28/11/2008
أعلنت الجمعية العامة سنة 1988 عن قلقها البالغ بشأن الأبعاد الوبائية لمتلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز). وإذ لاحظت الجمعية العامة أن منظمة الصحة العالمية أعلنت 1 كانون الأول/ديسمبر 1988 اليوم العالمي للإيدز، شددت على أهمية الاحتفال بتلك المناسبة (القرار 43/15). وهناك اليوم ما يزيد عن 40 مليون شخص ممن هم مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز.
القيادة هي موضوع اليوم العالمي لمرض الإيدز في عامي 2007 و 2008. وسوف يستمر تعزيز هذا الموضوع من خلال شعار الحملة “أوقف الإيدز! إحفظ الوعد.”
لماذا اختير موضوع القيادة؟
منذ ظهور الوباء، أثبتت التجربة بوضوح أن تحسنا ملموساً قد حدث في مواجهة فيروس نقص المناعة (HIV) عندما توفرت القيادة القوية والملتزمة. فالقادة يتميَّزون بأعمالهم وابتكارهم و رؤيتهم السديدة؛ بنموذجهم الشخصي وبتعاملهم مع الآخرين؛ وبمثابرتهم في وجه العقبات والتحديَّات.
ورغم ذلك، فإن القادة عادة مالا يكونون في أعلى المناصب. ويجب أن تظهر القيادة على كل المستويات من أجل احتواء المرض – في العوائل والمجتمعات المحلية والبلدان والمجتمع الدولي. وظهر كثير من أفضل القيادات في مواجهة الإيدز في داخل منظمات المجتمع المدني التي تتحدي الوضع القائم. وإن جعل موضوع القيادة موضوعاً لليوم العالمي لمرض الإيدز في العامين المقبلين سوف يساعد في تشجيع القيادة في مواجهة الإيدز في داخل كل مستويات وقطاعات المجتمع. ونحن نرجو أن يكون مصدر إلهام و حافز للناشطين في نطاق مجموعات وشبكات مختلفة على المستويين المحلي والدولي.
إن القيادة كموضوع تأتي بعد المساءلة، والتي كانت موضوع عام 2006، وتبني على ما حققته. وقد تحقق عدد من الأهداف في مجالات كانت المساءلة فيها حاسمة بوجه خاص أثناء عام 2006. فقد كان عام انعقاد اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى لمرض الإيدز، الذي راجع التقدم المحرز في تنفيذ إعلان الالتزام بمكافحة HIV و AIDS لعام 2001 ـ وهو مرجع هام للوصول إلى أهداف الألفية الإنمائية المتصلة بمرض الإيدز. وصادف عام 2006 الذكري السنوية الخاصة لإعلان أبوجا الأفريقي، كما كان أيضاً العام الذي حددت فيه الحكومات، أو كان ينبغي أن تحدد، أهدافاً لتحقيق السبيل أمام الجميع إلى الوقاية والعلاج والمساعدة والرعاية بحلول عام 2010.
وبالإضافة إلى ذلك، وفي المؤتمر الدولي للإيدز في عام 2006، كانت كلمة “المساءلة” هي الكلمة الأكثر استخداماً طوال مدة المحفل العالمي، فكانت انعكاساً لموضوع المؤتمر “حان وقت التنفيذ”. وبالرغم من الجهود المبذولة لمساءلة القادة في عام 2006، فإن التقدم المحرز في وقف انتشار فيروس نقص المناعة (HIV) يقصر كثيراً عن الأهداف المنشودة. فقد مات حتى الآن 25 مليون شخص بمرض الإيدز وأصيب 4.3 مليون شخص بفيروس نقص المناعة (HIV) في عام 2006. ويزداد انتشار الفيروس سرعة بإصابة عدد أكبر من الناس في عام 2006 عن أي عام مضي. وهذا على الرغم من عدد الوعود التي قطعها قادة العالم بتوفير الخدمات الضرورية لكبح معدلات الإصابة وتقليل معدلات الوفيات. يجب أن ينفَّذ قادة العالم التزاماتهم بخصوص الإيدز. وقد وعدت حكومات البلدان الغنَّية في اجتماعات أخرى رفيعة المستوى بزيادة الأنفاق على مساعدات التنمية إلى 0.7 في المائة من ميزانياتها السنوية. ولكن لم يفعل ذلك إلا حفنة من البلدان. وألتزم القادة الأفارقة في إعلان أبوجا بتخصيص 15 في المائة من ميزانياتهم للصحة ولم يحدث ذلك إلا في بلد واحد أو اثنين، بينما لا ينفق سوى ثلث البلدان الأفريقية أكثر من 10 في المائة. إن الوعود لا يوفى بها بسبب نقص القيادة على كل المستويات.
إننا مدعوون اليوم, بمناسبة اليوم العالمي للإيدز, الى لعب دور قيادي في التصدي لمرض الإيدز. فحيثما تكون هناك قيادة قوية وملتزمة, تكون الاستجابة أكثر فعالية.
والتقديرات الجديدة التي أعدها برنامج الأمم المتحدة المشترك العلمي بالإيدز ومنظمة الصحة العالمية بشأن انتشار فيروس نقص المناعة البشرية هي تقديرات مشجعة. فالنسبة المئوية للمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية قد استقرت وانخفض عدد الإصابات الجديدة. وهذا يرجع جزئياً الى برامج الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية وعلاجه. إلا أن الإيدز لا يزال سبباً رئيسياً للوفاة على نطاق العالم بحيث يموت من جرائه أكثر من 5700 شخص كل يوم. وخلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة سيكون 6800 شخص قد أصيبوا به.
وقد حان الآن وقت تعزيز جهود الوقاية والحد من تأثير الإيدز. فالوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية تظل هي خط الدفاع الأول ويجب تعجيلها الى جانب العلاج. وعلينا أن نتخذ سوياً تدابير من أجل تحقيق إمكانية حصول الجميع على الوقاية والعلاج والرعاية اللازمة.
ويمكن للجهات المانحة أن تقوم بدور قيادي في هذا الصدد من خلال سد فجوة الموارد, ومساعدة المجتمع الدولي على مضاعفة التمويل المخصص للإيدز بحلول سنة 2010 للوفاء بما وعدت به الحكومات في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويمكن أن يكون مقدمو خدمات الرعاية الصحية قادة بإدماج الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية ضمن برامج الصحة الجنسية والانجابية وبتوجيه رسائل وقاية الى الجميع. ويتسم هذا الأمر بأهمية خاصة لدى فئة الشباب الذين يحدث في أوساطهم نصف جميع الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية.
ويستطيع الشباب أن يقودوا الطريق بالدعوة الى تعزيز حقوقهم وتلبية احتياجاتهم المحددة. وباستطاعة الشبان والفتيات طرح نهج جديدة للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية, حيث إنهم شركاء طبيعيون في الكفاح ضد الإيدز.
وحان الوقت أيضاً للنهوض بدور المرأة القيادي. فتوخياً لانحسار انتشار فيروس نقص المناعة البشرية, علينا أن نعالج أوجه انعدام الإنصاف بين الجنسين التي تؤجج المرض, وأن نكفل تمكين المرأة من أجل ضمان استجابتها الفعالة. ويمكن أيضاً أن يقوم الرجال والشباب بدور قيادي بتعزيز الانصاف بين المرأة والرجل وبتوفير قدوات ايجابية في إطار الأسر والشراكات والمجتمعات المحلية.
ويجب أن تتولى الحكومات قيادة الاستثمار في برامج وطنية شاملة تركز على الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية مع تحديد أهداف وطنية واضحة ومع وجود دعم وطني واسع النطاق. إذ لا يمكن أن يكون هناك تصد فعال لفيروس نقص المناعة البشرية بدون قيادة ملتزمة على أعلى مستوى.
ومن الأهمية بمكان للنجاح في هذا الصدد مشاركة المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية الإيدز مشاركة فعالة. فشجاعتهم وصدقهم ومشاركتهم هي التي تساعد على إبقاء القادة السياسيين والمسؤولين أكثر التزاما بالوعود التي قدموها وبالتقدم المحرز مع مرور الوقت.
واليوم, بمناسبة اليوم العالمي للإيدز, يجدد صندوق الأمم المتحدة للسكان التزامه بمواصلة دوره الريادي في مجال الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية. ومعاً يجب أن نفي بالوعود وأن نتولى الدور الريادي لوقف الإيدز.
معا لخدمة ورفعة حقوق الانسان فى مصر