ يوجهون خطابهم هذا إلى مقامكم الموقر يحدوهم الأمل أن يوزع هذا الخطاب على أعضاء المنظمة الدولية بشكل عام وأعضاء مجلس الأمن الدولي بشكل خاص مطالبين لجنة التحقيق الدوليــة التزام القواعـد القضائية والقانونية والأصول المتبعة في التحقيق وفي مقدمتها سرية التحقيقات والتزام الحياد التام في التحقيق واعتماد الأدلة الكاملة التي تكشف بحق عن هوية الفاعلين مرتكبي الجريمة النكراء والتمسك بمبادئ الصدق والشفافية في الإعلان عن أي نتائج وفي أ! ي مرحلة من مراحل التحقيق دون أي انحياز أو مجاملة لأي طرف كان لاستثمارها سياسيا بما يضر بمصلحة أي شعب من شعوب المنطقة .

إن المحامين والقضاة العرب السوريين وهم يرون أن سورية تتعرض لضغوط شديدة من قبل دول عظمى بسبب مواقفها تجاه الاحـتلال الأمريكي للعراق ورفضها التنازل عن أرضها المحتلة في الجولان وحقوقها السيادية والثابتة رغم أنها عبرت عن احترامها على الدوام لقرارات الشرعية الدولية والتزامها المطلق بالتمسك بمبادئ القانون الدولي وفي وقت ترفض فيه إسرائيل احترام وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية فإنهم يستغربون تجاهل اللجنة والتحقيق والتقرير الدور الإسرائيلي في جريمة الاغتيال وزعزعة استقرار لبنان والمنطقة ، خدمة لأهدافها ولاستمرار الاحتلال واغتصاب الحق العربي ويأملون من اللجنة الاهتمام بالواقع التاريخي والسياسي للمنطقة ولبنان تحديداً في التأسيس لأي قراءة تاريخية وسياسية قد تسهم في تحديد الجهة المستفيدة من زعزعة استقرار المنطقة وأمنها من خلال جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري .

وإن نقابة المحامين في ا! لجمهورية العربية السورية ، سوف تتقدم لسعادتكم بدراسة مفصلة عما شاب أعمال لجنة ميلس وإجراءآتها التحقيقية من أخطاء قانونية جسيمة تنال من صحة تقريرها وسلامته ، مما يجعله معيباً فيما توصل إليه من نتائج لا يجوز اعتمادها أصلاً

وبما أن الشك والاحتمال والاستنتاج المجرد عن الدليل واعتراف السيد رئيس اللجنة بأن التحقيق لم ينته بعد فإننا نأمل من سيادتكم عدم اعتماد نتائج هذا التقرير والتدخل لعدم صدور أي قرار مبني عليه وفقاً لمقتضيات القانون والعدل .

وتفضلوا بقبول وافر الاحترام والتقدير

محامو وقضاة سورية
عن المحامين في سوريا نقيب المحامين في سورية ـ المحامي أحمد عيدو
عن السادة القضاة في سوريا المحامي العام الأول بدمشق ـ القاضي مروان اللوجي
عن المحامين في دمشق رئيس فرع نقابة المحامين بدمشق ـ المحامي محمد جهاد اللحام
عن المحامين في ريف دمشق رئيس فرع نقابة! المحامين بريف دمشق ـ المحامي أسامة برهان
عن المحامين في فرع القنيطرة ” الجولان ” رئيس فرع نقابة المحامين في القنيطرة ـ المحامي مرعي العبود

فرع نقابة المحامين بدمشق