12/3/2007
أعلن الطبيب والشاعر محمود صارم يوم الأربعاء الواقع في 28/2/2007 إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على سوء الأوضاع الإنسانية التي يشهدها سجن دمشق المركزي نتيجة لفرض حالة من العقاب الجماعي في أعقاب حالة الشغب والعصيان التي شهدها السجن يوم 25/1/2007 وكنا في المنظمة السورية لحقوق الإنسان ننتظر ما ستتمخض عنه حكمة القائمين على إدارة السجن مع الطبيب والشاعر محمود صارم، لنفاجئ يوم الثلاثاء الواقع في 6/3/2007 بتحويل الدكتور صارم إلى جناح المعاقبين ( المنفردات الخارجية ) ذو السمعة الشائنة في محاولة منها لتربيته وتأديبه بعد أن تجاوز السبعين حولاً وهو الطبيب والشاعر المعروف……؟
لم تكتفي إدارة السجن بذلك وإنما أحالته اليوم الإثنين الواقع في 12/3/2007 إلى النيابة العامة العسكرية بموجب قانون الطوارئ بعد أن نظمت بحقه ضبطاً فورياً جديداً في السجن بجرم ذم و قدح، وقد حضر معه وكيله المحامي مهند الحسني أمام النيابة العامة العسكرية التي أبدى القائمين عليها تفهماً وحكمة ولم يصدروا بحق الدكتور صارم مذكرة توقيف جديدة.
نحمّل القائمين على إدارة سجن دمشق المركزي المسؤولية الكاملة عن صحة وسلامة الدكتور محمود صارم. هذا وقد تنامى للمنظمة السورية علماً بوجود لجنة مكلفة بإجراء دراسة لتطوير وتحسين أوضاع السجون والمعتقلات وتقديم الحلول البناءة لاسيما فيما يتعلق بسجن دمشق المركزي الذي باتت أوضاعه الإنسانية لا تطاق، فقررنا في المنظمة السورية التعامل بإيجابية مع هذه اللجنة وذلك بإصدار الدراسة المرفقة أملاً في أن تساهم في تسليط الضوء على ما خفي من جوانب الصورة الكاملة وكلنا أمل في غد أفضل..
نناشـد السلطات السورية وعلى رأسهم السيد وزير الداخلية التدخل شخصياً لإنقاذ حياة الدكتور صارم من عقلية القائمين على إدارة سجن دمشق المركزي و النظر بعين المواطنة والمشاركة والأخوة لآلاف الحالات التي تعاني العزلة والمرارة و الاغتراب في سجن دمشق المركزي
انتهاك للحقوق المدنية والسياسية
أعد بإشراف مجلس إدارة المنظمة السورية لحقوق الإنسان الصحفية منتهى الأطرش و المحامي مهند الحسني و الدكتور عاصم العظم والدكتور طيب تيزيني والدكتور صادق جلال العظم والأستاذ محمد ملص والمهندس بسام اسحق
اٌلإهداء
- إلى اللجنة القائمة على دراسـة تحسين أوضاع السجون السورية لا سيما سجن دمشق المركزي على أمل أن تسـهم هذه الدراسة المتواضعة في تسليط الضوء على ما خفي من جوانب الصورة.
- إلى روح المرحوم صخر فرزات ومن خلفه جميع الأحرار الذين شغلهم الهم العام في سوريا
- إلى الدكتور محمود صارم المضرب عن الطعام منذ يوم الأربعاء 28/2/2007 على أمل أن تنتهي معاناتك قريباً وتعود لأهلك و محبيك سالماً
- إلى الذين يتوقون شوقاً إلى العدل….. وإلى الذين يرتجفون خوف من العدل
- إلى منظري ثقافة الكره و الحقد والاستئثار………وإلى دعاة ثقافة العفو و التسامح و الإيثار
- إلى الصابرين القادرين المرابطين من مناضلي حقوق الإنسان
- وإلى هواة ( القص واللصق ) من المدعين و المتصيدين و أنصاف المراسلين والمنتحلين والمدبجين للبرامج و الشبكات و التجمعات و اللجان والهيئات والمراكز والمنظمات و الجمعيات
والجميع في غنى عن التعريف.
لكم جميعاً نقدم هذا البحث المتواضعآلية البحث
اعتمدت المنظمة الســورية لحقوق الإنسان عدة عناصر بحثية منها :
- المعاملة الإنسانية للسجين داخل المؤســسة العقابية
- والرعاية الصحية للسجناء والوفيات إن وجد وأسبابها
- والحق بالزيارة
- و الحق بالمراسلة
- و الحق بالتعليم
- والحق بالتغذية
- والحق بالعمل داخل السـجون والعيش الكريم
- وماهية العقوبات التأديبية بما في ذلك التعذيب واستعمل القسوة.
- وسنتوقف قليلاً عند أوضاع المرأة والأحداث
- ما هية الخطوات الحكومية التي تقوم بها السلطات السورية لتحسين أوضاع السجون والمعتقلات وهو ما سنحاول رصده سنوياً ودورياً إن شـاء الله
- دور المنظمات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان في تحسين أوضاع المساجين .
- دور القضاء فيما يتعلق بقيامه بواجب الرقابة على السـجون والمعتقلات )
كلمة بين يدي المطلع الكريم
إن العناصر البحثية السالفة الذكر تمثل من وجهة نظرنا الدليل العام الأولي لحقوق السـجين في المؤسـسة العقابية
وســتسعى المنظمة السورية لحقوق الإنسان لمتابعة تلك الحقوق والتي تمثل بالنسبة لنا عناصر بحثية بشكل سنوي ودوري لرصد مدى التقدم أو التراجع في كل حق من هذه الحقوق ، و على أمل إحراز التقدم وتقليص التراجع والحد من الانتهاكات إيمانا منا بأن النجاح يحتاج لتضافر الجهود من أصحاب الإرادات الطيبة و رحابة الصدر سواءاً من أصحاب القرار أو المراقبين الحقوقيين.
إن ما ورد في هذه الدراسة يمثل رصداً لأوضاع السجون حتى منتصف عام 2006 وعلى أمل إنجاز الدراسة التالية والتي نأمل أن تصدر أيضاً خلال العام الحالي و التي ترصد أوضاع السجون والمعتقلات لعام 2007 نعلن تمنياتنا الطيبة بالتوفيق للجنة العاكفة على دراسة آليات تطوير أوضاع السجون والمعتقلات السورية والله ولي التوفيق
أولاً : مقدمة تاريخية من وجهة نظر المنظمة السورية لحقوق الإنسان
الهدف منها رصد مدى تأثر السياسة العقابية بالبيئة التشريعية القائمة حصلت منذ أواخر القرن التاسع عشر تطورات جوهرية في أهداف السجون و فلسـفتها في شتى بقاع الأرض ، وانعكست هذه التطورات على مفهوم عقوبة السجن التي أصبح ينظر لها بأهمية بوصفها قصاص وإيلام أم إعادة تأهيل و تسهيل اندماج مع محيطه و مجتمعهوعلى ذلك تسابقت حكومات العالم المتحضرة لسن التشريعات الكفيلة بتحقيق الغاية المرجوة من العقوبة وفقاً للسياسة العقابية الجديدة وذلك من خلال البرامج الإصلاحية و الوسائل التأهيلية والتعليمية والثقافية وبرامج الرعاية الاجتماعية والتهذيب السلوكي والأخلاقي والديني التي يمكن أن يخضع لها النزيل خلال فترة إقامته بما يضمن عدم عودته للسلوك المنحرف مرة اخرى وشيئاً فشـيئاً تحول السجن من مكان لتنفيذ العقوبة بالمجرم إلى مكان يتم فيه تقويمه وإكسابه مهنة تساهم بفاعلية كبيرة في إعادته لمجتمعه كإنسان سوي منتج ومن هنا باتت السجون بحق مؤسـسات إصلاحية.
و قد تزامن ذلك مع تطور النظرة للمجرم السياسي مع بدايات القرن التاسع عشر و مجيء المذهب الحر في السياسة و القانون حيث أصبحت الدولة جهازاً إجتماعياً و إنسانياً وجد لحماية حقوق الأفراد وضمان حرياتهم في إطار ضرورات العيش المشترك حيث أصبح للدولة شخصية اعتبارية مستقلة عن أشخاص الحاكمين الذين لم يعد ينظر لهم إلا بوصفهم جهازاً من أجهزة الحكم يتبدل ويتغير تبعاً للظروف والأحوال بعد أن ساد الخلط بين مفهومي السلطة و الوطن في العصور الوسطى وبالتالي فالمعتقل السياسي لم يعد عدو الله والوطن كما كان في العصور الوسطى وإنما هو بالكاد معارض للسلطة وأجهزتها وهذه كلها أضحت صفات عارضة تتبدل وتتغير بينما الوطن هو الذي يبقى. هذا وقد مرّ التشريع في سوريا عبر ثلاث مراحل رئيسية وكل مرحلة من هذه المراحل أسبلت بظلالها على السـياسة العقابية بشكل عام على أوضاع السجون والمعتقلات بشكل مباشر.
في المرحلة الأولى وهي المرحلة التي أعقبت الاستقلال وتأثر المشرع السوري فيها برياح التغيير التي جاءت مع بدايات القرن التاسع عشر في أوربا والتي حملها المذهب الليبرالي الحر في السياسية والقانون .
وفي هذه المرحلة ظهرت معظم القوانين الوضعية الحالية كقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /148/ تاريخ 22/6/1949 والقانون المدني الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /84/ الصادر في 18/5/1949 وصولاً لقانون الجمعيات والأحزاب الصادر بالمرسوم رقم /47/ تاريخ 1953، وفي هذه المرحلة شاركت سوريا في وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والذي نصت المادة الخامسة منه على أنه (لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة ) |.
وفي هذه المرحلة أيضاً ظهر نظام السجون في سوريا بموجب القرار /1222/ تاريخ 20/6/1929والذي بموجبه سميت السجون بالمؤسـسة المركزية للعدل و الإصلاح ومنذ ذلك التاريخ انضوت السياسة العقابية تحت شعار إصلاح السجين وإعادة تأهيله و تمهيداً لإدماجه بالمجتمع سليماً معافى .
هذا وقد تلا نظام السجون السوري مجموعة كبيرة من التعديلات والتي منها القرار/ 2151/ تاريخ 26/2/1949 والذي بموجبه ســـلمت إدارة السجون لعناصر الضباط وصف ضباط الشــرطة بعد أن كان معهوداً به لجهاز خاص بالسجون. كما صدر المرسوم رقم /67/ بتاريخ 24/3/1965 والمتعلق بإحداث شعبة السجون وترتبط بها أربعة فروع هي على التوالي ( فرع ذاتية السـجناء – فرع التأهيل و التعليم – فرع الإطعام والتجهيز – فرع الشؤون الإدارية ) بعدها صدر القرار التنظيمي /848 / تاريخ 31/5/1965 والمتعلق بصلاحيات واختصاصات قادة الوحدات الأمنية المشرفة على السجون حيث قسمت السجون لثلاث فئات هي ( الإدارات والأقسام والمخافر).
بعدها صدر المرسوم رقم /1623/ تاريخ 8/7/1970 والذي بموجبه سميت إدارة السجون وتمّ ربطها بأحد معاوني وزير الداخلية .
ثم صدر القرار رقم 1/ق تاريخ 1/1/1981 والذي بموجبه تمّ تحديد الهيكل التنظيمي لقوى الأمن الداخلي وتمّ تحديد اختصاصات إدارة السـجون وفروعها وأقسامها في المراكز والمحافظات.
والمرحلة الثانية : في عهد الوحدة مع مصر حيث تسللت المفاهيم الاشتراكية إلى القوانين وبدء الاهتمام أكثر بمصالح الطبقة الكادحة فسنت التشريعات التي تضمن مصالح أكثر للعمال والفلاحين فظهر قانون التأمينات الاجتماعية وقانون العمل الموحد وقانون الإصلاح الزراعي وغيرها من القوانين التي تترجم معالم تلك المرحلة . وفي هذه المرحلة ألغيت الأحزاب السياسية وشـهدت بداية تغول الأجهزة الأمنية وتدخلها في حياة الناس.
ثم جاءت المرحلة الثالثة : وهي المرحلة التي أعقبت الثامن من آذار حيث كرس العمل بالنهج الاشتراكي وسادت في هذه المرحلة بعض مفاهيم الشرعية الثورية فسنت القوانين الزجرية الصارمة بهدف حماية الثورة وأعلنت العقوبات الحازمة بوجه كل من تسول له نفسه مناهضة أهدافها أو عرقلة التحول الاشتراكي فأعلنت حالة الطوارئ التي مازالت سارية ثم صدر قانون حماية الثورة بالمرسوم رقم /6/ لعام 1964والذي نص على تجريم و معاقبة كل من يناهض أهداف الثورة ويقاوم النظام الاشتراكي بالقول أو الكتابة أو الفعل بالسجن المؤبد والذي قد تصل عقوبته إلى الإعدام في بعض الحالات المشددة.
كما أنشـئت محكمة أمن الدولة العليا بالمرسوم رقم 47 لعام 1968 وتختص بالنظر بجميع القضايا التي يحيلها إليها الحاكم العسكري
كما صدر المرسوم التشريعي /14/ تاريخ 15/1/1969 والذي تضمن إحداث إدارة المخابرات العامة والذي نص في مادة /16/ على ما يلي: (يشكل في إدارة المخابرات العامة مجلس لتأديب العاملين فيها أو المنتدبين أو المعارين إليها. ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن مدير الإدارة).
كما جاء في المادة الرابعة من المرسوم رقم /5409/ لعام 1969 والذي يبدو أنه جاء ناظم لعمل الإدارة ما نصه: (لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في إدارة المخابرات العامة أو المنتدبين أو المعارين إليها أو المتعاقدين معها مباشرة أمام القضاء في الجرائم الناشئة عن الوظيفة أو في معرض قيامه بها قبل إحالته على مجلس التأديب في الإدارة واستصدار أمر ملاحقة من قبل المدير. ويبقى استصدار أمر الملاحقة واجباً حتى بعد انتهاء خدمته في الإدارة).
إن هذه المواد تقوم بحماية العاملين في إدارة المخابرات العامة من أي مساءلة قضائية عن الجرائم التي قد يرتكبونها أثناء تأديتهم لعملهم مما يفتح الباب واسعاً أمام انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ومخارج مفتوحة للإفلات من العقاب بموجب مادة قانونية تضفي الحصانة عن كل ما قد يعزى لهم من جرائم الأمر الذي أثر سلباً من وجهة نظرنا على أوضاع السـجون والمعتقلات.
كما أحدثت محاكم الميدان العسكرية بالقانون رقم /109/ لعام 1968 وهي تابعة لوزارة الدفاع وهي أساساً لمحاكمة الجنود الفارين أثناء المعارك وكان الحاكم العرفي قد أسبل اختصاصها لتشمل المدنيين وجميع القضايا التي يحيلها إليها وجدير بالذكر أنها كانت قد أصدرت أعداداً هائلة من الأحكام بالإعدام على المتهمين بالانتساب لجماعة الإخوان المسلمين إبان الثمانينات بموجب المرسوم رقم /49/ لعام 1981 الأمر الذي ساهم أيضاً في تدهور أوضاع السجون والمعتقلات لاسيما العسكرية منها كسجن تدمر العسكري ذو السمعة الشائنة من الناحية الانسانية والذي تمّ إغلاقه مؤخراً ولله الحمد.
كما صدر القانون الخاص بأمن حزب البعث العربي الاشتراكي رقم /52/ الصادر عام 1979.
كما صدر قانون العقوبات الاقتصادي بالمرسوم رقم /37/ تاريخ 6/5/1966 والذي كان الغرض منه التحكم بالاقتصاد وتقييده وهو قانون خاص ولاحق لقانون العقوبات العام وبالتالي فهو القانون الأولى بالتطبيق .
ثم صدر قانون إحداث محاكم الأمن الاقتصادي بالمرسوم التشريعي رقم /46/ تاريخ 8/8/1977 ( محاكم استثنائية ) و لحسن الطالع فقد تمّ إلغاؤها مؤخراً.غير أن سوريا كانت قد صادقت على العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية خلال هذه المرحلة (عام 1966) والذي تنص المادة الرابعة منه على “عدم التذرع بالأوضاع الاستثنائية وحالات الطوارئ في ممارسة جرم التعذيب دون أي تمييز بين كافة المواطنين أياً كان عرقهم أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم
كما نصت المادة السابعة منه على حظر التعذيب وتجريمه وتؤكد المادة العاشرة منه على معاملة جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تصب في إطار احترام الكرامة المؤصلة في الشخص الإنساني وأن يراعي نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأساسي إصلاحهم وإعادة تأهيلهم ودمجهم في محيطهم المجتمعي”
ومن غير الإنصاف أن لا نشيد بتصديق سوريا على عدد من المعاهدات الدولية ( كمناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ) وعلى الرغم من التحفظات على بعض المواد في بعض المعاهدات وعدم التصديق على البروتوكول الملحق قي معاهدات أخرى إلا أنها كانت خطوة مهمة و ايجابية من غير المنصف عدم الإشارة لها
و لكن تبقى ترسانة القوانين المكبلة للحريات تؤثر سلباً في تردي الأوضاع الإنسانية للسـجون والمعتقلات السورية لاسيما بعد أحداث الثمانينات المؤسفة حينما قررت فئة قليلة ومتطرفة من التيار المتشدد اللجوء للعنف فتردت أوضاع السجون والمعتقلات في سوريا وخاصة بالنسبة للمعتقل السياسي وانحرفت السياسة العقابية عن أهدافها فمن سياسة هدفها إعادة التأهيل والاعتبار إلى سياسة هدفها القصاص والانتقام في كثير من جوانبها لاسيما بالنسبة للمعتقل السياسي الذي عادت النظرة المتخلفة إليه بوصفه عدواً لله والوطن ، تلك النظرة العقابية التي نجد جذورها في ظلمات العصور الوسطى حينما كانت تتماهى مفاهيم الوطن والسلطة وبالتالي فعدو السلطة هو بالضرورة عدو الوطن .
وسـنأتي فيما يلي على تقييم عدداً من السـجون الجنائية والسياسية المدنية في سوريا وكذلك السياسية العقابية على أساس معايير إعتمدناها في الدراسـة تيسـيراً للمقارنة والبحث توخياً للوصول لفكرة واضحة عن حالة السجون والمعتقلات السورية وفقاً لما هو آت
ثانياً : دراســـة بعض نماذج السـجون السـورية وفقاً للمعايير أو الحقوق المحددة الســالفة الذكر.
تقسم السـجون في ســوريا إلى خمسة أقســـام رئيســية :
-
- 1- الفروع وتضم سجون دمشق ـ حمص ـ حلب ـ اللاذقية ـ الحسكة
-
- 2ـ الأقسام وتضم سجون بقية المحافظات السورية وفي كل محافظة سجن
-
- 3ـ المخافر وتضم سجون المناطق وبعض النواحي الكبيرة
-
- 4ـ معاهد الإصلاح الخاصة بالأحداث وهي تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية
- 5ـالأماكن السرية للاحتجاز وتضم السجون ونظارات الفروع الأمنية وتخضع لإدارة الأجهزة الأمنية
يقوم نظام السجون السوري من الناحية التشريعية ( النظرية ) على أساس التفريق بين السجناء بشكل عام ، هذا وقد نصت مواده من 32 إلى 40 على ذلك على أساس التفريق ما بين الرجال والنساء والأحداث من جهة والتفريق ما بين الموقوفين و المحكومين من جهة أخرى ويسمى ذلك بالتفريق الإجباري ويشمل هذا التفريق غرف النوم وصالات العمل وغرف الطعام وساحات الفسحة وعلى أساس التفرق ما بين الموقفين و المحكومين وكذلك التفريق ما بين فئات الجرائم المختلفة ومدة الأحكام والسوابق القضائية ويقضي النظام بالتفريق على الشكل التالي
-
- 1ـ المحكوم عليهم بالسجن حتى ثلاث سنوات
-
- 2ـ المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة لمدة أقل من عشر سنوات
-
- 3ـ المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤقتة أكثر من عشر سنوات
- 4ـ المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة
وكما تقضي المادة /37/ من نظام السجون بوضع النساء المومسات المحكوم عليهن في غرف خاصة ضمن قسم النساء .
وعلى الرغم من أن السياسة العقابية المعلنة تهدف لإصلاح السجين وإعادة تأهيلة وتسهيل إندماجه وإعادته لوطنه وأهله سليماً معافى فإن الواقع على الأرض يثبت أن السياسة العقابية ما زالت في كثير من جوانبها تقوم على القصاص و الإيلام وهدر الذات كما أن المعاملة مازالت في كثير من الأحيان سـيئة لاسيما بالنسبة للمعتقلين السياسيين وسجناء الرأي والضمير وهي تعود بجذورها الفلسفية للعصور الوسطى المظلمة حينما كان ينظر للمعارضين السياسيين بوصفهم أعداءاً لله والوطن وتسـهيلاً للدراسة سنقسم البحث إلى أربع محاور :
الأول : ويتعلق بالسـجون المدنية الجنائية وكمثال عليه ( سجن دمشق المركزي وسجن حلب وسجن النساء إضافة لنبذة عن معاهد الأحداث الجانحين )
والثاني : ويتعلق بالسـجن السياسي المدني ( الجناح الثاني في سجن دمشق المركزي ).
والثالث :ويتعلق بالسـجن السياسي العسـكري ( سجن صيدنايا العسكري ).
والرابع: ويتعلق بنظارات الفروع الأمنية.
أولاً : الســجن الجنائي المدني :
ويضم سجناء جنائيين من الفئتين ( المحكومين والمواقيف ) كما يضم معتقلين سياسيين ضمن جناح خاص في سجن دمشق المركزي وبموجب القرار 1/ق لعام 1981 والذي حدد الهيكل التنظيمي لقوى الأمن الداخلي، كما حدد اختصاصات إدارة السجون وفروعها وأقسامها بالمحافظات فقد قسمها إلى ثلاثة أقسام هي : الفروع الموجودة في دمشق وحلب وحمص والحسكة واللاذقية أما سجون المحافظات فهي أقسام وهناك النظارات التابعة للمجمعات القضائية على مستوى المحافظات وهي في العادة ذات أوضاع مزرية.في حين أن المخافر تشمل سجون المناطق وبعض النواحي الكبيرة وهي أيضاً ذات مواصفات سيئة جداً ، إضافة لسجون الفروع الأمنية التابعة لإدارة الأمن الجنائي والتي تتمتع بسمعة شائنة للغاية على الصعيد الإنساني وهناك أيضاً الإصلاحيات الخاصة بالأحداث والتي بحسب معلوماتنا تعيش أوضاعاً بائسة.
وسجون النساء التي ليست بعيدة عن واقع البؤس والمعاناة .وفيما يتعلق بعدد السجون الجنائية في سوريا ففي كل محافظة سجن ما عدا القنيطرة وسنأتي على تعدادها مع ذكر تواريخ بنائها وأعداد نزلائها بشــكل تقريبي ،ثم نقوم بدراسة موجزة للسجنين المركزيين في دمشق وحلب وفقاً لمعايير محددة ومعتمدة وفقاً لما هو آت :
سجن دمشق المركزي : سجن حديث البناء وضع في الخدمة عام 1984 وعدد نزلائه يتراوح بين الستة آلاف والسبعة آلاف نزيل تقريباً.
سجن دوما للنساء وهو عبارة عنه بناء قديم شيد منذ الانتداب الفرنسي وعدد نزيلاته يتراوح بين /250-350/نزيلة.
سجن حمص شيد عام 1970 ويبعد عن دمشق حوالي /190/كم وهذا هو البناء القديم وألحق به بناء جديد عام 2005وعدد نزلائه يتراوح بين /1700-2000/نزيل تقريباً.
سجن طرطوس شيد عام 1977 وعدد نزلائه يتراوح بين /500-600/ نزيل
سجن حماه شيد عام 1996وعدد نزلائه يتراوح بين /900 – 1000/ نزيل.
سجن حلب شيد عام 1970 وعدد نزلائه يتراوح بين /400 – 5000/نزيل.
سجن اللاذقية شيد البناء القديم منذ الانتداب الفرنسي وألحق به بناء جديد عام 2000 وقيد الانجاز حالياً ملحق آخر، وعدد نزلائه يتراوح بين /600 – 700/ نزيل ، ويوجد فيه جناح خاص للنساء عدد نزيلاته /25/نزيلة تقريباً.
سجن الحسكة شيد عام 1975 وعدد نزلائه يتراوح بين /500 – 600/ نزيل
سجن القامشلي وهو سجن قديم جداً وألحق به سجن جديد عام 2004 وعدد سجنائه يتراوح بين /200 – 300 / سجين تقريباً.
سجن دير الزور وقد شيد عام 1990 وعدد نزلائه يتراوح ما بين /800 – 1000 / سجين تقريباً .
سجن الرقة وقد شيد عام 2005 وعدد نزلائه يتراوح ما بين /800 – 1000/ نزيل تقريباً.
سجن إدلب وقد شيد حديثاً عام 2005 وما زال في بعض الأماكن قيد الإنجاز وعدد نزلائه يتراوح ما بين /300 – 500 / نزيل تقريباً.
سجن درعا وقد ألغي فيه البناء القديم وأنشـأ سـجن جديد منذ عام 2004 ويتراوح عدد نزلائه ما بين /600 – 700 / نزيل تقريباً ويوجد أيضاً جناح خاص بالنساء وعدد نزيلاته يتراوح ما بين /30 – 40 / نزيله تقريباً ويوجد أيضاً جناح خاص بالأحداث الذين أعمارهم فوق الخمسة عشر عاماً.
سجن السويداء وقد شيد عام 1997 وعدد نزلائه يتراوح ما بين /500 – 600/ سجين وهناك جناح خاص بالنساء وعددهن قليل.وجميع هذه السـجون من نمط الشديد الحراسة، ومما يؤخذ عليها بشكل عام جملة الملاحظات التالية :
- أنه لم يحسب فيها أي حساب لضرورة التدرج في العقوبات بالنسبة للسجين وذلك سنداً لمدى تقدمه في التخلص من نوازعه الجرمية.
- حشر جميع الموقوفين والمحكومين مع بعضهم البعض.
- حشر كافة أنواع الجرائم مع بعضهم البعض وعدم التفريق بين السـجناء أصحاب الجرائم البسيطة والجرائم
الكبيرة، وكمثال على ذلك قد نجد السجناء مرتكبي المخالفات البسيطة كحوادث السير أو مخالفات التموين أو المشاجرات البسيطة مع سجناء معتادي الإجرام كالقتل والسرقة والسلب ويعاملون ذات المعاملة في الحراسة والتحرك ضمن السجن للزيارة أو الحمام كما هو الحال في جناح المدرسة أو الورشات و غيرها.
وفيما يلي دراســـــة مبدئية عن واقع نموذجين من السـجون المدنية الجنائية السورية وهما سجن مشق المركزي وسجن حلب علماً بأن الأمور متشابهة إلى حد التطابق فيما يتعلق بباقي السجون في بقية المحافظات، إضافة لنبذة بسيطة عن سجن دوما للنساء و معاهد الأحداث كنماذج ذات أهمية وقد اعتمدنا في هذه الدراسة عدة عناصر بحثية كما سلف وأوردنا تتمثل في ما هو آت
- المعاملة الإنسانية للسجين داخل المؤســسة العقابية
- والرعاية الصحية للسجناء والوفيات إن وجد وأسبابها
- والحق بالزيارة
- و الحق بالمراسلة
- و الحق بالتعليم
- والحق بالتغذية
- والحق بالعمل داخل السـجون والعيش الكريم
- وماهية العقوبات التأديبية بما في ذلك التعذيب واستعمل القسوة.
- وسنتوقف قليلاً عند أوضاع المرأة والأحداث
- ما هية الخطوات الحكومية التي تقوم بها السلطات السورية لتحسين أوضاع السجون والمعتقلات وهو ما سنحاول رصده سنوياً ودورياً إن شـاء الله
- دور المنظمات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان في تحسين أوضاع المساجين .
- دور القضاء فيما يتعلق بقيامه بواجب الرقابة على السـجون والمعتقلات )
1 – ســجن دمشــق المركزي : والذي يبعد عن مدينة دمشــق حوالي /20/ كم وقد شيد حديثاً كما ســلف بيانه ( عام 1984 ) ويشـغل مسـاحة كبيرة بحدود عشـرة هكتارات وفيه مباني عدة وسـاحات وأراضي غير مستثمرة وتتألف هذه المباني من مبنى للإدارة بما فيها أقلام الدخول و العدلي و الإداري وبناء أيضاً مخصص لمدرسة السجن ، أما البناء الأهم فهو البناء الذي يشــغله النزلاء ويتألف من /12/ جناح إضافة لجناح للمواقيف السياسيين لا علاقة لإدارة السـجن المدني به .
ويوجد في كل جناح إثنا عشر غرفة فيما عدا الجناح الأول والجناح العاشر ففي كل منها ســتة غرف وبكل غرفة هناك /32/ سرير أي مخصص لعدد /32/ نزيل غالباً ما تخصص لأصحاب النفوذ والامتيازات أو لعلية القوم .
أما بقية الأجنحة فتعاني من الاكتظاظ الشديد حتى يصل عدد النزلاء في بعض الغرف إلى /80/ نزيل أو أكثر في بعض الأحيان ،وفي كل جناح باحة للتنفس ويوجد في هذه الباحات ندوة تابعة لجمعية رعاية المساجين .
أما عن توزيع النزلاء على الأجنحة فتتم في غالب الأحيان عن طريق قلم الدخول ولكن هناك استثناءات في هذا التوزيع ويقال أن المحســوبية والرشوة وصرف النفوذ تلعب دوراً في هذا التوزيع.
وفيما يتعلق بالمعاملة داخل المؤســـسة العقابية:
فتختلف بحسب النزلاء ، ويعتقد أن السـجون في سوريا هي من أكثر الأماكن التي تتجلى فيها الفروق الطبقية بين الناس ، فهناك ما يسـمى بالعامية ( المدعوم ) بمعنى صاحب النفوذ وهو نوعان:
إما أن يكون موصى به من أحد أصحاب النفوذ في الدولة.أو أن يكون ذو إمكانيات مادية كبيرة وهؤلاء أمورهم محلولة كما يقولون سـواء فيما يتعلق بإقامتهم أو بحركتهم داخل السـجن وكذلك في مأكلهم ومشربهم وصولاً إلى زياراتهم الخاصة.
وحتى في حال عملهم أو تكليفهم بمهام من قبل إدارة السجن [ كرئيس لغرفة في الجناح مثلاً، أو رئيس لأحد الأجنحة بالكامل ] أو أي عمل آخر داخل السـجن وبغض النظر عن جرمهم أو أخلاقهم أو ثقافتهم أو حتى وضعهم الاجتماعي خارج السـجن.
أما النزلاء الذين لا يملكون تلك الإمكانيات فيعاملون معاملة سـيئة بشكل عام وفي بعض الأحيان تصل لدرجة المزرية فعلى الرغم من أن المادة /90/ من نظام السجون السوري كانت قد نصت على تأمين سرير حديد صغير لكل سجين مع فرشة قطن ووسادة وغطاء قطني في الصيف و غطائين أحدهما صوف في الشتاء، وعلى الرغم من أن المادة /92/ منه كانت قد ألزمت بخصوص التدفئة والإضاءة وتأمين الخدمة الصحية وتنظيمها إلا أن هناك مشكلة حقيقية في تطبيق القانون عندما يكون لمصلحة السجين فالسجون السورية عموماً تشتهر بالاكتظاظ وغالبية السجناء يفترشون الأرض منهم من لا يحصل سوى على بطانية واحدة وكثيراً ما يضطر السجين القديم لتأجير سريره الذي يكون قد حصل عليه بحكم الأقدمية لأحد الموقوفين الجدد لقاء المال
من جهة أخرى فإن الطاقم الإداري المشرف على السجون غير مختص في كثير من الأحيان ولا يقيم اعتباراً لحقوق السجناء كما أنه لا يقوم بتعريف السجناء على حقوقهم التي لا يعرف عنها شيئاً بالأصل أو بالكاد يعرف عنها القليل ومن حيث النتيجة فغالباً ما يتجلى الاختلاف بالمعاملة بين النزلاء تبعاً للتفاوت الطبقي والدعم فيما بينهم.
وفيما يختص بالرعاية الصحية :
يوجد بالسجن مشـفى صغير دون إمكانيات طبية لإجراء أي عمل جراحي مهما كان بسيطاً ، وإنما يوضع فيه بعض المرضى المصابين بالسل الرئوي والإيدز أحياناً وكذلك جميع المتخلفين عقلياً وفي بعض الأحيان الشـاذين جنسـياً. ويوجد أيضاً عيادة صباحية لمعاينة النزلاء ولكل جناح يوم في الأسبوع للمعاينة .حيث يقوم مندوب الجناح المكلف من الطبابة بتسـجيل أسماء النزلاء المرضى ويقوم باصطحابهم إلى العيادة الطبية ســواء منها عيادة الأمراض العامة أو العيادة السـنية حيث يصار لعلاجهم وفقاً لأبسـط المعايير الطبية ، و يقال أن مندوب الطبابة يقوم أحياناً باستغلال المرضى و ذلك بأخذ الإتاوة منهم حتى يصار إلى إنزالهم للعيادة ، والأطباء الموجودين في كلتا العيادتين هم ضباط في الشرطة وهناك أطباء من خارج السجن يزورون العيادات بين الحين والآخر وفي غالب الأحيان تتم معاينة جميع نزلاء الجناح بســاعة واحدة ولو كانوا بالعشرات.
وهناك شـك دائم بكلام النزيل ويكتفي الأطباء في كثير من الأحيان بصرف حبوب مسكن صالحة لجميع الأوجاع أو تسـجيل وصفة خارجية تقوم صيدلية السجن بإحضارها في اليوم التالي ويكون ذلك طبعاً على حســاب السجين ، وفيما ندر تصرف على حساب جمعية رعاية المساجين .
ومن غير الإنصاف أن لا نذكر أنه يتم أحياناً جلب بعض الأدوية النادرة والغالية الثمن ولكن المشكلة أن لإدارة السجن وموظفيه و لأصحاب النفوذ والمقربين من النزلاء حق الأفضلية عليها.
وإذا ما استلزم الأمر إحالة أحد النزلاء للمشـفى لضرورة الوضع فعملية إحالته قد تسـتغرق عدة أيام لأنهم في إدارة السجن يقومون بإرسال برقية إلى قيادة الشرطة وينتظروا جوابها بالموافقة ، وعندما تأتي الموافقة ينقل النزيل للمشفى و يوضع في سجن أو نظارة المشفى والتي يقوم على حراستها مساعد وعدة عناصر من الشرطة وهناك يبدأ فصل جديد من المعاملة السيئة والابتزاز ، حيث تربط الأرجل بالجنزير مع السرير الحديدي حتى أنهم لا يستطيعون الدخول للحمام أو دورات المياه دونما موافقة من المساعد ( رئيس المفرزة ) و أحياناً يضطر السجين للتزلف لرئيس المفرزة بكافة الطرق المتيسرة كي لا يمارس عليه قائمة ممنوعاته مما يضطر السجين في كثير من الأحيان أن يحمل آلامه ويطالب مغادرة المشفى والعودة للسجن الذي يراه أرحم من المشفى وبذلك يريح نفسـه و يريح مفرزة المشفى والقائمين عليها.
وبالنسـبة للوفيات داخل المؤسـسة العقابية:
فلها عدة أسـباب منها الشـيخوخة والتقدم بالعمر، وبسـبب الإصابة بأحد الأمراض الخطيرة ، وقد يكون السبب في ذلك (أحياناً ) البطئ بالإســعاف أو الاستهتار بحياة السـجين وذلك وفقاً لما سبق بيانه قبل قليل.أما بالنسبة للزيارات:
فهي حق لكل سجين ولكل جناح دوره مرة في الأسبوع ( قيما عدا طبعاً الجناح السياسي ) فمعاملتهم خاصة وفق ما سوف يأتي وهناك ثلاث أنواع للزيارات:الزيارة العامة : وهي مواجهة النزيل والزائر و بينهما شيكين بحيث تكون المسافة بينهما حوالي /30/سم. وهناك ضابط مع شـرطة يتجولون بين النزلاء.
الزيارة الخاصة : وهي أيضاً مواجهة الزائر مع النزيل بينهما شبكين بمسـافة قليلة جداً وطبعاً مزدحمة جداً ، في مكان خاص يشبه الممر المؤدي لغرفة المحامين و في بعض الأحيان تكون هذه الزيارة مطرح صالح للفساد والابتزاز من قبل القائمين على السجن.
زيارة الغرفة : وهي للمتنفذين وأصحاب الجاه والثروة وبالمعنى الدارج ( المدعومين ) وتكون في غرفة مطاولة ويجلس السجن على ذات المنضدة مع الزائر وتتم الزيارة مواجهة فيما بينهم..
وحق السـجين العادي ( غير المحكوم ) ثلاث زيارات عامة وواحدة خاصة شهرياً، وعند الحكم عليه النزيل، فتبعاً لمدة الحكم عليه حيث تبدأ بزيارتين خاصتين وزيارتين عامتين شهرياً.
وتنتهي بالمحكومين مؤبد بثلاث زيارات خاصة وواحدة عامة شهرياً.
وبهذا فالزيارة تتأثر بشكل عام بالتفاوت الطبقي حيث نجد أن المعرفة و المحسوبية تلعب دوراً كبيراً وهي تفسـح مجالاً للفساد والابتزاز كونها متروكة في كثير من الأحيان لمزاجية رئيس فرع السجن الذي يملك صلاحيات مطلقة بالتحكم بشكل الزيارة وطريقتها فهناك ضيوف سيادته وهؤلاء يدخلون مع أجهزتهم النقالة و لهم التمتع بكل الميزات وهناك زوار الغرفة وهؤلاء أقل شأنا وهكذا وهناك زيارة العامة …كان الله في عونهم .بالنسـبة للمراسلة:
فهي تخضع للرقابة المشددة من قبل القائمين على السجن وإدارة السجون ولا يتمتع السجين السوري بحق الحفاظ على سرية مراسلاته.ونشـير بإيجابيه إلى أنه في الآونة الأخيرة وضعت كوات للهاتف العمومي في بعض الأجنحة تعمل بطريق البطاقة وتباع هذه البطاقة عن طريق جمعيات رعاية المساجين وهذه الأجهزة لا تكفي حيث يتم الوقوف من قبل النزلاء والانتظار بالدور لوقت طويل ، كما أن وقت المكالمة محدود جداً وكثيراً مما يضطر النزلاء لقطع المكالمات عن بعضهم بعضاً ، كما أن هذه النعمة متقطعة بشكل عام فقد انقطعت نهاية عام 2005 لخلافات مع شركة الاتصالات وعاد الاستغلال من خلال الهواتف الخلوية التي تشير بعض المؤشرات لتوافرها مع بعض النزلاء من أصحاب النفوذ تحت غض الطرف عنهم من إدارة السجن ثم عادت بعد عدة أشهر لكنها بشكل عام ايجابية نطالب بتطويرها وتحسـينها.
بالنسبة للتعليم :
يوجد في سجن دمشق المركزي مدرسة مؤلفة من ثلاث طوابق بتكلفة باهظة جداً سنداً لمعلوماتنا، ويوجد فيها صفوف مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي بالإضافة للتعليم المهني.
والتعليم المهني يتألف من الحدادة + ميكانيك سيارات + كهرباء سيارات .
كما يوجد أيضاً مركز لتعليم محو الأمية ودورات لتحفيظ القرآن الكريم ، هذا عدا عن وجود مكتبة ضخمة تحتوي على ما يقارب من السبعين ألف كتاب.ويوجد أيضاً قاعة لتعليم الكمبيوتر ،إلا أن المشكلة في عدم وجود تشـجيع على القراءة وهذه الإمكانيات يصار إلى توظيفها ضمن أضيق الحدود ، وتشير مصادر منظمتنا إلى أنه من بين سـتة آلاف سجين ونيف لا يتعدى النزلاء المسجلون في المدرســة المئتي نزيل تقريباً وذلك في أحسن الظروف .
ومن بين طلاب المدرسة هناك مجموعة كبيرة لا تهدف من وراء انخراطها في برامج التعليم إلا للتهرب من ظروف السجن و متطلباته.
والطريف أن مصادر منظمتنا تشير إلى أنه في نهاية العام فإن أعداد من يخضعون للامتحانات النهائية بكلا المرحلتين الأساسي والثانوي لا يتجاوزون العشرات.
وعليه فالمدرسة والإمكانيات المهدورة لم توفق بالقيام بالدور الذي أنيط بها القيام به وذلك لعدم وجود برامج تشـجيع وتوعية من جهة ولاقتصار الاهتمام من قبل القائمين على المؤسـسة العقابية على الأمن ومتطلباته فقط من جهة ثانية و لأن قيادتهم لا تحاسبهم فيما يبدو في كل ما يتعلق بالتوعية والتأهيل و توفير وسائل التنمية الفكرية للنزلاء و تحفيزهم على التنافس الإيجابي فيما بينهم ، بمقدار ما تصب الاهتمام على متطلبات الأمن من جهة و التعبئة العامة لاسيما في المناسبات الوطنية والقومية من جهة أخرى ، وعليه فلا يتم رصد مثل هذه الجوانب الهامة وتسليط والضوء عليها ومحاولة اقتراح الحلول البناءة لمعالجتها، وإنما السياسة المتبعة فيما يبدو هي التعتيم عليها ومحاولة طمسها والالتفاف عنها رغم أهمية مواجهتها وتقديم الحلول لها.
أما فيما يختص بالتغذية :
فيوجد في سجن دمشـق مطبخ وفرن للخبز و مطعم تقدم فيه ثلاث وجبات تتألف من فطور – غذاء – عشـاء يصار إلى الجمع بينهما ، وذلك بحدود نفقة يومية تعادل نصف دولار يومياً ( حوالي ثلاثين ليرة سورية ) أي بما يعادل تسعمائة ليرة سورية شـهرياً.وذلك رغم نص المادة /20/ من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أن
(توفر الإدارة لكل سجين في الساعات المعتادة وجبة طعام ذات قيمة غذائية كافية للحفاظ على صحته وقواه جيدة النوعية وحسنة الإعداد والتقديم) وكما(توفر لكل سجين إمكانية الحصول على ماء صالح للشرب كلما احتاج إليه) و يكفي أن نتصور معدل الراتب الغذائي للنزيل والمؤلف من ثلاث وجبات يومية بقيمة لا تتجاوز الثلاثين ليرة سـورية في اليوم…!!وعلى الرغم من ذلك فإن معلومات منظمتنا تشـير إلى أن الطعام في السـجن كافي من الناحية الكمية لكن المشكلة في التنوع ، كما أن معلوماتنا تشير لوجود بذخ وهدر كبير وأحياناً اسـتهتار بالمواد الغذائية من قبل القائمين على إدارة السجن.
والواقع أن هناك أعداد كبيرة من النزلاء والذين لا تسـمح لهم ظروفهم المعيشية بشراء المواد الغذائية من الخارج يأكلون من طعام السـجن، فيما عدا القلة ممن يمتلكون ما يسـتطيعون به أن يطلبوا المواد الغذائية من خارج السـجن عن طريق ما يسـمى بالفاتورة.
ويتم طلب المواد الغذائية ( بالفاتورة ) عن طريق جمعية رعاية المساجين وعلى حسابهم الخاص حيث تقتص الجمعية نسبة ربح ، إضافة لنسبة ربح مؤسـسات القطاع العام التي لا يحق للجمعية الشراء من خارجها، وبذلك تصل أسعار المواد لنسب عالية.
وقد تواترت أنباء عن اسـتغلال يتعرض له النزلاء من قبل جمعية رعاية المساجين عن طريق ما يسـمى بالندوات الموجودة في باحات الأجنحة والتي يبتاع منها النزيل حسـب سعر السـوق بالإضافة لربح الجمعية وهو ما سنأتي عليه لاحقاً.
العمل داخل الســجن :
فما زال العمل لا يتناسب مع عدد السـجناء وذلك على الرغم من أن المخطط كان يقوم على أساس إنشـاء ورشــات كبيرة لكافة المصالح مثل الحدادة والنجارة وصناعة السـجاد وميكانيك الســيارات و ورشـات الخرز والتمديدات الصحية والكهربائية ، لكن الواقع على الأرض في سـجن دمشـق المركزي عبارة عن ورشــات صغيرة جداً لهذه المهن المذكورة ويعمل فيها عدد قليل من السـجناء بمردود ضئيل جداً بالإضافة للعمل في الفرن والمطعم والمطبخ. ويكفي للتدليل على المردود الضئيل الذي يكاد أن لا يذكر فالنزيل في سجن دمشق يتقاضى أجرا على العمل في الفرن أو المطعم أو المطبخ مبلغاً يناهز العشـر ليرات سورية في اليوم ( أي بمعدل ثلاثمائة ليرة سـورية في الشـهر بما يعادل ستة دولارات).أما النزيل الذي يعمل في الورشـات فيتقاضى أجراً بمعدل خمسـمائة ليرة سـورية شـهرياً ( بمعدل عشر دولارات ) ، وهذا لا يمنع وجود بعض المكافآت في بعض الأحيان لاسـيما في الأعياد والمناسـبات الوطنية والقومية. ويعمل كثير من السـجناء الفقراء كخدم لبقية السـجناء في غرفهم من خلال غسـيل الثياب والطبخ و الجلي والتنظيف لهم ويطلق على هذا النوع من العمل إسم (السخرة) وهذا العمل من أســوء و أحط الأعمال الإنسـانية وأكثرها انتهاكاً وامتهاناً لكرامة الإنسان .
إن الاستغلال وهدر الطاقة والاستهتار بجهد النزيل وعدم مراعاة الشـروط الصحية للعمل والمردود الضئيل والذي لا يكفي لشـراء التبغ، عناصر إعاقة أمام النزلاء في توجههم للعمل داخل المؤسـسة العقابية ، ومن غير الممكن أن نتصور أن يقوم النزيل المعيل لأسـرة خارج السـجن ويرغب في تأمين قوت لها من خلال عمله في السـجن إذا لم يقم عمله على استغلال باقي السجناء ، كل ذلك عوامل وأســباب موضوعية تؤدي لنفور النزيل من العمل داخل المؤســسة العقابية لقلة التمويل والاستغلال ،مما يسـتوجب بالضرورة العمل على توســيع عمل الورشـات برفدها بالتمويل اللازم والتشـجيع عن طريق جذب النزلاء بإعطائهم الرواتب الكافية والمجزية لعملهم والمحققة للكرامة لهم ولأسرهم والتشجيع أيضاً عن طريق مدة محكوميتهم والتفريق بذلك بين النزيل الذي يختار أن يمضي مدة عقوبته مع العمل والنزيل الذي يختار أن يمضي مدة عقوبته بدون عمل، وذلك أسوة بالعديد من السياسات العقابية في العديد من الدول المتقدمة حيث نجد أن العقوبة بالنسبة للنزيل الذي يختار أن يمضي عقوبته مع العمل تعادل نصف المدة المحكوم بها من جهة ، كما تختلف المعاملة داخل المؤسـسة العقابية بالنسبة إليه ، وكذلك اللباس والعديد من الجوانب المعاشية في حياته داخل المؤسـسة العقابية كالحرية المراقبة حيث يسمح له بقضاء ليلة في الأسبوع خارج السجن وفقاً لشروط معينة وحتى التسمية فالنزيل هو من يختار أن يمضي عقوبته مع العمل في حين أن السجين هو من يختار قضاء العقوبة بدون عمل والذي يمضي العقوبة كاملة ويحرم من العديد من الميزات التي يتمتع بها النزيل العامل في السجن بما في ذلك الحرية المراقبة.
بالنسـبة للرياضة :
فهناك فرق قليلة للألعاب مثل كرة القدم وكرة الطائرة وكرة السـلة وكرة الطاولة ولكنها قليلة ونخبوية وهي ليست عامة والتشـجيع عليها قليل ، و مع أن الرياضة يمكن أن تساعد على التخلص من الإحباط والوهن النفسي ، كما أنها وسيلة رائعة لتجذيب النفس الانسانية وملئ الفراغ الذي كثيراً ما يعاني منه السـجين مثله كمثل المطالعة والعمل داخل المؤسـسة العقابية، علماً أن نسـبة كبيرة من النزلاء ( عملياً ) ينامون في النهار ويسـتيقظون في الليل لا سيما في أيام الصيف الحارة مما يزيد الأمور سوءاً من وجهة نظرنا الأمر الذي يسـتوجب من حيث النتيجة ضرورة التشـجيع على الرياضة وتنظيم الوقت والحياة اليومية للسـجين.أما فيما يتعلق بالعقوبات داخل السـجن :
فهي سـنداً لنظام السـجون تتدرج ما بين الحرمان الشـراء من الدكان أو الحانوت للحرمان من الزيارة أو المراســلة أو كلتيهما معاً ، وفي حالة التشـدد يوضع المخالف في الحبس الانفرادي
( السيلول ) على أن لا يتجاوز مدة الشــهر تحت الإشـراف الصحي.والحقيقة أنه يوجد في السـجن زنازين منفردة يســـاق إليها النزيل المعاقب مقيداً بالأصفاد وهي عبارة عنها منفردات تحت الأرض صغيرة الحجم يحشـر فيها السجين وهو مقيد ويقفل عليه الباب وكانت منذ أعوام بحالة رهيبة من السـوء ويمكن تخيل الشـرطي وهو يتلذذ بضرب النزلاء الموجودين بالمنفردات و يطلب منهم إخراج أرجلهم من طاقات الباب ويقوم بضربهم بكل قسـوة بالكبل الرباعي وكم يشـعر بالعظمة و الفحولة وهم يتأوهون ويترجون بكلمات الإسـتحسـان، لكن من غير الإنصاف أن لا نذكر أن الضرب كان قد خف كثيراً لاسيما عام 2005 لنسمع مؤخراً عن صور مرعبة عنه ، و يكفي أن نتصور السـجين وهو يوضع في زنزانة منفردة لا يوجد فيها شـيء يمت إلى الحياة الإنسـانية سـوى بطانية قذرة جداً حتى ولو كان ذلك في صبارة القر في الشــتاء وتحتوي الزنزانة على دورة مياه تصدر روائح لا يمكن تخيلها ويقدم للنزيل فيها رغيفين من الخبز فقط كل يوم دون طعام آخر
وبطبيعة الأحوال فالاستثناءات موجودة في حال توفر المال، ويقال فيما يقال و بمعلومات لم يتسن لنا التأكد منها من مصادر مستقلة ، أن ثمن علبة الحلاوة قد تصل في المنفردة لخمسمائة ليرة سورية كما قد تصل ثمن السـيجارة الواحدة لمائتي ليرة سـورية، والمنظر المقزز للأبدان و بحسب شهادة بعض النزلاء الذين مرٌ بتجربة المنفردات أنهم كانوا يملئون وقت فراغهم مع الجرذان والفئران التي تشـاركهم سـكنهم .
ومن جهة أخرى فهناك جناح بأكمله و يدعى جناح المعاقبين أو المنفردات الخارجية أو كما كان يدعى الجناح ( 13 ) والظروف الحياتية والعيشية في هذا الجناح من أسوء ما يمكن تخيله والمعاملة فيه خاصة وحاطة بالكرامة ومن النادر أن يدخله السجين دون أن يتعرض لعقوبة ( قص الشعر ) و الصابون فيه ممنوع تقريباً وتنتشر فيه الحشرات من بق وقمل إضافة للجرذان ومختلف أنواع القوارض وهذا الجناح عبارة عنه قبو كبير تحت الأرض تقريباً وهو موجود خارج البناء المخصص لأجنحة السجن جميعها وقريب من جناح المخدرات و من المخزي أن الطبيب والشاعر محمود صارم قد أودع فيه بعد إضرابه عن الطعام.
أما فيما يختص بالتعذيب و استمال القســوة :
فمما لا يخفى على أحد أن التعذيب يعتبر من أشـنع القباحات التي يتعرض لها الإنسـان وعلى الرغم من وجود العديد من المواثيق والمعاهدات التي صادقت عليها سوريا والتي تحرم استعمال التعذيب وســوء المعاملة القاسية بحق أي موقوف ولأي سببوعلى الرغم من أن المادة /30/ من نظام السجون السوري تنص على أنه :(يحظر على جميع الموظفين و عمال الحراسة أن يستعملوا الشدة بحق الموقوفين أوان يلقبونهم بألقاب محقرة أو يخاطبونهم بلسان بذيء أو يمازحونهم) كما أن الدستور السوري النافذ في المادة 28 ف 3 ينص على أنه لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة وحدد القانون عقاب من يفعل ذلك.
وعلى الرغم من نص المواد 319 و391 من قانون العقوبات السوري على تجريم التعذيب والمعاقبة عليه وعلى الرغم من تصديق سوريا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية دون المصادقة على البرتوكول الملحق وذلك تجنباً للشكاوي التي يقدمها الأفراد
وعلى الرغم من أن سوريا انضمت مؤخراً في عام 2004 إلى اتفاقية مناهضة التعذيب, مع التحفظ على المادة عشرين منها0فما زالت السلطات الأمنية تلجأ للتعذيب بين الفينة والأخرى، ومن أكثر وسـائل التعذيب اسـتعمالاً في سـجن دمشـق الضرب على كافة أنحاء الجسم بالعصي والكبلات الرباعية المعدنية.
والفلق وهي ضرب السـجين على القدمين ثم إجباره على السير أو الركض عليهما.
ومن الإنصاف أن نشـير بإيجابية إلى تراجع هذه الظاهرة نسبياً نهاية عام / 2004 / وبداية عام /2005/ و يشهد لوزير الداخلية السابق ( رحمه الله ) أنه وقف موقفاً مشرفاً وحاول جاهداً مكافحة هذه الظاهرة وقد تحسنت في عهده جميع أشكال المعاملة في الفروع والإدارات الخاضعة له لاسيما فروع الأمن الجنائي .بالنسبة لدور الجمعيات الأهلية و منظمات حقوق الإنسـان في الرقابة على السـجون :
فإن ( قانون الجمعيات ) رقم /93/ لعام 1958 ألغى جميع القوانين السابقة ليؤسـس لفهم مختلف لمعنى كلمة جمعية بعلاقتها مع الحكومة وهذا القانون هو المعمول به في سوريا ، إضافة للائحته التنفيذية الصادرة بالقرار /1330/ تاريخ 1958، و المرسوم التشريعي الصادر بتعديله رقم /224/ تاريخ 1969.ويعتبر الحصول على ترخيص لجمعية جديدة مهمة شاقة وقد تكون أحياناً مستحيلة لصعوبة التعامل مع قانون الجمعيات المعمول به حالياً من جهة.
وللعقلية التي تحكم الموظفين البيروقراطيين الذين يصدعون لأوامر وتوجيهات غالباً ما تكون أمنية ولنا في المنظمة السورية لحقوق الإنسان تجربة مرّة في هذا المجال مع وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل ، فقد تقدمنا بطلب الترخيص بتاريخ 25/11/2004 مرفقاً بجميع الأوراق الثبوتية المطلوبة للترخيص ، إلا أن الموظفة المسؤولة عن استلام طلبات الترخيص للجمعيات استلمت منا الأوراق لكنها اعتذرت عن إعطائنا رقم الوارد في الديوان بحجة أننا تحديداً
( كمنظمة حقوق إنسان ) علينا مراجعة السيد مدير الخدمات لاستلام رقم الوارد منه شخصياً وبمراجعتنا له طلب منا العودة بعد أسبوع لاستلام رقم الوارد وفي كل أسبوع كان يؤجل إعطائنا رقم الوارد في الديوان من أسبوع إلى الأسبوع الذي يليه مرت الأيام وبعد مرور ما يقارب الأربعة أشهر و نصف من المراجعات اكتشفنا أن توجيهاً كان قد صدر بعدم تسجيل الطلب في الديوان تفادياً من الوقوع تحت حكم المادة العاشرة من قانون الجمعيات التي( ألزمت الجهة الإدارية المختصة بإجراء الشهر خلال الستين يوماً من تاريخ طلبه ، فإن مضت الستين يوماً دون إتمام الشهر اعتبرا لشهر واقعاً بحكم و قوة القانون )
و بذات الوقت فمن غير الإنصاف أن لا نشيد أننا وبعد أن قررنا المباشرة بحكم القانون فقد تمّ التعامل معنا بواقعية و أحياناً بروح إيجابية وإن كنا ما زلنا نعمل تحت يافطة غض الطرف عن عملنا.
المهم أن جمعية رعاية المساجين هي الجمعية الوحيدة المخولة بدخول السجون لأنها مرخصة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وبإشراف وزارة الداخلية حيث يوجد مكتب خاص لجمعية رعاية المساجين ضمن كل سجن. وتقوم الجمعية بتوزيع الإعانات المادية للنزلاء الفقراء وأسرهم ضمن أضيق الحدود ،كما تقوم بمجموعة من النشاطات ( رياضية وثقافية ودورات لتحفيظ القرآن وتعليم الكمبيوتر) .
ولجمعية رعاية المساجين استثماراتها داخل المؤسـسة العقابية حيث يوجد في كل جناح دكان لبيع المواد الغذائية وخلافه ويعود ريعها للجمعية ، كما يوجد مطعم خاص بالجمعية يقوم بطهي الأطعمة الجاهزة و بيعها للنزلاء حسب سعر السوق مع إضافة ربح الجمعية ، وإذا احتاج السجين لمواد من خارج السجن يقوم بتسجيل اسمه على فاتورة من قبل الجمعية فتأتيه بالمواد في اليوم التالي.
وفي النهاية فإن جمعية رعاية المساجين جمعية ربحية استثمارية أكثر منها جمعية خيرية هدفها البر والإحسان. وقد تواترت الأنباء عن عمليات اسـتغلال منظمة تقوم بها هذه الجمعية وبكل الأحوال فقد تحول عمل أمثال هذه الجمعيات من تعبير عفوي شعبي إلى أداة موجهة ، و عليه تبدل دور الحكومة تجاهها من دور رقابي حيادي إلى دور سلطوي مهيمن وذلك عبر وزارة العمل من جهة والقائمين على إدارة السجن من جهة أخرى الأمر الذي يطيح مباشرة بعنصر الاستقلالية فيها من جهة ويفتح الباب واسعاً أمام الفاسد و الاستغلال من قبل القائمين على إدارة السجن من جهة أخرى، وفي بعض الأحيان يمكن أن تسيطر وزارة العمل على مجلس إدارة أمثال هذه الجمعية عن طريق فرض أسماء معينة في عضويتها و من الممكن بحكم القانون أن تقوم في بعض الأحيان بالتدخل بتركيبة مجالس إدارتها عن طريق القانون نفسه الذي أتاح لها تدخل مباشر في عمل الجمعية لدرجة اختراقها إدارياً أو استلاب استقلاليتها أو حلها كما حدث مع جمعية رعاية المساجين في طرطوس مثلاً.
وفي ما يختص بباقي المنظمات وجمعيات حقوق الإنسان فلا يسمح لها بصفتها هذه بزيارة السجون أو المعتقلات لاسيما و أنها جميعها غير مرخصة وتعمل تحت يافطة التسامح و غض النظر عنها من قبل السلطات، ومن جهة أخرى فإن الضروري أن نشير إلى أن العقلية النرجسية ( أحياناً ) و المزاجية القاتلة لبعض القائمين على إدارة المؤسـسات العقابية تأبى الرقابة الشعبية عليها من أي كان وهي محمّلة دوماً بقائمة من التهم المجانية و مستعدة لتوزيعها على كل من تسول له نفسه التدخل أو إبداء الرأي ظناً منها أن ذلك سيؤثر على امتيازاتها المكتسبة وخبرتها بتوزيع التهم على الآخرين لا سيما المختلفين بالرأي ينأى بها ( أحياناً ) من المسائلة عند بعض دوائر اتخاذ القرار وذلك بإظهار الآخر على أنه عدو الله والوطن وأن هناك خندقين أحدهما وطني والآخر لعديمي الوطنية و أن هناك صراع مفتوح لا وجود له إلا في مخيلتها.
و بشكل عام فإن شخصية ونفسية القائم على إدارة المؤسـسة العقابية تلعب دوراً كبيراً في تقبل الآخر أو التشكيك في نواياه ولنا في هذا المجال تجارب كثيرة و كنا أحياناً نلقى القبول و التجاوب وأحياناً أخرى الإعراض والنفور وقد يصل الأمر لأكثر من ذلك كما حدث مع المحامي مهند الحسني إبان زيارته لمعتقلي إعلان بيروت دمشق حيث تقدم بشكوى للسيد رئيس فرع سجن دمشق المركزي يلتمس فيها تحسين أوضاع المعتقلين المعاشية والإنسانية باعتباره الدائرة الأولى لتلقي الشكاوي فيما يتعلق بتحسين أوضاع السجن، فما كان منه إلا أن أزبد وأرعد و بدأ يكيل التهم بالمجان ويهدد بأن السجن مصير مقدم الشكوى وأنه بإنتظاره الأمر الذي اضطر أحد الأساتذة المحامين الكرام للتدخل وسحب الشكوى من بين يديه وتهدئته.
أما بالنسـبة لدور القضاء في الرقابة على السجون و المعتقلات : ففي أضيق السبل و يكاد أحياناً أن يكون معدوماً لا سيما فيما يتعلق بنظارات الفروع الأمنية ذات السمعة الشائنة من الناحية الإنسانية وحتى فيما لو تمت زيارة من قبل المحامي العام المكلف بمتابعة الإشراف على دور التوقيف فإنها في الغالب تكون زيارة شـكلية وغير مجدية .
2 – سـجن دوما للنسـاء : ويقع في منطقة ( دوما ) ويبعد عن دمشق حوالي /15/ كم ، بناؤه قديم شـيد على زمن الانتداب الفرنسي وكان في ذلك الوقت مخفراً للشرطة ومربطاً للخيل ، وهو عبارة عن فسـحة سماوية محاطة بمجموعة من الغرف ويتراوح عدد السـجينات فيه ما بين /250 – 350 / سجينة من مختلف الجرائم ، موزعين على مجموعة من الغرف الموجودة ن فهناك غرفتان لجرائم القتل وغرفة لجرائم المخدرات ، وغرفة للجرائم الاقتصادية ، وغرفة لجريمة السرقة و غرفتان انفرادي ، وغرفتان للجرائم المختلقة مع وجود أطفال فيها ، وغرفة لجرائم الآداب وكذلك غرفة ( للإيداع ).
والرعاية الصحية سـيئة لعدم وجود الطبابة الكافية والدواء اللازم لاسيما بوجود نزيلات مصابات بأمراض خطيرة مثل السرطان أو الربو وهم بحاجة لرعاية خاصة ، و من حسـن الطالع وجود مشفى دوما قريباً من السـجن حيث يتم نقل الحالات الإسعافية إليه وبالنسـبة للدواء فهو قليل وكثيراً ما يتم تأمينه على حسـاب السجينات الخاص مما يفسـح مجالاً واسـعاً للابتزاز.
أما بالنسبة للزيارات فهي محددة بيومين في الأسبوع ( الأحد و الأربعاء ) اعتباراً من السـاعة التاسعة صباحاً وحتى الواحدة والنصف ظهراً والواسطة والمحسوبية تلعب دوراً هاماً في موضوع الزيارة الخاصة . وبالنسـبة للمراسلة فتخضع للمراقبة المشددة من قبل القائمين على السجين و لا تتمتع السـجينة بحق سـرية المراسـلة.
أما بالنسـبة للتعليم فهو محصور على نطاق ضيق جداً حيث يتم تعليم الراغبات فقط لمحو أميتهن وبعض المهن كالخياطة وشــغل الخرز والسيراميك وصناعة الورد. وبالنسـبة للعقوبات فهي نفس عقوبات الرجل بالتدرج فأي سـجينة تقع في مشكلة توضع في الحبس الانفرادي لمدة معينة يقترحها مدير السجن من عدة أيام ولغاية الشـهر حيث يصار أحياناً لاستخدام القسوة والضرب والشـتم وفي أحيان أخرى الفلق..
والوفيات إما أن تكون مرضية نتيجة أي مرض يصيب السجينة و أحياناً بسبب بطئ الإسعاف والإهمال في تشـخيص المرض.
وفيما يتعلق بالعمل فلا يوجد أي نوع من أنواع العمل المنظم داخل سجن النساء وفي أحوال ضيقة تقوم بعض النزيلات بأشغال الإبرة وبعض أشغال الصوف وفي أحيان أخرى بعض الأشغال اليدوية الخاصة حيث يتم بيعها عن طريق بعض الجمعيات الخيرية والدينية.
وفيا يتعلق بالتغذية فهناك مشرفة على الطعام وذلك بعد إشراف مدير السجن أو معاونه الذين يقومون باستلام الخضار والفواكه يومياً عن طريق متعهد وتقوم بعض السجينات بالطهي وتوزيع الطعام على ثلاث وجبات وهي غير كافية.
:3 – أما بالنسـبة للأحداث : فهناك ثلاث معاهد للذكور في دمشـق ومعهد واحد للإناث إضافة لمعهد للأحداث الجانحين في حلب ( معهد سيف الدولة )
معد خالد ابن الوليد : وقد تأسـس عام 1976 وهو يتبع إدارياً لوزارة الشـؤون الاجتماعية والعمل ويتألف المعهد من بنائين مسـتقلين الأول منهما إداري ويتضمن غرفة للمراقبة وأخرى للمحاسـبة وثالثة للأخصائي الاجتماعي وهناك غرفة للمدير وأخرى للذاتية ، والقسـم الثاني ويتألف من طابقين يوجد في الطابق الأول منهما المطعم والمطبخ و يوجد في القسم الثاني منهما أربع مهاجع للنوم توزع الأحداث فيها حسـب الجرم .وبالنسـبة للزيارة فهي أســبوعية مع وجود ( كما هو الحال دوماً ) زيارات اسـتثنائية و أما بالنسـبة للتعليم فهو قليل جداً حتى أنه و بحسب معلوماتنا لا يوجد إلا معلم حرفة نجارة ، وهناك غرفة للعزل أوضاعها مزرية مخصصة في حال ارتكاب أي مخالفة ضمن المعهد ، والمعاملة في معظم الأحوال سـيئة للغاية وتفتقر للحد الأدنى من القواعد المنهجية للتربية المتعارف عليها.
أما بالنسبة لمعهد الغزالي فقد تأسـس عام 1952 وهو تابع لوزارة العمل ومن أهدافه المعلنة إبعاد الأحداث الجانحين عن السجون العامة وإعداد الأحداث مهنياً وتنمية الشعور القومي لديهم وإعادة تربيتهم تربية صحيحة .
ويتألف المعهد من قسـم إداري ( مدير وثلاث أخصائيين وجهاز الرقابة )
وقسـم مهني ويشـتمل على مدير الحرف ( حدادة ونجارة )
ومسـتوصف: وهو مخصص لتخديم المعهدين (الغزالي وابن الوليد )
إضافة للمهاجع وتشير معلوماتنا إلى أوضاع مزرية للنزلاء ورعاية صحية سـيئة وراتب غذائي ضعيف والتعليم في أدنى مستوياته وهناك معلومات غير مؤكدة تشير لانتحار أحد الأحداث وذلك بإلقاء نفسه من أحد الطوابق .وهناك معهد للفتيات الجانحات : تأسـس عام 1967 ويتسع /30/ فتاة وقد شيد حديثاً مبنى جديد عام 1992 ويتألف المعهد من طابقين إضافة للمطبخ والمطعم .
يوجد في الطابق الأول غرفة الإدارة وأمانة السر وصف لتعليم الحرف من خياطة وتطريز و غرفة للشرطيات والمراقبة ، أما الطابق الثاني فيضم مهجعين للنوم وتوزع فيه الفتيات حسب الجرم ففي المهجع الأول تقبع مرتكبات الجنح البسيطة وفيه أسرة خشبية ، بينما في المهجع الثاني فهناك الفتيات ذوات الجرائم الكبيرة وفيه أسرة حديدية طابقيه موزعة بصورة سيئة، وهناك صالون للجلوس وفي المعهد ساحة مغلقة داخل البناء أما عن العقوبات فيوجد غرفة للعزل ومن جهة ثانية يمكن أن تتم العقوبة بإرسـال الفتيات إلى قسم الشرطة التابع لمنطقة المعهد مع ما يجره ذلك على الفتيات من مخاطر الاستغلال التي لا تحمد عقباها وهناك طبيبة تحضر اسبوعياً والرعاية الصحية سيئة ، وهناك صف نظري لتعليم القراءة والكتابة علماً بأن معلوماتنا تشـير لعدم وجود منهاج للتعليم أو برامج لمحو الأمية أو نشاطات ثقافية من أي نوع.
4 – سجن حلب المركزي :
وقد شـيد عام 1970 وعدد نزلائه يقارب الخمسة آلاف نزيل يتوزعون على /170/ غرفة تقريباً ، وفي كل غرفة ما بين /25 – 35 / نزيل.
و بشكل عام فإن الأوضاع في سجن حلب أفضل بكثير عن نظيرتها في سجن دمشق المركزي.
لا سيما بعد تدهور الأوضاع الانسانية في سجن دمشق في أعقاب الإضراب الأخير الذي شهده السجن يوم 25/1/2007. فهناك جناح للمحكومين يتألف من عشر غرف و تضم كل غرفة ما يقارب /20/ سجين.
وتحتوي على جهاز تلفاز يبث حوالي /10 / محطات بتحكم مركزي وتضمم ثلاث برادات لحفظ الأطعمة وهناك جناح للتسوق ويبلغ عدد الحوانيت /9/ محال مخصصة لتأمين كافة الإحتياجات الغذائية للمساجين ، حيث تقوم جمعية رعاية المساجين بتأمين المواد والسلع الغذائية لهذه المحال وهناك دار رعاية لأبناء المساجين ز كذلك المشردين وهناك محاولات لتحسين الوضع الانساني لم تتبلور إلى واقع راسخ على الأرض حتى تاريخه إلا أن هذه الدراسة المقدمة من المنظمة السورية لحقوق الإنسان تشمل الأوضاع الإنسانية عامي /2005/ و حتى منتصف /2006/.ومما يمكن أن يؤخذ على سجن حلب مجموعة السلبيات التالية :
بالنسبة للرعاية الصحية :
فإن مديرية صحة حلب تفرز طبيبين للأسنان بشكل يومي فيما عدا الجمعة والسبت بدوام حوالي ثلاث ساعات يومياً ، ومستوى العناية السنية سـيئ بشـكل عام و غالباً ما يسـتفيد منها الأطباء من خلال إنجاز جسور الأسنان المرتفعة الثمن أما العلاجات وحشوات الأضراس فهي قليلة والدواء يشـترى على حســاب النزيل في معظم الأحيان.كما يوجد في السجن طبيب عظمية و طبيب داخلية بنفس الدوام وعائديتهم لمديرية الصحة أيضاً .
وفي فترة ما بعد الظهر يناوب طبيب حديث الخبرة ،ويوجد في السجن ممرض شرطي يوزع الدواء الذي يتم شرائه على نفقة السجين أو الدواء الذي توزعه طبابة الشرطة وهو قليل جداً.
كما يوجد ممرض بدوام جزئي يسـتلم التحاليل لينقلها لمخبر خارج السجن ، إضافة لممرض أشعة بدوام يومان في الإسـبوع .
والطبابة بشـكل عام تخضع لمزاجية إدارة السـجن التي تكون في معظم الأحيان لا مبالية تجاه مرض النزلاء و حاجاتهم ومشاكلهم.
وبالنسـبة للوفيات فهي قليلة نسـبياً داخل السـجن وتحدث في العادة نتيجة المرض وفي بعض الأحوال يكون الإهمال والتقصير سببا في الوفاة ، أما إسعاف المريض للمشـفى فقلما تحدث ويوضع السـجين في المشفى في ظروف صعبة حيث يقيد السجين المسـعف للمشـفى في معظم الأحيان.
أما حق المراســلة:
فشبه معدومة ســواءاً كانت من النزيل لعائلته أو بالعكس ، ومن النقاط الإيجابية أنه تمّ في الآونة الأخيرة تركيب حصالات هاتفية لتقديم خدمة الاتصال وهي مسموحة من الصباح للمساء برسم قيمة /5 ل.س / للخط الداخلي لمدة ثلاث دقائق و/10 ل.س / للمخابرة ما بين المحافظات لمدة ثلاث دقائق إلا أن هذه النعمة متقطعة بشكل عام فقد انقطعت نهاية عام 2005 لخلافات مع شركة الاتصالات وعاد الاستغلال من خلال الهواتف الخلوية ، ثم عادت بعد عدة أشهر لكنها بشكل عام ايجابية نطالب بتطويرها وتحسـينها..بالنسبة لحق الزيارة:
يخصص لكل جرم من الجرائم يوم محدد على مدى أيام الأســـبوع وتدوم الزيارة لمدة سـاعة تقريباً من خلف شبكين عريضين يفصلان النزيل عن زواره إذا ما كان حكمة أقل من عشر سنوات ، أما إذا ما كان الحكم أكثر من عشر سنوات فيسـتطيع الجلوس مع ذويه من النساء و الصغار فقط والزيارة في بعض الحالات تكون فرصة لابتزاز الزائر و السـجين وفي الحالات العادية يمنع إدخال الكثير من المأكولات والفواكه والحاجيات من خلال الزيارة.بالنسبة لحق التعليم :
فيشرف على التعليم في سجن حلب جمعية رعاية المساجين وغالباً ما يتم توفير عدد من المدرسين لا يتجاوزون الثلاثة من مديرية التربية وفي أحيان كثيرة لا يلتزمون بالدوام ، عدد السجناء الطلاب قليل بشكل عام و تشير مصادر منظمتنا إلى أن عدد الطلاب الناجحون في نهاية عام 2005 من كلا الشـهادتين في حدود الخمسة عشر طالباً. كما تقوم الجمعية بإعطاء دورات لمحو الأمية و لكنها تفتقر عادة للجدية، وهناك ثلاثة أجهزة كمبيوتر مخصصة لتعليم كافة السجناء عليها من خلال دورات متتابعة تستغرق الواحدة منها ثلاثون يوماً.أما بالنسـبة للتغذية :
فهي سـيئة بشـكل عام وفي بعض الأحيان يتم التجرؤ على المواد الأولية من قبل القائمين على السجن ،وفي كل الأحوال فالأمر يختلف من مدير سـجن لآخر ، لكن نادر ما ينعم السـجن بمدير يضع في صلب اهتمامه تأمين الطعام الجيد للسـجناء.وتتألف الوجبة العادية في الأعم الأغلب من الحالات من أرز وفاصولياء أو أرز وبازلاء أو أرز وبطاطا ،كما يوزع للإفطار البيض أو الحمص أو اللبنة أو الحلاوة وفي الصيف يوزع أحياناً بعض الخضراوات كالباذنجان والبندورة والخيار، وهذا الأمر يعود بكل الأحوال للقائمين على السـجن، فإن كان الفسـاد مستشرياً فلا يصل للنزلاء إلا ما ندر ، مما يدفع النزلاء لشـراء المواد التموينية من الحوانيت أو الدكاكين العائدة للجمعية داخل الســـجن والتعرض للإستغلال كما سبق وأسلفنا.
أما بالنسبة للعمل داخل الســجن :
فهو يرتبط بورشات لتخديم السجن من داخله كالكهرباء والصحية والحدادة وفرص العمل قليلة جداً ويعمل كثير من السـجناء الفقراء كخدم لبقية السـجناء في غرفهم من خلال غسـيل الثياب والطبخ و الجلي والتنظيف لهم ويطلق على هذا النوع من العمل إسم ( سخرة الغرفة ) وهذا العمل من أســوء الأعمال الإنسـانية انحطاطاًً لكرامة السـجينأما بالنسبة للعقوبات التأديبية :
فهي مشابهة لما سلف وأوردنا في سجن دمشق المركزي وجدير بالذكر أن التفاوت الطبقي ما بين السـجناء المستند للعامل المادي والنفوذ الشـخصي ( الواسطة ) يلعب دوراً كبيراً في هذا المجال في كثير من الأحيان ويكون الفقراء والضعفاء هما المطرحان الصالحان للعقوبات أكثر من غيرهم ، وتتدرج العقوبة من حلاقة الشـعر والضرب وتنفيذ مدة تتراوح من عدة أيام ولغاية الشــهر في المنفردة ( السـيلول ) الذي تنعدم فيه كافة الوسائل الإنسانية ومستلزمات الحياة من ضوء أو ماء عدا عن مساحته التي تبلغ /2م طول – 1.5 م عرض / وتخرج منها روائح كريهة ويمنع نزيل المنفردة من الزيارة طوال فترة وجوده فيها.وبالنسبة للقسوة و التعذيب :
فيمكن أن يخضع السجين المعاقب لأنواع الضرب المهينة والقاسية ويسـتعمل الدولاب في بعض الأحيان ، فيما عدا الشـتائم و الإهانات التي تشاع في مثل هذه الحالات والتي تختلف شدتها من مرحلة لأخرى ومن إدارة لأخرى كما سبق وأسلفنا.بالنسـبة لأوضاع المرأة في السـجن بمحافظة حلب :
بشكل عام تفتقر النسـاء داخل السـجن للحد الأدنى من حيث تأمين الغرف الكافية والرعاية الصحية والتعليم والمساعدة القضائية المطلوبة وتتم معاملتهم بشكل سيء بشكل عام.أمام بالنسبة للأحداث :
فأوضاعهم سيئة وقد تكون مأساوية في كثير من الأحوال وتنتشر بينهم الاعتداءات من مختلف الأنواع والعنف وسـيطرة القوي على الضعيف ويتعرضون في بعض الأحيان للابتزاز وهم يفتقرون لكثير من أنواع الرعاية ومهملون بشـكل مؤســـف وقد نمى للمنظمة علماً عن بعض الأوضاع المأساوية في بعض الإصلاحيات كالتي حدثت في دار الرعاية الإجتماعية في السويداء.
بالنسبة للخطوات الحكومية لتحسـين الأوضاع السـجنية :
فلم نرصد في المنظمة السـورية خلال عام 2005 خطوات ممنهجة و غالباً ما تكتفي إدارة السـجون بإرسـال التعليمات دون متابعة جدية وكافية للتنفيذ.أما فيما يتعلق بدور منظمات حقوق الإنســان :
تقريباً معدوم باستثناء جمعية رعاية المسـاجين التي تقوم بتقديم بعض المساعدة غير الكافية وهي جمعية ربحية كما سلف وأوردنا وينطبق عليها الشــرح الوارد عنها فيما يتعلق بسجن دمشق المركزي ، حالها كحال الدور الرقابي للقضاء على السـجون فهو شـكلي وفي حال قيامه غير مجدي.ثانياً : الســجن السـياسـي المدني :
الجناح السياسي الذي يتبع لفرع التحقيق التابع لإدارة الأمن السياسي مباشرة .
ويتكون السجن من /13/ جناحاً خصص منها جناح واحد للمعتقلين السياسيين يحمل الرقم /2/.. ورغم أن الجناح السياسي جزء من السجن لكنه مفصول تماماً عنه ومعزول.. ويقع في الطابق الثاني من السجن وإدارته التي تتكون عدة مساعدين (حوالي خمسة عشر) تتلقى التعليمات الخاصة مباشرة من رئيس فرع التحقيق في شعبة الأمن السياسي..ويختلف نظام التعامل في هذا الجناح عن بقية أقسام السجن. فخدماته داخلية. وزياراته منفصلة عن الزيارات العامة للسجن والغرف مغلقة بشكل دائم. ويحاط كل شيء بالسرية التعتيم والسجين في هذا القسم يفقد اسمه ويحمل رقماً وأحياناً يبقى في المنفردات الصغيرة لمدة تزيد على خمس سنوات.. يسمح للمعتقلين بالخروج للباحة لمدة تقارب النصف ساعة يومياً وذلك بعد مضي مدة أكثر من سنة على التوقيف أما قبل ذلك فالتنفس لمدة أقل من نصف ساعة ومرتين فقط في الإسبوع . والاختلاط ببقية السجناء ممنوع تماماً.. الزيارات مسموحة فقط للأقارب من الدرجة الأولى وتتم دائماً بوجود عناصر الأمن..
الطعام والخدمات الصحية سيئة و الطبابة تحتاج لموافقة خاصة. يحتوي القسم على خمس مهاجع كبيرة تحمل الأرقام /4-6-8-10-12/ أبعاد المهجع (5 × 12)م وصالة كبيرة وغرفتان صغيرتان (4 × 4)م وسبعة منفردات كبيرة (3 × 2)م وتسعة منفردات صغيرة (1 × 2)م ، وهناك قسم للنساء مؤلف من مهجعين.
و لا يمارس التعذيب الجسدي في هذا القسم إلا نادراً.. في بعض الحالات النادرة سمح باقتناء الراديو ، البعض في هذا السجن محروم تقريباً من كل شيء حتى الفرشات والبطانيات. السجن الإنفرادي ولمدة طويلة هو الأساس في تنفيذ العقوبة في هذا القسم. و ما زال حتى هذه اللحظة الدكتور عارف دليلة العميدالسابق لكلية الاقتصاد في الحجز الإنفرادي في هذا القسم منذ أكثر من خمس سنوات.. وتكفي مقارنة بسيطة لظروف الاعتقال بين كل من السجن السياسي والسجن الجنائي المدني داخل سجن دمشق المركزي
للتأكد من صحة ما سلف وأوردناه :
فالزيارة في السجن الجنائي المدني أسبوعية و دورية وتشمل إضافة لأفراد أسرة السجين أصدقاءه وأحباءه 0 في حين أن الزيارة في السجن السياسي شهرية و تتحكم بها مزاجية القائمين على إدارة المعتقل من قيادات الأجهزة الأمنية و لا ينظر إليها على أنها حق للمعتقل السياسي وإنما هي وسيلة لفرض الإذعان عليه وعلى أسرته لا سيما إبان فترة المحاكمة 0
بالنسبة للحجز الانفرادي عقوبة تأديبية للسجين الجنائي تفرض عليه فقط في حال ارتكابه للمخالفة ، وهي مؤقته بالنسبة له وتتراوح مدتها ما بين الثلاثة أيام والشهر في أسوء الأحوال 0
في حين أن الحجز الانفرادي هو الأصل وهو الأساس الذي تقوم عليه العقوبة بالنسبة للمعتقل السياسي بهدف إخضاعه لعقوبة مشــددة تبعاً لطريقة التنفيذ أي تبعاً لظروف السجن نفسه ( عقوبة لم يرد ذكرها في منطوق الحكم الصادر بحقه ) وإنما تطبق بإرادة منفردة من القائمين على المؤسـسـة العقابية وذلك لفرض الانهيار النفسي و الذل المعنوي عليه نتيجة قطعه عن العالم الخارجي وفرض حالة الصمت الطويل الأجل عليه 0.
الخروج للتنفس فهو يومي ودوري بالنسبة للسجين الجنائي ويستمر من الساعة السابعة والنصف صباحاً وحتى الساعة الواحدة والنصف ظهراً ، ويستمر بعد الغذاء من الساعة الثالثة والنصف ظهراً وحتى الساعة التاسعة والنصف ليلاً ويمكن أن تمارس خلاله جميع الأنشطة والرياضة وحتى الاتصال عبر الهاتف العمومي 0
في حين أن الخروج للتنفس بالنسبة للمعتقل السياسي يكون لمرتين في الإسبوع فقط ولمدة نصف سـاعة فقط ويمكن بعد مدة أكثر من سنة على الاعتقال أن يصبح يومياً ولمدة نصف ساعة تقريباً وبشرط كئيبة كأن يخرج المعتقل للتنفس منفرداً ويمنع عليه خلالها التحدث أو التواصل مع أحد 0
بالنسبة لاحتياجات السجين الأساسية كالطعام فهو يصل للسجين الجنائي خلال مدة لا تتجاوز الأربع والعشرين ساعة على طلبه ودفع ثمنه ، إضافة لتمكينه من الحصول على الطعام الجاهز من الندوة 0
في حين أن مصادر منظمتنا تشـير إلى أنه على المعتقل السياسي في بعض الأحيان الانتظار لمدة أكثر من عشرة أيام ليصله الطعام الذي كان قد أوصى عليه ودفع ثمنه
بالنسبة للحق بالقراءة فالسجن المدني يحتوي على مكتبه ضخمة تتضمن كتباً عديدة ويمكن للسجين الجنائي الاشتراك الدوري بها والحصول على بطاقة ارتياد لها ، كما يمكن له استعارة الكتب منها 0
في حين تفرض على المعتقل السياسي قراءة الصحافة الرسمية فقط فيما إذا رغب بالقراءة لتكون عقوبة إضافية لم ينص عليها القانون ألا وهي عقوبة المنع من القراءة ، وفي حال رغبة ذويه بإيصال بعض الكتب له فإن ذلك مرهون بمزاجية القائمين على إدارة السجن من ضباط الأمن الذين أعطوا لأنفسـهم الحق في اختيار و اصطفاء مادة القراءة للمعتقل والذين كثيراً ما لا يسمحون للمعتقل بالقراءة رغبة منهم في تجهيله والتعتيم عليه وتغيبه ثقافياً و فكرياً لا سيما وأن معظم المعتقليين السياسيين معتقلي رأي وضمير من النخب الثقافية المتميزه 0
كما أن ممارسة الحياة العادية بتقليص الفوارق بين حياة السجن وحياة الحرية متاح إلى حد ما عند السجين الجنائي فوسـائل الترفيه من راديو و مسجل وتلفاز وحتى الستاليت في حالات معينة وإن كان ينظر إليها بوصفها مكرمات يستطيع القائمون على إدارة السجن حجبها في كل وقت كما حدث بعد الإضراب الذي عمّ سجن دمشق المركزي بتاريخ 25/1/2007، كما أن الصحف والمجلات من مختلف الأنواع يمكن أن تكون متوفرة له ، عكس ما هو الحال بالنسبة للمعتقل السياسي الذي لا يستطيع الحصول على مذياع إلا بشـق الأنفس وبعد تقديم جميع أنواع التنازلات 0
هذا عدا المعاملة التي ينبغي أن تحفظ الكرامة وتقدير الذات فهي وإن كانت تحكمها المصالح في أحيان كثيرة في السجن الجنائي إلا أنها تبقى أفضل حالاً بما لا يقاس من مثيلتها في السجن السياسي والتي وصلتنا بعض الصور المخزية منها إبان محاكمة معتقلي ربيع دمشق 0
وقف الحكم النافذ ( منحة ربع المدة ) وهي كما هو معلوم منحة تعطى للمحكوم ليصار بموجبها إلى إعفاؤه من قضاء ربع مدة الحكم استناداً لحسن سيره وسلوكه داخل السجن وهي ترتبط بثلاثة شروط : أن يكون الحكم مبرماً – وأن تزيد مدته عن التسعة أشهر – وأن يكون المحكوم حسن السير والسلوك إبان تنفيذه للعقوبة وبالتالي فلا علاقة لهذه المنحة بطبيعة الجرم وماهيته لأن المحكمة هي التي تبحث في ماهية الجرم وهذه المنحة تتعلق فقط بطريقة تنفيذ العقوبة ليس إلا
ومن الطريف أن يمنح المجرمون الجنائيون من قتله ومغتصبين ولصوص ومرتشين 000 إلخ وقفاً للحكم النافذ بعد مضي ثلاثة أرباع المدة بينما يحجب هذا الحق عن معتقلي الرأي والضمير أصحاب العقيدة والوجدان في كثير من الأحوال.
من كل ذلك فما زالت السياسة العقابية بالنسبة للمعتقل السياسي ثأرية إنتقامية هدفها فرض الإذعان عليه و إحباط مسـاعيه التي كثيراً ما تتعلق بالشـأن العام الداخلي وجعله عبرة لمن لا يعتبر لاسيما بفرض العزلة الطويلة الأمد عليه ومنعه من التواصل مع العالم الخارجي بهدف تدميره النفسي والمعنوي 0
ثالثاً : السجون العسكرية :
وتتمثل حالياً في سجن صيدنايا العسكري ويبعد عن دمشق حوالي / 30 / كم في منطقة صيدنايا ويتألف من قسـمين الأول عسـكري ويضم الجنود القارين من الخدمة العسكرية ومرتكبي الجرائم أثناء الخدمة العسكرية من فئة العسكريين ، وهذا القسم يضم الحالات القضائية المتعلقة بالعسكريين.
والثاني : سياسي ويتألف من ثلاث أقسـام في كل قسم منها ثلاث طوابق وسنأتي على شرحه بالتفصيل. وقد شـيد هذا السـجن عام 1987 على شــكل علامة شعار سيارة المرسيدس بحيث يتألف من ثلاث أضلاع تلتقي في المنتصف ويتألف كل ضلع من ثلاث طوابق وفي كل طابق جناحين ( يمين ويسـار ) وقبو فيه المنفردات ،وفي منتصف البناء مسـدس هوائي عبارة عن درج حلزوني يجلس فيه بعض الحراس للمراقبة والبناء.
وبذلك يكون عدد الأجنحة 2×3 ×3 = 18 جناح
لكنها ليست مشـغولة بالكامل ، ويعرف الجناح برمز الضلع مع جهة ورقم الطابق فالأضلاع ثلاثة ( أ – ب – ج ) والجهة ( يمين ويسار ) والطابق ( 1 – 2 – 3 ) ويتألف كل جناح من أحد عشـر غرفة على صف واحد لها أبواب على الممر الذي له نوافذ على الإطلالة وهي بالطبع تختلف من جناح لآخر ، والغرفة /11/ من كل جناح ليس لها باب أو منافع فهي في العادة للنشـاطات وليست للنوم.بعض الأجنحة يطل على باحة تنفس في حين أن البعض الآخر يطل على حديقة ترابية بينما البعض الآخر يطل على مدخل السـجن.
باحة التنفس شـكلها مثلث تقريباً ومسـاحتها /200/ م ، وفي كل مهجع منافع مؤلفة من مرحاض 1×1 وحمام 1×1 ومكان للمغســـلة 2×1.
الكهرباء دائمة ونادراً ما تقطع بالفترة الأخيرة والماء أصبح مؤخراً من الصنابير وهناك خزانات ولا تقطع في الشـتاء بينما تشــح في الصيف .
والتدفئة مركزية ( شوفاج ) موجودة في الممر ولا توجد في الغرف
وتعمل فقط لمدة ســاعتان صباحاً وسـاعتان عصراً من كل يوم.
بالنسـبة للمعاملة فمن غير الإنصاف عدم ذكر تحسن المعاملة منذ عام 2003 فأصبح الحديث مع النزلاء في الفترة المؤخرة خالياً من الإهانات ، طبعاً في حال عدم وجود مخالفات لكن بعض المصادر تشير لتدهور الأوضاع بشكل كبير نهاية عام 2005 و بداية عام2006.أما بالنسـبة للرعاية الصحية فالنزلاء غالباً يعتمدون على طبيب من بينهم وأحياناً يطلبون طبيب السـجن وهو في معظم الأحيان غير متعاون والأدوية غير متوفرة بشـكل جيد ،وفي الفترة الأخيرة أصبح توزيع الدواء للمرضى المزمنين منتظماً لكن أكثر الأدوية على حســاب السجين .
في الحالات الإسـعافية تحول لمشـفى تشـرين العسـكري ، و الحالات التي تتطلب دخول المشـفى فعلياً فالتعامل معها مختلف فبعضها يحول بعد عدة أيام وبعضها الآخر يضطر المريض للمطالبة بتحويله للمشـفى لعدة شـهور دون أن يسـتجاب له.
بالنسـبة للمعالجة في الطبابة السـنية فهي سـيئة وبطيئة والأدوات قليلة والأجهزة رديئة التعقيم مما يؤدي لإنتقال الأمراض بين السـجناء في بعض الأحيان ” كالتهاب الكبد الإنتاني أو الإيدز إن وجد ” .
أما الزيارة فقد كانت عشــوائية حتى بداية 2005 حيث زار السـجن رئيس فرع الشرطة العسـكرية وابلغ السـجناء عن فتح باب الزيارات شـهرياً وفعلاً بقيت الزيارات كذلك حتى نهاية عام 2005 حيث بلغ أهالي السـجناء بتوقف الزيارات لأســـباب غامضة و ما زال الأمر على هذا الحال خاضع لمزاجية الأجهزة الأمنية مع الأسـف الشديد.
والزيارة تكون عبر شـبكين بين السـجين وأهله والمسـافة بينهما حوالي /1م/ ولا يسمح بالزيارة إلا لأقارب الدرجة الأولى وهناك نافذة صغيرة يسـمح للسـجين بالسـلام على أهله منها لمدة دقيقتين فقط ، وهي تخضع في كثير من الأحوال لمزاجية الحارس.
والمواد التي كان يجلبها الأهل معهم حينما كانت الزيارة مسموحة وذلك قبل نهاية عام 2005 فقد كان التعامل معها عشـوائياً بشكل كبير فسـجين يدخل له كل المواد وآخر لا يدخل له شـيء ، مع أن المواد هي ذاتها بين الاثنين وتلعب الرشـوة والمحسـوبية دوراً كبيراً في موضوع الزيارة بشكل عام لا سيما بعد منعها بداية عام 2006 حيث أصبحت أمراً نادرة مما زاد في تكريس أجواء الإحباط والقنوط واليأس بالنسبة للنزلاء الذي أصبح يفرض عليهم العزل في المهاجع طالما كانوا في طور المحاكمة التي قد تستمر لسنوات طويلة والأعم الأغلب من المعتقلين السياسيين ينتظرون يوم المحاكمة أمام محكمة أمن الدولة كي تتاح لهم فرصة اللقاء بشخص واحد من ذويهم أو أقربائهم لمدة دقيقة أو دقيقتين في المحكمة و كثيراً ما تتم هذه الزيارة من خلال الشبك وفي بعض الأحيان مواجهة و الثواني الثمينة الممنوحة لهم للقاء ذويهم في المحكمة لا تكفي في العادة من الأحوال لكفكفة الدموع.
أما المراســلة فممنوعة بكل صورها وأشـكالها وقد كان يسـمح سابقاً بإدخال النقود حينما كانت الزيارة مسموح بها، أما حالياً فحتى الصور العائلية كصور الأبناء مثلاً التي يحاول الأهل تزويد المعتقلين بها إبان زيارتهم في نظارة محكمة أمن الدولة فلا يسمح بها القائمون على حراسة المعتقلين فمن باب أولى عدم السماح بتبادل الرسائل.
أما حق التعليم : فلا يوجد أي شــيء تعليمي ضمن هذا السـجن في حين توجد مكتبة كبيرة هي حصيلة لتبرعات السـجناء السـياسيين أنفسـهم وعلى مدى عقود من الزمن ويسـتفيد منها النزلاء في معظم الأحيان. بالنسـبة للتغذية فهناك ثلاث وجبات في السـجن : وجبة الفطور وتنوعها جيد في حين أن كميتها قليلة ، وفي حال عدم وجود مواد يشــتريها السـجين على حســابه.
أما وجبة الغذاء والعشــاء فتوزع معاً والتنوع فيها مقبول لكن الطهي سـيء للغاية وهو بدون توابل بشكل عام لذلك يضطر السـجناء لتعديل طهي الطعام بعد شراء التوابل ومن ثم تناوله ومن المعلوم أن شراء التوابل أو المواد الغذائية يحتاج للنقود وهو أمر صعب المنال في ظل منع الزيارة المفروض منذ أكثر من عام.
وفي بعض الأحيان النادرة هناك فواكه أو قرص من الحلويات لكن الكمية لا تذكر.
ويسـتطيع النزيل أن يشـتري ما يرغب من ندوة السـجن التي تجلب له ما يريد من أغذية ومواد اسـتهلاكية ودواء وكماليات ومنظفات وكل شـيء لكن ذلك مقصور على البعض ممن يتمكنون من الشراء أما الأعم الأغلب فلا يتوفر لديهم في ظل انقطاع الزيارة أو بسبب الفقر المتقع ما يستطيعون من خلاله شراء شيء.مصادر منظمتنا تشير إلى أنه يمكن للنزلاء أن يعيشـوا حياة مقبولة من ناحية الطعام والشراب والمواد الاستهلاكية لكنها على حسـابهم الخاص و حساب أهلهم وليس على حساب السجن.
هذا وقد سـمح بالمذياع والتلفاز في السـجن وهناك تلفزيون واحد في كل جناح والقنوات المسموحة هي السـورية والأردنية والمنار.وهناك الصحف الرسـمية ويمكن الاشتراك فيها يومياً بنفس السـعر أما بالنسـبة للعمل داخل السـجن فلا يوجد عمل داخل الســجن السـياسي لكن البعض يقوم بصناعة بعض الهدايا كالخرز والقطع الخشبية المطعمة بالصدف ويبيعها للسـجناء ليتم إهدائها لذويهم أثناء الزيارة حينما كانت الزيارة مسموحة أما اليوم فمن المستحيل تبادل شيء ما بين المعتقل و ذويه.
بالنسبة للعقوبات التأديبية فهي قليلة وقد يكون الزجر والشـتم والدولاب والمنفردة لعدة أيام وفي حالات خاصة المنفردة لفترات طويلة وقد شهدت الأمور تراجعاً بعد منع الحق بالزيارة نهاية عام 2005 وأخذت بالتراجع عام 2006.
وفيما مضى (سابقاً ) كان هناك حفل اسـتقبال لكل سـجين جديد مؤلف من دولاب شــديد جداً وعدة أيام بالمنفردة ، لكن هذا الأمر ألغي تقريباً في الفترة الأخيرة . و قد تواترت أنباء أن المعتقلين وبعد عودتهم من المحاكمة يتعرضون لتفتيش شخصي دقيق يضطرون معه لخلع معظم ملابسهم وفي بعض الأحيان جميع ملابسهم رغم الإحتياطات المبالغ فيها المتخذة لحجبهم عن المحيط الخارجي أثناء محاكمتهم.
وسابقاً كان النزلاء الجدد يبقون فترة في جناح عزل و قد يستمر ذلك لعدة أشـهر وفيه لا يوجد تنفس و لا تفتح المهاجع على بعضها و وقد تناهى لعلم المنظمة أن العزل في الفترة الأخيرة أخذ يستمر مادام السجين في طور المحاكمة والتي قد تستمر لسـنوات الأمر الذي يزيد المعاناة من الناحية الانسانية بشكل صارخ.
الموقف الرسـمي غير معلن لكن بعد زيارة رئيس فرع الشرطة العسـكرية بداية عام 2005 كان من الواضح وجود توجه لتحســين الأوضاع السجنية حيث أعلن فتح الزيارة بشكل منتظم وللجميع ولكن لم ينتهي عام 2005 حتى منعت الزيارة نهائياً في هذا السجن عن المعتقلين السياسيين مما بدد تلك الآمال. ومن ناحية أخرى فإن دور القضاء في الرقابة على السـجون السـياسية العسكرية يكاد يكون معدوماً تماماً .
رابعاً : نظارات الأفرع الأمنية :
الأقبية ذات السمعة الشائنة في عالم السجون وهي تخضع لإدارة أجهزة المخابرات ولا يتمتع فيها المعتقل بأي حماية قانونية أو حقوق من أي نوع وكثيراً ما تمارس فيها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. تقوم أجهزة الأمن المتعددة في سوريا بموجب قانون الطوارئ بممارسة الاعتقال التعسفي بحق المواطنين بدون مذكرات قضائية أو الحصول على إذن من النيابة العامة.
وغالباً ما تترافق ظاهرة الاعتقال التعسفي مع ظاهرة الاختفاء القسري التي عرفتها سوريا بشكل أساسي خلال أحداث الثمانينيات حيث رافقت ظاهرة الاعتقال عمليات اختفاء قسري لأعداد كبيرة من المعتقلين لم يكشف عن مصير أغلبهم حتى هذه اللحظة…
ورغم أن هذه الظاهرة قد تراجعت خلال السنوات الأخيرة عما كانت عليه في حقبة الثمانينات إلا أن ممارسة الاختفاء القسري للمعتقلين ما زالت تشكل جزءاً من الانتهاكات المستمرة في سوريا وهو ما يعتبر مخالفة صريحة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق التي تعتبر أن ممارسة الاختفاء القسري وما ينجم عنها انتهاكاً خطيراً لميثاق الأمم المتحدة وبشكل خاص الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 18 كانون 1/ 1992 والخاص بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري واعتبر كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية، وفي تجاهل تام لجميع هذه المبادئ.. تقوم أجهزة الأمن السورية باعتقال المواطنين عادة بحيث لا يتاح لهم إمكانية الاعتراض أو الاتصال بالعائلة أو طلب المساعدة القانونية وغالباً لا تصرح الجهة الأمنية التي تقوم بالاعتقال عن نفسها أو عن سبب الاعتقال.. وفي بعض الأحيان يحدث الاختفاء بعد أن يتم استدعاء الشخص المطلوب إلى أحد الفروع الأمنية للتحقيق معه… وعندما يتم السؤال عنه لدى هذا الفرع من قبل ذويه فغالباً ما يتم إنكار وجوده لديهم نهائياً..
وهذا ما يطلق يد أجهزة الأمن في المعاملة اللاإنسانية التي يتعرض لها المعتقل بشتى الوسائل بهدف انتزاع معلومات أو اعترافات منه وذلك على الرغم من : أن المادة /30/ من نظام السجون السوري تنص على : (يحظر على جميع الموظفين و عمال الحراسة أن يستعملوا الشدة بحق الموقوفين أوان يلقبونهم بألقاب محقرة أو يخاطبونهم بلسان بذيء أو يمازحونهم)
و الدستور السوري النافذ في المادة 28 ف 3 ينص على أنه لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة وحدد القانون عقاب من يفعل ذلك.
وعلى الرغم من نص المواد 319 و391 من قانون العقوبات السوري على تجريم التعذيب والمعاقبة عليه وعلى الرغم من تصديق سوريا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية دون المصادقة على البرتوكل الملحق وذلك تجنباً للشكاوي التي يقدمها الأفراد وعلى الرغم من أن سوريا انضمت مؤخراً في عام 2004 إلى اتفاقية مناهضة التعذيب, مع التحفظ على المادة عشرين منها0
وعلى الرغم من جميع الضمانات الواردة في قانون العقوبات العام والتي عاقبت على التعدي على الحرية ، إلا أن هذه الظاهرة ما زالت تطل برأسها البشع بين الفينة والأخرى ويساهم في ذلك غياب الرقابة القانونية على ممارسات الأجهزة واستبعاد دور القانون والأجهزة الرقابية والقضائية في مثل هذه القضايا. وغالباً ما لا تتقدم عائلة الشخص المختفي بشكوى قانونية لمعرفة مصيره وذلك خوفاً من ردة فعل الجهاز الأمني المعني من جهة ولقلة ثقتها بالقضاء الذي اهتزت استقلاليته في مواجهة الأجهزة الأمنية من ناحية أخرى.
وفي حالات كثيرة يبقى المعتقل المختفي شهوراً طويلة لا تعرف عائلته عن مصيره شيئاً قبل أن يتحول إلى القضاء.. مما يشكل لها ألماً نفسياً ويأساً شديدا” يدفعها أحياناً للجوء إلى بعض السماسرة أو الانتهازيين لمعرفة أي خبر عن مصير ولدها.
ومن غير الإنصاف أن لا نشـير إلى أن مثل هذه الحالات أصبحت أقل في السـنوات الأخيرة لا سيما في نهاية عام 2004 وبداية عام 2005 إلا أن الأوضاع ساءت مع نهاية عام 2005 حينما بدأ الإعتقال يزداد في مواجهة الإسلاميين. هذا وقد طورت بعض الأجهزة الأمنية تقنيات جديدة في استعمال الشدة بشقيها المادي و المعنوي في انتهاك واضح لحقوق الإنسان فمثلاً هناك أحد فروع التحقيق منع اسـتعمال الصابون والمنظفات في نظارته التي تنتشر فيها أمراض جلدية خطيرة وقميئة ( كالجرب أو القمل ) وترك المعتقلون أطول مدة يعانون من هذا الواقع المأسـاوي في تلك الأقبية المظلمة في ظروف قاهرة وشـديدة القسـوة.
و مما يزيد الأمر سـوءاً هو حالة الطوارئ المعلنة والتي تعطي لرئيس الفرع السلطة التقديرية فيما يتعلق بتحويل المعتقل لدية إلى القضاء ففي ظل قانون الطوارئ ليس هناك قانون يلزمه بتحويل المعتقل للقضاء خلال فترة محددة ، الأمر الذي يترك أوخم الأثر من الناحية الإنسانية على المعتقلين الذين تستمر معاناتهم في نظارات الأجهزة الأمنية لمدد طويلة دونما داع.
من ناحية أخرى فالنظارات سواءاً منها التابعة للفروع الأمنية أو حتى في المخافر والأقسـام متشــابهة في عدة عوامل مشـتركة تمثل بمجملها إمتهاناً من الناحية الإنسانية نحاول حصرها بما يلي :
- فجميعها تقريباً موجودة تحت الأرض.
- ولا يوجد فيها أغطية وإن وجدت فهي قذرة و نتنة جداً.
- والمعاملة من قبل المسـؤولين عن النظارات سـيئة جداً وهي مجال رحب للرشـوة والمحسوبية.
- بكل النظارات الشرطية باسـتثناء الأمن الجنائي التابع لوزارة الداخلية وكذلك الأمن السياسي لا يوجد طعام للمواقيف.
- وحالة دورات المياه والحمامات سـيئة جداً في النظارات.
- وما زال هناك تجاوزات كثيرة تحصل أثناء التحقيق من قبل المحققين والعناصر.
- من غير المسـموح للموقوف أن يستعين في هذه المرحلة بأي مساعدة قانونية أو اتصال مع أهله وذويه .
- في معظم الأحيان تعاني هذه النظارات من اكتظاظ شـديد بحيث يكون تعداد المواقيف أضعاف سـعة هذه النظارات.
ثالثاً : كلمة أخيرة بين يدي المطلع الكريم مع توصيات للجنة العاكفة على دراسة تطوير أوضاع السـجون والمعتقلات.
إن إصلاح السجون والمعتقلات يتطلب إرادات خيرة للتخلص من هذا الإرث الإنساني الثقيل والشـروع فوراً بالاعتراف بالحقوق الأساسية للنزيل مع ما يتطلبه ذلك من تحقيق قدر أكبر من الضمانات له والنظر للمؤسـسات العقابية بوصفها أماكن لإعادة التأهيل وتسهيل الاندماج بالمجتمع لا بوصفها أماكن للعزل و الزج والقهر والكبت وسوء المعاملة و فتح الباب أمام بعض منظمات العمل الإنساني الجادة للمساهمة بقدر استطاعتها في الرقابة على تلك المؤسـسات العقابية والتعامل بإيجابية مع مقترحاتها فيما يختص بتحسين أوضاع السجون والمعتقلات تحقيقاً للهدف المعلن من السياسة العقابية فمما لا غرو فيه أن من أسباب فشل المؤسـسات العقابية في أداء دورها القصور الإداري والتشريعي ونقص الموارد والكفاءات البشرية والتركيز على الجوانب الإيلامية للعقاب وعدم الإلمام بما يسود السجن كمجتمع مختلف من ثقافة ونظم وعلاقات اجتماعية وأنماط سلوكية مختلفة عن نظيراتها في المجتمع الكبير.
كما أن نقص الكفاءة والتأهيل لدى العاملين في مجال العدالة الجنائية وهيمنة العقلية الأمنية التي تنظر للسجن على أنه مكان طبيعي لهدر الذات و الإنتقام بوصفه سجناً و للنزيل بوصفة كتلة مستباحة من الضروري أن لا يهرب من السجن وأن لا يموت من التعذيب وكل ما بينهما مباح وفيما يتعلق بالمعتقل السياسي فهو بوصفه عدو الوطن لا مواطناً وشريكاً في بناء الوطن ومن الضروري الاتفاق على ترك أمر النظر بما نسب للنزيل إلى القاضي والمحكمة وعدم محاولة زج السجن والقائمين عليه في هذه المسألة.
ومن الجدير ذكره أن هناك صعوبات من السهل تلافيها تتعلق بالسكن والتهوية والإضاءة والمساحة الأرضية والنظافة الشخصية كالفراش والملابس والطعام فالكثافة والاكتظاظ الموجودين ضمن الزنزانات والأجنحة يفقدها الشروط الضرورية للعيش مما يؤدي لسلبيات كثيرة من ضعف في الوسائل الصحية وانتشار الأمراض وانتشار الخلافات الاجتماعية وعدم التعايش وتؤدي أحياناً لجرائم أخلاقية و جنسية بين النزلاء رغم كل الجهود القمعية التي تبذل لمنعها.
و من جهة أخرى فإن العمل الذي يقوم به النزيل غير منتج لخلوه من عنصر المصلحة الذاتي لأنه مقتصر معدوم في معظم الأحيان ومقتصر على بعض الورشات البسيطة في أحيان أخرى وهي لا تشكل شيئاً أمام العدد الكبير من النزلاء الموجودين في السجون وهو ما يؤدي لفروق اجتماعية بين النزلاء ، كما أن البطالة داخل السجن تؤدي لخلق وقت فراغ كبير يؤدي لظهور السلبيات والمشاكل بين النزلاء داخل الأجنحة وهذه الحياة الثابتة يمكن أن تؤدي لصراعات نفسية حادة.
إضافة لوجود صعوبات متعلقة بالجانب القضائي فالمغالاة والتزود بالتوقيف الاحتياطي وارتفاع عدد الموقوفين على عدد المحكومين والتأخر بالبت بالدعاوى ،و هدر الأصل القانوني والدستوري المتمثل في أن المتهم يتمتع بقرينة البراءة إلى أن تثبت براءته بدليل مكتسب الدرجة القطعية، كما أن عدم المساواة أمام القضاء في بعض الأحيان يولد الإحساس بالظلم وبان العدالة ليست مجانية الأمر الذي يولد الشعور بالإحباط داخل المؤسـسة العقابية و يزيد في المعاناة.
ومن المقترحات التي يمكن الوقوف عندها ما يلي :
- ضرورة الفصل ما بين المواقيف والمحكومين من جهة والتفريق ما بين المواقيف في الدعاوى الجنحية والدعاوى الجنائية إضافة لضرورة التفريق ما بين المعتقل السياسي الذي استقر الفقه الجنائي الحديث على النظر إليه بوصفه صاحب عقيدة و وجدان والسجين الجنائي الذي من الممكن أن يكون دافعه شائناً.
- نحذر من العقلية الأمنية الثأرية الانتقامية المريضة و من مغبة ترك هامش كبير لمثل هذه العقلية بالاستفراد بالقرار لاسيما بعد الفشل الذي اعتدنا أن لا نعترف به.
- التخفيف قدر المستطاع من الاكتظاظ والكثافة و التأكيد على الشروط المطابقة للمعايير الصحية العامة على كل المستويات ( تهوية وإضاءة وتنفس و رياضة ونظافة ……. وغيرها)
- لا بد من محاربة الفساد داخل المؤسـسة العقابية و الاعتراف بأن جزء كبير منه ناتج عن السلطة المطلقة التي يتمتع بها القائمين على إدارة المؤسـسة.
- تأمين العمل الجماعي من خلال الورشات بحيث تشتمل أكبر عدد ممكن من النزلاء وبإشراف مختصين على أن يكون الريع كاملاً للنزلاء سيما بوجود مساحات كبيرة من الأراضي غير المستغلة و التي من الممكن أن ينشأ عليها ورشات عمل كبيرة وذلك بالتعاون مع القطاع العام أو الخاص لتشغيل النزلاء وتحسب الأرباح مناصفة بين القطاعات المتعاون معها والنصف الآخر يعود للنزلاء وهنا تنعدم الفروق الاجتماعية والكل يتساوى بدل أن يعيش النزيل عالة على غيره أو ينتظر مساعدة خارجية من أهله الذين هم في الأعم الأغلب بحاجة لمن يساعدهم وبالتالي نكون قد قضينا على الفراغ الذي يشعر به النزيل والذي يولد الصراع النفسي ويضعف النزعة الاجتماعية للفرد، فمن خلال العمل نهيء النزيل لحياة سليمة وذلك بتعويده على تحمل المسؤولية وتنمية شخصيته.
- تحقيق أكبر قدر ممكن من المساواة أو الشعور بالمساواة و لن يتحقق ذلك إلا من خلال نشر الوعي داخل المؤسـسة العقابية بحقوق السجين وإرساء تلك الحقوق كثقافة وقانون لا كمنحة أو مكرمة تسبل من قبل القائم على إدارة السجن على المقربين أو المحظيين و يحرم منها الآخرين.
- الإكثار من البرامج الاجتماعية والنفسية والتعليمية وتنظيم فترات تدريب رياضي والاهتمام بتنظيم برامج ثقافية تساعدهم في التعرف على التشريعات والقوانين ودور النزيل في المجتمع.
- الاهتمام بتنظيم البرامج التي تجمع النزيل بأسرته وفوق كل هذا وذاك يجب أن يكون هناك عقد لقاءات للتهذيب الديني والأخلاقي يشارك فيها الأخصائيون والمتخصصون من الواعظين في الدين والفقه والأخلاق والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين.
- بالنسبة للتعليم فمن الواجب أن يكون محو الأمية للنزلاء معياراً أساسياً في تقديم إدارات السجون ومن الضروري الالتفات أكثر لتعليم اللغات الحية لكل راغب و تقنيات الكمبيوتر وعقد الدورات الاختصاصية في المجالات المهنية والصناعية والزراعية و حتى الطبية بما يكفل تأمين مهنة و خبرة يستطيع النزيل بعد خروجه من السجن الاعتماد عليها.
و أخيراً فإن إصلاح السجون يجب أن يبدأ بالعمل على سد الفجوة بين الأهداف المرجو تحقيقها من وراء الإيداع بالسجن من ناحية وأهداف النزلاء الحياتية والمعاشية والإنسانية من ناحية أخرى ذلك إذا ما أريد للسجون نتاج آخر غير الإحباط والنتائج السلبية التي تتمخض عنه وهو ما يتطلب ضمان المزيد من الحقوق الفردية للنزلاء والمزيد من المزايا لهم والخروج من عقلية ( بيستاهلوا …. هذا سجن وليس شيرتون …. فلان وسخ …. والآخر حقير…. والثالث م ……)
ومن الناحية النظرية فإن الأهداف الشخصية للنزيل تتمثل في ظروف معيشية ملائمة أو على الأقل ظروف معيشـية أفضل وحرية حقيقية و استقلال وحق بالكرامة وتسهيل الاندماج مع الخارج إضافة لبرامج جدية يتعلم منها مهارات مفيدة يمكن أن يستفيد منها فيما بعد.
إن البرامج التي تتضمن المشاركة الشخصية من جانب النزيل والتي يتوقع أن يحقق منها مكاسب من نوع ما في المدى القصير أو الطويل يمكنها أن تسد الفجوة بين المستهدف من نظام الإيداع بالسجن والأهداف الفردية للنزيل وتعمل على تقليل العزلة و الاغتراب و تساهم في تحسين اتجاهات النزلاء ، وحتى تحقق اللجنة العاكفة على دراسة أوضاع السجون والمعتقلات أهدافها وحتى يتم التوصل إلى هذه البرامج و تحديد وسائلها المناسبة و حتى يتم التخلص من العقلية الأمنية الصرفة وعقلية الجشع والاستغلال والاستئثار وحب السيطرة فإن السجون ستظل مصدراً للاغتراب والمرارة والعدوانية.
المحامي مهند الحسني
رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان
www.shro-syria.com
shrosyria@yahoo.com
963112229037+ Telefax : / Mobile : 094/373363