18/9/2006

تفصل السلطة القضائية في المسائل المعروضة عليها دون تحيز على أساس الوقائع وفقاً للقانون ودون أية تقيدات أو تأثيرات غير سليمة أو أية إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات مباشرة كانت أو غير مباشرة من أي جهة أو من لأي سبب.
الفقرة الثانية من مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية والمتضمنة

بحضور عدد كبير من المحامين ومنهم المحامي مهند الحسني رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان عقدت أمس محكمة أمن الدولة العليا جلسة لمحاكمة ما يعرف بمعتقلي قطنا وكانت الجلسة مخصصة لتقديم الدفاع .

وقد اسـتحضر من سجن صيدنايا العسكري كل من المتهمين التالية أسماؤهم:

أحمد محمود الشيخ تولد 1974 وفادي محمد عبد الغني تولد 1973 ويحيى محمد بندقجي تولد 1971 و أسامة أحمد عطية تولد 1977 و عامر عبد الهادي الشيخ تولد 1986و عمر محمد جمال نادر تولد 1984 و مأمون قاسم الحلو تولد 1981 وحسن محمد ديب الزين تولد 1984 وساري محي الدين بدر الدين تولد 1986 وإبراهيم أحمد صبورة تولد 1985 و وسيم محمد جمال نادر تولد 1985 و عمر عبد الرحمن عمران تولد 1985 و أحمد خالد خسارة تولد 1974 و محمود بن ثابت قدورة تولد 1962 وناصر محمد العامر تولد 1971 ومحمد أحمد النعماني تولد 1972وطارق محمد نديم شحادة تولد 1979 و محمد عبد الهادي عوض تولد 1977 ومحمد أحمد محمد تولد 1986 و رشيد محمود الشيخ تولد 1979 وبلال خالد خسارة تولد 1976 و رامي أحمد صهيب عرفة تولد 1975 و عبد الرزاق يوسف أحمد تولد 1975 وإبراهيم زين الدين زين الدين تود 1986.

وقد تراوحت التهم المسندة لهم بموجب قرار الاتهام من المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية سنداً للمادة 305 عقوبات… إلى الانتساب والتدخل بالانتساب إلى جمعية بقصد تغيير كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي سنداً للمادة 306 عقوبات عام … إلى الشروع بالقيام بأعمال لم تجزها الحكومة تعرض سورية لخطر أعمال عدائية وتعكر صلاتها بدولة أجنبية سنداً للمادة 278 بدلالة المادة 199 عقوبات عام … إلى حيازة ونقل أسلحة حربية بقصد الاتجار سندا للمرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001 وكذلك التدخل بحيازة تلك الأسلحة والشروع بنقلها بقصد الاتجار.. إضافة لنقل وحيازة أسلحة مهربة سنداً للمرسوم 13 لعام 1974.
وقد أرجئت القضية لجلسة 31/10/2006 اسـتكمالاً للدفاع.

من جهة أخرى فقد استجوبت محكمة أمن الدولة اليوم كل من الفلسطيني خالد حسن عبود والموقوف منذ ما يقارب السنة ونصف بتهمة الانتساب إلى جمعية تهدف لتغيير كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي سنداً للمادة 306 عقوبات ونشر دعاوى ترمي لإضعاف الشعور القومي سنداً للمادة 285 عقوبات والقيام بأعمال لم تجزها الحكومة وتعرض سوريا لخطر أعمال عدائية سنداً للمادة 278 عقوبات بالإضافة لدخول والخروج من القطر بطريقة غير مشروعة ،هذا وقد أنكر المتهم ما نسب إليه وأفاد بأنه يعمل ممرض وحاول دخول العراق في محاولة منه لمساعدة الجرحى من أبناء الشعب العراقي ولما لم يتمكن من الدخول عاد أدراجه لدمشق وأنكر ما نسب إليه من الانتساب لتنظيم سلفي أو جهادي.

كما استجوبت محكمة أمن الدولة العليا المواطن السوري أحمد الحسين إبراهيم حسن المتهم بجنحة القيام بعمل ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية والحض على النزاع بين الطوائف سنداً للمادة 307 عقوبات عام والموقوف منذ تاريخ 19/10/2005 والذي أنكر ما أسند إليه وأرجئت محاكمته لجلسة 26/9/2006.

كما استجوبت المحكمة المتهم أنور حسين الحمادة الموقوف منذ سنة وخمسة أشهر تقريباً والمتهم بالانتساب لجمعية تهدف لتغيير كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي سنداً للمادة 306 وكذلك نشر دعاوى تهدف للنيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي سنداً للمادة 285 والقيام بأعمال لم تجزها الحكومة وتعرض سوريا لخطر أعمال عدائية سنداً للمادة 278 عقوبات ، هذا وقد أنكر جميع التهم المنسوبة إليه وأرجئت محاكمته لجلسة 5/11/2006 لتتمكن النيابة العامة من تقديم مطالبتها بالأساس.

كما عقدت المحكمة جلسة لمحاكمة المتهم أحمد سليمان الهلالي المتهم بإضعاف الشعور القومي والإنتساب لحجعية تهدف لتغيير كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي وكانت الجلسة مخصصة لإبداء النيابة مطالبتها بالأساس.

كما استجوبت المحكمة المتهم محمد علي الكيلاني من أهالي و سكان قرية العتيبة بريف دمشق والمتهم بالانتساب لجمعية تهدف لتغيير كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي سنداً للمادة 306 وكذلك نشر دعاوى تهدف للنيل لإضعاف الشعور القومي سنداً للمادة 285عقوبات والذي أنكر ما نسب إليه وأكد انقطاع صلته بأي تيار سلفي أو وهابي وأرجئت محاكمته لجلسة 5/11/2006.

ومن الملاحظ على المحاكمات ما يلي :

أنها عقدت في أجواء مريحة وبحضور وفود أجنبية من سفارتي النمسا و فلندا وقد حاولت هيئة المحكمة أن تفعل ما بوسعها كي تؤمن تلك الأجواء المريحة.

وفي السياق ذاته فمما يحسب لرئيس المحكمة أنه أعطى أوامراً تقضي بالسماح للأهالي بزيارة أبنائهم ضمن نظارة المحكمة بعد انتهاء الجلسـات.

هذا وقد سـجلت المنظمة السورية لحقوق الإنسان الملاحظات التالية:

1- أنها تعقد في غرفة رئيس المحكمة وليس في قاعة يمكن أن تتوفر فيها ضمانات الشهر والعلنية وهذا من النظام العام الذي يترتب على اهماله بطلان الإجراءات ، كما أن عقد المحاكمة في غرفة الرئيس المغلقة يحرم أهالي المعتقلين من حقهم بحضور جلسات محاكمة أبنائهم ويضعهم تحت رحمة غلظة عناصر الشرطة العسكرية المدججين بالأسلحة خارج المحكمة أثناء محاولتهم إقتناص نظرة على أبنائهم عن بعد أثناء دخولهم للمحكمة أو إبان الخروج منها.

2- ومما يزيد الأمر سـوءاً على أهالي المعتقلين هو حرمانهم من زيارة أبنائهم في سجن صيدنايا العسكري ، علماً بأن الزيارة حق للأهالي قبل أن تكون للمعتقل ، وحرمان الأهالي من الزيارة يتضمن عقوبة خفية لهم لم ينص عليها القانون، ولا يبق أمامهم سوى مكرمة رئيس محكمة أمن الدولة العليا الذي يعطي أوامره بالسماح للأهالي بزيارة أبنائهم في النظارة بعد الانتهاء من جلسات المحاكمة، وإن كانت هذه الزيارة تتم في ظروف بالغة الشدة ولمدة دقيقة أو اثنتين ومن وراء الباب الحديدي وتحت رحمة عناصر الشرطة العسكرية ولفرد واحد من أفراد الأسرة في غالب الأحيان.

3- لاحظت المنظمة السورية توجه لتغليظ التهم بحق المتهمين لاسيما من التيار الإسلامي ومعظمهم من فئة الشباب والوطن اليوم أحوج ما يكون لجميع أبنائه.

4- في مواجهة ذلك يصبح التهاون في الضمانات المخصصة للمتهم كحقه في إثبات برائته بشهادة الشهود أو حقه في طلب إخلاء السبيل أو حقه في الاجتماع مع محاميه بمعزل عن الرقيب أمراً في غاية الإجحاف خاصة وأن محكمة أمن الدولة ملزمة بالتقيد بالضمانات المخصصة للمتهم للدفاع عن نفسه وإن كانت غير مقيدة بالالتزام بالإجراءات.

5- ويشار في هذا الصدد إلى أن المعتقل في سجن صيدنايا العسكري أو السجن السياسي المدني( وهما دارا التوقيف المعتمدان من قبل محكمة أمن الدولة العليا ) محروم تماماً من اللقاء بمحاميه وفي كثير من تنتهي المحاكمة ويصدر حكم بحق المتهم دون أن تسنح له الفرصة بالحديث مع محاميه .

6- معظم المتهمين وصلوا إلى المحكمة بعد ما يقارب على السنة والنصف أمضوها ما بين دوائر الأجهزة الأمنية ودائرة قاضي التحقيق لدى محكمة أمن الدولة مما يؤكد البطء الشـديد بتحويل المتهمين إلى المحكمة وهو أحد أخطر الآثار السلبية لقانون الطوارئ الذي لم يضع ضوابط و معايير للمدة المقررة للاحتجاز أو لضمانات معينه للمتهم إبان فترة التحقيق الأولي مما فتح الباب أمام استمرار مدة الاعتقال لفترات طويلة خلال فترة التحقيق والتي غالباً ما يعاني فيها المتهم من أسوأ الأوضاع الإنسانية.

7- ويزيد الأمر سوءاً فيما إذا تلكأت النيابة العامة لدى محكمة أمن الدولة باستجواب المتهمين بعد وصول الضبط إليها وفي مثل هذه الحالة قد يستمر توقيفهم لعدة أشهر دون أن تقوم النيابة العامة باستجوابهم.

8- من النادر اليوم أن نجد موقعاً قضائياً واحداً يجمع بين صفتي الخصم والحكم في وقت واحد فعلى الرغم من الكفاءة المهنية العالية للسيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة أمن الدولة العليا ، لكن الجمع بين وظيفتي النائب العام وقاضي التحقيق يجعل الأمر في غاية الصعوبة والحساسية خاصة وأن القرار الإتهامي الصادر عن السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة أمن الدولة العليا قرار مبرم وغير خاضع لأي طريق من طرق المراجعة.

9- ثم أن الحكم الصادر عن محكمة أمن الدولة العليا مبرم و غير خاضع إلا للتصديق من قبل السيد وزير الداخلية ( عضو السلطة التنفيذية *) بصفته نائب الحاكم العرفي و مما لا ريب فيه أن حرمان المواطن من حقه الدستوري بالطعن بالحكم الصادر بحقه فيه إجحاف كبير وافتئات على حقوق المواطن الدستورية والقانونية.

نطالب في المنظمة الســــورية لحقوق الإنسان ( سواسية ) بإلغاء حالة الطوارئ المعلنة بالأمر العسكري رقم /2/ لعام 1963 و معالجة كل ما ترتب عليها من آثار ونتائح سلبية لعل في مقدمتها المرسوم التشريعي رقم /47/ لعام 1968 والمتضمن إحداث محكمة أمن الدولة العليا بأمر من الحاكم العرفي، كما توصي المنظمة السورية لحقوق الإنســان بترسيخ مبدأ التقاضي العادي و منح السلطة القضائية مزيداً من الاستقلال والتأكيد على مبدأ حياد القاضي لا سيما في المحاكمات ذات الطابع السياسي وفي حال الإصرار على القضاء الاستثنائي تؤكد المنظمة السورية على ضرورة أخذ ما سلف بعين الاعتبار إنتصاراً للقانون و إعلاءً لراية العدالة

مجلس الإدارة