8/11/2008

شكك أطباء نفسيون ونواب بالبرلمان فى نوايا الحكومة من تعديلات قانون الصحة النفسية الجديد ، وأشاروا إلى رغبة الحكومة فى تمرير القانون لأنه يخدم مصالح خاصة غير مصلحة المرض وقالوا أن القانون صبغ بالصبغة الانجليزية لأنه نسخة معدلة من القانون الانجليزى حيث انه أعلى من القيم الفردية المنتشرة فى الغرب على حساب قيمة الآسرة فى المجتمع المصرى ، مؤكدين صعوبة تطبيق القانون على ارض الواقع .

جاء ذلك خلال الندوة التى عقدها المعهد الديمقراطى المصرى بالتعاون مع المركز المصرى للتنمية وحقوق الإنسان ضمن فعاليات مشروع مراقبة الأداء البرلمانى واستضافتها مستشفى الإمراض النفسية بالعباسية ، وشارك فيها الدكتور جمال الزينى عضو لجنة الصحة بمجلس العب والدكتور عماد حمدى رئيس قسم الطب النفسى بجامعة القاهرة والدكتور إسماعيل يوسف رئيس قسم النفسى بجامعة قناة السويس والدكتور علاء الدين سليمان رئيس مجلس إدارة مستشفى الإمراض النفسية بالعباسية والدكتور السيد قطب مدير المستشفى وأدارها الأستاذ احمد نصر المحامى والباحث بالمعهد والأستاذ جوزيف إبراهيم مدير عام مركز المصرى للتنمية وحقوق الإنسان .

وأكد المشاركون أن الأوضاع العامة فى مصر وغياب تداول السلطة تدعو لزيادة الضغط النفسى لدى المواطنين وزيادة عدد المرضى النفسيين ، وقالوا : أن القانون اهتم بالأمور الشكلية والإجراءات على حساب تحسين الصحة النفسية مطالبين بتغيير اسمه إلى قانون العلاج الالزامى للمرض النفسيين ، كما انتقد المشاركون رئاسة وزير الصحة المجلس القومى للصحة النفسية الذى سينشأ بموجب القانون ليراقب تنفيذه وتسألوا كيف يراقب وزير الصحة نفسه أو المستشفيات التى تخضع لإشراف وزارته ، وقالوا : الصياغة الحالية لهذه المسألة تشير إلى أن الهدف من القانون هو مراقبة المستشفيات الخاصة فقط .

شهدت الندوة خلافين حادين بين المشاركين والخلاف الأول حول أهمية القانون وتعاطى بنوده مع الواقع حيث قاد فريق مستشفى العباسية الدفاع عن القانون بينما عارضه باقى المشاركون وأكدوا وجود عيوب عديدة به ، أما الخوف الثانى فكان موضوعه العقوبات فبينما رأى فريق إنها شديدة ومخيفة ورأى فريق آخر ضرورة تشديد العقوبات عما جاء به القانون ، طالب المشاركون فى الندوة بعدم تحديد مدة مضنية لتلقى المريض النفسى العلاج عدم الجواز إخراجه من المستشفى قبيل أن يتم علاجه على أن يكون ذلك مجاناً وان تتحمل الدولة مسئولياتها فى توفير نفقات العلاج للجميع .

فى كلمته أكد الدكتور عماد حمدى صعوبة تنفيذ القانون على أرض الواقع ووضع شروطاً ثلاثة لضمان فاعلية القانون أولها إلا يتشدد فى العقوبات كى لا يخاف من يقومون بتطبيقه من أطباء ، والأمر الثانى أن يضمن القانون تسهيلاً لحصول المريض على العلاج ويوفر له حماية كافية ، والأمر الآخير أن يركز القانون على تحسين الصحة النفسية بدلاً من الاهتمام الزائد بالأمور الإجرائية وكيفية دخول وخروج المريض من وإلى المستشفيات مع الاهتمام بإدماج المريض فى المجتمع .

ومن جانبه أشار الدكتور إسماعيل يوسف إلى عضويته فى اللجنة التى شكلها وزير الصحة لمراجعة الصيغة النهائية لمشروع القانون وقال : لقد فوجئت بتغيير ما اتفقنا عليه فى اللجنة ، وقال : بدلاً أن ينص القانون على علاج جميع المرضى مجاناً وأن تتحمل الحكومة مسئولياتها فى ذلك وأن لم تستطيع فعليها بالرحيل ، انتقد رئاسة الوزير للمجلس القومى للصحة النفسية مطالباً بأن توكل رئاسته لأحد نواب محكمة النقض وأن يتم تعديل القانون إلى قانون العلاج الالزامى للمرضى النفسيين ، وأشار إلى أن نص القانون الحالى يتعامل مع الأطباء هم السيئيون والحكومة ملائكة .

وقال إسماعيل أن القانون يعلى من قيمة الفردية المنتشرة فى الغرب على حساب قيمة الأسرة الموجودة فى مصر وأعترف بأن نص القانون على عقوبات رادعة للأطباء ، وقال : أن الأوضاع فى مصر سيئة وتزيد من الإمراض النفسية خاصة أن رئيس الجمهورية يقعد فى منصبه منذ 28 سنة ، وقال : الحكومة تعلل بفكرة حماية حقوق الإنسان لتمرير القانون وأنها اعتادت استغلال حقوق الإنسان لتنفيذ أغراضها .

لفت جمال الزينى إلى أهمية قانون الصحة النفسية لأنه يخص الفئة الأولى بالرعاية من المرضى وشكك فى نوايا الحكومة من تمرير مشروعها ، وقال : نحتاج قانون يخدم مصالح المرضى أما هذا القانون فأنه يخدم أغراض أخرى .

دافع الدكتور علاء الدين سليمان عن مشروع القانون مؤكداً أنه يخدم مصلحة المرضى ونفى أن تكون الاستفادة من الخبرة الانجليزية فى صياغة القانون تؤثر على كونه قانون يناسب المجتمع المصرى ، وقال : لا يجب أن نرفض الخبرات الأوروبية لهلعنا من الغزو الثقافى ، وأكد أن الاعتراضات عن القانون ناتجة عن سوء فهم لنصوصه وقال لا يمكن أن يقبل احد أن يحتجز أقاربه لسنوات داخل مستشفى الطب النفسى دون مبرر ولذا فنص القانون عن أن أقصى مدة لاحتجاز المريض هى ستة شهور لا تجدد ألا بقرار من المجلس القومى من الصحة النفسية ، وقال : القانون يحتاج إلى معالجة المشكلات إلى تحدث داخل المستشفيات ” بئر السلم ” ومن تشهده من مهازل .

أما الدكتور سيد قطب فبدأ كلامه بالقول نحصل على معونات أمريكية ونستعمل منتجات عالمية فلماذا لا نعترف بأهمية الاستعانة من الخبرات الأجنبية فى صياغة قانون الصحة النفسية وقال : للأسف أن أغلب من يعترضون على القانون تحركهم مصالح شخصية ، وقال لابد من تشديد العقوبات لان هناك بعض المتلاعبين يحتجزون المرضى لسنوات طويلة دون مبرر ويجب ردعهم وقال فى مستشفى العباسية لدينا ( 1800 ) سرير منهم (1150) سرير محجوزين تتراوح فترات وجودهم فى المستشفى ما بين سنة إلى أربعين سنة ولا نجد أماكن للمرض الجدد ، وأكد أن التذرع بعد وجود أهل لبعض المرضى فى استمرار احتجازهم أمر مرفوض وقال : علينا تفعيل دور المجتمع المدنى فى استضافة هذه الحالات بمن ليس لديهم أهل .

وأكد احمد نصر أن هناك تعليقات عديدة على هذه التعديلات أهمها أن القانون لا يتناسب مع طبيعة المجتمع المصرى وخاصة أن المجتمع يتعامل مع المريض النفسى على أنه لا يشفى فلابد من تهيئة المجتمع لذلك ، أما الانتقاد الثانى فهو كيف يتحدد مدة ستة شهور لجميع الإمراض ومن المعروف أن لكل مرض طبيعته المختلفة ، وأوصى نصر أن تكون الرقابة غير مركزية على المستشفيات حتى لا تنتشر مظاهر الإهمال والرشاوى ، كما شدد على أن لابد من تشديد العقوبات فى القانون حتى تكون رادع قوى للمخالفين له وذلك لخطورة وضعهم فى المجتمع .

وأكد جوزيف أن القانون الجديد تجاهل قضايا الحجر وأن المواد الخاصة بالعقوبات لابد من تشديدها لكل من يخالف القانون وخاصة الغرامة لابد أن يعاد فيها النظر بحيث ترفع قيمتها ، وقال : أن عملية تسجيل الطبيب النفسى تتطلب دفع ما قيمته عشرة الاف جنيه وهذا أمر غير معقول ومبالغ فيه ، وتخوف من أن فكرة علمية التسجيل فى القانون حيث سيعد سجلات جديدة وبالتالى ما هو وضع العاملين السابقين على القانون هل سيقدموا لتسجيلهم مرة أخرى .

المركز المصرى للتنمية وحقوق الإنسان