16/3/2005

كان من المنتظر ان يمثل هذا اليوم الاستاذ محمد عبو امام قاضي التحقيق بالمكتب الثاني بالمحكمة الابتدائية بتونس لاستنطاقه من اجل مقال نشره عبر الانترنيت بتاريخ 26 اوت 2004 تحدث فيه عن التجاوزات داخل السجون التونسية و كان من المؤمل ان تكون القضية عادية وان تتم حفظها لسقوط حق التتبع بمرور الزمن عملا بمقتضيات مجلة الصحافة علما بانه لم يقع القيام باي اجراء قانوني من تاريخ نشر المقال الى تاريخ اختطافه يوم 1 مارس لكن السيد قاضي التحقيق بالمكتب الثاني أبدى تصرفا غريبا منذ تعهده بالملف

فقد اسند انابة الى فرقة مقاومة الاجرام لاجراء اعمال التحقيق و اصدر البطاقات القضائية مكانه و الاحتفاظ بالاستاذ محمد عبو و قد استاء المحامون من الطريقة الفجة التي يعامل بها البوليس السياسي اذ عمد الى اختطاف الاستاذ محمد عبو خلال الساعة العاشرة ليلا من مساء يوم 28 فيفري 2005 عندما كان بصدد شراء الدواء لوالده المريض . و قد حضر عدد من المحامين بقصر العدالة بتونس يوم 2 مارس 2005 للدفاع عن زميلهم فوقع الاعتداء عليهم بوحشية من طرف البوليس السياسي الذي كان موجودا بكثافة بقصر العدالة و قد ادى ذلك الى استنكار الأوساط الحقوقية التي نددت بالاعتداء الفظيع على المحامين و انعقد اجتماع بقصر العدالة انبثقت عنه لجنة مساندة للأستاذ محمد عبو كما انعقد مجلس الهيئة الوطنية للمحامين للنظر في التجاوزات الخطيرة المتمثلة في الاعتداء على المحامين داخل قصر العدالة و تقرر عقد جلسة عامة استثنائية للمحامين الذين تلقوا المساندة و الدعم في نضالهم من اجل استقلال القضاء و المحاماة من طرف جمعية القضاة التونسيين كما دعت الهيئة الوطنية للمحامين إلى إضراب عام تم تنفيذه من طرف الأغلبية الساحقة من المحامين في كامل انحاء الجمهورية يوم الاربعاء 9 مارس 2005.

و عوض ان تلجا السلطة الى التهدئة اتخذت قرارات استفزازية عكرت الجو فقد قامت بنقل الاستاذ محمد عبو من سجن تونس الى سجن الكاف و هي مدينة تقع بالشمال الغربي قرب الحدود الجزائرية تبعد عن تونس العاصمة حوالي مائتي كلم يقع الوصول اليها عبر طريق جبلية كثيرة الانعراجات و هو ما جعل من الصعب زيارته من طرف المحامين الذين تطوعوا للدفاع عنه و من طرف افراد عائلته خاصة و ان الزيارة يقع الترخيص فيها مسبقا من طرف حاكم التحقيق و يكون الترخيص صالحا مرة واحدة لنفس اليوم .

و بقي الجو مكهربا إلى غاية صباح هذا اليوم إذ وقعت محاصرة قصر العدالة من طرف عدد كبير من أعوان البوليس و أغلقت جميع منافذ قصر العدالة بعد ظهر اليوم ، و منذ الصباح رابط عدد من المحامين بقصر العدالة بحضور أعضاء الهيئة الوطنية و أعضاء فرع تونس للمحامين و عدد من المناضلين الحقوقيين و قد اسند المحامون المترافعون للأستاذ عبد الستار بن موسى عميد الهيئة الوطنية للمحامين بمهمة التنسيق في أعمال الدفاع فاصطحب معه كلا من الأساتذة صلاح الدين الشكي رئيس فرع تونس للمحامين و عبد الرزاق الكيلاني و شوقي الطيب عضوي مجلس الهيئة الوطنية للمحامين و عبد الرؤوف العيادي رئيس لجنة الدفاع عن الأستاذ محمد عبو و انتقلوا جميعا إلى مكتب قاضي التحقيق الثاني حيث كان يرابط معه بالمكتب المساعد الأول لوكيل الجمهورية بتونس و بعض أعوان الامن ، لكن ما راعهم إلا و قاضي التحقيق يقف للاعتداء على عميد المحامين و يخرجه عنوة مع زملائه من مكتب التحقيق و يعهد إلى أعوان الامن بذلك و اثر ذلك قرر المحامون الحاضرون و على رأسهم العميد الانسحاب و مقاطعة أعمال التحقيق .

و قد بقي مجلس هيئة المحامين منعقدا مساء هذا اليوم و اتخذ عدة قرارات من بينها الدعوة الى عقد جلسة عامة استثنائية لجميع المحامين للنظر في التطورات الخطيرة التي حفت بقضية الأستاذ محمد عبو .

و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي سبق لها أن استنكرت منذ بداية الاحداث بالاعتداء على المحامين اذ تكبر الوقفة الحازمة للجمعيات الحقوقية الوطنية و الدولية و جمعية القضاة التونسيين في الدفاع عن الحق و العدالة و عن حق الاستاذ عبو في التعبير عن رأيه بكل حرية طبقا لاحكام الدستور ، فانها ترى في هذا التصعيد تطورا خطيرا لا مبرر له يمس من حقوق الدفاع و من استقلالية القضاء و المحاماة و تعتبر أن بقاء الأستاذ محمد عبو الناشط الحقوقي و العضو المؤسس للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بالسجن من أجل مقال كتبه يمثل اعتداء على حرية الرأي و التعبير و تطالب السلطة بالافراج عنه فورا و حفظ التتبعات الجارية ضده .

عن الجمعية
الرئيس
الاستاذ محمد النوري